الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مستعينة، ولو كانت غير مخلوقة لكانت معبودةً مستعانًا بها.
الثالث: أنها فقيرة إلى هداية فاطرها وربها تسأله أن يهديها صراطه المستقيم.
الرابع: أنها منعم عليها مرحومة ومغضوب عليها وضالة شقية، وهذا شأن المربوب والمملوك لا شأن القديم غير المخلوق"
(1)
.
تاسعًا: علاقتها بوحدة الوجود
زعم ابن عجيبة أنَّ الروح جزءٌ من ذات الله، ولكن انفصلت عنه، وحُبست في البدن فحنَّت لنصفها اللاهوتي فتجلَّى الله لها -تعالى الله عمَّا يقول- فالروح عبارة عن محلِّ التجليات الإلهية وكشف الأنوار الملكوتية، والسر: عبارة عن محل التجليات الإلهية، وكشف الأنوار الملكوتية للخواص، والسر لخواص الخواص
(2)
.
ووصول الروح إلى مرتبة السر الفانية في شهود ذات الله عز وجل غاية كبرى -عنده- موصلة إلى عقيدة وحدة الوجود، فلذلك قال:"وأمَّا السرُّ فهو الأمر الخفي الذي لا يُدرك، فلذلك قالوا في الخمرة الأزلية والمعاني القديمة أسرار، وسمَّوا الأرواح بعد التصفية أسرارًا؛ لأنها لما تصفَّت رجعت لأصلها، وهي قطعةٌ من السر الجبروتي القديم، فإذا استولت على الأشباح رجع الجميع قديمًا"
(3)
.
وهذه التصفية للروح تكون عن طريق شيخ التربية
(4)
-كما يزعم- الذي أرجعها إلى أصلها حتى يصل إلى الغيبة عن الخلق بشهود الملك الحق
(5)
"ثم تكون
(1)
الروح، ص 146.
(2)
ينظر: معراج التشوف، ص 47.
(3)
المرجع نفسه، ص 71، وينظر: الفتوحات الإلهية، ص 31.
(4)
سيأتي الحديث عن الصلة بين الشيخ والمريد في الباب الثالث.
(5)
ينظر: إيقاظ الهمم، ص 64.
مطمئنة حين تطمئنُّ بشهود الحقِّ بلا واسطة، بل تستدلُّ بالله على غيره، فلا ترى سواه، فحينئذٍ ترجع إلى أصلها، وترُجع الأشياء كلها إلى أصولها، وهو القدم والأبد، فيتلاشى الحادث ويبقى القديم وحده، كما كان وحده"
(1)
.
وقوله: إنَّ الروح جزءٌ من ذات الله، ثم انفصلت عنه هو في الحقيقة عقيدة فلسفية أفلاطونية، تأثَّر بها ابن عجيبة وغيره من الصوفية
(2)
، وهي كما قال التفتازاني
(3)
: "ونحن نجد فكرتهم هذه تشبه فكرة الفيلسوف اليوناني أفلاطون
(4)
في أنَّ النفس الإنسانية كانت موجودة من قبل عالم آخر غير هذا العالم، وذلك قبل أن تهبط إلى البدن، حيث كانت في صحبة الآلهة، ومتحققة بمعرفة المثل، وأنَّ معرفتها بالمثل بعد حلولها في البدن عبارة عن تذكُّر للمعرفة السابقة لها في صحبة الآلهة"
(5)
.
(1)
البحر المديد 7/ 187.
(2)
ينظر: التصوف كوعي وممارسة، ص 207.
(3)
مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني الشافعي، سعد الدين، ولد بتفتازان سنة 712 هـ، من مصنفاته: تهذيب المنطق، مقاصد الأدلة، مات سنة 791 هـ بسمرقند. ينظر: الدرر الكامنة 4/ 350، بغية الوعاة 2/ 285.
(4)
أفلاطون: فيلسوف يوناني من أثينا، تلميذ سقراط، أنشأ مدرسة على أبواب أثينا سُمِّيت بالأكاديمية نسبة إلى بستان أكاديموس الذي تطلُّ عليه، وأقام فيها معبدًا وجعلها جمعية دينية علمية، توفي سنة 427 قبل الميلاد. ينظر: تاريخ الفلسفة اليونانية، يوسف كرم، ص 62.
(5)
ابن عطاء الله السكندري وتصوفه، ص 158.