الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - فصل في الكفالة
وهي التزام رشيد إحضار من عليه حق مالي إلى ربه، وتنعقد بما ينعقد به ضمان، وإن ضمن معرفته أخذ به.
ــ
فصل في الكفالة
* قوله: (وهي التزام رشيد) والمراد به جائز التصرف، وهو البالغ العاقل المصلح لماله.
* قوله: (من عليه حق مالي) ظاهر كلامه أن الكفالة لا تتعلق إلا بمن عليه حق بالفعل، أما من سيتعلق به حق في المستقبل فلا تصح كفالته الآن، وحينئذٍ فيطلب الفرق بين الضمان والكفالة.
وقد يقال: لا فرق، ومراده الحق حالًا أو مآلًا، لا حالًا فقط.
أو المراد من عليه حق مالي في حالة الإحضار، ولو تأخر ثبوته وترتبه بذمته عن حالة الالتزام، فتوافق الضمان.
* قوله: (أخذ به)، أيْ: بإحضاره، لا غرم ما عليه، فإن هذا لا يلزمه ابتداءً، كما يدل عليه بقية عبارة الإمام (1) -المختلف في معناها، وهي:"فإن عجز غرم ما عليه"(2)، وليس المراد أخذ بمعرفته -كما يدل عليه ما ذكر أيضًا-؛ لأن المعرفة بمعنى التعريف، لا يتأتى العجز عنها، وفي عبارة الإقناع (3). . . . . .
(1) سقط من: "أ".
(2)
انظر: الفروع (4/ 253)، شرح المصنف (4/ 408).
(3)
الإقناع (2/ 352) وعبارته: "وإن ضمن معرفته أخذ به، ومعناه: إني أعَرِّفُكَ من هو، وأين هو، كأنه قال: ضمنت لك حضوره، فإن لم يُعَرِّفه ضمن، وإن عَرَّفَه فليس عليه أن يحضره".
وتصح ببدن من عنده عين مضمونة، أو عليه دين لا حدٍّ أو قصاص، ولا بزوجة وشاهد، ولا إلى أجل أو بشخص مجهولَين ولو في ضمان.
وإن كفَل بجزء شائع أو عضو، أو بشخص على أنه إن جاء به وإلا فهو كفيل بآخر أو ضامن ما عليه، أو "إذا قدم الحاج فأنا كفيل بزيد شهرًا" صحَّ، ويبرأ إن لم يطالبه فيه.
ــ
ما يحتاج إلى تحرير (1).
* قوله: (لا حدٍّ) للَّه أو لآدمي.
* قوله: (أو قصاص) في النفس، أو في (2) الطرف.
* قوله: (ولا بزوجة وشاهد) قال في شرحه (3): "لأن الذي عليهما أداؤه لا يمكن استيفاؤه من الكفيل"، انتهى.
والمراد بما عليهما أداؤه تأدية الشهادة في الشاهد، وتسليم النفس للزوج، وحقوق الزوجية في حق الزوجة، أما كفالتهما في حق مالي فهما كغيرهما في ذلك، خلافًا لمن توهم من المتن غير ذلك (4).
(1) قال الشيخ منصور في شرحه للإقناع (3/ 375): ". . . قال أحمد في رواية أبي طالب فيمن ضمن لرجل معرفة رجل أخذ به، فإن لم يقدر ضمن. . .، قال -يعني الشيخ تقي الدين-: "وأما قوله: (فإن لم يقدر عليه) فيحتمل لم يقدر على إحضاره، ويحتمل على تعريفه، انتهى، والاحتمال الثاني ردَّه في شرح المنتهى بأربعة أوجه، وأحسن الردَّ، وقد علمت ما في كلام المصنف وخلطه أحد القولَين بالآخر".
(2)
سقط من: "ب" و"ج" و"د".
(3)
شرح المصنف (4/ 411).
(4)
لم أقف عليه.
وإن قال: "أبرئ الكفيل وأنا كفيل" فسد الشرط، فيفسد العقد، ويُعتبر رضا كفيل لا مكفول به.
ومتى سلَّمه بمحلِّ عقد -وقد حلَّ الأجل. . . . . .
ــ
* قوله: (فسد الشرط)؛ أيْ: قوله: "أبرئ الكفيل"؛ لأنه في معنى أبرأت الكفيل.
* وقوله: (فيفسد العقد)؛ أيْ: قوله: "وأنا كفيل"؛ وفيه نظر؛ لأن غايته على ما أفهمه كلامه أنه عقد وشرط من مصلحته، وهو لا يقتضي فسادًا، وفي قول الشارح (1) في التعليل:"لأنه وعد وهو لا يلزم الوفاء به" نظر؛ لأن هذا لا يقتضي الفساد، وهذا مما ينبغي أن يتنبه له.
وقال شيخنا (2): "الظاهر أن الفساد لكونه أشبه بيعتَين في بيعة المنهي عنهما، فيفسدان لذلك". وفيه أن ذلك الشبه لازم في كل عقد وشرط، ولو من مقتضاه أو مصلحته وهو مما لم يقل به أحد.
بقي أنه لو أجابه لِمَا سأله، وأبرأ الكفيل، ثم امتنع السائل من الكفالة هل يبرأ المبرأ؟ أم لا، لأن رب الدين إنما أبرأه اعتمادًا على صدق السائل.
قال شيخنا: "رأيت ببعض الهوامش نقلًا عن الفارضي أنه لا يبرأ"(3).
* قوله: (لا مكفول به)؛ أيْ: ولا مكفول له شرح (4).
* قوله: (وقد حل الأجل)؛ أيْ: أجل الكفالة.
(1) شرح المصنف (4/ 413).
(2)
انظر: شرح منصور (2/ 253، 254)، كشاف القناع (3/ 377).
(3)
لم أقف عليه.
(4)
شرح منصور (2/ 254).
أو لا- ولا ضرر في قبضه، وليس ثَم يد حائلة ظالمة، أو سلَّم نفسه، أو مات. . . . . .
ــ
* قوله: (أو لا)؛ أيْ: أو لم يحل الأجل.
* قوله: (ولا ضرر) راجع لقوله: "وقد حل الأجل أو لا"، لا لقوله:"أوْ لا" فقط، بدليل صنيعه في الإنصاف (1)، وكذا قوله:"وليس ثم. . . إلخ"، إذ هو من أفراد الضرر (2) -كما في الإنصاف (3) أيضًا- فتأمل!.
والذي يؤخذ من المستوعب (4)[أنه راجع لقوله: "أوْ لا"، ومثله في المبدع (5) وعبارة المستوعب](6): "وإذا تكفل برجل إلى أجل، فسلمه إلى المكفول له قبل الأجل، ولا ضرر على المكفول له في ذلك، مثل أن يسلمه إليه في مِصْرٍ فيه سلطان، وفيه شهود صاحب الحق، سواء كان المصر الذي كفل فيه أو غيره جاز وبرئ الكفيل"، انتهى، وهذا هو الذي مشى عليه شيخنا (7).
* قوله: (أو سلم نفسه)؛ أيْ: سواء كانت الكفالة حَالَّةً أو لا على ما في المستوعب (8).
* قوله: (أو مات)؛ أيْ: مكفول.
(1) الإنصاف (13/ 71 - 73).
(2)
في "ج" و"د": "الضمير".
(3)
الإنصاف (13/ 71 - 73).
(4)
المستوعب (2/ 231).
(5)
المبدع (4/ 265).
(6)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "ب".
(7)
حاشية المنتهى (ق 142/ ب)، شرح منصور (2/ 254).
(8)
المستوعب (2/ 231).
أو تلفت العين بفعل اللَّه -تعالى- قبل طلب برئ كفيل، لا إن مات هو أو مكفول له.
وإن تعذر إحضاره مع بقائه أو غاب -ومضى زمن يمكن ردُّه فيه، أو عيَّنه لإحضاره- ضمن ما عليه، لا إذا شرط البراءة منه، وإن ثبت موته قبل غرمه استردَّه، والسجَّان كالكفيل.
وإذا طالب كفيل مكفولًا به أن يحضر معه، أو ضامن مضمونًا بتخليصه لزمه إن كفل أو ضمن -بإذنه-، وطولب، ويكفي في الأولى أحدهما.
ــ
* قوله: (أو تلفت العين) قال في شرحه (1): "أيْ: التي ضمن التعدي فيها"، والذي في تصحيح الفروع (2) والإنصاف (3): أن المراد بها العين المضمونة، وكذا في الهداية (4).
* قوله: (لا إن مات هو)؛ أيْ: الكفيل.
* قوله: (لا إذا شرط البراءة منه)؛ أيْ: فإنه لا يلزمه ما عليه.
* قوله: (والسجان كالكفيل) فيضمن مطلقًا فرَّط أو لم يفرط، قاله الشيخ تقي الدين (5).
(1) شرح المصنف (4/ 414).
(2)
تصحيح الفروع (4/ 251).
(3)
الإنصاف (13/ 75، 77).
(4)
الهداية (1/ 156).
(5)
الاختيارات ص (133).
ومن كفله اثنان، فسلَّمه أحدهما لم يبرأ الآخر، وإن سلَّم نفسه برِئا، وإن كفل كلَّ واحد منهما آخر، فأحضر المكفول به برئ هو ومن تكفَّل به فقط، ومن كفل لاثنين، فأبرأه أحدهما لم يبرأ من الآخر، وإن كفل الكفيل آخر، والآخر آخر، برئ كلٌّ ببراءة من قبله، ولا عكس، كضمان.
ولو ضمن اثنان واحدًا. . . . . .
ــ
وقال ابن نصر اللَّه (1): هو كالوكيل بجعل، فلا يضمن إلا إذا فرط قال شيخنا: وهذا أقرب إلى القواعد.
* قوله: (وإن سلم نفسه برئا)؛ أيْ: لأن المقصود التسليم وقد حصل، ومنه يشكل ما في المسألة الأولى من أنه إذا سلمه أحدهما لم يبرأ الآخر، إذ التسليم قد حصل فيها أيضًا.
بقي ما إذا سلمه غيرهما هل يبرأان قياسًا على الثانية أو لا يبرأان قياسًا على الأولى؟ والأظهر في التعليل ما في شرح المص (2) حيث قال: "وإن سلم نفسه برئا، لأن المكفول لهما أصل، فيبرأان ببراءته"، انتهى، ولم يُعَرِّج على ما ذكر، من أن المقصود التسليم، فتدبر!.
* قوله: (فأحضر)؛ أيْ: أحد الآخرين.
* قوله: (المكفول به)؛ أيْ: مكفول المكفول.
* قوله: (ولو ضمن اثنان. . . إلخ) هذه من قبيل التتمة للباب، فهي متعلقة
(1) حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع (ق 81).
(2)
شرح المصنف (4/ 418).
وقال كلٌّ: "ضمنتُ لك الدين"، فضمان اشتراك في انفراد، فله طلبُ كل بالدين كله، وإن قالا:"ضُمِّنَّا لك بالدين" فبينهما بالحصص.
ــ
بنفس الضمان، لا بنفس الكفالة، فكأن فَصْلَ الكفالة قد انقضى، ومما أشرنا إليه عُلِمَ سقوط الاعتراض على المص بأن حق هذه المسألة أن تذكر قبل فصل الكفالة.
* قوله: (فضمان اشتراك)؛ أيْ: في الالتزام بالدين.
* وقوله: (في انفراد) بأن يطالب كل منهما بجميع الدين على انفراده، شرح (1). وقد أشار إلى ذلك المص بقوله:"فله طلب كل. . . إلخ".
* قوله: (فبينهما بالحصص)؛ أيْ: على كل واحد نصفه.
* * *
(1) شرح المصنف (4/ 420).