الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: المشيئة والإرادة
من ضلَّ في هذا الباب لم يفرِّق بينهما، قال الباقلاني رحمه الله
(1)
: "واعلم أنه لا فرق بين الإرادة والمشيئة، والاختيار، والرِّضا، والمحبة"
(2)
، وابن عجيبة يؤكد ذلك بقوله: "المشيئة والإرادة شيءٌ واحدٌ وإليهما تستند الأشياء، كما قال الله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}
(3)
، وقال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}
(4)
، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على سبق المشيئة"
(5)
.
وهو بهذا لم يُوفَّق للصواب الذي دلَّ عليه الاستقراء الصحيح لكتاب الله عز وجل بأنَّ إرادة الله عز وجل تنقسم إلى قسمين، إرادة كونية قدرية، وإرادة شرعيَّة دينيَّة.
قال ابن تيمية رحمه الله: "طريقة أئمة الفقهاء وأهل الحديث وكثير من أهل النظر وغيرهم أنَّ الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة تتعلَّق بالأمر، وإرادة تتعلَّق بالخلق
…
فإرادة الأمر هي المتضمِّنة للمحبَّة والرِّضا وهي الإرادة الدينيَّة، والثانية المتعلِّقة بالخلق هي المشيئة وهي الإرادة الكونيَّة القدريَّة"
(6)
.
(1)
هو: محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر الباقلاني، ولد في البصرة عام 338 هـ، وسكن بغداد، ومن تلاميذه الذين لازموه وأخذوا عنه علم الكلام حتى برع فيه محمد بن أحمد السمناني، ومن شيوخ الباقلاني أبو عبد الله الطائي الأشعري درس عليه علم الكلام، له مؤلفات منها: الإنصاف، التمهيد، توفي عام 403 هـ. ينظر: الوافي بالوفيات 1/ 171، سير أعلام النبلاء 13/ 268.
(2)
الإنصاف، ص 99.
(3)
سورة الإنسان: 30.
(4)
سورة الأنعام: 112.
(5)
إيقاظ الهمم، ص 309.
(6)
منهاج السُّنَّة النبوية 3/ 156.