الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليهم بالأموال، والذبائح، وعقر الحيوان وتسييبها لهم، واعتقاد أنَّ الله رهن إشارتهم، وطوع أيديهم، وأوامرهم، وأنَّ المجيء إليهم لا يخشى من ربٍّ ولا مربوب، وإن فعل ما فعل
(1)
.
وإذا كان شأن هذه البيوت والقباب والزوايا هو نفسه شأن مسجد الضرار فإنها تُلْحَقُ به بجامع الضرر المتحقِّق من قبلها.
ب- الطريقة الدرقاوية وانتشارها
1 -
الطريقة الدرقاوية:
عُرفت بطريقة خرق العوائد
(2)
(3)
، ومثَّلها العربي الدرقاوي، وتلميذه البوزيدي، وأحمد بن عجيبة، وهي تدعو إلى تصوف عملي اجتماعي يشارك في الحياة السياسية والاجتماعية، ويرجع في ذلك الكتاب والسُّنَّة وسيرة السلف الصالح في الأقوال والأفعال والعبادات
(4)
، وكانت لها شارات عرفت بها سلوك الطريقة الدرقاوية وهي: لبس المرقعة
(5)
، وتقلُّد السبحة ذات الحبَّات الخشبية الكبيرة، ويلفُّونها حول أعناقهم، وحمل العصا في اليد
(6)
.
وقد اشتهر الدرقاويون بالذكر جهرًا واعتبروه أساسًا في طريقتهم، وقد
(1)
ينظر: المرجع نفسه، ص 58.
(2)
خرق العوائد: كل ما تعودته النفس وألفته واستمرت معه حتى صعُب خروجها عنه، فخرق العوائد إبدالها بضدها، وخرق العادة هو: تجاوز وتقويض وإبطال المألوف. ينظر: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم 1/ 281.
(3)
ينظر: الفهرسة، ص 52.
(4)
ينظر: إشكالية إصلاح الفكر الصوفي في القرنين 18/ 19، ص 16، الزاوية الدرقاوية بحاضرة آسفي، ص 16.
(5)
ينظر: كشف المحجوب، ص 241.
(6)
ينظر: الزاوية الدرقاوية بحاضرة آسفي، ص 17.
استحسنه العربي الدرقاوي
(1)
، ووصف المعسكري الذكر عند العربي الدرقاوي بقوله: كانت حلقات الذكر عنده هي أسس الوسائل وأسمى الفضائل
(2)
.
ولا شكَّ أنَّ إطلاق مرجعيتها إلى الكتاب والسُّنَّة يتنافى مع واقعهم الاعتقادي والسُّلوكي، فكيف بمن كانت عقائدهم الحلول ووحدة الوجود، وتقديس الأولياء، والاعتقاد فيهم أنهم يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون، وأنَّ فيهم أقطابًا وأوتادًا يستغاث بهم من دون الله عز وجل، ومؤلفاتهم تدينهم بالضلال، كيف يجتمع هذا مع ادعاء الرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة؟
ولهذا لا يرتاب المسلم في أنَّ أصحاب هذه الطرق خارجون عن السُّنَّة بعيدون عنها، فمن ادَّعى أن عمله وفق سيرة السَّلف الصالح فليأت بدليل ولن يجد، فهؤلاء القوم حينما غلب عليهم الهوى مع الجهل بطريقة أهل السُّنَّة، توهموا أنَّ ما ظهر لهم بعقولهم هو الطريق القويم دون غيره، فساروا عليه، فحادوا بسببه عن الطريق المستقيم، فهم ضالون من حيث ظنوا أنهم راكبون للجادة، كالذي يمر بالليل على الجادة، وليس له دليل يهديه، فيوشك أن يضل عنها فيقع في متاهة، وإن كان بزعمه يتحرَّى قصدها، فالمبتدع من هذه الأُمَّة إنما ضلَّ في أدلتها حيث أخذها مأخذ الهوى والشهوة، لا مأخذ الانقياد تحت أحكام الله عز وجل
(3)
.
قال البربهاري رحمه الله: "واعلم أنَّ الناس لو وقفوا عند محدثات الأمور، ولم يجاوزوها بشيء، ولم يولدوا كلامًا مما لم يجئ فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم لم تكن بدعة"
(4)
.
(1)
شورا الطوية في مذهب الصوفية، مخطوط، ل/31.
(2)
كنز الأسرار في مناقب العربي الدرقاوي، مخطوط، ل/31.
(3)
ينظر: الاعتصام 1/ 134.
(4)
شرح السُّنَّة، ص 46.
2 -
انتشار الطريقة الدرقاوية داخل المغرب وخارجه.
انتشرت الطريقة الدرقاوية في المدن والبوادي المغربية، وكانت تضم في سنة 1939 م حوالي 33956 ألف تابع في المغرب موزعة على الشكل الآتي
(1)
:
المنطقة
عدد أتباع الدرقاويين
وجدة
(2)
2588
تازة
(3)
2857
فاس
4781
مكناس
1018
القنيطرة
(4)
697
(1)
المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، العدد 13/ 14، 1991، مجمل التاريخ الديني بالمغرب ص 140 - 141.
(2)
وجدة: مدينة كبيرة مسورة قديمة، كثيرة البساتين والمياه والعيون، طيبة الهواء، جيدة التربة، وعليها طريق المار والصادر من بلاد المشرق إلى بلاد المغرب، وسجلماسة وغيرها، وهي أقرب مدينة مغربية إلى الحدود الجزائرية، اختطها زيري بن عطية بن عبد الرحمن بن خزر المغراوي، سنة 384 هـ، وبنى بها الملوك المرابطون والموحدون عدَّة مآثر، افتتحها يوسف بن تاشفين. ينظر: الاستبصار في عجائب الأمصار، ص 177، تاريخ ابن خلدون 7/ 43، تعريف بالمدن والقرى والقبائل والأسر والجهات، ص 151.
(3)
تازة: من أقدم المدن المغربية، تقع وسط قبيلة غياثة في منتصف الطريق بين مكناس ووجدة على بعد 120 كلم شرق فاس و 255 كلم من وجدة في موقع جبلي بين الأطلس المتوسط وجبال الريف في ممر إستراتيجي عظيم بين الغرب الشرقي وسهول فاس، أُسِّست سنة 529 هـ، وتقع فوق هضبة مرتفعة نحو 600 م تحيط بها الجنان والحقول والبساتين وغابات الزيتون، وتضم عدة مآثر تاريخية. ينظر: تعريف بالمدن والقرى والقبائل والأسر والجهات، ص 95.
(4)
القنيطرة: تقع على بعد 10 كلم شمال الرباط، و 114 كلم جنوب القصر الكبير، و 149 كلم من مكناس، بناها الحسن الأول على الضفة اليسرى لنهر سبو في أوائل هذا القرن، وبنى بها قصبة كبرى على بعد 10 كلم من مصب النهر في المحيط الأطلسي، وعلى مقربة منها توجد عدة آثار رومانية في مكان يدعى تموزيد على بعد 4 كلم من المدينة. ينظر: تعريف بالمدن والقرى والقبائل والأسر والجهات، ص 84.
الرباط
(1)
989
الدار البيضاء
(2)
4050
الجديدة
(3)
3061
أسفي
961
مراكش
7792
وسط الأطلس
(4)
1329
تافيلات
(5)
1779
(1)
الرباط: مدينة تقع على المحيط الأطلسي، اختطت زمن الموحدين في القرن السادس للهجرة، وكانت تُسمى رباط الفتح، وهي الآن عاصمة المغرب السياسية. ينظر: البداية والنهاية 1/ 172.
(2)
الدار البيضاء: اختطها عبد الرحمن بن عديس، وبناها مروان بن الحكم، وهي عاصمة المغرب التجارية. ينظر: المسالك والممالك 2/ 604.
(3)
الجديدة: عاصمة لناحية دكالة، وبها ميناء متوسط على الشاطئ الأطلسي، احتل المدينة البرتغال سنة 908 هـ إلى أن تمكن محمد بن عبد الله من إجلائهم عنها سنة 1183 هـ، وكانت تُسمَّى من قبل بالبريجة والمهدومة، ولا زالت بها عدة آثار برتغالية، وتقع المدينة على بعد 97 كلم من الدار البيضاء، و 17 كلم من أزمور، و 195 كلم من مراكش، و 150 كلم من آسفي. ينظر: تعريف بالمدن والقرى والقبائل والأسر، ص 75.
(4)
وسط الأطلس: يطلق هذا الاسم على السلسلة الجبلية التي تفصل المغرب إلى شطرين، من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأطلس الكبير، الأطلس المتوسط، الأطلس الصغير، ويتراوح ارتفاعها في بعض النقاط من 2000 إلى 4000 م. ينظر: تعريف بالمدن والفرى والقبائل والأسر، ص 74.
(5)
يطلق اسم تافيلات -من الناحية الإدارية- على مجموعة من الواحات الواقعة على ضفتي وادي زيز، والضفة اليمنى لواد غريس، وواحات النيف، وتبلغ مساحة هذه الواحات نحو 12 ألف هكتار، ويبلغ عدد النخيل بها نحو 360 ألفًا وتزدهر بتافيلات عدة صناعات محلية أهمها صناعة دبغ الجلود. ينظر: تعريف بالمدن والقرى والقبائل والأسر، ص 95.
مناطق الحدود المغربية الجزائرية
2054
المجموع
33956
(1)
وكانت الجزائر في أواخر القرن الثامن عشر أرضية خصبة لنشر الطريقة الدرقاوية؛ لسوء الأوضاع السياسية والاجتماعية، والاقتصادية
(2)
، ولهذا شكَّلت الجزائر بالنسبة للدرقاويين بلادًا لنشر دعوتهم والبحث عن مريدين جدد وسط السكان المستائين من حكم العثمانيين، فأصبح شاذلية الجزائر يُعرفون بالدرقاويين خاصة بغرب البلاد، فهم يمثِّلون الفرع المغربي للشاذلية
(3)
.
(1)
هذه الإحصائية قبل ثلاث وعشرين سنة، فما بالك الآن فهم في تزايد، ولم أستطع أن أحصل على إحصائية جديدة قبل إكمال الرسالة، رغم حرصي على ذلك.
(2)
ينظر: تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر، ص 117 - 118.
(3)
الدور السياسي للطريقة الدرقاوية في العلاقات بين المغرب والجزائر 1/ 260.