الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: تسميته لله عز وجل بما لم يرد في الكتاب والسُّنَّة
مثل: "المنتقم"، "وقديم لا أوَّل له"
(1)
، "ومنتقمٌ من أسمائه تعالى"
(2)
.
وضع العلماء رحمهم الله ضابطًا لمعرفة الأسماء الحسنى، يتبيَّن ذلك من خلال تعريف ابن تيمية للأسماء الحسنى، بقوله: الأسماء الحسنى المعروفة، هي التي يُدعى بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسُّنَّة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها
(3)
.
وهذا التعريف مستنبطٌ من قول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
(4)
، فهي توقيفيَّة بمعنى أنها وردت في الكتاب والسُّنَّة، وهي معهودة، فالألف واللام في قول الله تعالى:{الْأَسْمَاءُ} للعهد، وكذلك أسماء الله الحسنى تقتضي المدح والثناء بنفسها، وهذا مستنبطٌ من قول الله تعالى:{الْحُسْنَى} ، وهي التي يُدعى بها وهي مأخوذة من قول الله تعالى:{فَادْعُوهُ بِهَا} .
فإذا اكتملت هذه الضوابط في الاسم نثبته لله عز وجل
(5)
.
ولهذا قول ابن عجيبة (المنتقم) من أسماء الله عز وجل مخالفٌ لما قرَّره وبيَّنه أهل العلم.
قال ابن تيمية: "واسم (المنتقم) ليس من أسماء الله الحسنى الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جاء في القرآن مقيَّدًا كقوله تعالى: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}
(6)
، وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}
(7)
(8)
.
(1)
رسالة في العقائد مخطوط، ل/1، وإيقاظ الهمم في شرح الحكم، ص 199.
(2)
شرح البردة، ص 312، وينظر: البحر المديد 1/ 66.
(3)
ينظر: شرح العقيدة الأصفهانية، ص 5.
(4)
سورة الأعراف: 180.
(5)
ينظر: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى، ص 38 - 39.
(6)
سورة السجدة: 22.
(7)
سورة إبراهيم: 47.
(8)
مجموع الفتاوى 8/ 96.
وهذا الذي رجَّحه ابن تيمية رحمه الله بعدم صحَّة هذا الاسم لله عز وجل فقال: "وأما كونه القديم الأزلي واحدًا، فهذا اللَّفظ لا يوجد في كتابٍ ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، بل ولا جاء اسم القديم في أسماء الله تعالى، وإن كان من أسمائه (الأول).
والأقوال نوعان: فما كان منصوصًا في الكتاب والسُّنَّة وجب الإقرار به على كلِّ مسلم.
وما لم يكن له أصلٌ في النَّص والإجماع، لم يجب قبوله ولا ردُّه حتى يعرف معناه"
(1)
.
وردَّ أيضًا على أهل الكلام الذين أطلقوا اسم (القديم) على الله عز وجل "والصواب أنَّ القديم ما تقدَّم على غيره في اللغة التي جاء بها القرآن، وأما كونه كان معدومًا، أو لم يكن معدومًا، فهذا لا يشترط في تسميته قديمًا، والله أحقُّ أن يكون قديمًا؛ لأنه متقدِّمٌ على كلِّ شيء لكن لما كان لفظ القديم فيه نواحٍ لا تدلُّ مطلقة إلا على المتقدِّم على غيره، كان اسم الأوَّل أحسن منه فجاء في أسمائه الحسنى التي في الكتاب والسُّنَّة أنَّه الأول، وفرق بين الأسماء التي يُدعَى بها وبينما يُخبر به من الألفاظ لأجل الحاجة إلى بيان معانيها"
(2)
.
ولذلك عدَّ العلماء من الإلحاد في أسماء الله "العدول بها عن الصواب فيها، وإدخال ما ليس من معانيها فيها، ومن فعل ذلك فقد كذب على الله عز وجل
(3)
.
قال ابن حجر رحمه الله: "قال أهل التفسير: ومن الإلحاد في أسمائه تسميته بما لم يرد في الكتاب أو السُّنَّة الصحيحة"
(4)
.
(1)
منهاج السُّنَّة النبوية 2/ 123.
(2)
بيان تلبيس الجهمية 5/ 171 - 172.
(3)
ينظر: بدائع الفوائد، ص 153 - 154.
(4)
فتح الباري 11/ 221.