الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: آراؤه في أسماء الله عز وجل الحُسنى
أ طريقته في إثبات الأسماء الحسنى
ابن عجيبة يقول بإثبات أسماء الله وأنها كثيرة، ويذكر في بعض أقواله أنَّ الذي ورد فيه التوقيف تسعةٌ وتسعون اسمًا، فقال: "أسماء الحق تعالى كثيرة، قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
(1)
، والذي ورد بها التوقيف تسعةٌ وتسعون
(2)
.
وقول ابن عجيبة بأنَّ أسماء الله كثيرة حقٌّ عليه جماهير أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"الذي عليه جماهير المسلمين أنَّ أسماء الله أكثر من تسعةٍ وتسعين"
(3)
.
ويقول أيضًا: "إنَّ أهل المعرفة مهما حصَّلوا من المعرفة واليقين والهدى فهناك أمور لم يصلوا إليها فهذا صحيح"
(4)
، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم إنِّي أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك سمَّيت به نفسَك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي وغمِّي»
(5)
.
(1)
سورة الأعراف: 180.
(2)
سلسلة الفتوحات القدوسية في شرح المقدمة الآجرومية، ص 90.
(3)
مجموع الفتاوى 6/ 381 - 382
(4)
الفتاوى الكبرى 5/ 57.
(5)
أخرجه أحمد 1/ 452، رقم 4318، وابن أبى شيبة 6/ 40، رقم 29318، والطبراني 10/ 169، رقم 10352، وابن حبَّان في صحيحه باب الأدعية، باب ذكر الأمر لمن أصابه حزن أن يسأل الله ذهابه عنه وإبداله إياه فرحًا 3/ 253، رقم 972، والحاكم 1/ 690، رقم 1877، وقال: صحيح على شرط مسلم،، قال الهيثمي 10/ 136: رجاله رجالُ الصحيح غير أبي سلمة الجهمي، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/ 199، رقم 3528.
وعلَّق ابن تيمية على هذا الحديث بقوله: "من قال هذا أذهب الله همَّه وغمَّه وأبدله مكانه فرحًا، فقد أخبر أنَّ لله أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده وهذه لا يعلمها ملكٌ مقرَّبٌ ولا بشر"
(1)
.
ومما يستدل بها العلماء في هذا الباب حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو به في سجوده «اللهم إنِّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصى ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك»
(2)
.
ووجه الدلالة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا أحصى ثناء عليك» أنه صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بربه لا يحصي الثناءَ عليه؛ لكثرة أسمائه الحسنى التي استأثر الله بها في علم الغيب عنده
(3)
.
وقال ابن القيم: "إنَّ الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تحد بعدد؛ فإنَّ لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملكٌ مقرَّب، ولا نبيٌّ مرسل، كما في الحديث الصحيح: «أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك
…
»، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمَّى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرَّف به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يُطلع عليه أحدًا من خلقه، ولهذا قال:(استأثرت به) أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمِّي به؛ لأنَّ هذا الانفراد ثابتٌ في الأسماء التي أنزل الله بها كتابه، ومن هذا قول: النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: «فيفتح عليَّ من محامده بما لا
(1)
الإيمان الأوسط 1/ 115.
(2)
أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، 1/ 352، رقم 486.
(3)
ينظر: بيان تلبيس الجهمية في بدعهم الكلامية 1/ 310، بتصرف.