المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: رأيه فيما يسمى بالحقيقة المحمدية - آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

[عبد الهادي العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌أهدف البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌الصعوبات التي واجهت الباحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌الشكر والتقدير

- ‌التمهيد

- ‌ترجمة ابن عجيبة ترجمة موجزة

- ‌أولًا: اسمه ونسبه وكنيته

- ‌ثانيًا: ولادته

- ‌ثالثًا: نشأته

- ‌رابعًا: طلبه للعلم

- ‌خامسًا: شيوخه

- ‌سادسًا: تلاميذه

- ‌سابعًا: مؤلفاته

- ‌ثامنًا: وفاته

- ‌التعريف بالطرق الصوفية إجمالًا

- ‌1 - الطريقة القادرية

- ‌2 - الطريقة الشاذلية

- ‌3 - الطريقة النقشبندية

- ‌4).4 -الطريقة الرفاعية

- ‌5 - الطريقة البكتاشية

- ‌6 - الطريقة التجانية

- ‌7 - الطريقة الجزولية

- ‌8 - الطريقة العيساوية

- ‌9 - الطريقة التباغية

- ‌10 - الطريقة الغزوانية

- ‌1).11 -الطائفة الناصرية

- ‌الباب الأول: مصادر التلقي عند ابن عجيبة

- ‌الفصل الأول: الكتاب والسنة

- ‌المبحث الأول: الكتاب

- ‌أولًا: مسألة: تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة وأدلته عليها

- ‌ثانيًا: زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو واضع علم الحقيقة والشريعة

- ‌ثالثًا: استدلاله بالقول المنسوب إلى عمر رضي الله عنه

- ‌رابعًا: استدلاله بالآيات على مسألة التفسير الحرفي الإشاري لدى الصوفية، والتفسير الباطني

- ‌خامسًا: استدلاله بالكتاب، وذلك عندما فسَّر الرواسي بالأبدال في قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}

- ‌المبحث الثاني: السُّنَّة

- ‌الجهة الأولى: أدلة الكتاب والسُّنَّة ليست يقينيَّة، بل ظنيَّة

- ‌الجهة الثانية: أخبار الآحاد تُقبل في أبواب الأعمال دون الاعتقاد

- ‌الجهة الثالثة: استدلاله بصحيح السُّنَّة على وحدة الوجود

- ‌الجهة الرابعة: الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة والموضوعة

- ‌الفصل الثاني: المصادر الصوفية في التلقي

- ‌المبحث الأول: الكشف

- ‌أولًا: معنى الكشف في اللغة

- ‌ثانيًا: معناه في الاصطلاح

- ‌ثالثًا: تعريفه عند ابن عجيبة

- ‌رابعًا: ذكره للعلوم الغيبية التي تحصل عن طريق الكشف

- ‌خامسًا: طريق حصول الكشف عند ابن عجيبة

- ‌المبحث الثاني: الذوق

- ‌أولًا: معنى الذوق في اللغة

- ‌ثانيًا: في اصطلاح الصوفية

- ‌ثالثًا: الذوق والوجدان أساسٌ لمعرفة التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌المبحث الثالث: الوجد

- ‌أولًا: معنى الوجد في اللغة

- ‌ثانيًا: معنى الوجد عند الصوفية

- ‌ثالثًا: أدلة ابن عجيبة على الوجد

- ‌المبحث الرابع: الرؤى والحكايات

- ‌أولًا: الرؤى

- ‌ثانيًا: الحكايات

- ‌المبحث الخامس:دعوى التلقي عن الخضر عليه السلام

- ‌أولًا: رأي ابن عجيبة في الخضر عليه السلام أنبيٌّ هو أم ولي

- ‌ثانيًا: زعم ابن عجيبة أنَّ الخضر عليه السلام حيٌّ وأنه خاطبه

- ‌الأدلة النقلية والعقلية كافية برد شبهات القائلين بحياة الخضر عليه السلام

- ‌أولًا: الأدلة النقلية

- ‌ثانيًا: الأدلة العقلية على موت الخضر عليه السلام

- ‌الباب الثاني: آراء ابن عجيبة في أصول الإيمان ومسائله

- ‌الفصل الأول: آراؤه في الإيمان بالله

- ‌المبحث الأول: مسائل الربوبية

- ‌أولًا: تعريف التوحيد في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف التوحيد اصطلاحًا

- ‌ثالثًا: تعريف توحيد الربوبية في اللغة والاصطلاح

- ‌رابعًا: تعريف ابن عجيبة لتوحيد الربوبية لغة

- ‌خامسًا: تعريف التوحيد اصطلاحًا

- ‌سادسًا: تقسيم التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌سابعًا: الشرك في الربوبية

- ‌ثامنًا: طريقة ابن عجيبة في إثبات دلائل توحيد الربوبية

- ‌تاسعًا: زعم ابن عجيبة أن التوحيد الخاص سرٌّ لا يمكن لأحدٍ معرفته ولو ظهر لأبيح دم من أظهره

- ‌المبحث الثاني: مسائل الأسماء والصفات

- ‌أولًا: تعريف الاسم والصفة لغةً

- ‌ثانيًا: تعريف توحيد الأسماء والصفات اصطلاحًا

- ‌ثالثًا: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله وصفاته

- ‌رابعًا: الأسس الثلاثة التي يرتكز عليها معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته

- ‌خامسًا: موقفه من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى

- ‌أولًا: آراؤه في أسماء الله عز وجل الحُسنى

- ‌أ طريقته في إثبات الأسماء الحسنى

- ‌ب: شرح ابن عجيبة أسماء الله الحسنى بما يوافق معتقده الأشعري

- ‌ج: تسميته لله عز وجل بما لم يرد في الكتاب والسُّنَّة

- ‌مسألة: الاسم والمسمَّى وموقف ابن عجيبة منها

- ‌ثانيا: آراؤه في صفات الله تعالى

- ‌أ- تقسيم الصفات وطريقته في إثباتها

- ‌ب- تأويلاته في باب الصفات

- ‌ج - التفصيل في النفي مع ذكر الألفاظ المجملة

- ‌د- قوله بالمجاز في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الثالث: مسائل الألوهية

- ‌أولًا: تعريف الألوهية لغةً واصطلاحًا

- ‌ثانيًا: معنى الإله عند ابن عجيبة

- ‌ثالثًا: معنى توحيد الألوهية

- ‌ثالثًا: معنى لا إله إلا الله

- ‌رابعًا: أعلى درجات التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌خامسًا: العبادة

- ‌سادسًا: موقف ابن عجيبة من بدع الصوفية في توحيد العبادة

- ‌عاشرًا: الشرك في الألوهية

- ‌الفصل الثاني: آراؤه في الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول:معنى الإيمان بالملائكة

- ‌أولًا: تعريف الملائكة لغةً

- ‌ثانيًا: تعريف الملائكة شرعًا

- ‌ثالثًا: رأيه في معنى الإيمان بالملائكة

- ‌رابعًا: قدرتهم على التشكُّل، أو التمثُّل

- ‌خامسًا: عددهم

- ‌سادسًا: أعمالهم

- ‌المبحث الثاني: خلق الملائكة

- ‌المبحث الثالث:المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر

- ‌الفصل الثالث: آراؤه في الإيمان بالكتب

- ‌المبحث الأول: تعريف الكتب

- ‌أولًا: الكتب لغةً

- ‌ثانيًا: الكتب شرعًا

- ‌المبحث الثاني:منزلة الإيمان بالكتب من الإيمان

- ‌أولًا: رأي ابن عجيبة في الكتب المتقدِّمة

- ‌ثانيًا: استدلال ابن عجيبة على الإيمان بالكتب

- ‌ثالثًا: الإيمان بالقرآن الكريم ومنزلته

- ‌رابعًا: وجوه إعجاز القرآن

- ‌خامسًا: القرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

- ‌سادسًا: تفاضل آيات القرآن

- ‌سابعًا: تحريف الكتب السَّابقة

- ‌الفصل الرابع: آراؤه في الإيمان بالرسل والأنبياء

- ‌المبحث الأول:الإيمان بالرسل والأنبياء عمومًا

- ‌أولًا: تعريف النَّبي والرَّسول في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف النَّبي والرَّسول في الشَّرع والفرق بينهما

- ‌ثالثًا: رأيه فيما يجب ويستحيل في حَقِّ الرُّسل والأنبياء عليهم السلام وبِمَ تحصل النُّبُوَّة

- ‌رابعًا: الإيمان بالنَّبيِّ محمَّد صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء في خصائصه

- ‌المبحث الثاني:الفرق بين النبي والولي

- ‌أولًا: تعريف الولي في اللُّغة والاصطلاح

- ‌ثانيًا: رأي ابن عجيبة في الوليِّ والنَّبي

- ‌المبحث الثالث:عقيدته في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أولًا: رأيه فيما يسمَّى بالحقيقة المحمَّدية

- ‌ثانيًا: رأْيُ ابن عجيبة أنَّ الكون خُلِقَ من أجل محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: تقسيم ابن عجيبة للنَّاس في طريقة صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس: آراؤه في الإيمان باليوم الآخر

- ‌المبحث الأول: أشراط الساعة

- ‌أولًا: تعريف الأشراط في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريفها في الشَّرع

- ‌ثالثًا: تقسيم العلماء لأشراط السَّاعة

- ‌رابعًا: وقت قيام الساعة

- ‌رابعًا [*]: رأيه فيما قيل في تحديد عمر الدنيا

- ‌خامسًا: أشراط الساعة الصغرى

- ‌سادسًا: أشراط الساعة الكبرى

- ‌المبحث الثاني:أحوال اليوم الآخِر

- ‌أولًا: تعريف اليوم الآخر

- ‌ثانيًا: معنى الإيمان باليوم الآخر

- ‌ثالثًا: فتنة القبر

- ‌رابعًا: النَّفخ في الصور والصعق

- ‌خامسًا: الحشر وأهل الموقف

- ‌سادسًا: الميزان والحساب

- ‌سابعًا: الصراط

- ‌ثامنًا: حقيقة الروح وعلاقتها بوحدة الوجود عند ابن عجيبة:

- ‌تاسعًا: علاقتها بوحدة الوجود

- ‌المبحث الثالث: الجَنَّة والنَّار

- ‌أولًا: الجَنَّة والنار مخلوقتان موجودتان

- ‌ثانيًا: الجنة والنار لا تفنيان

- ‌ثالثًا: مكان الجنَّة

- ‌الفصل السادس: آراؤه في الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الأول:معنى القدر ومراتبه

- ‌أولًا: تعريف القدر

- ‌ثانيًا: تعريف القضاء

- ‌ثالثًا: تعريف ابن عجيبة

- ‌رابعًا: مراتب القدر

- ‌خامسًا: المخالفات العقدية التي قرَّرها ابن عجيبة في مسائل القدر

- ‌المبحث الثاني: أفعال العباد

- ‌أولًا: مفهوم الكسب عند الأشاعرة، ومقصود ابن عجيبة من قوله: (لا فاعل إلا الله)

- ‌ثانيًا: دلالة الكتاب والسُّنَّة وإجماع السلف على أنَّ العباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم

- ‌ثالثًا: موقف أهل السُّنَّة والجماعة من أفعال العباد

- ‌المبحث الثالث: المشيئة والإرادة

- ‌أولاً: الإرادة الكونيَّة القدريَّة:

- ‌ثانيًا: الإرادة الدينيَّة الشرعيَّة:

- ‌الفصل السابع: آراؤه في مسائل الإيمان

- ‌المبحث الأول:مفهوم الإيمان والفرق بينه وبين الإسلام

- ‌أولًا: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف الإيمان في الشرع

- ‌ثالثًا: تعريف ابن عجيبة للإيمان، وحقيقة العمل فيه

- ‌رابعًا: الفرق بين الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثاني:زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌أولًا: أدلة زيادة الإيمان ونقصانه من القرآن

- ‌ثانيًا: أدلَّة زيادة الإيمان ونقصانه من السُّنَّة

- ‌ثالثًا: رأي ابن عجيبة في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثالث:حكم مرتكب الكبيرة

- ‌أولًا: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر

- ‌ثانيًا: أدلة الكتاب والسُّنَّة على ذلك

- ‌ثالثًا: حد الكبيرة وحصرها

- ‌رابعًا: حكم مرتكب الكبيرة

- ‌الباب الثالث: آراء ابن عجيبة الصوفية

- ‌الفصل الأول: المريد والشيخ

- ‌المبحث الأول:مفهوم المريد والشيخ

- ‌أولًا: مفهوم المريد والشيخ

- ‌ثانيًا: أمور يجب على المريد أن يسلكها

- ‌ثالثًا: تجرُّد المريد عن المال

- ‌المبحث الثاني:الصلة بين المريد والشيخ

- ‌أولًا: الطاعة التامَّة والتعظيم المفرط

- ‌ثانيًا: طريقة تأسيس العلاقة بين المريد والشيخ

- ‌ثالثًا: آداب المريد مع شيخه

- ‌الفصل الثاني: الولاية والكرامة

- ‌المبحث الأول:الولاية ومراتب الأولياء

- ‌أولًا: تعريف الولاية

- ‌ثانيًا: تعريف الولي

- ‌ثالثًا: أسباب حصول الولاية

- ‌رابعًا: زَعَم أنَّ الولي يرث النَّبي

- ‌خامسًا: أقسام الولاية

- ‌سادسًا: إخفاء الولاية وأن تكون سرًّا من الأسرار

- ‌سابعًا: مراتب الأولياء

- ‌المبحث الثاني: الكرامة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف الكرامة في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف الكرامة في الاصطلاح

- ‌ثالثًا: تعريف الكرامة عند الصوفية

- ‌رابعًا: أقسام الكرامات

- ‌الفصل الثالث: الحلول والاتحاد ووحدة الوجود

- ‌المبحث الأول: الحلول والاتحاد

- ‌أولًا: تعريف الحلول والاتحاد

- ‌ثانيًا: موقفه من الحلول والاتحاد

- ‌المبحث الثاني: وحدة الوجود

- ‌أولًا: معنى وحدة الوجود في اللغة

- ‌ثانيًا: معنى وحدة الوجود اصطلاحًا

- ‌الأُولى: القائلون: بثبوت الذوات كلها في العدم

- ‌الثانية: القائلون بأنَّ وجود الله عز وجل هو الوجود المطلق والمعيَّن

- ‌الثالثة: القائلون ما ثَمَّ غير الله، ولا سوى بأيِّ وجه

- ‌ثالثًا: أسماء وحدة الوجود كما بيَّنها ابن عجيبة

- ‌رابعًا: شبهات ابن عجيبة للدلالة على وحدة الوجود

- ‌خامسًا: حكم من اعتقد وحدة الوجود

- ‌الفصل الرابع: الأحوال والمقامات

- ‌المبحث الأول: الأحوال

- ‌أولًا: تعريف الحال في اللغة والاصطلاح

- ‌ثانيًا: أمثلة على الأحوال

- ‌المبحث الثاني: المقامات

- ‌أولًا: تعريف المقام

- ‌ثانيًا: تعيين المقامات والأحوال

- ‌ثالثًا: أمثلة على المقامات

- ‌المبحث الثالث:الصلة بين الأحوال والمقامات

- ‌الفصل الخامس: موقفه من أعلام الصوفية وطرقها وأثره على من بعده

- ‌المبحث الأول:موقفه من أعلام الصوفية

- ‌المبحث الثاني: موقفه من طرقها

- ‌المبحث الثالث:أثره على من بعده

- ‌أ أثره على من خلفه في الطريقة

- ‌ب أثره على أسرته

- ‌ج- أثره على من بعده في العصر الحاضر

- ‌د- امتداد الطريقة الدرقاوية

- ‌الفصل السادس: التعريف بالطريقة الدرقاوية، ودوره في تأسيسها وموقف علماء أهل السنة منها

- ‌المبحث الأول:التعريف بالطريقة الدرقاوية

- ‌أ- التعريف بالطريقة الدرقاوية وسبب تسميتها

- ‌ب- الطريقة الدرقاوية وانتشارها

- ‌المبحث الثاني: دوره في تأسيسها

- ‌المبحث الثالث:موقف أعلام السُّنَّة من الطريقة الدرقاوية

- ‌موقف أعلام السُّنَّة من قول ابن عجيبة (إنَّ أهل السُّنَّة هم الأشاعرة):

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات

- ‌الملاحق

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌أولا: رأيه فيما يسمى بالحقيقة المحمدية

‌المبحث الثالث:

عقيدته في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

-

‌أولًا: رأيه فيما يسمَّى بالحقيقة المحمَّدية

تعد الحقيقة المحمَّدية عند المتصوفة هي العماد الذي قام عليه الكون، وهي أول ما خلق الله عز وجل، وذكر ابن عجيبة بعضًا من مسمياتها: منها العقل الأكبر

(1)

فهو: أول نور أظهره الله للوجود، ويقال له: الروح الأعظم، ويسمى أيضًا القبضة المحمَّدية

(2)

(3)

.

ويعبَّر عنها ابن عجيبة في داليته بقوله:

وصَلِّ إلهَ العرشِ في كلِّ لمحةٍ

على عنصر الوجود سر محمَّد

تقدَّم كلَّ الكونِ نورُ بهائِهِ

فكان إلى الرحمنِ أولَّ عابد

قد انشقت الأسرارُ من سرِّ سرِّهِ

فأبدى لنا سرَّ الإلهِ الممجَّد

ومن نوره الأسنى قد انفلقت لنا

معاني صفات الذَّاتِ من نورِ أحمد

تلاشت فهومُ الخلقِ في بحرِ سرِّهِ

فلا سابقٌ يَدري حقيقةَ أحمد

ولا لاحقٌ كلٌّ تضاءلَ فهمُهُ

وكيف ينالُ الشَّمسَ من هو عن بُعْدِ

(4)

وكان متأثرًا بعبد السلام بن مشيش الذي اعتقد بأنَّ محمَّدًا أصل الوجود في

(1)

العقل الأكبر: سماه الجرجاني بالعقل الأول، الذي هو أول عين ظهرت بنور الله عز وجل، وقال: العقل الأول هو سبب وجود المخلوقات كلها، وقصد به النبي صلى الله عليه وسلم، ويتضح أنه ليس هناك فرق بين ما سماه ابن عجيبة بالعقل الأكبر، والله أعلم، ينظر: التعريفات، للجرجاني، ص 38.

(2)

ينظر: التصوف الإسلامي في الدين والخلق 1/ 230.

(3)

معراج التشوف إلى حقائق التصوف، ص 54.

(4)

الفهرسة، ص 107.

ص: 509

تصليته فلقد فسر (انشقاق الأسرار وانفلاق الأنوار الواردين) في التصلية بقوله: "ويحتمل أنه يريد (أي ابن مشيش) بقوله: منه انشقت الأسرار، أي أسرار الجبروت، ومنه انفلقت الأنوار، أي أنوار الملكوت، أو تقول: منه انشقَّت الأسرار، أي أسرار الحقيقة، وانفلقت الأنوار أي أنوار الإيمان والإسلام، أو تقول: منه انشقَّت الأسرار: أسرار عالم الغيب، وانفلقت الأنوار أنوار عالم الشَّهادة، أو تقول: منه انشقَّت الأسرار: أسرار القدرة، وانفلقت الأنوار: أنوار الحكمة"

(1)

.

ويقصد ابن عجيبة بأسرار الجبروت: البحر المحيط الذي تدفَّق عنه الحسُّ والمعنى، والحاصل أنَّ القبضة التي ظهرت أوَّلًا من فضاء العماء

(2)

حسها الظاهر ملك، ومعناها الباطن ملكوت، والبحر واللطيف المحيط الذي تدفَّقت منه جبروت، فأسرار المعاني رياض العارفين؛ لأنها محلُّ نزهة أرواحهم، ولا شكَّ أنَّ المعاني لطيفة، لا تظهر بهجتها إلا في الحسِّ الذي هو الملك، والحس من حيث هو مضافٌ إلى نبيِّنا صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه ما ظهر إلا له، وما انشقَّت أسرار الذات إلا من نوره"

(3)

.

وإنَّك لتجد أنَّ بعض شعراء المغاربة ممَّن تأثَّر بالصُّوفية يرون رأي ابن عجيبة: أنَّ النوُّر المحمَّدي أصلُ الخلق لكلِّ شيء، وهذا ما عبَّر عنه حمدون الحاج

(4)

، المتوفى

(1)

شرح صلاة القطب بن مشيش، ص 16 - 17.

(2)

فضاء العماء: أي ليس معه شيء. ينظر: غريب الحديث 2/ 28.

(3)

معراج التشوف، ص 62.

(4)

هو: أبو الفيض، حمدون بن عبد الرحمن بن حمدون بن عبد الرحمن الشهير بابن الحاج، السُّلمي أصلًا وحسبًا، والمرداسي نسبًا، الفاسي دارًا ومنشأً، ولد سنة 1174 هـ بفاس، ومن شيوخه: أبو عبد الله محمد بن الحسن البناني، أبو محمد عبد الكريم بن علي اليازغي الفاسي، أبو عبد الله محمد التاودي ابن سودة، له مؤلفات منها: مراقي الصعود على تفسير أبي السعود، وعقود الفاتحة وهي منظومة ميمية في السيرة النبوية على نهج البردة تضمَّنت أربعة آلاف بيت، وكانت وفاته 1232 هـ. ينظر: إتحاف المطالع بوفيات القرن الثالث عشر والرابع عشر 1/ 120، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس 3/ 5، 7.

ص: 510

سنة 1232 هـ، الذي قال:

زينُ البريةِ بذرةُ الخليقة

زهرةُ الحقيقةِ أزكاها وأذكاها

أصلُ الوجودِ وبهجةُ الصدور

إنسانُ العيون ومبناها ومعناها

نورُ السَّماواتِ ونورُ الأرضِ كوكبُها

مصباحُ مشكاتها سراجُ مجلاها

لولاه لم تَبْدُ أزهارُ السِّماءِ ومَا

جرى بها ابنُ غزالة ليرعاها

لولاه ما نسجت أرضٌ قطائفَ من

نورٍ ولم تَرَ ماءَها ومرعاها

لولاه لا عرشٌ لا كرسي لا قلمٌ

لا لوح لا فرش لا جبال أرساها

(1)

ويرى ابن عجيبة أنَّ معرفة الحقيقة المحمَّدية، ليست لكلِّ أحد، بل هي لمن سلك طريق القوم، فقال:"فلم يدركه منَّا سابقٌ ولا لاحق، بل كَلَّت فهومهم، وتقاصرت علومُهم عن الإحاطة المحمَّدية"

(2)

.

ولذلك جعل نورَ محمَّدٍ متوسط الكون، ولولا توسط النور لكان الوجود متجهِّمًا، يطبعه الجفاء.

ويرى أيضًا أنَّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم هو الأساس الذي قام عليه ولأجله الوجود، يتضح ذلك في صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصَّلاة والسَّلام على من امتدَّت من سرِّ ناسوتهِ

(3)

الأكوان، وأشرقت من نور لاهوته

(4)

حقائق العرفان"

(5)

.

وقال: "والصَّلاة والسَّلام على قطب دائرة الأكوان وسيد الأسياد، الذي من

(1)

النوافح الغالية في الأمداح السليمانية، ص 87.

(2)

شرح صلاة ابن مشيش، ص 21.

(3)

سرِّ ناسوته: عبارة عن حس الأواني، ينظر: معراج التشوف، ص 90.

(4)

نور لاهوته: عبارة عن أسرار المعاني، ومرجع الأول للمُلك، والثاني للملكوت، مرجع سابق، ص 90.

(5)

شرح خمرية ابن الفارض، ص 13.

ص: 511

نور فيضه الأول ظهرت نعمة الإيجاد والإمداد، سيدنا ومولانا محمد المبعوث بالعزِّ الدائم والشَّرف الفاخر رحمة للعباد "

(1)

.

ويقول أيضًا: "نوره صلى الله عليه وسلم هو بذرةُ الوجود، والسَّببُ في كلِّ موجود

من أجله لاحت وظهرت أسرار الذات العالية، وقد كانت قبل ظهور نوره محجوبة باطنية، تجلَّى فيها الحقُّ تعالى باسمه الباطن، فلما أراد أن يتجلَّى باسمه الظاهر، أظهر قبضة من نوره، فقال: كوني محمَّدًا، فمن تلك القبضة المحمَّدية تكونت الأكوان من العرش إلى الفرش، فما ظهرت أسرار الذات إلا من تلك القبضة النورانية فظاهرها ذات، وباطنها صفات"

(2)

.

وهذا الرأي مخالفٌ لما نصَّت عليه النصوص الصريحة التي بيَّنت بداية الخلق، وأول مخلوق خلقه الله عز وجل هو العرش كما ثبت ذلك في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كان الله ولم يكن شيءٌ قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء»

(3)

.

وتأثَّر ابن عجيبة بكتاب دلائل الخيرات

(4)

، الذي قال عنه:"فبقيت في الصَّلاة على رسول الله مدة حتى حفظتُ دلائل الخيرات"

(5)

.

وحفظه له واهتمامه به يدلُّ على أنه يقر بكلِّ ما فيه من مخالفات في طريقة

(1)

شرح نونية الششتري، ص 45.

(2)

شرح صلاة القطب ابن مشيش، ص 15 - 16. وينظر: صلاة ابن العربي الحاتمي، ص 45.

(3)

أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} 1/ 3698، رقم 7418.

(4)

ألَّفه محمد بن سليمان بن داود الجزولي السملالي الشاذلي، من أهل سوس المراكشية، تفقَّه بفاس، وحفظ المدوَّنة في فقه مالك، مات سنة 870 هـ، ينظر: المطرب بمشاهير أولياء المغرب، ص 143.

(5)

الفهرسة، ص 43.

ص: 512

الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن هذه الصلوات "اللهم صلِّ على سيدنا محمد بحر أنوارك

إنسان عين الوجود، والسَّبب في كلِّ موجود، عين أعيان خلقك، المتقدِّم من نور ضيائك"

(1)

.

وما أسماه ابن عجيبة وغيره بالحقيقة المحمَّدية لاشك أنَّ له ارتباطًا كبيرًا جدًّا بوحدة الوجود

(2)

.

قال علي اليشرطي

(3)

: "قبض الله قبضة من نوره هي الحقيقة المحمَّدية، وظهرت بالصورة المكرَّمة، وجعل منها ما كان وما يكون"

(4)

.

وهذا من الغلو الذي يجعل النَّبي له التصرُّف في الكون، قال ابن تيمية رحمه الله:"حدَّثني الثقة من أعيانهم أنهم يقولون: إنَّ محمَّدًا هو الله"

(5)

.

وهذه الاعتقادات السَّابقة الذكر ترتَّب عليها مفاسد عظيمة:

أولها: إنَّ إثبات هذا المعنى الذي يزعمه نفيًا لبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم التي ورد النص عليها من الوحيين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من ذرية آدم عليه السلام كما قال الله تعالى في كتابه: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}

(6)

.

(1)

دلائل الخيرات، ص 100.

(2)

سيأتي الحديث عنها في مبحث مستقل في الباب الثالث.

(3)

هو: نور الدين علي بن أحمد المغربي اليشرطي، ولد في مدينة بنزرت بتونس عام 1208 هـ، ولقد لازم منذ صغره شيوخ التصوف، وبعد مضي اثنين وعشرين عامًا سلك الطريقة الشاذلية على يد شيخه محمد بن حمزة بن ظافر المدني، وأخذ ينشر الطريقة الشاذلية في بلاد الشام، فأصبح له مريدون قاموا بإنشاء الزوايا الشاذلية في بلاد الشام، توفي عام 1316 هـ ودفن بزاويته في عَكَّا. ينظر: الطريقة الشاذلية وأعلامها، ص 133.

(4)

مسيرتي في الحق، ص 66 - 67.

(5)

مجموع الفتاوى 14/ 365.

(6)

سورة الكهف: 110.

ص: 513

قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: "قل لهؤلاء المشركين يا محمد: إنما أنا بشرٌ مثلكم من بني آدم، لا علمَ لي إلا ما علَّمني الله، وإنَّ الله يوحي إليَّ أنَّ معبودكم الذي يجب عليكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا: معبودٌ واحد، لا ثانيَ له، ولا شريكَ له"

(1)

.

وكونه صلى الله عليه وسلم بشرًا، فإنه يصيبه ما يصيب البشر من أعراض، ولهذا قال الله تعالى رادًّا على المشركين:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}

(2)

، ولقد ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز الأصل الذي خُلق منه البشر قال تعالى:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}

(3)

.

قال الشيخ السعدي رحمه الله: "وهذا من نعمه تعالى على عباده، حيث أراهم من آثار قدرته وبديع صنعته، أنْ خَلَقَ أبا الإنس وهو آدم عليه السلام {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} أي: من طينٍ مبلول، قد أحكم بله وأتقن، حتى جفّ، فصار له صلصلة وصوت يشبه صوت الفخَّار الذي طبخ على النار.

{وَخَلَقَ الْجَانَّ} أي: أبا الجن، وهو إبليس اللَّعين {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} أي: من لهب النَّار الصافي، أو الذي قد خالطه الدخان، وهذا يدلُّ على شرف عنصر الآدمي المخلوق من الطين والتراب، الذي هو محل الرزانة والثقل والمنافع، بخلاف عنصر الجان وهو النار، التي هي محلُّ الخفَّة والطيش والشَّر والفساد"

(4)

، وقال تعالى:{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}

(5)

.

(1)

جامع البيان في تأويل القرآن 18/ 135.

(2)

سورة الفرقان: 20.

(3)

سورة الرحمن: 14.

(4)

تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان 1/ 829.

(5)

سورة الإسراء: 93.

ص: 514

يقول ابن جرير في تفسيره: "يقول: هل أنا إلا عبدٌ من عبيده من بني آدم، فكيف أقدر أن أفعل ما سألتموني من هذه الأمور، وإنما يقدر عليها خالقي وخالقكم، وإنما أنا رسولٌ أبلِّغكم ما أُرسلتُ به إليكم، والذي سألتموني أن أفعله بيد الله الذي أنا وأنتم عبيدٌ له، لا يقدر على ذلك غيره"

(1)

.

وأتت النصوص الصريحة مبيِّنة أنَّ أول مخلوق خلقه الله عز وجل هو العرش

(2)

كما ثبت ذلك في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء»

(3)

.

وقد يقول قائلٌ: أتنكرون أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نور، وتعارضون نصوص القرآن؟، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}

(4)

.

وقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}

(5)

.

فيجاب عليه بأنَّ بعض المفسِّرين ذكر أنَّ المراد بالنور: هو وصفٌ للقرآن

(6)

، وبعضهم قال:"يقول جلَّ شأنُه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب: قد جاءكم يا أهل التوراة والإنجيل من الله نورٌ يعني بالنُّور محمَّدًا، الذي أنار الله به الحق، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشِّرك"

(7)

.

(1)

جامع البيان في تأويل القرآن 17/ 554.

(2)

اختلف العلماء هل القلم أول المخلوقات أو العرش، والراجح أنَّ العرش أول المخلوقات، وقال ابن حجر:"إنَّ أولية القلم بالنسبة إلى ماعدا الماء والعرش، أو بالنسبة إلى ما منه صدر من الكتابة، أي قيل اكتب أول ما خلق" ينظر: بغية المرتاد، ص 276، والصفدية 2/ 79، وفتح الباري 6/ 289.

(3)

أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} 1/ 3698، رقم 7418.

(4)

سورة الأحزاب: 45.

(5)

سورة المائدة: 15.

(6)

ينظر: تفسير ابن كثير 2/ 35، وتفسير السعدي 2/ 126.

(7)

جامع البيان في تأويل القرآن 4/ 104.

ص: 515

فلا حجَّةَ لكم بهذه الآية بل استدلال لا صلة له بقولكم.

وقال الشاطبي رحمه الله: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضمِّ أطرافه بعضها لبعض، فإنَّ مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها وعامها المرتَّب على خاصَّها ومطلقها المحمول على مقيَّدها ومجملها المفسَّر ببيِّنها إلى ما سوى ذلك من مناحيها

فشأن الراسخين تصوّر الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضًا كأعضاء الإنسان إذا صُوِّرت صورة مثمرة وشأن متبعي المتشابهات أخذ دليلٍ ما أي دليل كان عفوًا وأخذًا أوليًّا وإن كان ثم ما يعارضه من كُلِّىٍّ أو جزئيٍّ فكأن العضو الواحد لا يعطي في مفهوم أحكام الشريعة حكمًا حقيقيًّا فمتبعه متبع متشابه ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ ما شهد الله به، قال تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}

(1)

،

(2)

.

"ووصف النَّبي بأنَّه نورٌ من نور الله إن أُريد به أنَّه نورٌ ذاتيٌّ من نور الله فهو مخالفٌ للقرآن الدال على بشريته، وإن أُريد بأنه نورٌ باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببًا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح، ولا شكَّ أنَّ نور الرسالة والهداية من الله عز وجل قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}

(3)

.

(1)

سورة النساء: 122.

(2)

الاعتصام 1/ 244.

(3)

سورة الشورى: 51 - 53.

ص: 516

وليس هذا النور مكتسبًا من خاتم الأولياء كما يزعمه بعض الملاحدة، أمَّا جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دمٌ ولحمٌ وعظم

خُلِقِ من أبٍ وأُمٍّ ولم يسبق له خلقٌ قبل ولادته"

(1)

.

"وليس بدنه نورًا، وليس هو نور الله الذي هو وصفه، وأما قوله تعالى:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}

(2)

فالمراد بالنُّور في ذلك ما بعثه الله به من الوحي، من عطف الخاصِّ على العام، ولم يثبت في القرآن ولا في السُّنَّة الصحيحة أنه نور عرش الله، فمن زعم ذلك فهو كاذب؛ لأن ذلك يتنافى مع كمال الله عز وجل "

(3)

.

وقال ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك ما ذُكر من «أنَّ الله قبض من نور وجهه قبضة ونظر إليها فعرقت ودلقت، فخلق من كلِّ قطرةٍ نبيًّا، وأنَّ القبضة كانت هي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأنَّه بقي كوكبٌ دري» فهذا أيضًا كذبٌ باتفاق أهل المعرفة بحديثه"

(4)

.

وقال أيضًا: "والنَّبي صلى الله عليه وسلم خُلق مما يُخلق منه البشر، ولم يُخلق أحدٌ من البشر من نور، بل قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنَّ الله عز وجل خلق الملائكة من نور؛ وخلق إبليس من مارج من نار؛ وخلق آدم مما وصف لكم»

(5)

، وليس تفضيل بعض المخلوقات على بعض باعتبار ما خُلقت منه فقط، بل قد يخلق المؤمن من كافر؛ والكافر من مؤمن، كابن نوح منه وكإبراهيم من آزر، وآدم خلقه الله من طين: فلمَّا

(1)

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/ 125.

(2)

سورة المائدة: 15.

(3)

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/ 463، و 467.

(4)

مجموع الفتاوى 18/ 366.

(5)

أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة، 4/ 2294، رقم 2996.

ص: 517