الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: أفعال العباد
قال ابن عجيبة: "قد جعل الله بحكمته الباهرة في العبد كسبًا فيما يظهر له، يقصد به الخير والشر، وفي الحقيقة: هو مجرور بسلسلة، لكن الشريعة تنسب الفعل إليه، بسبب ذلك الكسب، فتقوم الحُجَّة عليه"
(1)
.
ويقول في تفسيره لقول الله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}
(2)
: "كما استخرج الحق جل جلاله من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا سائغًا للشَّاربين استخرج مذهب أهل السُّنَّة القائلين بالكسب من بين مذهب الجبرية ومذهب المعتزلة، بين قومٍ أفرطوا وقومٍ فرَّطوا"
(3)
.
وقال في موضعٍ آخر: "قد تقرَّر عند أهل الحقِّ أنَّ العبدَ مجبورٌ في قالب مختار، فليس له فعل، ولا اختيار، وإنما الفعل هو الواحد القهَّار"
(4)
.
ويقول أيضًا: "فالتحقيق أنَّ العبد مجبور، لكن في قالب الاختيار، فمن نظر للجبر الباطني سمَّاه حقيقة، ومن نظر لقالب الاختيار سمَّاه شريعة"
(5)
.
أولًا: مفهوم الكسب عند الأشاعرة، ومقصود ابن عجيبة من قوله:(لا فاعل إلا الله)
عرَّف الأشاعرة الكسب بتعريفاتٍ متنوِّعة، منها:
(1)
سلك الدرر في القضاء والقدر، ص 54.
(2)
سورة النحل: 66.
(3)
البحر المديد 3/ 141.
(4)
إيقاظ الهمم، ص 237.
(5)
الفتوحات الإلهية، ص 337.