الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - باب
الشُّفْعَة:
استحقاق الشريك انتزاعَ شقص شريكه، ممن انتقل إليه بعوض مالي إن كان مثله أو دونه، ولا تَسْقُط باحتيال، ويحرم، وشروطها خمسة:
كونه مبيعًا، فلا تجب في قِسْمة ولا هبة. . . . . .
ــ
باب الشفعة
* قوله: (إن كان مثله)؛ أيْ: مثل شريك البائع في الإسلام والكفر.
* قوله: (أو دونه)؛ أيْ: إن كان المنتقل إليه دونه في الإسلام أو الكفر، لا إن كان أعلا منه، فلا شفعة لكافر على مسلم.
* قوله: (كونه مبيعًا)؛ أيْ: أو ما في معناه حتى يشمل الموهوب على عوض، والمصالح عليه المالي، فتدبر!.
ولا تثبت في شقص مؤجر، وإن كانت إجارة المشاع لغير الشريك لا تصح، إلا أنه لا يسمى انتزاعًا، ولا أخذًا بالشفعة، وإلا لاقتضى صحة العقد، وقد قلنا إنها لا تصح يعني على الصحيح -كما سبق (1) -.
* قوله: (ولا هبة)؛ أيْ: على غير عوض.
(1) انظر: الإنصاف (14/ 334)، شرح المصنف (5/ 49).
وفيما عوضه غير مال، كصداق، وعوض خُلْع وصلح عن قوَد، ولا ما أُخذ أجرة، أو ثمنًا في سلَم، أو عوضًا في كتابة.
الثاني: كونه مشاعًا من عقار ينقسم إجبارًا، فلا شفعة لجارٍ في مقسوم محدود، ولا في طريق مشْتَرَك لا ينفذ ببيع دار فيه، ولو كان نصيب مشترٍ منها أكثر من حاجته، فإن كان لها بابٌ آخر، أو أمكن فتح باب لها إلى شارع وجبت، وكذا دِهْلِيْزٌ (1) وصَحْنٌ مشتركان.
ــ
* قوله: (كصداق وعوض خلع)؛ أيْ: أو طلاق، أو عتق، صورة العتق أن يقول البائع للمشتري: أعتق عبدك عني وخذ هذا الشقص.
* قوله: (ولا ما أخذ أجرة. . . إلخ) استبعد الحارثي (2) ذلك في الأجرة، والجعالة، ورأس مال السلم؛ لأن الإجارة والسلم من البيع، والجعالة كالإجارة، وقال:"الصحيح على أصلنا جريان الشفعة قولًا واحدًا"، حاشية (3)؛ يعني: فيما ذكر من الإجارة، والجعالة، والسلم.
* قوله: (لا ينفذ)؛ أيْ: غير نافذ.
* قوله: (ببيع دار فيه)؛ أيْ: ببيعه نفسه.
* قوله: (فإن كان لها باب آخر) قال الشارح (4): (إلى شارع)، أقول: هذا ليس بقيد.
(1) في "م" زيادة: "بعلوٍّ".
(2)
شرح المقنع للحارثي (ق 164/ ب، 165/ أ).
(3)
حاشية المنتهى (ق 176/ أ).
(4)
شرح المصنف (5/ 412).
ولا فيما لا تجب قسمته، كحمام صغير، وبئر وطرُقٍ وعرَاصٍ ضيقة، وما ليس بعقار كشجر، وبناء مفرد، وحيوان وجوهر وسيف، ونحوها، ويؤخذ غراس وبناء تبعًا لأرض، لا ثمر و (1) زرع.
ــ
* قوله: (ولا فيما لا تجب قسمته. . . إلخ) فيه أنه (2) إنما وجبت الشفعة فيما يمكن قسمته لدفع ضرر المشاركة، وضررها فيما لا يمكن قَسْمه أقوى، وكان الظاهر وجوبها فيما لا يقسم بالأولى، وأجاب الشارح (3) عن هذا بما لا يقاومه.
* قوله: (كحمام صغير وبئر. . . إلخ)؛ أيْ: إذا كانت هذه الأشياء منفردات.
* تنبيه: الاشتراك في البئر لا يستوجب الأخذ بالشفعة في الأراضي التي تسقى منها حيث كانت غير مشتركة، فإذا كان يين اثنين مثلًا اشتراك في بئر، ولكل منهما أرض مختصة تسقى من تلك البئر، فإذا أراد أحدهما بيع أرضه فليس للآخر الأخذ بالشفعة؛ لأنه لا اشتراك بينهما في الأرض، وإن اشتركا في الشرب.
* قوله: (لا ثمر)؛ أيْ: بعد تشقق، بدليل قوله في الفصل الآتي (4):(وإن أدركه شفيع وقد اشتغل بزرع مشترٍ، أو ظهر ثمر، أو أَبَّر طلع ونحوه فله، ويبقى لحصاد وجذاذ ونحوه بلا أجرة).
(1) سقطت الواو من: "م".
(2)
سقط من: "أ".
(3)
شرح المصنف (5/ 414) وعبارته: "فإن قيل: إن الشفعة إنما تثبت لإزالة ضرر المشاركة، والضرر فيما لا تجب قسمته أكثر؛ لأنه لا يمكنه التخلص منه بالقسمة فيتأبد؟ فالجواب: أن الضرر في محل الوفاق من غير جنس هذا الضرر، وهو ضرر الحاجة إلى أحداث المرافق الخاصة، فلا يمكن التعدية، وفي الشفعة هنا ضرر غير موجود في محل الوفاق، وهو ما ذكرناه، فتعذر الإلحاق، وعنه: تثبت الشفعة أيضًا فيما لا تجب قسمته اختارها ابن عقيل، وأبو محمد الجوزي، والشيخ تقي الدين"، وانظر: الإنصاف (15/ 375 - 376).
(4)
ص (406).
الثالث: طلبُها سَاعةَ يعلم، فإن أخره لشدة جوع أو عطش حتى يأكل أو يشرب أو لطهارة، أو إغلاق باب، أو ليخرج من حمام، أو ليقضي حاجته، أو ليؤذِّن ويُقيم، أو ليشهد الصلاة. . . . . .
ــ
* قوله: (الثالث. . . إلخ) قال الحارثي (1): "في جعل هذا شرطًا إشكال، وهو أن المطالبة بالحق فرع ثبوت ذلك الحق، ورتبة الشرط مقدمة على المشروط، فكيف يقال بتقديم المطالبة على ما هو أصل له؟ هذا خُلف، أو نقول اشتراط المطالبة يوجب توقف الثبوت عليها، ولا شك في توقف المطالبة على الثبوت، فيكون دورًا، والصحيح أنه شرط لاستدامة الشفعة لا لأصل ثبوت الشفعة، ولهذا قالوا: فإن أخره سقطت شفعته"(2).
* قوله: (فإن أخره) مفرع على محذوف؛ أيْ: لا لعذر فإن. . . إلخ، فالأولى صنيع الإقناع (3)، فتدبر!.
* قوله: (أو عطش)؛ أيْ: مطلقًا.
* قوله: (أو ليشهد الصلاة) انظر هل المراد بالصلاة خصوص فرض العين بدليل قوله الآتي "بسننها"، أو كل صلاة طلبت الجماعة لها ولو فرض كفاية أو سنة؟.
وانظر أيضًا هل حضور الجمعة لمن سقط عنه حضورها بفعله (4) العيد في يومها يكون عذرًا؟ ويبقى النظر أيضًا في عكسه، فليحرر! (5).
(1) شرح المقنع للحارثي (ق 176/ ب).
(2)
انظر: المغني (7/ 453)، شرح المصنف (5/ 418 - 421).
(3)
الإقناع (2/ 611).
(4)
في "د": "بفعل".
(5)
قال الشيخ عثمان في حاشية (3/ 228 - 229): "قوله: (أو ليشهد الصلاة) ظاهره ولو =
في جماعة يخاف فوتها ونحوه، أو مَن علم ليلًا حتى يصبح -مع غيبة مشترٍ- أو (1) صلاة وسننها ولو مع حضوره، أو جهلًا بأن التأخير مسقط -ومثله بجهله- أو إن أشهد بطلبه غائب، أو محبوس -لم تسقط، وتسقط بسيره في طَلَبها (2) بلا إشهاد، لا إن أخَّر طلبه بعده.
ولفظه: "أنا طالب، أو مُطَالِب، أو آخذ بالشفعة، أو قائم عليها"، ونحوه مما يفيد محاولة الأخذ، ويُملك به، فيصح تصرفه، ويورَث. . . . . .
ــ
* قوله: (في جماعة) ولو كان ممن لا تجب عليه الجماعة فيما يظهر.
* قوله: (ونحوه) يدخل في ذلك ما إذا كان محجورًا عليه حالة البيع، فإنها لا تسقط إذا أخر الطلب إلى أن صار أهلًا -كما سينبه عليه المص (3) -.
* قوله: (مع غيبة مشترٍ)؛ أيْ: في جميع هذه الصور.
* قوله: (بعده)؛ أيْ: بعد الإشهاد.
* قوله: (ويملك به)؛ أيْ: بالطلب.
* قوله: (ويورث)؛ أيْ: الشقص على الصحيح من المذهب (4).
= نفلًا، كالكسوف والتراويح، وقد يقال: قوله في شرحه هنا: (أو أخره من علم وقد دخل وقت مكتوبة، ليشهد الصلاة في جماعة) يفيد التخصيص بالفرض، ويؤيده قوله كالإقناع:(ويأتي بالصلاة بسننها) فتدبر! -واللَّه أعلم-". وانظر: شرح المصنف (5/ 419)، الإقناع (2/ 611).
(1)
في "م" زيادة: "لفعل".
(2)
في "م": "طلابها".
(3)
ص (401) في قوله: "ومن ترك شفعة مولِّيه. . . فله إذا صار أهلًا الأخذ بها".
(4)
انظر: الإنصاف (15/ 473)، شرح منصور (2/ 437).
ولا تُشترط رؤيته لأخذه.
وإن لم يجد من يُشهده، أو أخَّرهما عجزًا، كمريض ومحبوس ظلمًا، أو لإظهار زيادة ثمن، أو نقص مبيع، أو هبة. . . . . .
ــ
* قوله: (ولا تشترط رؤيته لأخذه) خلافًا لما في الإقناع (1)، وعبارته:"والأخذ بالشفعة نوع بيع لكن لا خيار فيه، ولهذا اعتبر له العلم بالشقص (2) وبالثمن، فلا تصح مع جهالتهما"، انتهى.
قال شيخنا في حاشيته (3): "هذا ما جزم به في المبدع (4)، ونقله في الإنصاف (5) عن الموفق (6) وغيره (7)، لكنه خالف في التنقيح (8)، وتبعه في المنتهى".
ثم كتب على عبارة الإقناع ما نصه: وما فيه ظاهر؛ لأن الشقص في معنى البيع، والرؤية للمبيع شرط فيه (9).
* قوله: (أو أخرهما عجزًا)؛ أيْ: الطلب والإشهاد عليه.
(1) الإقناع (2/ 624).
(2)
في "أ": "بالشفعة".
(3)
حاشية الإقناع (ق 87/ ب).
(4)
المبدع (5/ 224).
(5)
الإنصاف (15/ 481).
(6)
المغني (7/ 451).
(7)
كالشرح الكبير (15/ 509)، والفروع (4/ 535).
(8)
التنقيح ص (175).
(9)
قال الشيخ منصور في شرح المنتهى (2/ 437) على قوله "ولا تشترط رؤيته لأخذه": ". . . قطع به في التنقيح وغيره، ولعلهم نظروا إلى كونه انتزاعًا قهريًّا، كرجوع الصداق أو نصفه إلى الزوج في فرقة قبل الدخول، ولذلك لا خيار فيه. . . ". وانظر: شرح المصنف (5/ 423).
أو أن المشتري غيره، أو لتكذيب مُخْبرٍ لا يُقبل، فعلى شفعته.
وتسقط إن كذَّب مقبولًا، أو قال لمشترٍ:"بِعنيه"، أو "أكْرِنيه"، أو "صالحْني"، أو "اشتريت رخيصًا" ونحوه، لا إن عمل دلَّالًا بينهما -وهو السفير- أو توكَّل لأحدهما، أو جعل له الخيار -فاختار إمضاءه- أو رضي به، أو ضمن ثمنه، أو سلَّم عليه أو دَعَا له بعده ونحوه، أو أسقطها قبل مبيع، ومن ترك شُفعة مولِّيه، ولو لعدم حظٍّ، فله إذا صار أهلًا الأخذ بها.
الرابع: أخذ جميع المبيع، فإن طلب بعضه مع بقاء الكل سقطت. وإن تلف بعضه أخذ باقيه بحصته من ثمنه، فلو اشترى دارًا بألف تساوي ألفَين، فباع بابها أو هدمها، فبقيت بألف أخذها بخمسمئة.
وهي بين شفعاء على قدر أملاكهم، ومع ترك البعض لم يكن للباقي أن يأخذ إلا الكل أو يترك، وكذا إن غاب.
ولا يؤخر بعض ثمنه ليحضر غائب. . . . . .
ــ
* قوله: (أو أن المشتري غيره) يجوز كونه على صيغة اسم الفاعل، وهو الظاهر، وكونه على صيغة اسم المفعول؛ أيْ: أن المعقود عليه غير الشقص الذي ثبتت فيه الشفعة، وهو صحيح أيضًا.
* قوله: (لا يقبل)؛ أيْ: لم يستجمع شروط الشهادة كالمرأة، والفاسق (1).
* قوله: (فلو اشترى دارًا بألف)؛ أيْ: بعضها ليكون المبيع شقصًا.
(1) في هامش "أ" ما نصه: "قوله: (كالمرأة) فيه نظر، إذا المراد بالمقبول خبره: العدل، ولو عبدًا وأنثى، كما صرح به في الإقناع". وانظر: الإقناع (2/ 613)، كشاف القناع (4/ 143).
فإن أصرَّ فلا شفعة، والغائب على حقه، ولا يطالبه بما أخذه من غلَّته.
ولو كان المشتري شريكًا أخذ بحصته، فإن عفا ليُلزم به غيره لم يلزمه.
ولشفيع فيما بيع على عقدَين الأخذ بهما و (1) بأحدهما، ويُشاركه مشترٍ إذا أخذ بالثاني فقط.
وإن اشترى اثنان حق واحد، أو واحد حق اثنين، أو شقصَين من عقارَين صفقة، فللشفيع أخذ حق أحدهما، وأحد الشقصَين، وأخذ شقص بيع مع ما لا شفعة فيه بحصته يُقسم الثمن على قيمتهما.
ــ
* قوله: (فإن أصرَّ)؛ أيْ: على تأخير بعض الثمن.
* قوله: (أخذ بحصته)؛ أيْ: استقر له من الشقص المبيع بقدر حصته، فلا يؤخذ منه بالشفعة، هذا حاصل جواب الحارثي (2)، فتدبر!.
* قوله: (فإن عفى. . . إلخ)؛ أيْ: فإن عفى المشتري، وأراد فسخ العقد فيما اشتراه؛ لأجل أن يلزم غيره من الشركاء بالأخذ لم يصح العفو، ولم يلزم، وتستقر حصته عليه، وللشريك الآخر الأخذ بقدر حصته فقط، وليس في ذلك تشقيص كما يتوهم من كلامه؛ لأنه لم يتعرض لعدم صحة العفو، ولا لكون عقد المشتري الأول من الشريكَين باقيًا بحاله.
* قوله: (فللشفيع أخذ حق أحدهما وأحد الشقصَين)؛ يعني: كما أن له أخذ حقَّيهما، وأخذ كل من الشقصَين، ولا يكون ما ذكره تشقيصًا؛ لأن البيع
(1) في "م": "أو".
(2)
شرح المقنع للحارثي (ق 202/ أ، ب).