الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب مِن الفِطْر في رمضان
عن أبي أُمامَة الباهليِّ رضي الله عنه قال: سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم أتاني رجلان، فأخذا بضَبْعَيَّ (1) فأتيا بي جَبَلاً وعراً، فقالا: اصعد. فقلت: إِني لا أُطِيقه. فقال: إِنّا سنسهِّلُه لك.
فصعدت، حتى إِذا كنتُ في سواء الجبل إِذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عُواء أهل النار.
ثمّ انطلق بي، فإِذا أنا بقوم معلَّقين بعراقيبهم (2)، مشقَّقة أشداقهم (3)، تسيل أشداقهم دماً، قال: قلت: مَنْ هؤلاء؟ قال: الذين يُفطرون قبل تحلَّة صومِهم (4)." (5) الحديث.
بمَ يثبُت الشهر
؟
يثبت شهر رمضان برؤية الهلال من واحد عَدْل، أو بإِكمال عدّة شعبان ثلاثين يوماً.
(1) ضبْعيّ: مثنى ضبْع -بسكون الباء- وسط العضد وقيل: هو ما تحت الإِبْط، وانظر " النهاية".
(2)
العراقيب: مفردها العُرقوب: وهو الوَتَر خلفَ الكعبين بين مَفْصِل القدم والساق. وانظر "النهاية".
(3)
الأشداق: جوانب الفم.
(4)
أي: يفُطرون قبل وقت الإِفطار، والتاء في التحلَّة زائدة.
(5)
أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" وغيرهما وصححه شيخنا رحمه الله في "صحيح الترغيب والترهيب"(991).
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "تراءى (1) الناس الهلال فأخبرْتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنِّي رأيته، فصام وأمَر الناس بصيامه"(2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته (3)، وأَفطِروا لرؤيته (4) فإِن غُبّي (5) عليكم فأكملوا عِدَّة شعبان ثلاثين"(6).
وقد ورد في بعض النصوص الأمر بصيام رمضان برؤية شاهدين؛ لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب رضي الله عنه قال: "ألا إِني جالَسْت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءَلتُهم، وإنهم حدّثوني أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا (7) لها، فإِنْ غمّ عليكم فأكمِلوا
(1) تراءى: أي: تكلّفوا النظر إِليه هل يرونه أم لا، وانظر "النهاية".
(2)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2052)، وغيره، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(908).
(3)
أي: لرؤية البعض ولو واحد.
(4)
أي: لرؤية البعض وأقلّهم اثنان.
(5)
غُبِّي: من الغباوة وهو عدم الفِطنة، يقال: غبِي عليّ بالكسر: إِذا لم يعرفه، ومن التغبية، قاله الكرماني، وفي "النهاية": غَبي [بالتخفيف: أي: خفي ورواه بعضهم غُبّي - بضمّ الغين وتشديد الباء المكسورة- لما لم يسمّ فاعله من الغباء: يشبه الغبَرة في السماء".
اهـ. وفي بعض الروايات في "الصحيحين": "غُمّي"، وعند مسلم:(1081): "وأُغمي".
(6)
أخرجه البخاري: 1909، ومسلم:1081.
(7)
قال السّندي رحمه الله في حاشيته على "النسائي"(4/ 133): "المراد: الحج، أي: الأضحية".
ثلاثين، فإِن شهد شاهدان فصوموا وأفطِروا" (1).
وعن حسين بن الحارث الجدلي -من جديلة قيس-: أنّ أمير مكّة خطب، ثمّ قال: عَهِدَ إِلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نَنْسُكَ للرؤية، فإِنْ لم نره، وشهد شاهدَا عَدْل نسَكْنا بشهادتهما.
فسألت (2) الحسين بن الحارث: مَن أمير مكّة؟ قال: لا أدري، ثمّ لقِيَني بعدُ فقال: هو الحارث بن حاطب، أخو محمّد بن حاطب.
ثمّ قال الأمير: إِنّ فيكم من هو أعلم بالله ورسوله منِّي، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إِلى الرجل.
قال الحسين: فقلت لشيخ إِلى جنبي: من هذا الذي أومأ إِليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر، وصدَق، كان أعلم بالله منه، فقال (3): بذلك أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" (4).
وجاء في "تحفة الأحوذي"(3/ 373): "وقال أبو عيسى الترمذي رحمه الله بعد حديث كريب (5): "والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، قالوا: تُقبَل شهادة رجل واحد في الصِّيَام، وبه يقول ابن المبارك
(1) أخرجه أحمد والنسائي والسياق له، وغيرهما، وقال شيخنا رحمه الله في "الإِرواء" (909):"وهذا سند صحيح رجاله ثقات كلهم".
(2)
السائل: هو أبو مالك الأشجعي الراوي عن حسين بن الحارث الجدلي.
(3)
القائل: عبد الله بن عمر.
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2050) وغيره.
(5)
سيأتي بعد قليل إِن شاء الله -تعالى- وهو يفيد قبول شهادة رجل واحد في الصيام.