الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - فصل
ومستعير -في استيفاء نفع- كمستأجر، إلا أنه لا يُعير ولا يؤجِّر إلا بإذن، فإن خالف، فتلفت عند الثاني ضمَّن أيهما شاء، والقرار على الثاني إن علم، وإلا ضمِن العين في عارية، ويستقر ضمان المنفعة على الأول.
ــ
بين هذا وما سلف (1) في الصلح من أن من حصلت أغصان شجره بأرض غيره أو هوائه أنه لا يجبر على إزالته، ولمن حصل ذلك بهوائه أو أرضه لَيُّهُ؟، فتدبر!.
قال شيخنا في شرحه على الإقناع (2): "ولم يظهر لي فرق بينهما، إلا ما يمكن أن يقال من أن فيما هنا تعطيل للأرض المنتقل إليها، ومنع من الانتفاع بها، وفي ميل الغصن ونحوه مما ذكر هناك لم يحصل تعطيل ليلمنفعة ولا منع من الانتفاع بالممال إليه"، انتهى المقصود منه، وهو ظاهر، لكن مقتضى قول شيخنا في شرحه (3) تبعًا لشرح المص (4):"ويجبر رب أرض محمولة على إزالتها أشبه أغصان شجره إذا حصلت في ملك جاره"، انتهى، يقتضي أنهما قائلان بأنه يجبر على الإزالة في مسألة الأغصان أيضًا وأنه (5) لا فرق بينهما، وفيه نظر!.
فصل
* قوله: (ويستقر ضمان المنفعة على الأول) وسكت عن حكم الضمان في
(1) ص (143).
(2)
كشاف القناع (4/ 69).
(3)
شرح منصور (2/ 396).
(4)
شرح المصنف (5/ 224 - 225).
(5)
في "أ": "وأن".
والعواري المقبوضة غيرَ وقف -ككتب علم ونحوها، تلفت بلا تفريط- مضمونة، بخلاف حيوان موصَى بنفعه، بقيمة متقومة يوم تلف، ومِثْلِ مثليَّة، ويلغو شرط عدم ضمانها كشرط ضمان أمانة.
ولو أركب دابته منقطعًا للَّه -تعالى-، فتلفت تحته لم يضمن، كرديف ربها ورائض ووكيل، ومن قال:"لا أركب إلا بأجرة"، فقال:"ما آخذ أجرة"، أو استعمل المودعَ الوديعة بإذن ربها، فعارية.
ــ
الإجارة، وهي على العكس مما في العارية، فيضمن الثاني المنفعة ويستقر ضمان العين على الأول.
* قوله: (والعواري) مبتدأ، والخبر قوله:(مضمونة).
* قوله: (غير وقف)؛ أيْ: على غير معيَّن، كما هو مقتضى تعليلهم لذلك بأن الاستحقاق فيه لغير معيَّن (1).
* قوله: (ونحوها) كالدروع الموقوفة على الغزاة.
* قوله: (تلفت) لعل الجملة حال بإضمار "قد"، أو "إذا" الظرفية، أو صفة لـ (كتب علم).
* قوله: (فتلفت تحته لم يضمن) يؤخذ منه أنها إذا تلفت تحته في حال كونها عارية أنه يضمنها، ويعلم من هذا أن أخْذ ابن نصر اللَّه (2) عدم الضمان في هذه المسألة من قولهم: إذا تلفت العين المعارة بالاستعمال لا ضمان فيها (3) غير واضح؛ لأن هذا تلف في الاستعمال لا به، فليتأمل فإنه محل تحقيق!.
(1) انظر: شرح المصنف (5/ 229)، كشاف القناع (4/ 71).
(2)
حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع (ق 89).
(3)
انظر: المغني (7/ 343)، الفروع (4/ 474).
ولا يَضمن ولد عاربة سُلِّم معها، ولا زيادة عنده كمؤجَّرة بلا تعدٍّ، ولا هي أو جزؤها باستعمال بمعروف، ويُقبل قول مستعير بيمينه "إنه لم يتعدَّ"، وعليه مؤونة ردِّها كمغصوب، لا مؤونتها عنده.
ويبرأ بردِّ الدابة وغيرها إلى من جرت عادته به على يده، كسائس (1)، وخازن، وزوجة، ووكيل عام في قبض حقوقه. . . . . .
ــ
* قوله: (ولا هي. . . إلخ)؛ أيْ: العين المعارة، وانظر هل يصح أن يقال دابة أو غيرها، فإذا جرحت الدابة بالاستعمال المأذون فيه لا ضمان؟ ظاهر الإطلاق ذلك، لكن نص الحارثي (2) على خلافه في الدابة، وظاهر قول ابن نصر اللَّه في حواشي الفروع (3):"فعلى هذا لو ماتت بالانتفاع المعروف فلا ضمان"، انتهى، أن الكلام في الأعم من الدابة وغيرها.
* قوله: (وعليه مؤونة ردِّها) يؤخذ من نص الإمام (4) في مسألة الوديعة على ما في شرح شيخنا للإقناع (5) الفرق بين العارية والمؤجرة، من كون المؤجرة لا يلزمه ردُّها، والمعارة يلزمه ردُّها، بأنه لما كان النفع في العارية مختصًّا بالمستعير ألزم بالردِّ، ولما كان النفع في الإجارة مشتركًا بين المؤجر والمستأجر من حيث أخذ المؤجر العوض في مقابلة المنفعة لم يلزم فيها الردُّ.
(1) السائس: خادم الدواب. المطلع ص (274).
(2)
شرح المقنع للحارثي (ق 22/ ب، 23/ أ).
(3)
حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع (ق 89).
(4)
في رواية ابن منصور، قيل له: إذا اكترى دابة، أو استعار، أو استودع فليس عليه أن يحمله؟ فقال أحمد: من استعار شيئًا فعليه ردُّه من حيث أخذه" اهـ. شرح المصنف (5/ 160)، وانظر: مسائل عبد اللَّه ص (304).
(5)
كشاف القناع (4/ 70).