الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو بكر الطرطوشي رحمه الله: "فانظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس، ويعظمونها، ويرجون البر والشفاء من قِبلها، ويضربون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها"
(1)
.
وعندما سُئل الإمام مالك عن أفعالهم من رقصاتهم وشطحاتهم، قال: ما سمعتُ أنَّ أحدًا من أهل الإسلام يفعل هذا
(2)
.
وما مذهب الصوفية إلا بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب وسنة.
فرحم الله عبدًا حذَّر من هذه الطرق وجانب البدع واتبع ولم يبتدع ولزم الأثر، وطلب الطريق المستقيم واستعان بمولاه الكريم
(3)
.
موقف أعلام السُّنَّة من قول ابن عجيبة (إنَّ أهل السُّنَّة هم الأشاعرة):
صرَّح ابن عجيبة بذلك في قوله: "أمَّا أهل السُّنَّة فهم الأشاعرة"
(4)
.
وهذا القول لا صحة له بالأدلة المحررة من علماء أهل السُّنَّة الذين بيَّنوا صفات أهل السُّنَّة والجماعة.
أولًا: تعريف أهل السُّنَّة: أهل الشَّيءِ هم أخصُّ الناس به، يُقال في اللغة: أهل الرَّجل: أخصُّ الناس به، وأهل البيت: سُكَّانه، وأهل الأمر: ولاته، وأهل المذهب: مَن يدين به
(5)
.
(1)
الحوادث والبدع، ص 18 - 19.
(2)
ينظر: ترتيب المدارك 2/ 54.
(3)
ينظر: الشريعة 1/ 314.
(4)
تفسير الفاتحة الكبير، ص 347.
(5)
مقاييس اللغة 2/ 150، ولسان العرب، 11/ 29، مادة (أهل).
ثانيًا: تعريف السُّنَّة لغة واصطلاحًا
السُّنَّة في اللغة: مشتقَّة من (سَنَّ)، قال ابن فارس:"السين والنون أصلٌ واحد مطرد، وهو جريان الشَّيءِ واطراده في سُهولة، والأصل قولهم سَنَنْتُ الماء على وجهي أسُنُّهُ سَنًّا: إذا أرسلته إرسالًا"
(1)
، وهي الطريقة والسِّيرة
(2)
.
قال الأزهري: السُّنَّة: الطريقة المحمودة المستقيمة، ولذلك قيل فلان من أهل السُّنَّة معناه: من أهل الطريقة المستقيمة المحمودة
(3)
.
أمَّا في اصطلاح المحدِّثين فهي: ما أُثِر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ خَلْقية أو خُلُقية أو سيرة، سواء كان قبل البعثة أو بعدها
(4)
.
وفي اصطلاح الأُصوليين "ما جاء منقولًا عن النِّبيِّ صلى الله عليه وسلم على الخصوص مما لم يُنص عليه في الكتاب العزيز، بل إنما نص عليه من جهته عليه الصلاة والسلام، كان بيانًا لما في الكتاب أوَّلًا، وتُطلق على ما جاء عن النِّبيِّ صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير"
(5)
.
وإذا أُطلق مصطلح أهل السُّنَّة فالمراد به أحد معنيين:
المعنى الأول: معنى عامٌّ، فيدخل فيه كلُّ ما سوى الرافضة
(6)
، من الطوائف المنتسبة للإسلام.
(1)
مقاييس اللغة، 3/ 60.
(2)
ينظر النهاية، لابن الأثير 2/ 409.
(3)
ينظر تهذيب اللغة 12/ 72.
(4)
ينظر: توجيه النظر إلى أصول الأثر، ص 3.
(5)
الموافقات 4/ 3.
(6)
ينظر: مقالات الإسلاميين 1/ 89، منهاج السُّنَّة النبوية 2/ 96، أصول مذهب الشيعة الإمامية 1/ 108.
فيقال: المنتسبون للإسلام قسمان: أهل السُّنَّة، والشيعة، كما بيَّن شيخ الإسلام رحمه الله، وهو المعنى المشهور عند العامة، فإنهم لا يعرفون ضدَّ السُّنِّي إلا الرافضي، فإذا قال أحدهم: أنا سُنِّيٌّ فإنما معناه عندهم: لست رافضيًّا
(1)
.
وقد ورد عن بعض السَّلف هذا المعنى، فقد سُئل سفيان الثوري رحمه الله: يا أبا عبد الله ما موافقة السُّنَّة؟ فقال: "القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود من قال غير هذا فهو كافر، والإيمان قولٌ وعملٌ ونيَّة يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ولا يجوز القول إلا بالعمل، ولا يجوز القول والعمل إلا بالنيَّة، ولا يجوز القول والعمل والنيَّة إلا بموافقة السُّنَّة
…
وموافقة السُّنَّة تكون بتقديم الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما "
(2)
.
المعنى الثاني: معنى أخص، وهو ما يقابل المبتدعة وأهل الأهواء، وهو الأكثر استعمالًا وعليه كتب الجرح والتعديل
(3)
.
قال الشاطبي رحمه الله: "ويطلق (أي لقب السُّنَّة) في مقابلة البدعة، فيقال: فلانٌ على سُنَّة إذا عمل على وفق ما عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك"
(4)
.
وقال ابن تيمية رحمه الله: "فلفظ أهل السُّنَّة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة، وقد يُراد به أهل الحديث والسُّنَّة المحضة، فلا يَدخل فيه إلَّا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول إن القرآن غير مخلوق،
(1)
مجمل الاعتقاد ضمن مجموع الفتاوى 3/ 356، منهاج السُّنَّة النبوية 1/ 121.
(2)
رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/ 152.
(3)
مجموع الفتاوى 2/ 7 - 8.
(4)
الموافقات 4/ 4.
وإنَّ الله يُرى في الآخرة، ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث"
(1)
.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: "فأهل السُّنَّة المحضة السالمون من البدع الذين تمسَّكوا بما كان عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأصول كلها، أصول التوحيد والرسالة والقدر ومسائل الإيمان وغيرها، وغيرهم من خوارج ومعتزلة وجهمية وقدرية ورافضة ومرجئة ومن تفرع عنهم كلهم من أهل البدع الاعتقادية"
(2)
.
(1)
منهاج السُّنَّة 2/ 163.
(2)
الفتاوى السعدية، ص 63 - 64.