الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضًا: "فإنَّ كلَّ من بلغه رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لا يكون وليًّا لله إلا باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وكل ما حصل له من الهدى ودين الحق هو بتوسُّط محمَّد صلى الله عليه وسلم وكذلك من بلغه رسالة رسول إليه لا يكون وليًّا لله إلا إذا اتبع ذلك الرَّسول الذي أرسل إليه"
(1)
.
خامسًا: أقسام الولاية
قال ابن عجيبة: "الولاية على قسمين: ولاية عامة، وولاية عرفية خاصَّة، فالولاية العامَّة: هي التي ذكرها الحق تعالى، فكلُّ من حقق الإيمان والتقوى فله من الولاية على قدر ما حصَّل منها، والولاية الخاصَّة: خاصة بأهل الفناء والبقاء الجامعين بين الحقيقة والشريعة، بين الجذب والسُّلوك مع الزُّهد التام والمحبَّة الكاملة، وصحبة من تحققت ولايته"
(2)
.
ويقول في موضعٍ آخر: "وتطلق على ثلاث مراتب، ولاية عامة: وهي لأهل الإيمان والتقوى، كما في الآية وهي قوله تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}
(3)
، وولاية خاصَّة: وهي لأهل الاستشراق
(4)
على العلم بالله، وولاية خاصة الخاصة: وهي لأهل التمكُّن في معرفة الله على نعت العيان"
(5)
.
(1)
مجموع الفتاوى 11/ 244 - 266.
(2)
البحر المديد 2/ 484.
(3)
سورة يونس: 62 - 63.
(4)
الاستشراق: وهي المعرفة الاستشراقية ومقصدهم بذلك ظهور الأنوار التي تفيض على الأنفس بسبب الرياضة والمجاهدة، حتى يصلوا -بزعمهم- للتلقِّي المباشر من العالم الغيبي، فينعكس على النفوس. ينظر: المعجم الفلسفي 1/ 194.
(5)
معراج التشوف، ص 32.
ولقد جعل الغاية الكبرى من الولاية الوصول إلى وحدة الوجود، وهي التمكُّن في المعرفة، ولذلك طريقته أن ينتقل السالك من مقام إلى مقام حتى يصل للتمكين.
قال: "والمقامات هي التوبة، والتقوى، والاستقامة، والزُّهد، والورع
…
وكل مقام له علم وعمل وحال، فأوَّله علم، وثانيه عمل، وثالثه حال، ثم مقام، فإذا بلغ مقام المعرفة وتمكَّن فيها انقطعت المقامات"
(1)
.
فلقد حصر الولاية في أهل التمكين الذين وصلوا إلى وحدة الوجود -كما زعم-، حتى إنه يرى أن من يصل إلى هذه المعرفة تسقط عنه التكاليف، "مادامت البشرية موجودة فلا بدَّ من التكليف
…
فإذا انهدمت البشرية سقطت التكاليف"
(2)
.
وبهذا يتضح أنَّ "الولاية لها معنى آخر تمامًا في الشَّكل والمضمون والموضوع، فوليُّ الله عند الصوفية من اختاره الله وجذبه إليه، وليس من شرط ذلك أن يكون عند هذا المختار والمجذوب أيّ مواصفات للصلاح والتقوى؛ إذ الولاية عندهم نوع من الوهب الإلهي دون سبب، وبغير حكمة، ويجعلون الولاية الكسبية هي ولاية العوام والمتنسِّكين والولاية الحقيقية عندهم هي الولاية الوهبية"
(3)
.
وبهذا جعلوا المجاذيب والمجانين والفسقة والظلمة والملاحدة المشركين من أهل وحدة الوجود، أولياء لله بمجرَّد أن ظهر على أيديهم بعض خوارق العادات
(4)
.
ومعتقد أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الخوارق ليست دليلًا على الولاية؛ لأنها ربما تقع من البر والفاجر.
(1)
إيقاظ الهمم، ص 319.
(2)
الفتوحات الإلهية، ص 328، إيقاظ الهمم، ص 309.
(3)
الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسُّنَّة، ص 221.
(4)
ينظر: المرجع نفسه، ص 222.