الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب
القرض:
دفع مال إرفاقًا لمن ينتفع به، ويردُّ بدله. . . . . .
ــ
باب القرض
قال في المطلع (1): "القرض: مصدر قرض الشيء يقرِضه بكسر الراء: إذا قطعه، والقرض أيضًا اسم مصدر بمعنى الإقراض.
وقال الجوهري (2): القرض: ما يقطعه (3) من المال ليقضاه.
والقرض بالكسر: لغة هذيل، حكاه الكسائي (4)، وقال الواقدي (5): القرض
(1) المطلع ص (246).
(2)
الصحاح (3/ 1102) مادة (قرض).
(3)
عبارة المطلع ص (246)"ما تعطيه"، وهي الموافقة لما في الصحاح.
(4)
هو: علي بن حمزة بن عبد اللَّه الأسدي -بالولاء- الكوفي، أبو الحسن الكسائي، كان أحد القراء السبعة، وإمامًا في النحو، واللغة، والقراءات، من كتبه:"معاني القرآن"، و"النوادر"، و"القراءات"، مات بالري سنة (189 هـ).
انظر: طبقات النحويين واللغويين ص (127)، إنباه الرواة (2/ 256)، شذرات الذهب (2/ 407).
(5)
هو: محمد بن عمر بن واقد السهمي، الأسلمي -بالولاء-، المدني، أبو عبد اللَّه الواقدي، ولد بالمدينة سنة (130 هـ)، كان من أقدم المؤرخين في الإسلام، وأشهرهم، ومن حفاظ الحديث، من كتبه:"المغازي النبوية"، و"فتح إفريقية"، و"أخبار مكة"، مات ببغداد سنة (207 هـ). =
من (1) المرافق المندوب إليها، ونوع من اليسلف، فإن قال مُعطٍ:"ملَّكتُك"، ولا قرينة على ردِّ بدل، فقول آخذ بيمينه:"إنه هبة".
وشُرط علم قدره، ووصفه، وكون مُقْرِضٍ يصح تبرعه، ومن شأنه أن يصادف ذمة. . . . . .
ــ
اسم لكل ما يلتمس منه الجزاء، يقال: أقرض فلان فلانًا إذا أعطاه ما يتجازاه منه، والاسم منه القرض، وهو ما أعطيته لتكافئ عليه، هذا إجماع أهل اللغة".
* قوله: (من المرافق) جمع مَرْفِق بفتح الميم مع كسر الفاء وفتحها ما ارتفقت (2) به وانتفعت، مطلع (3).
* قوله: (وشرط علم قَدْره)؛ أيْ: القرض بمعنى المال المدفوع، فيحتمل الاستخدام.
* قوله: (ومن شأنه) قال بعض الأصحاب (4): "أيْ: من شرطه". واعتُرِضَ هذا بالاقتراض على مثل جهة الوقف (5).
= انظر: الكامل في التاريخ (5/ 534)، الديباج المذهب (2/ 161)، شذرات الذهب (3/ 37).
(1)
في "ب" و"م": "وهو من".
(2)
في "ب": "ارتفعت".
(3)
المطلع ص (247).
(4)
كابن نصر اللَّه في حاشيته على الفروع (ق 79)، والشيخ منصور في حاشية المنتهى (ق 137/ أ).
(5)
انظر: حاشية المنتهى (ق 137/ أ). وأجاب الشيخ منصور في كشاف القناع (3/ 313 - 314) بقوله: (قلت: والظاهر أن الدين في هذه المسائل يتعلق بذمة المقترض، وبهذه الجهات، كتعلق أرش الجهات برقبة العبد الجاني، فلا يلزم المقترض الوفاء من ماله، =
ويصح في كل عين يصح بيعها إلا بني آدم.
ويتم بقبول، ويُملك ويلزم بقبض، فلا يملك مقرض استرجاعه إلا إن حُجر على مقترض لفلس، وله طلب بدله.
ــ
وانظر لم ارتكبوا هذا مع تفسير أهل اللغة لما من شأنه كذا: بما العادة (1) فيه، أو: ما يمكن ذلك فيه.
* قوله: (في كل عين)؛ أيْ: لا منفعة، خلافًا للشيخ تقي الدين (2)، وبالأول صرح صاحب الانتصار (3)، وعليه أكثر الأصحاب (4).
* قوله: (إلا بني آدم) قالوا: لما فيه من البذلة، والامتهان (5)، قال شيخنا:"المصحف على هذا أولى في ذلك".
* قوله: (ويتم بقبول) فلو قال له: أقرضتك هذه المئة دينار، فقال: قبلت، تم العقد ولم يلزم، فلو تلفت فهي من ضمان المقرض؛ لأنها أمانة بيده.
* قوله: (ويملك ويلزم بقبض) قال في شرحه (6): "كهبة".
قال شيخنا (7): "هذا لا يظهر إلا على قول ضعيف في الهبة، من أنها تملك
= بل من ريع الوقف، وما يحدث لبيت المال، أو يقال: لا يتعلق بذمته رأسًا، وما هنا بمعنى الغالب، فلا تردُّ المسائل المذكورة لندرتها".
(1)
في "ج" و"د": "المعادة".
(2)
الاختيارات ص (131).
(3)
نقله في الفروع (4/ 201، 202).
(4)
انظر: الإنصاف (12/ 329).
(5)
انظر: المغني (6/ 433).
(6)
شرح المصنف (4/ 306).
(7)
انظر: كشاف القناع (3/ 314).
وإن شَرَطَ ردَّه بعينه لم يصح، ويجب قبول مِثْليٍّ رُدَّ، ما لم يتعيَّب، أو يكن فلوسًا، أو مكسرة، فيحرِّمها السلطان، فله قيمته وقت قرض من غير جنسه، إن جرى فيه ربا فضل، وكذا ثمن لم يُقبض، أو طلب ثمن بردِّ مبيع.
ويجب ردُّ مثل فلوس غلَت أو رخصت أو كسدت، ومثل مكيل أو موزون، فإن أعوَز (1) فقيمته يوم إعوازه. . . . . .
ــ
بالقبض (2)، [والصحيح الذي مشى عليه في بابها أنها تملك بالعقد وتلزم بالقبض](3) "، أقول: يمكن حمل كلامه على ما هو الصحيح بجعل التشبيه في جانب اللزوم فقط، فتدبر!.
* قوله: (أو مُكَسَّرَة)؛ أيْ: مثلًا، فيشمل الدراهم المقصوصة وغيرها.
* قوله: (من غير جنسه. . . إلخ)؛ أيْ: وتكون القيمة من غير جنسه إن جرى في أخذها من جنسه ربا فضل، كما لو اقترض حلي فضة قيمته أكثر من وزنه، فيعطى قيمته من الذهب.
* قوله: (وكذا ثمن لم يقبض) أعم من أن يكون معينًا أو في الذمة، فهو أولى من تقييد بعض الأصحاب (4) الثمن بما إذا كان معينًا.
* قوله: (بردِّ مبيع) لفسخ، أو تقايُل.
* قوله: (أو كسدت) لا إن حرمت -كما سبق-.
(1) أعوز؛ أيْ تعذر. المطلع ص (276).
(2)
انظر: الفروع (4/ 642)، الإنصاف (12/ 330، 331)، (17/ 14، 18).
(3)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "ب".
(4)
كالمنقِّح في التنقيح ص (141)، وانظر: شرح المضنف (4/ 308).
وقيمة غيرهما، فجوهر ونحوه يوم قبض، وغيره يوم قرض، ويُردُّ مثل كيل مكيل دُفع وزنًا.
ويجوز قرض ماء كيلًا، ولسقي مقدرًا بأنبوبة أو نحوها، وزمن من نَوْبَة غيره ليردَّ عليه مثله من نوبته، وخبز وحمير عددًا، وردُّه عددًا بلا قصد زيادة.
ويثبت البدل حالًّا ولو مع تأجيله، وكذا كل حالٍّ أو حَلَّ.
ويجوز شرط رهن فيه وضمين، لا تأجيل، أو نقص في وفاء أو جرِّ نفع، كأن يُسكنه داره، أو يقضيه خيرًا منه أو ببلد آخر. . . . . .
ــ
* قوله: (غيرهما)، أيْ: غير المكيل والموزون.
* قوله: (ونحوه) ككتب العلم مما تختلف قيمته في الزمن اليسير من شرحه (1).
وقال ابن نصر اللَّه (2): "وككتب العلم ونحوه مما لا يصح السلم فيه"، م ص.
* قوله: (ويجوز شرط رهن فيه وضمين) قال شيخنا: "ينبغي أن يقيد الرهن بما إذا كان معينًا -كما تقدم في باب الشروط في البيع-"(3).
* قوله: (لا تأجيل)؛ أيْ: لا يلزم الشرط، وليس المراد لا يجوز، صرح به المجد في شرح الهداية (4).
(1) شرح المصنف (4/ 308).
(2)
حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع (ق 79).
(3)
(2/ 593، 594).
(4)
نقله الشيخ منصور في حاشية المنتهى (ق 137/ أ).
وإن فعله بلا شرط، أو أهدى له بعد الوفاء، أو قضى خيرًا منه بلا مواطأة، أو عُلمت زيادته لِشُهْرَةِ سخائه: جاز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرًا، فردَّ خيرًا منه، وقال:"خيركم أحسنكم قضاءً".
وإن فعل قبل الوفاء، ولم ينوِ احتسابه من دينه أو مكأفاته لم يَجُز إلا إن جرت عادة بينهما به قبل قرض، وكذا كل غريم. . . . . .
ــ
* قوله: (وإن فعله)؛ أيْ: فعل ما يحرم اشتراطه، بأن أسكنه داره، أو قضاه ببلد آخر.
* قوله: (استسلف بكرًا) البكر: الفتى من الإبل، مختار (1).
* قوله: (فردَّ خيرًا منه)؛ أيْ: رباعية، الرباعية كثمانية: السن التي بين الثنية والناب (2).
* قوله: (أحسنكم قضاء) وهذا الحديث متفق عليه من حديث أبي رافع (3).
* قوله: (وأن فعل) مقترض ذلك.
(1) مختار الصحاح ص (595) مادة (بكر).
(2)
انظر: المصباح المنير (1/ 217) مادة (ربع).
(3)
لعله سهو أو سبق قلم، أو أنه تابع المصنف في شرحه (4/ 313)، بل المتفق عليه من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري في كتاب: الوكالة، باب: وكالة الشاهد والغائب جائزة (4/ 482) رقم (2305).
ومسلم في كتاب: المساقاة، باب: من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه (3/ 1225) رقم (1601).
ومن حديث أبي رافع: أخرجه مسلم في كتاب: المساقاة، باب: من استسلف شيئًا (3/ 1224) رقم (1600).
فإن استضافه حسب له ما أكل.
ومن طولب ببدل قرض أو كصب ببلد آخر لزمه، إلا ما لحمله مؤنة، وقيمته ببلد القرض أنقص، فلا يلزمه إلا قيمته بها، ولو بذله المقترض أو الغاصب -ولا مؤنة لحمله- لزم قبوله مع أمن البلد والطريق.
ــ
* قوله: (فإن استضافه) لو قدم هذه المسألة على قوله: "وكذا كل غريم"، لكان أولى؛ لأن الحال فيها كذلك.
وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قال في الفروع (1): "وظاهر كلامه أن المقرض في الدعوات كغيره"، انتهى.
قال شيخنا: "وظاهره أيضًا ما لم تكن الضيافة واجبة"(2).
* قوله: (أو غصب) أو ثمن في ذمة.
* قوله: (ببلد القرض)؛ أيْ: أو الغصب.
* قوله: (قيمته بها)؛ أيْ: بلد القرض بمعنى البقعة.
* قوله: (لزم قبوله مع أمن البلد) هذا معنى قوله في السلم (3): "ولا ضرر في قبضه".
* * *
(1) الفروع (4/ 205).
(2)
وهو اتجاه للشيخ مرعي في الغاية (2/ 85)، وعبارته:"ويتجه: لا ضيافة واجبة".
(3)
ص (51).