الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القاضي عياض: "فيه حُجَّةٌ للقول بتفضيل بعض القرآن على بعض وتفضيل القرآن على سائر كتب الله عز وجل "
(1)
.
2 -
عن أبي سعيد بن المعلَّى رضي الله عنه قال: كنتُ أصلِّي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلتُ: يا رسول الله إني كنتُ أُصلِّي فقال: «ألم يقل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
(2)
؟» ثم قال لي: «لأعلمنَّك سورة هي أعظم السُّور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد» ثم أخذ بيدي فلما أراد أن يخرج قلتُ له: ألم تقل لأعلمنَّك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: «{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(3)
هي السَّبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته»
(4)
.
سابعًا: تحريف الكتب السَّابقة
تحدَّث ابن عجيبة عن الكتب السماوية، وما اشتملت عليه من النُّور والهدى، وما طرأ عليها من التحريف الذي وقع في الكتب السَّابقة من حيث التحريف النصِّي، وتحريف الأحكام ما عدا القرآن العظيم، حيث قال في تفسيره لقول الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
(5)
، حيث تولى حفظه الحقُّ ربُّنا، فلا يزال محفوظًا لفظًا ومعنًى إلى قيام الساعة
(6)
.
(1)
إكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 177.
(2)
سورة الأنفال: 24.
(3)
سورة الفاتحة: 2.
(4)
أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب، 3/ 342، رقم 5006.
(5)
سورة الحجر: 9.
(6)
البحر المديد 2/ 43.
أولًا: التحريف النصي
قال ابن عجيبة في تفسيره لقول الله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
(1)
"يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ بالتحريف وإبراز الباطل في صورة الحق، حتى كتمتم نعت محمَّد صلى الله عليه وسلم وحرَّفتموه، وأظهرتم موضعه الباطل الذي سوَّلت لكم أنفسُكم؟ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ نبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه رسولُ الله حقًّا وأن دينه حق"
(2)
.
ثانيًا: تحريف الأحكام
(3)
.
"يقول الحقُّ جل جلاله: من اليهود قومٌ تمرَّدوا في الكفر وهم أحبارهم، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ -وهو التوراة- عَنْ مَواضِعِهِ أي: يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها، بإزالة لفظه أو تأويله، أو كصفة نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم، وآيةِ الرَّجم، وغير ذلك"
(4)
.
لقد تكفَّل الله عز وجل بحفظ القرآن من كلِّ تبديلٍ وتغيير، قال ابن جرير الطبري:"وإنَّا للقرآن لحافظون من أن يُزاد فيه باطلٌ مَّا ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه، والهاء في قوله: (له) من ذكر الذكر"
(5)
.
(1)
سورة آل عمران: 71.
(2)
البحر المديد 1/ 367.
(3)
سورة النساء: 46.
(4)
البحر المديد 1/ 509، 1/ 122.
(5)
جامع البيان في تأويل القرآن 17/ 68.
وقال ابن القيم رحمه الله: "ولولا أنَّ الله عز وجل تولَّى حفظ القرآن بذاته وضمن للأُمَّة ألا تجتمع على ضلالة، لأصابه ما أصاب الكتب قبله"
(1)
.
وقال أيضًا: "فالله سبحانه حفظ محلَّه، وحفظه من الزيادة والنقصان، والتبديل، وحفظ معانيه من التحريف، كما حفظ ألفاظه من التبديل، وأقام له من يحفظ حروفه من الزيادة والنقصان، ومعانيه من التحريف والتغيير"
(2)
.
وهذه الميزة لم تحصل للكتب السَّابقة، بل دلَّت الأدلة على التحريف الذي حصل بها.
قال ابن جرير الطبري في تفسيره لقول الله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
(3)
.
"ويعني بقوله: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ}، ثم يبدِّلون معناه وتأويله ويغيرونه، وأصله من (انحراف الشَّيءِ عن جهته)، وهو ميله عنها إلى غيرها، فكذلك قوله: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} أي يميلونه عن وجهه ومعناه الذي هو معناه، إلى غيره، فأخبر الله جلَّ ثناؤه أنهم فعلوا ما فعلوا من ذلك على علمٍ منهم بتأويل ما حرَّفوا، وأنه بخلاف ما حرَّفوه إليه، فقال: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، يعني: من بعد ما عقلوا تأويله، {وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، أي: يعلمون أنهم في تحريفهم ما حرفوا من ذلك مبطلون كاذبون"
(4)
.
(1)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى 1/ 315.
(2)
التبيان في أقسام القرآن، ص 99، وينظر: الجواب الصحيح 3/ 18.
(3)
سورة البقرة: 75.
(4)
جامع البيان في تأويل القرآن 2/ 248.
وقال ابن القيم رحمه الله: "وأمَّا التحريف فقد أخبر الله سبحانه وتعالى عنه في مواضع متعدِّدة، وكذلك لَيُّ اللِّسان بالكتاب ليحسبه السَّامع منه وما هو منه.
فهذه خمسة أمور:
أحدها: لبس الحق بالباطل، وهو خلطه به بحيث لا يتميَّز الحق من الباطل.
الثاني: كتمان الحق.
الثالث: إخفاؤه، وهو قريبٌ من كتمانه.
الرابع: تحريف الكلم عن مواضعه، وهو نوعان: تحريف لفظه، وتحريف معناه.
الخامس: لَيُّ اللِّسان به ليلتبس على السَّامع اللَّفظ المنزل بغيره.
وهذه الأمور إنما ارتكبوها لأغراضٍ لهم دعتهم إلى ذلك"
(1)
.
(1)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ص 312.