المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: معنى الوجد عند الصوفية - آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

[عبد الهادي العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌أهدف البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌الصعوبات التي واجهت الباحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌الشكر والتقدير

- ‌التمهيد

- ‌ترجمة ابن عجيبة ترجمة موجزة

- ‌أولًا: اسمه ونسبه وكنيته

- ‌ثانيًا: ولادته

- ‌ثالثًا: نشأته

- ‌رابعًا: طلبه للعلم

- ‌خامسًا: شيوخه

- ‌سادسًا: تلاميذه

- ‌سابعًا: مؤلفاته

- ‌ثامنًا: وفاته

- ‌التعريف بالطرق الصوفية إجمالًا

- ‌1 - الطريقة القادرية

- ‌2 - الطريقة الشاذلية

- ‌3 - الطريقة النقشبندية

- ‌4).4 -الطريقة الرفاعية

- ‌5 - الطريقة البكتاشية

- ‌6 - الطريقة التجانية

- ‌7 - الطريقة الجزولية

- ‌8 - الطريقة العيساوية

- ‌9 - الطريقة التباغية

- ‌10 - الطريقة الغزوانية

- ‌1).11 -الطائفة الناصرية

- ‌الباب الأول: مصادر التلقي عند ابن عجيبة

- ‌الفصل الأول: الكتاب والسنة

- ‌المبحث الأول: الكتاب

- ‌أولًا: مسألة: تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة وأدلته عليها

- ‌ثانيًا: زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو واضع علم الحقيقة والشريعة

- ‌ثالثًا: استدلاله بالقول المنسوب إلى عمر رضي الله عنه

- ‌رابعًا: استدلاله بالآيات على مسألة التفسير الحرفي الإشاري لدى الصوفية، والتفسير الباطني

- ‌خامسًا: استدلاله بالكتاب، وذلك عندما فسَّر الرواسي بالأبدال في قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}

- ‌المبحث الثاني: السُّنَّة

- ‌الجهة الأولى: أدلة الكتاب والسُّنَّة ليست يقينيَّة، بل ظنيَّة

- ‌الجهة الثانية: أخبار الآحاد تُقبل في أبواب الأعمال دون الاعتقاد

- ‌الجهة الثالثة: استدلاله بصحيح السُّنَّة على وحدة الوجود

- ‌الجهة الرابعة: الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة والموضوعة

- ‌الفصل الثاني: المصادر الصوفية في التلقي

- ‌المبحث الأول: الكشف

- ‌أولًا: معنى الكشف في اللغة

- ‌ثانيًا: معناه في الاصطلاح

- ‌ثالثًا: تعريفه عند ابن عجيبة

- ‌رابعًا: ذكره للعلوم الغيبية التي تحصل عن طريق الكشف

- ‌خامسًا: طريق حصول الكشف عند ابن عجيبة

- ‌المبحث الثاني: الذوق

- ‌أولًا: معنى الذوق في اللغة

- ‌ثانيًا: في اصطلاح الصوفية

- ‌ثالثًا: الذوق والوجدان أساسٌ لمعرفة التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌المبحث الثالث: الوجد

- ‌أولًا: معنى الوجد في اللغة

- ‌ثانيًا: معنى الوجد عند الصوفية

- ‌ثالثًا: أدلة ابن عجيبة على الوجد

- ‌المبحث الرابع: الرؤى والحكايات

- ‌أولًا: الرؤى

- ‌ثانيًا: الحكايات

- ‌المبحث الخامس:دعوى التلقي عن الخضر عليه السلام

- ‌أولًا: رأي ابن عجيبة في الخضر عليه السلام أنبيٌّ هو أم ولي

- ‌ثانيًا: زعم ابن عجيبة أنَّ الخضر عليه السلام حيٌّ وأنه خاطبه

- ‌الأدلة النقلية والعقلية كافية برد شبهات القائلين بحياة الخضر عليه السلام

- ‌أولًا: الأدلة النقلية

- ‌ثانيًا: الأدلة العقلية على موت الخضر عليه السلام

- ‌الباب الثاني: آراء ابن عجيبة في أصول الإيمان ومسائله

- ‌الفصل الأول: آراؤه في الإيمان بالله

- ‌المبحث الأول: مسائل الربوبية

- ‌أولًا: تعريف التوحيد في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف التوحيد اصطلاحًا

- ‌ثالثًا: تعريف توحيد الربوبية في اللغة والاصطلاح

- ‌رابعًا: تعريف ابن عجيبة لتوحيد الربوبية لغة

- ‌خامسًا: تعريف التوحيد اصطلاحًا

- ‌سادسًا: تقسيم التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌سابعًا: الشرك في الربوبية

- ‌ثامنًا: طريقة ابن عجيبة في إثبات دلائل توحيد الربوبية

- ‌تاسعًا: زعم ابن عجيبة أن التوحيد الخاص سرٌّ لا يمكن لأحدٍ معرفته ولو ظهر لأبيح دم من أظهره

- ‌المبحث الثاني: مسائل الأسماء والصفات

- ‌أولًا: تعريف الاسم والصفة لغةً

- ‌ثانيًا: تعريف توحيد الأسماء والصفات اصطلاحًا

- ‌ثالثًا: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله وصفاته

- ‌رابعًا: الأسس الثلاثة التي يرتكز عليها معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته

- ‌خامسًا: موقفه من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى

- ‌أولًا: آراؤه في أسماء الله عز وجل الحُسنى

- ‌أ طريقته في إثبات الأسماء الحسنى

- ‌ب: شرح ابن عجيبة أسماء الله الحسنى بما يوافق معتقده الأشعري

- ‌ج: تسميته لله عز وجل بما لم يرد في الكتاب والسُّنَّة

- ‌مسألة: الاسم والمسمَّى وموقف ابن عجيبة منها

- ‌ثانيا: آراؤه في صفات الله تعالى

- ‌أ- تقسيم الصفات وطريقته في إثباتها

- ‌ب- تأويلاته في باب الصفات

- ‌ج - التفصيل في النفي مع ذكر الألفاظ المجملة

- ‌د- قوله بالمجاز في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الثالث: مسائل الألوهية

- ‌أولًا: تعريف الألوهية لغةً واصطلاحًا

- ‌ثانيًا: معنى الإله عند ابن عجيبة

- ‌ثالثًا: معنى توحيد الألوهية

- ‌ثالثًا: معنى لا إله إلا الله

- ‌رابعًا: أعلى درجات التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌خامسًا: العبادة

- ‌سادسًا: موقف ابن عجيبة من بدع الصوفية في توحيد العبادة

- ‌عاشرًا: الشرك في الألوهية

- ‌الفصل الثاني: آراؤه في الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول:معنى الإيمان بالملائكة

- ‌أولًا: تعريف الملائكة لغةً

- ‌ثانيًا: تعريف الملائكة شرعًا

- ‌ثالثًا: رأيه في معنى الإيمان بالملائكة

- ‌رابعًا: قدرتهم على التشكُّل، أو التمثُّل

- ‌خامسًا: عددهم

- ‌سادسًا: أعمالهم

- ‌المبحث الثاني: خلق الملائكة

- ‌المبحث الثالث:المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر

- ‌الفصل الثالث: آراؤه في الإيمان بالكتب

- ‌المبحث الأول: تعريف الكتب

- ‌أولًا: الكتب لغةً

- ‌ثانيًا: الكتب شرعًا

- ‌المبحث الثاني:منزلة الإيمان بالكتب من الإيمان

- ‌أولًا: رأي ابن عجيبة في الكتب المتقدِّمة

- ‌ثانيًا: استدلال ابن عجيبة على الإيمان بالكتب

- ‌ثالثًا: الإيمان بالقرآن الكريم ومنزلته

- ‌رابعًا: وجوه إعجاز القرآن

- ‌خامسًا: القرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

- ‌سادسًا: تفاضل آيات القرآن

- ‌سابعًا: تحريف الكتب السَّابقة

- ‌الفصل الرابع: آراؤه في الإيمان بالرسل والأنبياء

- ‌المبحث الأول:الإيمان بالرسل والأنبياء عمومًا

- ‌أولًا: تعريف النَّبي والرَّسول في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف النَّبي والرَّسول في الشَّرع والفرق بينهما

- ‌ثالثًا: رأيه فيما يجب ويستحيل في حَقِّ الرُّسل والأنبياء عليهم السلام وبِمَ تحصل النُّبُوَّة

- ‌رابعًا: الإيمان بالنَّبيِّ محمَّد صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء في خصائصه

- ‌المبحث الثاني:الفرق بين النبي والولي

- ‌أولًا: تعريف الولي في اللُّغة والاصطلاح

- ‌ثانيًا: رأي ابن عجيبة في الوليِّ والنَّبي

- ‌المبحث الثالث:عقيدته في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أولًا: رأيه فيما يسمَّى بالحقيقة المحمَّدية

- ‌ثانيًا: رأْيُ ابن عجيبة أنَّ الكون خُلِقَ من أجل محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: تقسيم ابن عجيبة للنَّاس في طريقة صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس: آراؤه في الإيمان باليوم الآخر

- ‌المبحث الأول: أشراط الساعة

- ‌أولًا: تعريف الأشراط في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريفها في الشَّرع

- ‌ثالثًا: تقسيم العلماء لأشراط السَّاعة

- ‌رابعًا: وقت قيام الساعة

- ‌رابعًا [*]: رأيه فيما قيل في تحديد عمر الدنيا

- ‌خامسًا: أشراط الساعة الصغرى

- ‌سادسًا: أشراط الساعة الكبرى

- ‌المبحث الثاني:أحوال اليوم الآخِر

- ‌أولًا: تعريف اليوم الآخر

- ‌ثانيًا: معنى الإيمان باليوم الآخر

- ‌ثالثًا: فتنة القبر

- ‌رابعًا: النَّفخ في الصور والصعق

- ‌خامسًا: الحشر وأهل الموقف

- ‌سادسًا: الميزان والحساب

- ‌سابعًا: الصراط

- ‌ثامنًا: حقيقة الروح وعلاقتها بوحدة الوجود عند ابن عجيبة:

- ‌تاسعًا: علاقتها بوحدة الوجود

- ‌المبحث الثالث: الجَنَّة والنَّار

- ‌أولًا: الجَنَّة والنار مخلوقتان موجودتان

- ‌ثانيًا: الجنة والنار لا تفنيان

- ‌ثالثًا: مكان الجنَّة

- ‌الفصل السادس: آراؤه في الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الأول:معنى القدر ومراتبه

- ‌أولًا: تعريف القدر

- ‌ثانيًا: تعريف القضاء

- ‌ثالثًا: تعريف ابن عجيبة

- ‌رابعًا: مراتب القدر

- ‌خامسًا: المخالفات العقدية التي قرَّرها ابن عجيبة في مسائل القدر

- ‌المبحث الثاني: أفعال العباد

- ‌أولًا: مفهوم الكسب عند الأشاعرة، ومقصود ابن عجيبة من قوله: (لا فاعل إلا الله)

- ‌ثانيًا: دلالة الكتاب والسُّنَّة وإجماع السلف على أنَّ العباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم

- ‌ثالثًا: موقف أهل السُّنَّة والجماعة من أفعال العباد

- ‌المبحث الثالث: المشيئة والإرادة

- ‌أولاً: الإرادة الكونيَّة القدريَّة:

- ‌ثانيًا: الإرادة الدينيَّة الشرعيَّة:

- ‌الفصل السابع: آراؤه في مسائل الإيمان

- ‌المبحث الأول:مفهوم الإيمان والفرق بينه وبين الإسلام

- ‌أولًا: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف الإيمان في الشرع

- ‌ثالثًا: تعريف ابن عجيبة للإيمان، وحقيقة العمل فيه

- ‌رابعًا: الفرق بين الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثاني:زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌أولًا: أدلة زيادة الإيمان ونقصانه من القرآن

- ‌ثانيًا: أدلَّة زيادة الإيمان ونقصانه من السُّنَّة

- ‌ثالثًا: رأي ابن عجيبة في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثالث:حكم مرتكب الكبيرة

- ‌أولًا: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر

- ‌ثانيًا: أدلة الكتاب والسُّنَّة على ذلك

- ‌ثالثًا: حد الكبيرة وحصرها

- ‌رابعًا: حكم مرتكب الكبيرة

- ‌الباب الثالث: آراء ابن عجيبة الصوفية

- ‌الفصل الأول: المريد والشيخ

- ‌المبحث الأول:مفهوم المريد والشيخ

- ‌أولًا: مفهوم المريد والشيخ

- ‌ثانيًا: أمور يجب على المريد أن يسلكها

- ‌ثالثًا: تجرُّد المريد عن المال

- ‌المبحث الثاني:الصلة بين المريد والشيخ

- ‌أولًا: الطاعة التامَّة والتعظيم المفرط

- ‌ثانيًا: طريقة تأسيس العلاقة بين المريد والشيخ

- ‌ثالثًا: آداب المريد مع شيخه

- ‌الفصل الثاني: الولاية والكرامة

- ‌المبحث الأول:الولاية ومراتب الأولياء

- ‌أولًا: تعريف الولاية

- ‌ثانيًا: تعريف الولي

- ‌ثالثًا: أسباب حصول الولاية

- ‌رابعًا: زَعَم أنَّ الولي يرث النَّبي

- ‌خامسًا: أقسام الولاية

- ‌سادسًا: إخفاء الولاية وأن تكون سرًّا من الأسرار

- ‌سابعًا: مراتب الأولياء

- ‌المبحث الثاني: الكرامة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف الكرامة في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف الكرامة في الاصطلاح

- ‌ثالثًا: تعريف الكرامة عند الصوفية

- ‌رابعًا: أقسام الكرامات

- ‌الفصل الثالث: الحلول والاتحاد ووحدة الوجود

- ‌المبحث الأول: الحلول والاتحاد

- ‌أولًا: تعريف الحلول والاتحاد

- ‌ثانيًا: موقفه من الحلول والاتحاد

- ‌المبحث الثاني: وحدة الوجود

- ‌أولًا: معنى وحدة الوجود في اللغة

- ‌ثانيًا: معنى وحدة الوجود اصطلاحًا

- ‌الأُولى: القائلون: بثبوت الذوات كلها في العدم

- ‌الثانية: القائلون بأنَّ وجود الله عز وجل هو الوجود المطلق والمعيَّن

- ‌الثالثة: القائلون ما ثَمَّ غير الله، ولا سوى بأيِّ وجه

- ‌ثالثًا: أسماء وحدة الوجود كما بيَّنها ابن عجيبة

- ‌رابعًا: شبهات ابن عجيبة للدلالة على وحدة الوجود

- ‌خامسًا: حكم من اعتقد وحدة الوجود

- ‌الفصل الرابع: الأحوال والمقامات

- ‌المبحث الأول: الأحوال

- ‌أولًا: تعريف الحال في اللغة والاصطلاح

- ‌ثانيًا: أمثلة على الأحوال

- ‌المبحث الثاني: المقامات

- ‌أولًا: تعريف المقام

- ‌ثانيًا: تعيين المقامات والأحوال

- ‌ثالثًا: أمثلة على المقامات

- ‌المبحث الثالث:الصلة بين الأحوال والمقامات

- ‌الفصل الخامس: موقفه من أعلام الصوفية وطرقها وأثره على من بعده

- ‌المبحث الأول:موقفه من أعلام الصوفية

- ‌المبحث الثاني: موقفه من طرقها

- ‌المبحث الثالث:أثره على من بعده

- ‌أ أثره على من خلفه في الطريقة

- ‌ب أثره على أسرته

- ‌ج- أثره على من بعده في العصر الحاضر

- ‌د- امتداد الطريقة الدرقاوية

- ‌الفصل السادس: التعريف بالطريقة الدرقاوية، ودوره في تأسيسها وموقف علماء أهل السنة منها

- ‌المبحث الأول:التعريف بالطريقة الدرقاوية

- ‌أ- التعريف بالطريقة الدرقاوية وسبب تسميتها

- ‌ب- الطريقة الدرقاوية وانتشارها

- ‌المبحث الثاني: دوره في تأسيسها

- ‌المبحث الثالث:موقف أعلام السُّنَّة من الطريقة الدرقاوية

- ‌موقف أعلام السُّنَّة من قول ابن عجيبة (إنَّ أهل السُّنَّة هم الأشاعرة):

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات

- ‌الملاحق

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ثانيا: معنى الوجد عند الصوفية

‌المبحث الثالث: الوجد

‌أولًا: معنى الوجد في اللغة

له معان عدة في اللغة وهي: الحصول على الشيء، والحزن، والغضب، والحب، والسعة في الرزق، يقول الخليل بن أحمد

(1)

: "الوجد، من الحزن، والموجدة من الغضب، والوجدان، والجِدة من قولك: وجدت الشَّيء، أي: أصبته"

(2)

.

وقال ابن فارس

(3)

: "الواو والجيم والدال، يدلُّ على أصلٍ واحد، وهو الشي يُلفيه، ووَجَدْتُ الضَّالَّة وِجْدانًا، وحكى بعضُهم: وجَدتُ في الغضَب وِجدانًا"

(4)

.

‌ثانيًا: معنى الوجد عند الصوفية

هو ما يصادف القلب من فزعٍ، أو همٍّ، أو غمٍّ، أو رؤيةِ معنى من أحوال الآخرة، أو كشفِ حالةٍ بين العبد وبين الله عز وجل، أو هو ما يرد على القلب بلا تعمُّد، وتكلُّف

(5)

.

وعرَّفه ابن عجيبة بقوله: "هو واردٌ يحرِّك القلب ويزعجه، إمَّا شوقٌ مقلق، فيثير بسطًا وسرورًا، وإمَّا خوفٌ مزعجٌ فيثير قبضًا وحزنًا"

(6)

.

(1)

أبو عبد الرحمن، الخليل بن أحمد الفراهيدي، أول من اخترع العروض والقوافي، ولد سنة مائة، له مؤلفات كثيرة منها: العين، معاني الحروف، جملة آلات العرب، مات سنة 170 هـ، أو 175 هـ. ينظر: المنتظم 7/ 279، البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة 1/ 21.

(2)

العين 6/ 169.

(3)

أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، لغوي، محدِّث، نزيل همذان، له مؤلفات منها: مجمل اللغة، جامع التأويل، ذم الخطأ في الشعر، مات سنة 393 هـ. ينظر: الوافي بالوفيات 9/ 69، سير أعلام النبلاء 17/ 80، 82.

(4)

مقاييس اللغة 6/ 86.

(5)

ينظر: التعرف لمذهب أهل التصوف، ص 112، الرسالة القشيرية 1/ 162.

(6)

شرح خمرية ابن الفارض، ص 20 - 21.

ص: 157

أما الوجدان فهو: دوام حلاوة الشهود، واتصالها للواجد مع غلبة السُّكر والدَّهش فإن استمر مع ذلك حتى زالت الدَّهشة والحيرة وصفيت الفكرة والنظرة فهو الوجود، والسماع هو مَثَار الوُجد، أي سماع خطاب المحبوب، ومَثَار الوُجدان، هو شهود جمال المحبوب،

ومثال ذلك الطفل في المهد، فإنه يسكن إذا تحرَّك به المهد، ويبكي إذا سكن، كذلك القلب يرتاح إذا تحرَّك القلب، وإلا بقي يضطرب فربما يخرج عن طوره.

وأمَّا صاحب الوُجد فهو ساكنٌ متمكِّن قد استأنس بالحضرة، فربما يخرج عن طوره، وأمَّا صاحِبُ الوجدان فهو ساكنٌ متمكِّن قد استأنس بالحضرة، وزالت عنه الدهشة والحيرة فهو كالجبل الرَّاسي، قيل للجنيد: ما لك؛ كنت تتواجد عند السماع ثم صرت لا يتحرَّك منك شيء؟ فتلا قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}

(1)

.

وشاهد ذلك صواحِب يوُسُف عليه السلام، فإنه لما فاجأهنَّ بباهر جماله: غبن عن إحساسهن {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}

(2)

.

وكذلك أرباب الوجدان لما استشرفوا على نُور الحضرة، دهشُوا وغابوا عن إحساسهم، فإذا تمكَّنوا من شهودها وأنسوا بها لم يحركهم شيءٌ من أنوارها، وقد يغلب على العارف شهود الجمال فيرقص ويطرب لكنه نادر"

(3)

.

ثم إنَّ الوارد الذي يحرك القلب ويزعجه عند ابن عجيبة يأتي عن طريق السماع

(1)

سورة النمل: 88.

(2)

سورة يوسف: 31.

(3)

ينظر: شرح خمرية ابن الفارض، ص 20 - 21.

ص: 158

الصوفي المقيَّد بالنغم، قال ابن عجيبة:"إذا كان الغناء يهيج لذكر الله، ويحرك إلى حضرة الله كان حقًّا، وإذا كان يحرك إلى الهوى النفساني كان باطلًا، والحاصل أنَّ السماع عند الصوفية ركن من أركان الطريقة"

(1)

، وقال أيضًا: "وقد حضرت سماعًا مع شيخنا البوزيدي، فكان يتمايل يمينًا وشمالًا

ولا ينكر السماع إلا جامدًا جاهل خال من أسرار الحقيقة"

(2)

.

بل إنَّ ابن عجيبة يردُّ على من اعترض على السماع، بقوله:"اعلم أنَّ اعتراض أهل الظاهر على الصوفية لا ينقطع أبدًا، هذه سُنَّة ماضية، وخصوصًا في السَّماع والرَّقص، وهم معذورون؛ لأنهم لا يشاهدون إلَاّ ذواتًا ترقص وتشطح، ولا يدرون ما في باطنها من المواجيد والأفراح، فيحملون ذلك على خِفَّة العقل والطيش، فيقعون فيهم إلَاّ من عصمه الله بالتسليم، ولذلك كان التصديق بطريقة القوم والاعتراض جناية"

(3)

.

فهو أساس الوُجد وعبر عنه بالبسط والقبض للقلب، وعرّفهما ابن عجيبة بقوله:"البسط فرحٌ يعتري القلوب أو الأرواح، إما بسبب قرب شهود الحبيب أو شهود جماله، أو بكشف الحجاب عن أوصاف كماله، وتجلِّي ذاته، أو بغير سبب، والقبض: "حزنٌ وضيقٌ يعتري القلب، إمَّا بسبب فوات مرغوب، أو عدم حصول مطلوب، أو بغير سبب"

(4)

، وتلحظ من التعريف أنَّ ثمرة البسط والقبض في الوُجد، الكشف عن الحجاب -أي- معرفة الغيب، وثمرة الكشف وحلاوة الشهود التي

(1)

البحر المديد 4/ 326.

(2)

معراج التشوف، ص 61.

(3)

إيقاظ الهمم، ص 300.

(4)

إيقاظ الهمم، ص 172، ومعراج التشوف، ص 45.

ص: 159

ذكرها هي القول بالحلول والاتحاد، وإليك نصًّا من أقوال ابن عجيبة بقضية الحلول والاتحاد قال:"يفتح لك الباب، ويرفع بينك وبينه الحجاب، فتتنزَّه في كمال الذات، وشهود الصفات، فتغيب عن أثر الجلال والجمال بشهود الكبير المتعال، فلا جلاله يحجبك عن جماله، ولا ذاته تحبسك عن صفاته، ولا صفاته تحبسك عن ذاته، تشهد جماله في جلاله، وجلاله في جماله، وتشهد ذاته في صفاته، وصفاته في ذاته"

(1)

، أين هو من قول الله عز وجل:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}

(2)

،

قال الشيخ السعدي: "لعظمته، وجلاله وكماله، أي: لا تحيط به الأبصار، وإن كانت تراه، وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم، فنفي الإدراك لا ينفي الرؤية، بل يثبتها بالمفهوم، فإنه إذا نفى الإدراك الذي هو أخص أوصاف الرؤية، دلَّ على أنَّ الرؤية ثابتة، فإنه لو أراد نفي الرؤية لقال: "لا تراه الأبصار" ونحو ذلك، فعلم أنه ليس في الآية حجة لمذهب المعطلة، الذين ينفون رؤية ربهم في الآخرة، بل فيها ما يدلُّ على نقيض قولهم، أي: هو الذي أحاط علمه، بالظواهر والبواطن، وسمعه بجميع الأصوات الظاهرة، والخفيَّة، وبصره بجميع المبصرات، صغارها، وكبارها، ولهذا قال: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الذي لطف علمه وخبرته، ودقَّ حتى أدرك السرائر والخفايا، والخبايا والبواطن"

(3)

.

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية:

وهذا الذي يهيجه السماع المبتدع، ليس هو الذي يحبه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بل اشتماله على ما لا يحبه الله عز وجل وعلى

(1)

إيقاظ الهمم، ص 173.

(2)

سورة الأنعام: 103 ..

(3)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان 1/ 268.

ص: 160

ما يبغضه أكثر من اشتماله على ما يحبه ولا يبغضه وحده عما يحبه الله ونهيه عن ذلك أعظم، من تحريكه لما يحبه الله عز وجل وإن كان يثير حبًّا وحركةً ويظن أنَّ ذلك يحبه الله عز وجل وأنه مما يحبه الله فإنما ذلك من باب اتباع الظن، ومما يبيِّن ذلك أنَّ الله عز وجل بيَّن في كتابه محبته وذكر موجباتهما وعلاماتها وهذا السماع يوجب مضادًّا لذلك منافيًا له وذلك أن الله عز وجل بيَّن في كتابه الكريم كيف تكون محبته؟ قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}

(1)

.

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

(2)

فكلُّ من اتبع ذوقًا أو وجدًا بغير هدى من الله عز وجل سواءً كان ذلك عن حبٍّ أو بغضٍّ فليس لأحدٍ أن يتبع ما يحبه فيأمره به، ويتخذه دينًا وينهى عمَّا يبغضه ويذمُّه ويتخذ ذلك دينًا إلا بهدى من الله عز وجل وهو شريعة الله عز وجل التي جعل عليها رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن اتبع ما يهواه حبًّا وبغضًا بغير الشريعة فقد اتبع هواه بغير هدى من الله عز وجل، ولهذا كان السلف يعدون كل من خرج عن الشريعة في شيءٍ من الدين من أهل الأهواء، ويجعلون أهل البدع هم أهل الأهواء ويذمونهم بذلك، ويأمرون بألا يغتر بهم ولو أظهروا ما أظهروه من العلم والكلام والحجاج أو العبادة والأحوال مثل المكاشفات وخرق العادات

(3)

.

ولا ريب أنَّ قول ابن عجيبة في السماع بأنه قربة إلى الله عز وجل ورمي من ينكره بالجهل فهو من مصادمة النصوص الشرعية التي أبطلته وبيَّنت عواره، وزيغ من جعله قربةً وديانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(1)

سورة البقرة: 165.

(2)

سورة آل عمران: 31.

(3)

الاستقامة، ص 192.

ص: 161

الأدلة من الكتاب والسُّنَّة على بطلانه:

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}

(1)

.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: «لهو الحديثِ هو الِغناء» ، ذكر ذلك البغوي وقال معنى قوله:{يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} أي: يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن

(2)

.

وقال ابن كثير: إنَّ لهو الحديث هو الغناء

(3)

.

وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ}

(4)

ـ قال ابن عباس رضي الله عنهما: «هو الغِناء»

(5)

.

وقوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}

(6)

.

قال مجاهد

(7)

: بصوتك بالغناء والمزامير

(8)

.

(1)

سورة لقمان: 6.

(2)

تفسير البغوي 6/ 286.

(3)

تفسير القرآن العظيم 3/ 450 - 451.

(4)

سورة النجم: 61.

(5)

تفسير البغوي 7/ 421.

(6)

سورة الإسراء: 64.

(7)

أبو الحجاج، مجاهد بن جبر المخزومي مولاهم المكي المقري، تابعيٌّ، مُفسِّر، سمع سعدًا، وعائشة وأبا هريرة وأم هانئ وعبد الله بن عمر وابن عباس ولزمه مدَّة، وقرأ عليه القرآن، وكان أحد أوعية العلم روى عنه قتادة، والحكم بن عتيبة وعمرو بن دينار ومنصور، قال مجاهد: عرضتُ القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كلِّ آيةٍ أسأله فيما نزلت، وكيف كانت، توفي سنة 103 هـ. ينظر: تذكرة الحفاظ 1/ 92، طبقات المفسرين 1/ 11، سير أعلام النبلاء 8/ 10.

(8)

تفسير البغوي 5/ 105.

ص: 162

ومن السُّنَّة:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ

»

(1)

.

وجاء في شرح هذا الحديث بأنَّ المقصودَ من استحلال (الحِر) استحلالُ الحرام من الفروج، فهذا بالحاء والراء المهملتين، واستحلال (الحرير): استحلالُ النهي عنه، وقد ورد النهي في كتاب الله تعالى عن هذا بقوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

(2)

، والمعازف بالزاي المعجمة: آلات اللهو

(3)

.

وقال ابن تيمية: "وبالجملة فعلى المؤمن أن يعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئًا يقرِّب إلى الجنَّة إلَّا وقد حدَّث به ولا شيئًا يبعد عن النار إلا وقد حدَّث به، وإنَّ هذا السماع لو كان مصلحة لشرعه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنَّ الله يقول:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

(4)

، وإذا وجد فيه منفعة لقلبه ولم يجد شاهد ذلك لا من الكتاب ولا من السُّنَّة لم يلتفت إليه"

(5)

.

وقال ابن القيم: "ومن مكايد عدو الله ومصايده التي كاد بها من قلَّ نصيبه من العلم والعقل والدين وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء والتصدية

(1)

أخرجه البخاري، كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحلُّ الخمر ويسميه بغير اسمه 6/ 243، رقم 5590.

(2)

سورة النور: 63.

(3)

ينظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح 27/ 126.

(4)

سورة المائدة: 3.

(5)

مجموع الفتاوى 11/ 587، 595.

ص: 163

والغناء بالآلات المحرَّمة الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفةً على الفسوق والعصيان فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنا، وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى، كاد به الشيطان النفوس المبطلة وحسَّنه لها مكرًا منه وغرورا، وأوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه فقبلت وحيه واتخذت لأجله القرآن مهجورا

ويا شماتة أعداء الإسلام بالدين يزعمون أنهم خواص الإسلام قضوا حياتهم لذة وطربًا واتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، مزامير الشيطان أحبُّ إليهم من استماع سور القرآن.

لو سمع أحدهم القرآن من فاتحته إلى خاتمته لما حرَّك له ساكنًا ولا أزعج له قاطنًا ولا أثار فيه وجدًا ولا قدح فيه من لواعج الشوق إلى النار زندًا، حتى إذا تُلي عليه قرآن الشيطان وولج مزموره سمعه تفجَّرت ينابيع الوجد من قلبه على عينيه فجرت، وعلى أقدامه فرقصت، وعلى يديه فصفقت، وعلى سائر أعضائه فاهتزَّت وطربت، وعلى أنفاسه فتصاعدت، وعلى زفراته فتزايدت، وعلى نيران أشواقه فاشتعلت، فيا أيها الفاتن المفتون

هلا كانت هذه الأشجان عند سماع القرآن!، وهذه الأذواق والمواجيد عند قراءة القرآن المجيد!، وهذه الأحوال السنيات عند تلاوة السور والآيات!، ولكن كل امرئٍ يصبو إلى ما يناسبه، ويميل إلى ما يشاكله، والجنسية

(1)

علة الضمِّ قدرًا وشرعًا، والمشاكلة سبب الميل عقلًا وطبعًا، فمن أين هذا الإخاء والنسب؟ لولا التعلُّق من الشيطان بأقوى سببٍ ومن أين هذه المصالحة التي أوقعت في عقد الإيمان وعهد الرحمن خللًا؟ {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}

(2)

"

(3)

.

(1)

فإنَّ الجنسية علَّة الضَّمّ، فإن اتفقت هذه الحالة في النفس الخيِّرة سُمِّي ذلك المعيَّن ملكًا، وإن اتفقت في النفس الشريرة سُمِّي ذلك المعيَّن شيطانًا وتلك الإعانة وسوسة. ينظر: كشف اصطلاحات الفنون والعلوم 1/ 989.

(2)

سورة الكهف: 50.

(3)

إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 1/ 234.

ص: 164

أمَّا الآثار الفاسدة من أقوال ابن عجيبة السابقة فمنها:

أولًا: الحلول والاتحاد.

ثانيًا: وحدة الشهود التي عبَّر عنها بحلاوة الشهود مع دوام السكرة تحصل الدهشة.

ثالثًا: وحدة الوجود.

رابعًا: تلبسهم بأحوال شيطانية، قال ابن الجوزي:"هذا التواجد، الذي يتضمَّن حركات المتواجدين، وقوة صياحهم، وتخبطهم، فظاهره أنه متُعَمَّل، والشياطين معينون عليه، فإن قيل: فهل في حق المخلص نقص بهذه الحالة الطارئة عليه؟ قيل: نعم من وجهين: أحدهما: أنه لو قوي العلم؛ أمسك، والثاني: أنه قد خولف به طريق الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ويكفي هذا نقصًا"

(1)

.

خامسا: الوجود المقرون بدعوة المشاهدة -مشاهدة الحق-، ويعنون به رؤية الله عز وجل، وهي: رؤية الله في الدنيا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "

وهذا الموضع مما يقع الغلط فيه لكثير من السالكين، يشهدون أشياء بقلوبهم فيظنون أنها موجودة في الخارج هكذا، حتى إنَّ فيهم خلقًا منهم من المتقدِّمين والمتأخرين يظنون أنهم يرون اللّه بعيونهم؛ لما يغلب على قلوبهم من المعرفة والذكر والمحبة، يغيب بشهوده فيما حصل لقلوبهم، ويحصل لهم فناء واصطلام

(2)

، فيظنون أن هذا هو أمر مشهود بعيونهم، ولا يكون ذلك إلا في القلب؛ ولهذا ظنَّ كثيرٌ منهم أنه يرى اللّه بعينه في الدنيا، وهذا مما وقع لجماعة

(1)

تلبيس إبليس، ص 299.

(2)

الاصطلام: هو الوله الغالب على القلب، وهو قريبٌ من الهيمان، وقيل: هو غلبات الحق الذي يجعل كلية العبد مغلوبة له بامتحان اللُّطف في نفي إرادته. ينظر: معجم اصطلاحات الصوفية، ص 17.

ص: 165