الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب
الجعالة:
جَعْل معلوم -لا من مال مُحَارِب، فيصح مجهولًا- لمن يعمل له عملًا ولو مجهولًا. . . . . .
ــ
باب الجعالة
* قوله: (فيصح مجهولًا)؛ أيْ: من مال محارب؛ أيْ: حربي، وليس المراد به قاطع الطريق كما هو المتعارف، غير أن المصنف تبع التنقيح (1) في التعبير به، حاشية (2).
* قوله: (لمن يعمل له عملًا) انظر هذا القيد مع جعلهم من جملة صور الجعالة الصحيحة على ما في الإقناع (3) مَن ردَّ لقطة فلان فله كذا، وقد يقال إنه لا يلزم من ضمان العوض تسميتها جعالة، والإقناع ليس فيه إلا التصريح بالضمان.
وفي الحاشية (4) ما يقتضي أن قوله: (له) قيد على الصحيح من المذهب (5) ومحترزه شيئان؛ أحدهما: متفق على عدم صحته وهو ما إذا كان العمل للفاعل نفسه، كمن ردَّ لقطة نفسه أو خاط قميص نفسه أو ركب دابة نفسه فله كذا، والثاني:
(1) التنقيح ص (182).
(2)
حاشية المنتهى (ق 181/ ب).
(3)
الإقناع (3/ 36).
(4)
حاشية المنتهى (ق 181/ ب).
(5)
انظر: الإنصاف (16/ 162)، شرح المصنف (5/ 590).
أو مدةً ولو مجهولة، كـ:"من ردَّ لُقطتي"، أو:"بنى لي هذا الحائط"، أو:"أقرضني زَيدٌ (1) بجاهه ألفًا"، أو:"أذَّن بهذا المسجد شهرًا فله كذا"، أو:"من فعله من مديني، فهو برئ من كذا".
فمن بلغه قبل فعلِه استحقه به، وفي أثنائه فحصة تمامه إن أتمَّه. . . . . .
ــ
ما إذا كان العمل (2) لأجنبي منها كمن ردَّ لقطة فلان، فهذا قيل بأنه ينعقد جعالة ومقتضاه أنه لا يكون جعالة على التصحيح من المذهب وإن قلنا بأنه يضمن ما التزمه من الجعل (3).
* قوله: (بجاهه ألفًا) الضمير عائد على (من) والمعنى: من كان جاهه سببًا في إقراض زيد لي ألفًا فله كذا.
* قوله: (أو أذن بهذا المسجد شهرًا) يؤخذ منه أن الجعالة تكون على (4) عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، فيضم ذلك إلى ما ذكروه مما تفارق فيه الإجارة الجعالة (5).
(1) في "م": "زَيْدَ".
(2)
سقط من: "أ".
(3)
انظر: الفروع (4/ 445)، شرح المصنف (4/ 591)، حاشية المنتهى (ق 181/ ب).
(4)
سقط من: "أ".
(5)
انظر: المغني (8/ 325)، المبدع (5/ 269). وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في كتابه إرشاد ذوي البصائر والألباب ص (137) فروقًا بين الإجارة والجعالة فقال: "والفرق بين الإجارة والجعالة من وجوه: أحدها: أن الإجارة عقد لازم، والجعالة عقد جائز.
ثانيها: أن الإجارة لابد أن يكون العمل معلومًا كالعوض، والجعالة قد يكون معلومًا كمن بنى لي هذا البيت فله كذا، وقد يكون مجهولًا، كمن ردَّ لقطتي فله كذا. =
بنية الجُعل، وبعده لم يستحقه وحَرُم أخذه. و:"من ردَّ عبدي فله كذا" -وهو أقلُّ من دينار أو اثني عشر درهمًا، اللذين قدَّرهما الشارع (1) - فقيل: يصح، وله بردِّه الجُعل فقط، وقيل:". . . ما قدَّر الشارع".
ــ
* قوله: (وهو أقل من دينار. . . إلخ) فإن كان الجعل هو الأكثر استحقه قولًا واحدًا (2) وصرح به في الإقناع (3).
* قوله: (فقيل تصح)؛ أيْ: التسمية.
* قوله: (وقيل. . . إلخ) معناه: وقيل: لا تصح التسمية ويرجع إلى ما قدره الشارع وقطع به في الإقناع (4)، والعقد على القولَين، صحيح (5).
= ثالثها: أن الإجارة تكون مع معيَّن، والجعالة تكون مع معيَّن وغير معيَّن.
رابعها: أن الجعالة أوسع من الإجارة، ولهذا تجوز على أعمال القرب، كالأذان والإمامة وتعليم القرآن ونحوها، بخلاف الإجارة.
خامسها: أن الجعالة لا يستحق العوض حتى يعمل جميع العمل، وأما الإجارة ففيها تفصيل يرجع إلى أنه إذا لم يكمل الأجير ما عليه، فإن كان بسببه ولا عذر له فلا شيء له، وإن كان التعذر من جهة المؤجر، فعليه جميع الأجرة، وإن كان بغير فعلهما، وجب من الأجرة بقدر ما استوفى".
(1)
لما روى عمر بن دينار وابن أبي مليكة مرسلًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في رَدِّ الآبق إذا جاء به خارجًا من الحرم دينارًا.
أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب: البيوع والأقضية (6/ 540 - 2542 - 543)، وهو منقطع، وانظر: السنن الكبرى (6/ 200).
(2)
انظر: الفروع (4/ 456)، الإنصاف (16/ 162 - 175).
(3)
الإقناع (3/ 35).
(4)
الإقناع (3/ 35).
(5)
انظر: الفروع (4/ 456)، الإنصاف (16/ 175).
ويستحق من ردَّ من دون معينة القسط، ومن أبعد المسمى فقط، ومن ردَّ أحد آبقَين نصفه.
وبعد شروع (1) عامل إن فسخ جاعل فعليه أجرة عمله، وإن فسخ عامل فلا شيء له، ويصح الجمع بين تقدير مدة وعمل.
وإن اختلفا في أصل جُعْل، فقول من ينفيه. . . . . .
ــ
* قوله: (فعليه أجرة عمله) هل المراد سواء علم العامل بالفسخ أم لا؛ لأن الجاعل غرَّه؟ أو يقال: ما لم يعلم، قياسًا على ما قالوه من بطلان تصرفات الوكيل الواقعة بين الفسخ والعلم به (2)؟.
والظاهر أنه: إن علم بالفسخ في أثناء العمل أنه ليس له من الجعل إلا بقسطه، وإن لم يعلم إلا بعد تمام العمل استحقه كاملًا، فليحرر! (3).
* قوله: (فلا شيء له)؛ أيْ: في غير مسألة ردِّ العبد، وإلا ففيها ما قدره الشارع.
* قوله: (فقول من ينفيه)؛ أيْ: سواء كان هو الجاعل أو العامل، أما الجاعل فظاهر، وأما العامل فيظهر تصويره على القول الثاني من استحقاق ما قدره الشارع (4)، فإذا قال الجاعل: جعلت لك درهمَين في ردِّ عبدي، فقال: لم تجعل لي شيئًا،
(1) في "م": "مشروع"، وهو خطأ.
(2)
انظر: الإنصاف (13/ 477 - 480)، كشاف القناع (3/ 471).
(3)
وهذا قياس ما ذكروه فيما إذا بلغه الجعل في أثناء العمل، أنه يستحق حصة تمامه، وعللوا ذلك بأن عمله قبل بلوغ الجعل غير مأذون فيه، فلم يستحق عنه عوضًا، فكذا ههنا، فإن عمله بعد علمه غير مأذون فيه، فلم يستحق عليه عوضًا. وانظر: الإنصاف (16/ 163)، كشاف القناع (4/ 203 - 204).
(4)
انظر: الفروع (4/ 456)، الإنصاف (16/ 172 - 175).
وفي قدره أو مسافة فقول جاعِل.
وإن عمل ولو المعَدَّ لأخذ أجرة لغيره عملًا بلا إذن أو جُعل، فلا شيء له، إلا في تخليص متاع غيره، ولو قنًّا من بحر أو فَلَاة فأجر مثله، وردُّ آبقٍ من قنٍّ ومدبَّر وأم ولد -إن لم يكن الإمام- فما قدَّر الشارع، ما لم يمت سيد مُدَبَّر أو أم ولد قبل وصول فيعتقا، ولا شيء له، أو يهرب، ويأخذ ما أنفق عليه. . . . . .
ــ
فأسْتَحِق ما قدره الشارع، القول قول العامل، ويستحق ما قدره الشارع، وهو الدينار أو الاثنا عشر درهمًا، فتدبر!.
* قوله: (فقول جاعل)؛ لأنه غارم، والقول قوله بيمينه.
* قوله: (بلا إذن) متعلق بمدخول (لو) وهو (المُعَدَّ) لا بـ (عمل) -كما يدل له ما في الإقناع (1) -.
* قوله: (ما لم يمت سيد مدبَّر. . . إلخ)؛ أيْ: وخرج من الثلث.
والمعلق عتقه بصفة إذا وجدت كالمدبَّر فيما يظهر، والمكاتب إذا أدى أولى بالحكم من أم الولد، فليراجع!.
* قوله: (فيعتقا) منصوب بـ "أن" مضمرة بعد فاء السببية في سياق النفي على حد قوله -تعالى-: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] ولذا أسقط النون.
* قوله: (ويأخذ ما أنفق عليه)؛ أيْ: في كل من (2) المسائل الذي يستحق فيها
(1) الإقناع (3/ 38) وعبارته: (ومن عمل لغيره عملًا بغير جعل فلا شيء له، وإن لم يكن معدًّا لأخذ الأجرة، فإن كان كالملاح والمكاري، والحجام، والقصار، والخياط، والدلال، ونحوهم ممن يرصد نفسه للتكسب بالعمل، وأذن له، فله أجرة المثل".
(2)
سقط من: "د".
أو على دابة في قَوت، ولو هرب أو لم يستأذن مالكًا مع قدرة، ويؤخذان من تركة ميت، ما لم ينوِ التبرع.
وله ذبحُ مأكول خيف موته، ولا يضمن ما نقصه، ومن وجد آبقًا أخذه. . . . . .
ــ
الجعل والتي لا يستحقه فيها، ففي مسألة ردِّه إلى سيده يستحق النفقة عليه مع ما قدره الشارع، وفي مسألة ما إذا مات السيد أو القنُّ، أو هرب قبل التسليم يستحق الرجوع بما أنفقه عليه دون جعل.
* قوله: (في قوت)؛ أيْ: لا في قصٍّ أو دهن مثلًا.
* قوله: (أو لم يستأذن مالكًا)؛ أيْ: في الإنفاق عليه.
* قوله: (من تركة ميت) ظاهره سواء نوى الرجوع أو أطلق، وفي مسألة الإطلاق مخالفة للقواعد، ولعل وجهه أنه لما كان في هذا العمل إنقاذ من هلكة رغب الفاعل بالجعل بخلاف غيره -كذا قال شيخنا (1) - لكن هذا غير ظاهر بما سلف في الوديعة (2) من أنه إذا ترك علف دابة حتى ماتت ضمنها، وذكر هناك في شرحه (3) أنه مع لزوم ذلك عليه شرعًا لا يرجع بما أنفقه على علفها إلا (4) بنية الرجوع، مع أن فيه أيضًا إنقاذًا (5) من هلكة، فالحق تقييد المتن هناك بما إذا كان قد نوى الرجوع وجَعْل المسألة جارية على القواعد.
* قوله: (ومن وجد آبقًا أخذه) المراد لا يحرم عليه ذلك، لا أنه يجب بدليل
(1) حاشية الإقناع (ق 90/ أ)، كشاف القناع (4/ 207).
(2)
ص (417).
(3)
شرح منصور (2/ 243 - 451).
(4)
سقط من: "د".
(5)
في "أ": "إنقاذ".
وهو أمانة، ومن ادَّعاه فصدَّقه الآبق أخذه، ولنائب إمام بيعه لمصلحة، فلو قال:"كنتُ أعتقته" عُمل به.
ــ
ما يأتي في الباب بعده (1).
* قوله: (فصدقه الآبق)؛ أيْ: الكبير.
* * *
(1) في باب: اللقطة ص (448) في قوله: "وإن أمن نفسه، وقوي على تعريفها فله أخذها".