الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: الجنة والنار لا تفنيان
يذهب ابن عجيبة إلى أنَّ الجنة والنار لا تفنيان، يقول في تفسيره لقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}
(1)
: "إنَّ الله لعن الكافرين أبعدهم عن رحمته، وأعد لهم سعيرًا نارًا شديدة التسعير، أي: الإيقاد، خالدين فيها أبدًا، وهذا يرد مذهب الجهمية في زعمهم أن النار تفنى، و (خالدين): حال مقدرة من ضمير «لهم». لا يجدون وليا يحفظهم، ولا نصيرا يمنعهم ويدفع العذاب عنهم"
(2)
.
وهو يوافق ما عليه أهل السُّنَّة والجماعة، ولا غرابة في ذلك فإنَّ ابن عجيبة أشعريُّ المعتقد، والأشاعرة مطبقون على ذلك
(3)
.
قال ابن أبي زمنين رحمه الله: "وأهل السُّنَّة يؤمنون بأنَّ الجنَّة والنَّار لا يفنيان ولا يموت أهلها
…
"
(4)
.
وقال أبو حاتم وأبو زرعه
(5)
: "والجنَّة حقٌّ، والنَّار حق، وهما مخلوقان لا يفنيان أبدًا، والجنَّة ثوابٌ لأوليائه، والنَّارُ عقابٌ لأهل معصيته إلا من رحم الله عز وجل "
(6)
.
ثالثًا: مكان الجنَّة
قال ابن عجيبة في تفسيره لقوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}
(7)
، "يقول الحقُّ
(1)
سورة الأحزاب: 64.
(2)
البحر المديد 4/ 416.
(3)
ينظر: تحفة المريد، ص 271، والأبكار 3/ 248، والغنية في أصول الدين، ص 167، والملل والنحل، ص 90.
(4)
أصول السُّنَّة، ص 139.
(5)
تقدم التعريف بهما، ص 572.
(6)
شرح أصول أهل السُّنَّة 1/ 199.
(7)
سورة الأعراف: 50.
جلَّ جلاله: ونادى يوم القيامة أصحاب النَّار أصحاب الجنَّة أن أفيضوا أي: صُبُّوا علينا من الماء، وفيه دليلٌ على أنَّ الجنَّة فوق النَّار"
(1)
.
وقال: "وفي السَّماء ما تُوعدون من الثواب؛ لأنَّ الجنَّة في السَّماء السَّابعة، سقفها العرش"
(2)
.
ويقول أيضًا في قوله: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ}
(3)
؛ مرتفعة المكان؛ لأنها في السَّماء السَّابعة
(4)
.
والذي قرَّره في تفسيره دلَّت عليه النُّصوص الشرعية.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقًّا على الله عز وجل أن يدخله الجنَّة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها» ، فقالوا: يا رسول الله أفلا نبشِّر الناس؟ قال: «إنَّ في الجنة مائة درجة، أعدها الله عز وجل للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السَّماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنَّه أوسط الجنَّة وأعلى الجنَّة، أراه فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة»
(5)
.
وعلَّق ابن القيم رحمه الله: على حديث: «الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض»
(6)
بقوله: "وهذا يدلُّ على أنها في غاية العلو والارتفاع، والله أعلم"
(7)
.
(1)
البحر المديد 2/ 221.
(2)
المرجع نفسه 5/ 471.
(3)
سورة الحاقة: 22.
(4)
البحر المديد 7/ 127.
(5)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب درجات المجاهدين في سبيل الله، 2/ 303، رقم 2790.
(6)
أخرجه أحمد في مسنده 5/ 321، والترمذي في سننه 4/ 675، والحاكم في مستدركه 2/ 93، وصحَّحه الألباني في صحيح وضعيف الجامع 12/ 378.
(7)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، ص 47.