الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدم ذهاب السُّعَاة لجمع الأموال الباطنة ويتولّى الرجل تَفْرِقة أمواله الباطنة بنفسه
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدّم وفيه: "
…
ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه".
واعلم -رحمك الله- أنّه قد ورَد عدد من النصوص؛ فى ذَهاب السعاة لتحصيل زكاة الأموال الظاهرة من الحيوان: الإِبل والبقر والغنم، ومن الحبوب: البرُّ والشعير، ومن الثمار: النخل والعنب.
أمّا الأموال الباطنة؛ كالذهب والفضة والركاز، فالناس مؤتمنون عليها ولم يثبت إِرسال النّبيّ صلى الله عليه وسلم المصدّقين لتحصيلها.
قال شيخنا في "تمام المِنّة"(ص 383) في مناقشة السيد سابق -رحمهما الله تعالى (1) -:
"لم أجِدْ في السُّنّة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يبعث من يجمع الصدقات من الأموال الباطنة -وهي عروض التجارة والذهب والفضة والركاز كما ذكر المؤلف نفسه- ولا وجدْتُ أحداً من المحدّثين ذكَر ذلك.
بل صرَّح ابن القيّم بنفي ذلك، بل إِنّه نفى أن يكون البعث المذكور؛ في
(1) وذلك في قوله: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث نُوّابه ليجمعوا الصدقات ويوزعها على المستحقّين، وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك، لا فرق بين الأموال الظاهرة والباطنة، فلمّا جاء عثمان سار على هذا النهج زمناً، إِلا أنه لمّا رأى كثرة الأموال الباطنة، ووجَد أنّ في تتبعها حرجاً على الأمّة، وفي تفتيشها ضرراً بأربابها؛ فوَّض أداء زكاتها إِلى أصحاب الأموال".
الكتاب في الأموال الظاهرة على عمومه، حيث قال في "الزاد":
"كان صلى الله عليه وسلم يبعث سعاته إِلى البوادي، ولم يكن يبعثهم إِلى القرى، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يبعث سعاته إلَاّ إِلى أهل الأموال الظاهرة؛ من المواشي والزروع والثمار".
ولو صحّ ما ذكَره المؤلف؛ لكان دليلاً من السّنّة على وجوب الزكاة على عروض التجارة. فتأمّل.
وقال أبو عبيد (رقم 1644): "سُنّة الصامت (1) خاصّة أن يكون الناس فيه مؤتمنين عليه".
لم أجده كذلك عن الخلفاء الثلاثة، بل روى أبو عبيد (رقم 1805)، والبيهقي (4/ 114) عن أبي سعيد المقبري، قال:
"أتيتُ عمر بن الخطاب فقلت: يا أمير المؤمنين! هذه زكاة مالي -قال: وأتيته بمائتي درهم- فقال: أعَتَقْت يا كيسان؟ فقلت: نعم، فقال: فاذهب بها أنت فاقسمها". إِسناده جيد.
فهذا عمر رضي الله عنه قد أولى تفريق الزكاة إِلى صاحبها خلافاً لما نقَله المؤلف عنه، وقد ترجم البيهقي لهذا الأثر بـ "باب الرجل يتولّى تفريق زكاة ماله الباطنة بنفسه".
ما نقله عن عثمان أنّه سار على ذلك النّهج
…
إِلخ. لم أجد له أصلاً في شيء من كتب الآثار، ولا ذَكَره أحد من أئمّة الحديث -فيما علمت-.
(1) الذهب والفضَّة؛ خلاف الناطق وهو الحيوان. "النهاية".