المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سادسا: تقسيم التوحيد عند ابن عجيبة - آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

[عبد الهادي العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌أهدف البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌الصعوبات التي واجهت الباحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌الشكر والتقدير

- ‌التمهيد

- ‌ترجمة ابن عجيبة ترجمة موجزة

- ‌أولًا: اسمه ونسبه وكنيته

- ‌ثانيًا: ولادته

- ‌ثالثًا: نشأته

- ‌رابعًا: طلبه للعلم

- ‌خامسًا: شيوخه

- ‌سادسًا: تلاميذه

- ‌سابعًا: مؤلفاته

- ‌ثامنًا: وفاته

- ‌التعريف بالطرق الصوفية إجمالًا

- ‌1 - الطريقة القادرية

- ‌2 - الطريقة الشاذلية

- ‌3 - الطريقة النقشبندية

- ‌4).4 -الطريقة الرفاعية

- ‌5 - الطريقة البكتاشية

- ‌6 - الطريقة التجانية

- ‌7 - الطريقة الجزولية

- ‌8 - الطريقة العيساوية

- ‌9 - الطريقة التباغية

- ‌10 - الطريقة الغزوانية

- ‌1).11 -الطائفة الناصرية

- ‌الباب الأول: مصادر التلقي عند ابن عجيبة

- ‌الفصل الأول: الكتاب والسنة

- ‌المبحث الأول: الكتاب

- ‌أولًا: مسألة: تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة وأدلته عليها

- ‌ثانيًا: زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو واضع علم الحقيقة والشريعة

- ‌ثالثًا: استدلاله بالقول المنسوب إلى عمر رضي الله عنه

- ‌رابعًا: استدلاله بالآيات على مسألة التفسير الحرفي الإشاري لدى الصوفية، والتفسير الباطني

- ‌خامسًا: استدلاله بالكتاب، وذلك عندما فسَّر الرواسي بالأبدال في قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}

- ‌المبحث الثاني: السُّنَّة

- ‌الجهة الأولى: أدلة الكتاب والسُّنَّة ليست يقينيَّة، بل ظنيَّة

- ‌الجهة الثانية: أخبار الآحاد تُقبل في أبواب الأعمال دون الاعتقاد

- ‌الجهة الثالثة: استدلاله بصحيح السُّنَّة على وحدة الوجود

- ‌الجهة الرابعة: الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة والموضوعة

- ‌الفصل الثاني: المصادر الصوفية في التلقي

- ‌المبحث الأول: الكشف

- ‌أولًا: معنى الكشف في اللغة

- ‌ثانيًا: معناه في الاصطلاح

- ‌ثالثًا: تعريفه عند ابن عجيبة

- ‌رابعًا: ذكره للعلوم الغيبية التي تحصل عن طريق الكشف

- ‌خامسًا: طريق حصول الكشف عند ابن عجيبة

- ‌المبحث الثاني: الذوق

- ‌أولًا: معنى الذوق في اللغة

- ‌ثانيًا: في اصطلاح الصوفية

- ‌ثالثًا: الذوق والوجدان أساسٌ لمعرفة التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌المبحث الثالث: الوجد

- ‌أولًا: معنى الوجد في اللغة

- ‌ثانيًا: معنى الوجد عند الصوفية

- ‌ثالثًا: أدلة ابن عجيبة على الوجد

- ‌المبحث الرابع: الرؤى والحكايات

- ‌أولًا: الرؤى

- ‌ثانيًا: الحكايات

- ‌المبحث الخامس:دعوى التلقي عن الخضر عليه السلام

- ‌أولًا: رأي ابن عجيبة في الخضر عليه السلام أنبيٌّ هو أم ولي

- ‌ثانيًا: زعم ابن عجيبة أنَّ الخضر عليه السلام حيٌّ وأنه خاطبه

- ‌الأدلة النقلية والعقلية كافية برد شبهات القائلين بحياة الخضر عليه السلام

- ‌أولًا: الأدلة النقلية

- ‌ثانيًا: الأدلة العقلية على موت الخضر عليه السلام

- ‌الباب الثاني: آراء ابن عجيبة في أصول الإيمان ومسائله

- ‌الفصل الأول: آراؤه في الإيمان بالله

- ‌المبحث الأول: مسائل الربوبية

- ‌أولًا: تعريف التوحيد في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف التوحيد اصطلاحًا

- ‌ثالثًا: تعريف توحيد الربوبية في اللغة والاصطلاح

- ‌رابعًا: تعريف ابن عجيبة لتوحيد الربوبية لغة

- ‌خامسًا: تعريف التوحيد اصطلاحًا

- ‌سادسًا: تقسيم التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌سابعًا: الشرك في الربوبية

- ‌ثامنًا: طريقة ابن عجيبة في إثبات دلائل توحيد الربوبية

- ‌تاسعًا: زعم ابن عجيبة أن التوحيد الخاص سرٌّ لا يمكن لأحدٍ معرفته ولو ظهر لأبيح دم من أظهره

- ‌المبحث الثاني: مسائل الأسماء والصفات

- ‌أولًا: تعريف الاسم والصفة لغةً

- ‌ثانيًا: تعريف توحيد الأسماء والصفات اصطلاحًا

- ‌ثالثًا: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله وصفاته

- ‌رابعًا: الأسس الثلاثة التي يرتكز عليها معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته

- ‌خامسًا: موقفه من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى

- ‌أولًا: آراؤه في أسماء الله عز وجل الحُسنى

- ‌أ طريقته في إثبات الأسماء الحسنى

- ‌ب: شرح ابن عجيبة أسماء الله الحسنى بما يوافق معتقده الأشعري

- ‌ج: تسميته لله عز وجل بما لم يرد في الكتاب والسُّنَّة

- ‌مسألة: الاسم والمسمَّى وموقف ابن عجيبة منها

- ‌ثانيا: آراؤه في صفات الله تعالى

- ‌أ- تقسيم الصفات وطريقته في إثباتها

- ‌ب- تأويلاته في باب الصفات

- ‌ج - التفصيل في النفي مع ذكر الألفاظ المجملة

- ‌د- قوله بالمجاز في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الثالث: مسائل الألوهية

- ‌أولًا: تعريف الألوهية لغةً واصطلاحًا

- ‌ثانيًا: معنى الإله عند ابن عجيبة

- ‌ثالثًا: معنى توحيد الألوهية

- ‌ثالثًا: معنى لا إله إلا الله

- ‌رابعًا: أعلى درجات التوحيد عند ابن عجيبة

- ‌خامسًا: العبادة

- ‌سادسًا: موقف ابن عجيبة من بدع الصوفية في توحيد العبادة

- ‌عاشرًا: الشرك في الألوهية

- ‌الفصل الثاني: آراؤه في الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول:معنى الإيمان بالملائكة

- ‌أولًا: تعريف الملائكة لغةً

- ‌ثانيًا: تعريف الملائكة شرعًا

- ‌ثالثًا: رأيه في معنى الإيمان بالملائكة

- ‌رابعًا: قدرتهم على التشكُّل، أو التمثُّل

- ‌خامسًا: عددهم

- ‌سادسًا: أعمالهم

- ‌المبحث الثاني: خلق الملائكة

- ‌المبحث الثالث:المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر

- ‌الفصل الثالث: آراؤه في الإيمان بالكتب

- ‌المبحث الأول: تعريف الكتب

- ‌أولًا: الكتب لغةً

- ‌ثانيًا: الكتب شرعًا

- ‌المبحث الثاني:منزلة الإيمان بالكتب من الإيمان

- ‌أولًا: رأي ابن عجيبة في الكتب المتقدِّمة

- ‌ثانيًا: استدلال ابن عجيبة على الإيمان بالكتب

- ‌ثالثًا: الإيمان بالقرآن الكريم ومنزلته

- ‌رابعًا: وجوه إعجاز القرآن

- ‌خامسًا: القرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

- ‌سادسًا: تفاضل آيات القرآن

- ‌سابعًا: تحريف الكتب السَّابقة

- ‌الفصل الرابع: آراؤه في الإيمان بالرسل والأنبياء

- ‌المبحث الأول:الإيمان بالرسل والأنبياء عمومًا

- ‌أولًا: تعريف النَّبي والرَّسول في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف النَّبي والرَّسول في الشَّرع والفرق بينهما

- ‌ثالثًا: رأيه فيما يجب ويستحيل في حَقِّ الرُّسل والأنبياء عليهم السلام وبِمَ تحصل النُّبُوَّة

- ‌رابعًا: الإيمان بالنَّبيِّ محمَّد صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء في خصائصه

- ‌المبحث الثاني:الفرق بين النبي والولي

- ‌أولًا: تعريف الولي في اللُّغة والاصطلاح

- ‌ثانيًا: رأي ابن عجيبة في الوليِّ والنَّبي

- ‌المبحث الثالث:عقيدته في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أولًا: رأيه فيما يسمَّى بالحقيقة المحمَّدية

- ‌ثانيًا: رأْيُ ابن عجيبة أنَّ الكون خُلِقَ من أجل محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: تقسيم ابن عجيبة للنَّاس في طريقة صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس: آراؤه في الإيمان باليوم الآخر

- ‌المبحث الأول: أشراط الساعة

- ‌أولًا: تعريف الأشراط في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريفها في الشَّرع

- ‌ثالثًا: تقسيم العلماء لأشراط السَّاعة

- ‌رابعًا: وقت قيام الساعة

- ‌رابعًا [*]: رأيه فيما قيل في تحديد عمر الدنيا

- ‌خامسًا: أشراط الساعة الصغرى

- ‌سادسًا: أشراط الساعة الكبرى

- ‌المبحث الثاني:أحوال اليوم الآخِر

- ‌أولًا: تعريف اليوم الآخر

- ‌ثانيًا: معنى الإيمان باليوم الآخر

- ‌ثالثًا: فتنة القبر

- ‌رابعًا: النَّفخ في الصور والصعق

- ‌خامسًا: الحشر وأهل الموقف

- ‌سادسًا: الميزان والحساب

- ‌سابعًا: الصراط

- ‌ثامنًا: حقيقة الروح وعلاقتها بوحدة الوجود عند ابن عجيبة:

- ‌تاسعًا: علاقتها بوحدة الوجود

- ‌المبحث الثالث: الجَنَّة والنَّار

- ‌أولًا: الجَنَّة والنار مخلوقتان موجودتان

- ‌ثانيًا: الجنة والنار لا تفنيان

- ‌ثالثًا: مكان الجنَّة

- ‌الفصل السادس: آراؤه في الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الأول:معنى القدر ومراتبه

- ‌أولًا: تعريف القدر

- ‌ثانيًا: تعريف القضاء

- ‌ثالثًا: تعريف ابن عجيبة

- ‌رابعًا: مراتب القدر

- ‌خامسًا: المخالفات العقدية التي قرَّرها ابن عجيبة في مسائل القدر

- ‌المبحث الثاني: أفعال العباد

- ‌أولًا: مفهوم الكسب عند الأشاعرة، ومقصود ابن عجيبة من قوله: (لا فاعل إلا الله)

- ‌ثانيًا: دلالة الكتاب والسُّنَّة وإجماع السلف على أنَّ العباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم

- ‌ثالثًا: موقف أهل السُّنَّة والجماعة من أفعال العباد

- ‌المبحث الثالث: المشيئة والإرادة

- ‌أولاً: الإرادة الكونيَّة القدريَّة:

- ‌ثانيًا: الإرادة الدينيَّة الشرعيَّة:

- ‌الفصل السابع: آراؤه في مسائل الإيمان

- ‌المبحث الأول:مفهوم الإيمان والفرق بينه وبين الإسلام

- ‌أولًا: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف الإيمان في الشرع

- ‌ثالثًا: تعريف ابن عجيبة للإيمان، وحقيقة العمل فيه

- ‌رابعًا: الفرق بين الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثاني:زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌أولًا: أدلة زيادة الإيمان ونقصانه من القرآن

- ‌ثانيًا: أدلَّة زيادة الإيمان ونقصانه من السُّنَّة

- ‌ثالثًا: رأي ابن عجيبة في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثالث:حكم مرتكب الكبيرة

- ‌أولًا: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر

- ‌ثانيًا: أدلة الكتاب والسُّنَّة على ذلك

- ‌ثالثًا: حد الكبيرة وحصرها

- ‌رابعًا: حكم مرتكب الكبيرة

- ‌الباب الثالث: آراء ابن عجيبة الصوفية

- ‌الفصل الأول: المريد والشيخ

- ‌المبحث الأول:مفهوم المريد والشيخ

- ‌أولًا: مفهوم المريد والشيخ

- ‌ثانيًا: أمور يجب على المريد أن يسلكها

- ‌ثالثًا: تجرُّد المريد عن المال

- ‌المبحث الثاني:الصلة بين المريد والشيخ

- ‌أولًا: الطاعة التامَّة والتعظيم المفرط

- ‌ثانيًا: طريقة تأسيس العلاقة بين المريد والشيخ

- ‌ثالثًا: آداب المريد مع شيخه

- ‌الفصل الثاني: الولاية والكرامة

- ‌المبحث الأول:الولاية ومراتب الأولياء

- ‌أولًا: تعريف الولاية

- ‌ثانيًا: تعريف الولي

- ‌ثالثًا: أسباب حصول الولاية

- ‌رابعًا: زَعَم أنَّ الولي يرث النَّبي

- ‌خامسًا: أقسام الولاية

- ‌سادسًا: إخفاء الولاية وأن تكون سرًّا من الأسرار

- ‌سابعًا: مراتب الأولياء

- ‌المبحث الثاني: الكرامة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف الكرامة في اللغة

- ‌ثانيًا: تعريف الكرامة في الاصطلاح

- ‌ثالثًا: تعريف الكرامة عند الصوفية

- ‌رابعًا: أقسام الكرامات

- ‌الفصل الثالث: الحلول والاتحاد ووحدة الوجود

- ‌المبحث الأول: الحلول والاتحاد

- ‌أولًا: تعريف الحلول والاتحاد

- ‌ثانيًا: موقفه من الحلول والاتحاد

- ‌المبحث الثاني: وحدة الوجود

- ‌أولًا: معنى وحدة الوجود في اللغة

- ‌ثانيًا: معنى وحدة الوجود اصطلاحًا

- ‌الأُولى: القائلون: بثبوت الذوات كلها في العدم

- ‌الثانية: القائلون بأنَّ وجود الله عز وجل هو الوجود المطلق والمعيَّن

- ‌الثالثة: القائلون ما ثَمَّ غير الله، ولا سوى بأيِّ وجه

- ‌ثالثًا: أسماء وحدة الوجود كما بيَّنها ابن عجيبة

- ‌رابعًا: شبهات ابن عجيبة للدلالة على وحدة الوجود

- ‌خامسًا: حكم من اعتقد وحدة الوجود

- ‌الفصل الرابع: الأحوال والمقامات

- ‌المبحث الأول: الأحوال

- ‌أولًا: تعريف الحال في اللغة والاصطلاح

- ‌ثانيًا: أمثلة على الأحوال

- ‌المبحث الثاني: المقامات

- ‌أولًا: تعريف المقام

- ‌ثانيًا: تعيين المقامات والأحوال

- ‌ثالثًا: أمثلة على المقامات

- ‌المبحث الثالث:الصلة بين الأحوال والمقامات

- ‌الفصل الخامس: موقفه من أعلام الصوفية وطرقها وأثره على من بعده

- ‌المبحث الأول:موقفه من أعلام الصوفية

- ‌المبحث الثاني: موقفه من طرقها

- ‌المبحث الثالث:أثره على من بعده

- ‌أ أثره على من خلفه في الطريقة

- ‌ب أثره على أسرته

- ‌ج- أثره على من بعده في العصر الحاضر

- ‌د- امتداد الطريقة الدرقاوية

- ‌الفصل السادس: التعريف بالطريقة الدرقاوية، ودوره في تأسيسها وموقف علماء أهل السنة منها

- ‌المبحث الأول:التعريف بالطريقة الدرقاوية

- ‌أ- التعريف بالطريقة الدرقاوية وسبب تسميتها

- ‌ب- الطريقة الدرقاوية وانتشارها

- ‌المبحث الثاني: دوره في تأسيسها

- ‌المبحث الثالث:موقف أعلام السُّنَّة من الطريقة الدرقاوية

- ‌موقف أعلام السُّنَّة من قول ابن عجيبة (إنَّ أهل السُّنَّة هم الأشاعرة):

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات

- ‌الملاحق

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌سادسا: تقسيم التوحيد عند ابن عجيبة

وقال الشوكاني: "وليس مجرَّد قول لا إله إلا الله مثبتًا للإسلام؛ فإنه لو قالها أحدٌ من أهل الجاهلية وعكف على صنمه يعبده لم يكن ذلك إسلامًا"

(1)

.

"وينبغي لمن أراد أن يعرف دين الإسلام أن يتأمل النصوص النبوية، ويعرف ما كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم والتابعون، وما قاله أئمة المسلمين ليعرف المجمع عليه من المتنازع فيه"

(2)

.

‌سادسًا: تقسيم التوحيد عند ابن عجيبة

قسَّم ابن عجيبة التوحيد إلى ثلاثة أقسام، فقال: "اعلم أنَّ توحيد الخلق لله تعالى على ثلاث درجات:

الأولى: توحيد العامَّة: وهو الذي يعصم النفس والمال، وينجو به من الخلود في النار، وهو نفي الشركاء والأنداد، والصاحبة والأولاد، والأشباه والأضداد.

الثانية: توحيد الخاصَّة: وهو أن يرى الأفعال كلها صادرة من الله وحده، ويشاهد ذلك بطريقة الكشف لا بطريق الاستدلال.

الثالثة: ألا يرى في الوجود إلا الله، ولا يشهد معه سواه، فيغيب عن النظر إلى الأكوان في شهود المكون"

(3)

.

وقال في تفسير سورة الإخلاص: "قد اشتملت هذه السورة على التوحيد الخاص، أعني توحيد أهل العيان، وعلى التوحيد العام، أعني توحيد أهل البرهان، فالتوحيد الخاص له مقامان: مقام الأسرار الجبروتية، ومقام الأنوار الملكوتية، فكلمة

(1)

الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص 287.

(2)

الإخنائية (الرد على الإخنائي)، ص 419.

(3)

البحر المديد 1/ 192، وينظر: الجواهر العجيبة، ص 22 - 23.

ص: 222

(هو) تسير إلى مقام الأسرار اللطيفة الأصلية الجبروتية، و (الله) يشير إلى مقام الأنوار الكثيفة المتدفِّقة من بحر الجبروت، ووصفه تعالى بالأحدية والصمدية والتنزيه عن الولد والوالد يحتاج إلى استدلالٍ وبرهان، وهو مقام الإيمان، والأول مقام الإحسان"

(1)

.

وقال أيضًا عند قول الله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}

(2)

.

التوحيد على قسمين:

1 -

توحيد البرهان: وهو إفراد الحق بالصفات والأفعال والذات من طريق البرهان.

2 -

توحيد العيان: وهو إفراد الحق بالوجود في الأزل والأبد

(3)

.

وقصده من المسمَّيات التي أطلقها على أقسام التوحيد قال: "وأما عالم الجبروت فهو البحر اللطيف الفياض الذي يتدفَّق منه أنوار الملكوت، وهو ما لم يقع التجلِّي من الكنز المصون، والسر المكنون"

(4)

، وقال أيضًا:"عالم الجمع، وعالم القدرة، وعالم الملكوت، وعالم الأرواح، وعالم الغيب"

(5)

.

وهنا تلحظ تقسيمه للذات الإلهية، إلى الجبروتية، والملكوتية.

ثم قال: "والحاصل أنَّ الأشياء كلها قائمة بين ذاتٍ وصفات، بين حسٍّ ومعنى، بين قدرةٍ وحكمة، فستر الحق سبحانه معاني أسرار الذات اللطيفة بظهور الذوات الكثيفة، وستر المعنى اللطيف بالحسِّ الكثيف، وستر القدرة بالحكمة، والكل

(1)

البحر المديد 6/ 536 - 537.

(2)

سورة البقرة: 163.

(3)

معراج التشوف إلى حقائق التصوف، ص 56.

(4)

كشف النقاب عن سر الألباب، ص 181.

(5)

المرجع نفسه، ص 181.

ص: 223

من الله، وإلى الله، ولا موجود سواه، وهذه الكثائف الظاهرة هي أرديةٌ وقمصٌ للمعاني اللطيفة"

(1)

.

ويقول: "اعلم أن الله تعالى كان كنزًا مخفيًّا، لطيفًا أزليًّا، لم يعرفه أحد، فلما أراد أن يعرف تجلّى بتجليات من ذلك الكنز، كثَّفها وأظهرها بمقتضى اسمه الظاهر، ثم أبطنها بمقتضى اسمه الباطن، فصارت ظاهرة باطنة، أبطنها بما أظهر عليها من أحكام العبودية، وأوصاف البشرية، ونعوت الحدثية من حسن التكوين والتشكيل والتغيير والتحيُّز، ولا حادث في الحقيقة، إنما تجدد لها التجلِّي والظهور، فبطنت بعد ظهورها، فمن نظر لأصلها وغاب عن حسِّها لم ينحجب بها عن الحقِّ تعالى، ورآه ظاهرًا فيها، ومن وقف مع حسِّها الظاهر حجب بها عن شهود الحق وصارت في حقه ظلمة

إلى أن قال: والحاصل أنَّ الوجود واحد، وهو وجود الحق تعالى، فما وقع به التجلِّي من نظره بعين الجمع سمَّاه ملكوتًا

وما لم يقع به التجلِّي من الأسرار اللطيفة الغيبية فهو جبروت"

(2)

.

وهذا التقسم اشتمل على مخالفات عقدية عدة بيانها كالتالي:

1 -

أقسام التوحيد التي ذكرها ابن عجيبة لم ترد لا في الكتاب ولا في السُّنَّة، بل اشتمل على الرموز والإشارات الخفيَّة، ولم يكن دين الله عز وجل رمزًا

(3)

، ولقد استفاضت الآيات القرآنية بذكر أقسام التوحيد، ومما يدلُّ على ذلك سورة الفاتحة التي دلَّت على أقسام التوحيد فتوحيد الربوبية والأسماء والصفات مبيَّن في قوله تعالى:

(1)

إيقاظ الهمم، ص 287.

(2)

كشف النقاب عن سر الألباب، ص 99 - 100.

(3)

ينظر: مدارج السالكين 3/ 486.

ص: 224

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

(1)

، فالحمد يتضمَّن مدح المحمود بصفات كماله مع محبته والرضا عنه، وهذا متضمِّنٌ لنفي النقائص والعيوب، وقوله تعالى:{رَبِّ الْعَالَمِينَ} يدلُّ على ربوبيته وتدبيره لجميع خلقه كما يشاء، وقوله تعالى:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

(2)

يدلُّ على توحيد الأسماء والصفات، وقوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

(3)

يدلُّ على الربوبية المطلقة

(4)

.

وقوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}

(5)

، قال الشيخ السعدي:"اشتملت الآية على أصول عظيمة على توحيد الربوبية وأنه تعالى ربُّ كلِّ شيء وخالقه ورازقه ومدبِّره، وعلى توحيد الألوهية والعبادة وأنَّه تعالى الإله المعبود، وعلى أنَّ ربوبيته موجب لعبادته وتوحيده؛ ولهذا أتى بالفاء في قوله: "{فَاعْبُدْهُ} الدالة على السبب؛ أي فكما أنَّه ربُّ كلِّ شيءٍ فليكن هو المعبود حقًّا فاعبده، ومنه الاصطبار لعبادته تعالى وهو جهاد النفس، وتمرينها وحملها على عبادة الله تعالى فيدخل في هذا أعلى أنواع الصبر، وهو الصبر على البليَّات، فإنَّ الصبر عليها وعدم تسخيطها والرضى عن الله تعالى بها من أعظم العبادات الداخلة في قول الله تعالى:{وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} ، واشتملت الآية على أنَّ الله تعالى كاملٌ في الأسماء والصفات عظيم النعوت جليل القدر، وليس في ذلك شبيهٌ ولا نظيرٌ ولا سمي، بل تفرَّد بالكمال المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات"

(6)

.

(1)

سورة الفاتحة: 2.

(2)

سورة الفاتحة: 3.

(3)

سورة الفاتحة: 4.

(4)

ينظر: مدارج السالكين 1/ 84، وحقيقة التوحيد بين أهل السُّنَّة والمتكلمين، ص 84.

(5)

سورة مريم: 65.

(6)

المواهب الربانية من الآيات القرآنية 1/ 60.

ص: 225

2 -

أنَّ غاية ما عندهم هو شهود هذا التوحيد، وهو أن يشهد أنَّ الله ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكه وخالقه، لا سيِّما إذا غاب العارف بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمعروفه عن معرفته، فابن عجيبة وغيره من المتصوفة الذين يشهدون الحقيقة الكونية، المتضمِّنة لخلق الله وإيجاده، وأغفلوا الحقيقة الشرعية المتضمِّنة لأمر الله ونهية، واتباع ما جاء به من الهدى والنور، والحق في ذلك أن يجمع بين شهود الحقيقتين الكونية والشرعية

(1)

.

3 -

القول بوحدة الوجود، وتصور مذهبهم هذا كافٍ في بيان فساده، إذ التوحيد عندهم: "أنَّ الحقَّ المنزَّه هو عين الخلق المشبَّه، وأنَّه سبحانه هو عين وجود كل موجود، وحقيقته وماهيته، وأنَّه آية كلِّ شيء، وله فيه آية تدلُّ على أنه عينه، وهذا عند محققيهم من خطأ التعبير، بل هو نفس الآية، ونفس الدليل، ونفس المستدل، ونفس المستدل عليه، فالتعدد بوجود اعتبارات وهمية، لا بالحقيقة والوجود، فهو عندهم عين الناكح، وعين المنكوح وعين الذابح، وعين المذبوح، وعين الآكل، وعين المأكول.

ومن فروع هذا التوحيد: أنَّ فرعون وقومه مؤمنون كاملو الإيمان، عارفون بالله على الحقيقة، ومن فروعه: أنَّ عُبَّاد الأصنام على الحق والصواب، وأنهم إنما عبدوا عين الله سبحانه لا غيره، ومن فروعه: أنَّ الحق أن لا فرق في التحريم والتحليل بين الأُمِّ والأخت والأجنبيَّة، ولا فرق بين الماء والخمر، والزنا والنكاح، الكل في عينٍ واحدة، بل هو العين الواحدة، وإنما المحجوبون عن هذا السر قالوا: هذا حرام وهذا حلال، نعم هو حرام عليكم؛ لأنكم في حجاب عن حقيقة هذا

(1)

ينظر: التدمرية 1/ 187

ص: 226

التوحيد، ومن فروعه: أنَّ الأنبياء ضيَّقوا الطريق على الناس، وبعدوا عليهم المقصود، والأمر وراء ما جاءوا به، ودعوا إليه"

(1)

.

وقال ابن تيمية: "أمَّا كون وجود الخالق هو وجود المخلوق، فهذا كفرٌ صريحٌ باتفاق أهل الإيمان، وهو من أبطل الباطل في بديهة عقل كل إنسان، وإن كان منتحلوه يزعمون أنه غاية التحقيق والعرفان"

(2)

.

4 -

زعم ابن عجيبة أنَّ الله عز وجل مفتقر لغيره تعالى عمَّا يقول علوًّا كبيرًا، فظهر في صورة خلقه، بعد أن لم يعرف.

وهذا من أشنع الباطل وأقبحه، فالله عز وجل غني عن عباده، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}

(3)

.

قال الشوكاني في تفسيره: "ذكر سبحانه وتعالى افتقار خلقه إليه، ومزيد حاجتهم إلى فضله، فهم الفقراء إليه على الإطلاق وهو الغنيُّ على الإطلاق الحميد أي: المستحق للحمد من عباده بإحسانه إليهم.

ثم ذكر سبحانه نوعا من الأنواع التي يتحقق عندها افتقارهم إليه، واستغناؤه عنهم {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}

(4)

، إن يشأ يفنكم ويأت بدلكم بخلق جديد يطيعونه ولا يعصونه، أو يأت بنوع من أنواع الخلق، وعالم من العالم غير ما تعرفون وما ذلك الإذهاب لكم والإتيان بآخرين على الله بعزيز أي: بممتنعٍ ولا متعسِّر"

(5)

.

(1)

مدارج السالكين 3/ 466 - 467.

(2)

مجموع الفتاوى 2/ 26.

(3)

سورة فاطر: 15.

(4)

سورة فاطر: 16.

(5)

فتح القدير 4/ 395.

ص: 227

وعن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا عبادي إنِّي حرَّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرَّمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلُّكم جائعٌ إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلُّكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفرُ الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرِّي فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه»

(1)

.

وهذا الوصف لا يطلقه أحدٌ على الله عز وجل إلا من فسدت عقيدته والعياذ بالله، إذ لو كان الله عز وجل مفتقرًا لغيره دلَّ على حاجته إلى غيره، قال ابن تيمية:"فافتقاره إلى غيره بوجهٍ من الوجوه دليل عدم غناه، وعلى حاجته إلى غيره"

(2)

، ويقول أيضًا:"وهو سبحانه غنيٌّ عن العرش، وعن سائر المخلوقات لا يفتقر إلى شيءٍ من مخلوقاته، بل هو الحامل بقدرته العرش وحملة العرش"

(3)

.

(1)

أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره 8/ 16، رقم 6737.

(2)

مجموع الفتاوى 2/ 34.

(3)

المرجع نفسه 1/ 367.

ص: 228

والقول الحق: قول أهل السُّنَّة والجماعة في تقسيم التوحيد وفق فهم سلف الأُمَّة قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والتوحيد الذي جاءت به الرُّسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية، وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له وهو متضمِّنٌ لشيئين: أحدهما التوحيد العلمي: وهو إثبات صفات الكمال له وتنزيهه عن النقائص وتنزيهه عن أن يماثله أحد في شيءٍ من صفاته فلا يوصف بنقص بحال ولا يماثله أحدٌ في شيءٍ من الكمال

والتوحيد العملي الإرادي: أن لا يعبد الا إياه فلا يدعو إلا إيَّاه، ولا يتوكَّل إلا عليه ولا يخاف إلا إيَّاه ولا يرجو إلا إياه، ويكون الدين كله لله وهذا التوحيد يتضمَّن أنَّ الله خالق كل شيء وربه ومليكه لا شريك له في الملك"

(1)

.

وهذا التقسيم أيضًا ذكره ابن القيم قال: "التوحيد نوعان: نوع في العلم والاعتقاد، ونوع في الإرادة والقصد، ويُسمَّى الأول: التوحيد العلمي، والثاني: التوحيد القصدي الإرادي، لتعلُّق الأول بالأخبار والمعرفة، والثاني بالقصد والإرادة"

(2)

.

وعرَّف هذين النوعين بقوله: "والتوحيد العلمي أساسه إثبات صفات الكمال للرب تعالى ومباينته لخلقه، وتنزيهه عن العيوب والنقائص والتمثيل، والتوحيد العملي أساسه تجريد القصد بالحب، والخوف، والرجاء، والتوكُّل، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والعبودية بالقلب، واللسان، والجوارح لله وحده فمدار ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه على هذين التوحيدين وأقرب الخلق إلى الله أقومهم بهما علمًا وعملًا"

(3)

.

(1)

الصفدية 2/ 228 - 229، وينظر: تلبيس الجهمية 1/ 479.

(2)

مدارج السالكين 1/ 75.

(3)

الصواعق المرسلة على الجهمية المعطلة 2/ 402 - 403.

ص: 229

وكذلك من العلماء المحدثين الذي جاء عنهم تقسيم التوحيد وفق فهم سلف الأُمَّة هو ابن حِبَّان البستي

(1)

، ظهر ذلك في مقدمة كتابه (نزهة الفضلاء وروضة العقلاء) إذ يقول فيه: "الحمد لله المتفرِّد بوحدانية الألوهية، المتعزِّز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، والعالم بتقلبها وأحوالها، المانّ عليهم بتواتر آلائه، المتفضِّل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا معينٍ ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيهٍ ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بعزَّته إرادته، فألهمهم حسن الإطلاق، وركَّب فيهم تشعُّب الأخلاق، فهم على طبقات أقدارهم يمشون، وعلى تشعُّب أخلاقهم يدورون، وفيما قضى وقدَّر عليهم يهيمون

إلى أن قال: وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر السموات العلا ومنشئ الأرضين والثرى، لا معقِّب لحكمه ولا راد لقضائه"

(2)

.

ويذكر هذا التقسيم ابن أبي زيد القيرواني

(3)

، حيث قال: "من ذلك الإيمان والنطق باللسان أنَّ الله واحد لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا ولد له، ولا والد له، ولا صاحبة له، ولا شريك له، ليس لأوَّليَّته ابتداء، ولا لآخرِيَّته انقضاء، لا يبلغ كُنه صفته الواصفون، ولا يحيطون بأمره المتفكرون بآياته، ولا يتفكرون في مائية ذاته

(4)

إلى

(1)

أبو حاتم، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد التميمي الدارمي البستي، نسبةً إلى بُست ضمن أفغانستان، من مؤلفاته: علل أوهام المؤرخين، علل مناقب الزهري، الهداية إلى علم السنن، توفي سنة 354 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء 16/ 92.

(2)

نزهة الفضلاء وروضة العقلاء، ص 17.

(3)

عالم أهل المغرب، أبو محمد، عبد الله ابن أبي زيد القيرواني المالكي، ولد سنة 310 هـ بالقيروان، يقال له مالك الصغير، قال عنه القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، من مؤلفاته: النوادر والزيادات، المدونة، كتاب الاقتداء بمذهب مالك، رسالته في الرَّد على القدرية، توفي سنة 386 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء 17/ 10 - 11، والفهرست، ص 235.

(4)

مائية ذاته: أي حقيقة ذاته، والمائية لا تكون إلا لذي الجنس والنوع وماله مثل، اللهم إلا أن يريد بذكر المائية ضربًا من المجاز والاتساع، فإذا سأل سائل بلفظها فقال: أخبروني عن الباري ما هو؟ قسمنا عليه بما يحتمل سؤاله. ينظر: شرح عقيدة ابن أبي زيد القيرواني في كتابه الرسالة، للقاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي المالكي، ص 165.

ص: 230