الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: استدلال ابن عجيبة على الإيمان بالكتب
قال في تفسيره لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}
(1)
،
…
وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ أي: جنس الكتاب، فتدخل الكتب المتقدِّمة كلها، ومن يكفر بشيءٍ من ذلك فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا"
(2)
.
ويستدل ابن عجيبة على منزلة الإيمان بالكتب بحديث جبريل عليه السلام:
…
قال: فأخبرني عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
…
»
(3)
(4)
.
وقد ورد في نصوص الوحيين ذكر بعض أسماء الكتب التي أنزلها الله عز وجل على رسله وهي:
1 -
القرآن الكريم: وهو الكتاب الذي أُنزل على نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى}
(5)
.
والقرآن له عِدَّة أسماء منها: (الفرقان) قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}
(6)
.
(1)
سورة النساء: 36.
(2)
البحر المديد 1/ 575.
(3)
أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام والإحسان، 1/ 33، رقم 50.
(4)
مخطوط الأربعين في الأصول والفروع، ل/2.
(5)
سورة البقرة: 185.
(6)
سورة الفرقان: 1.
والكتاب، قال تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا}
(1)
.
والذكر، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
(2)
،
(3)
.
قال ابن جرير الطبري: "ولكلِّ اسمٍ من أسمائه الأربعة في كلام العرب معنًى ووجهٌ غيرُ معنى الآخر ووجهه.
فأمَّا (القرآن)، فإنَّ المفسرين اختلفوا في تأويله، والواجبُ أن يكون تأويله على قول ابن عباس رضي الله عنهما من التلاوة والقراءة، وأن يكون مصدرًا من قول القائل: قرأت، كقولك:(الخُسران) من (خَسِرت) ..
وأما تأويل اسمه الذي هو (فُرْقان)، فإن تفسيرَ أهل التفسير جاء في ذلك بألفاظ مختلفة، هي في المعاني مؤتلفة
…
وأصل (الفُرْقان) عندنا: الفرقُ بين الشيئين والفصل بينهما، وقد يكون ذلك بقضاءٍ، واستنقاذٍ، وإظهارِ حُجَّةٍ، ونَصْرٍ، وغير ذلك من المعاني المفرِّقة بين المحقِّ والمبطِل.
فقد تبيَّن بذلك أنَّ القرآن سُمِّي (فرقانًا)، لفصله -بحججه وأدلَّته وحدود فرائضه وسائر معاني حُكمه- بين المحق والمبطل، وفرقانُه بينهما: بنصره المحقِّ، وتخذيله المبطل، حُكمًا وقضاءً.
وأما تأويل اسمه الذي هو (كتابٌ)، فهو مصدرٌ من قولك (كتبتُ كتابًا) كما تقولُ: قمتُ قيامًا، وحسبتُ الشَّيءَ حسابًا.
والكتابُ هو خطُّ الكاتب حروفَ المعجم مجموعةً ومفترقة، وسُمي (كتابًا)، وإنما هو مكتوب
…
يعني به مكتوبًا.
(1)
سورة الكهف: 1.
(2)
سورة الحجر: 9.
(3)
ينظر: جامع البيان في تفسير القرآن، للطبري 1/ 94.
وأما تأويل اسمه الذي هو (ذِكْرٌ)، فإنه محتمل معنيين أحدهما: أنه ذكرٌ من الله جلَّ ذكره، ذكَّر به عباده، فعرَّفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائرَ ما أودعه من حُكمه.
والآخر: أنه ذكرٌ وشرفٌ وفخرٌ لمن آمن به وصدَّق بما فيه، كما قال جلَّ ثناؤه:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}
(1)
، يعني به أنه شرفٌ له ولقومه"
(2)
.
2 -
التوراة: وهو الكتاب الذي أنزله الله عز وجل على موسى عليه السلام، قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}
(3)
.
3 -
الإنجيل: وهو الكتاب الذي أنزله الله عز وجل على عيسى عليه السلام قال تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}
(4)
.
4 -
الزبور: وهو الكتاب الذي أنزله على داود عليه السلام، قال عز وجل:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}
(5)
، قال سعيد بن جبير ومجاهد: الزبور جميع الكتب المنزلة، والذكر أم الكتاب الذي عنده، والمعنى من بعد ما كتب ذكره في اللوح المحفوظ"
(6)
، وقال تعالى:{وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}
(7)
.
5 -
صحف إبراهيم وموسى: قال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}
(8)
.
(1)
سورة الزخرف: 44.
(2)
جامع البيان عن تأويل آي القرآن 1/ 94.
(3)
سورة المائدة: 44.
(4)
سورة المائدة: 46.
(5)
سورة الأنبياء: 105.
(6)
معالم التنزيل 5/ 258.
(7)
سورة النساء: 163.
(8)
سورة الأعلى: 18 - 19.