الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو بعضهم الحكمَ الحجْرَ عليه: لزمه إجابتهم، وسُنَّ إظهارُ حجْر سفه وفلَس والإشهاد عليه.
* * *
1 - فصل
ويتعلق بحجْره أحكام:
أحدها: تعلق حق غرمائه بماله.
فلا يصح أن يقرَّ به عليهم. . . . . .
ــ
فصل
في أحكام الحجر المترتبة عليه وهي أربعة.
* قوله: (بماله) أثبت له مالًا بالنظر إلى تعريفه عندى الفقهاء -كما سبق (1) -.
* قوله: (فلا يصح أن يقر. . . إلخ)؛ أيْ: فلا يصح إقراره بماله بحيث يسري عليهم، وأما الإقرار في نفسه، فصحيح على ما يأتي بعده بأسطر، ويتبع به بعد فك الحجر عنه -على ما يأتي أيضًا-، وعبر في الإقناع (2) بـ "عليه"؛ أيْ: على ماله بدل "عليهم"، والمراد: لا يلزم في حق غرمائه إقراره بماله، ويؤخذ ذلك من قول صاحب الإقناع (3):"وإن توجهت على المفلس يمين فنكل عنها، فَقُضِيَ عليه فكإقراره، يلزم في حقه دون الغرماء".
(1) ص (154) في قوله: "وعند الفقهاء من دينه أكثر من ماله".
(2)
الإقناع (2/ 391).
(3)
الإقناع (2/ 392).
أو يتصرف فيه بغير تدبير، ولا أن يبيعه لغرمائه أو لبعضهم بكل الدين، ويُكفِّر هو وسفيه بصوم، إلا إن فُك حجْره وقدره قبل تكفيره.
ــ
* قوله: (أو يتصرف فيه)؛ أيْ: تصرفًا مستأنفًا، أما التصرف في ذمته فلا يمنع منه، ولا يلزم عليه مزاحمة الغرماء، لأنه يُطَالَب به بعد فك الحجر عنه ولو حلَّ قبله -على ما سيأتي (1) في كلام المص-.
* قوله: (بغير تدبير) أو وصية على ما في المستوعب (2)، وكأن المصنف لم يطلع على كلام المستوعب فيها، فأبداها بحثًا منه بطريق القياس على التدبير (3)، بجامع أن التأثير بزوال الحجر عنه بالموت.
* قوله: (ولا أن يبيعه لغرمائه أو لبعضهم) لاحتمال أن يظهر غريم سواهم غائب أو لم يأذن.
واعلم أن قوله: "أو لبعضهم" لا فائدة له؛ لأنه إذا كان لا يصح بيعه للكل فعدم صحته للبعض بالأولى.
* قوله: (إلا إن فك حجره. . . إلخ)؛ أيْ: حجر المذكور، وهو السفيه، والمفلس.
وبخطه: أيْ: إلا إن فك حجره فلا يتعين الصوم، بل يجوز أن يكفر بالعتق، وليس المراد إلا إن فك حجره وقدر فيتعين التكفير بالعتق؛ لأن العبرة في الكفارات بوقت الوجوب (4). وظاهر كلام المص المشي على المرجوح، من أن المعتبر
(1) ص (165) في قوله: "وإن تصرف في ذمته. . . ".
(2)
المستوعب (2/ 257).
(3)
شرح المصنف (4/ 507) وعبارته: ". . . قلت: وقياس التدبير الوصية".
(4)
انظر: المغني (11/ 107، 108)، الإنصاف (23/ 284)، الإقناع (3/ 588).
وإن تصرف في ذمته -بشراء أو إقرار ونحوهما-: صحَّ، وتُبع به بعد فكِّة.
وإن جنى شارك مجني عليه الغرماء، وقُدم من جنى عليه قنَّه به.
الثاني: إن وجد عين. . . . . .
ــ
وقت الأداء، لا وقت الوجوب (1). وقد تكلف في الشرح (2) في تمشيته على الصحيح، فقال:"إلا إن فك حجره وقدر على المال قبل تكفيره، فإنه يصير كموسر"؛ أيْ: كمن أيسر قبل تكفيره في الحكم، وهو أنه لا يلزمه عتق، لكنه يجزيه "لم يحجر عليه قبل ذلك"، انتهى، وتكلفه ظاهر.
* قوله: (وإن جنى. . . إلخ)؛ أيْ: بعد الحجر أو قبله -كما يأتي (3) في الثالث-.
* قوله: (وقدم من جنى عليه قنُّه به) ما لم تكن الجناية بإذن السيد أو أمره، وإلا كانت متعلقة بذمة السيد، وقد نبَّه عليه الشارح (4) عند الكلام على الثالث من الأحكام.
* قوله: (إن) هي شأنية، اسمها ضمير شأن مفسَّر بالجملة بعدها المركبة من الشرط وجوابه، على حدِّ قوله:
إنَّ مَنْ يَدْخُلِ الكَنِيسَة يَومًا
…
يَلْقَ فيها جَآذِرًا وظِبَاءَ (5)
(1) انظر: المصادر السابقة.
(2)
شرح المصنف (4/ 510).
(3)
ص (171).
(4)
شرح منصور (2/ 284).
(5)
البيت للأخطل كما في خزانة الأدب (1/ 457)، والدرر اللوامع (2/ 179)، وليس في =
ما باعه أو أقرضه أو أعطاه رأس مال سلم، أو أجَّره ولو نفسه ولم يمض من مدتها شيء، ونحو ذلك -ولو بعد حجْره جاهلًا به- فهو أحق بها، ولو قال المفلِس:"أنا أبيعها وأعطيك ثمنها"، أو بذله غريم، أو خرجت وعادت لملكه، وقُرع -إن باعها ثم اشتراها- بين البائعَين.
ــ
وليست اسمها؛ لأنها شرطية، فراجع مغني اللبيب (1) لابن هشام في النحو.
* قوله: (باعه أو أقرضه. . . إلخ) إما أن يكون المفعول الثاني لهذه الأفعال كلها محذوفًا، أو هي مُنزَّلة منزلة المتعدي لواحد، تدبر!.
* قوله: (أجره) الأولى عطفه على "وجد"، وعطفه على "باعه" لا يخلو عن ركاكة؛ لأنه عليه يصير نظم الكلام: من وجد عين ما أجره ولو نفسه فهو أحق به، ولا يظهر تعلق الوجدان من نفسه لنفسه.
* قوله: (ولم يمض من مدتها شيء)؛ أيْ: زمن له أجرة؛ لأنه لا يمكن التحرز عن مضي جزء منها بحال، شرح (2)، وهو واضح فيما إذا كانت المدة والية العقد، أما إذا كانت لا تلي العقد، ثم حجر عليه قبل وجودها، فإنه يتصور عدم مضي شيء منها، وحينئدٍ فلا يحتاج كلامهم إلى التأويل المذكور، فتدبر!.
* قوله: (ولو. . . إلخ) غائية.
* قوله: (أو بذله غريم)؛ أيْ: بَذَل الثمن غريم لرب السلعة، أما لو بَذَلَ غريمٌ الثمنَ للمفلس، ثم بذله المفلس لرب السلعة، فإنه يلزم رب السلعة قبوله؛ لأنه هو الذي كان قد وجب له بمقتضى المعاقدة مع الفلس.
= ديوانه، وهو بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (1/ 158)، ومغني اللبيب (1/ 37).
(1)
مغني اللبيب (1/ 37).
(2)
شرح المصنف (4/ 512).
وشُرط: كون مفلِس (1) حيًّا إلى أخذها، وبقاء كل عوضها في ذمته.
وكون كلها في ملكه، إلا إذا جمع العقد عددًا، فيأخذ مع تعذر بعضه ما بقي، والسلعة بحالها، لم توطأ بكر، ولم يُجرح قنٌّ، ولم تُخلط بغير متميز، ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها، كنسج غزل، وخَبْز دقيق، وجعل دُهن صابونًا، ولم يتعلق بها حق، كشفعة وجناية ورهن. . . . . .
ــ
* قوله: (وكون كلها في ملكه) قال في شرحه (2): "لأنه مع تلف بعضها، أو وقفه، أو بيعه وبقائه على ملك مشتريه، أو هبته وبقائه على ملك الموهوب له لم يدرك متاعه، وإنما أدرك بعضه؛ ولأنه إذا أدرك كله حصل له بأخذه فصل الخصومة وانقطاع ما بينهما من المعاملة بخلاف ما إذا وجد بعضه"، انتهى.
وببعض الهوامش استظهار الرجوع في البعض الباقي، وكأنه قاس ذلك على ما قالوه فيما إذا جمع العقد عددًا (3)[فإنه يأخذ ما أمكن أخذه منها، وهو قياس مع الفارق؛ لأنه فيما إذا جمع العقد عددًا](4) صار كل فرد عينا مستقلة، ويصدق على كل فرد منها أنه عين ما باعه؛ لأن العقد يتعدد بتعدد مبيع -كما سبق (5) -.
* قوله: (ولم يخلط. . . إلخ) لعله ما لم يكونا لواحد، فإن الخلط هنا لا يمنع لكن يردُّ عليه مسألة الثوب والصبغ إذا كانا لواحد.
(1) في "م": "المفلس".
(2)
شرح المصنف (4/ 516).
(3)
انظر: شرح المصنف (4/ 517)، شرح منصور (2/ 280).
(4)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "ب" و"ج".
(5)
(2/ 576) في قوله: "ولا بثمن معلوم ورطل خمر"، وانظر: حاشية المنتهى (ق 125/ أ).
وإن أسقطه ربه، فكما لو لم يتعلق، ولم تزد زيادة متصلة، كسمن، وتعلم صنعة، وتجدد حمل، لا إن ولدت.
ــ
* قوله: (وإن أسقطه. . . إلخ)؛ أيْ: أسقط أخذ هؤلاء الثلاثة؛ أعني: الشفيع، والمجني عليه، والمرتهن.
* قوله: (وتجدد حمل)؛ أيْ: في بهيمة؛ لأنه في الأمة (1) نقص.
* قوله: (لا إن ولدت) روى حنبل (2) عن الإمام (3) أن ولد الأمة ونتاج الدابة للبائع، وحمل ذلك في المغني (4) على أنه باعهما في حال حملهما، فيكونان؛ أيْ: الولد والنتاج مبيعَين، ولهذا خص هذَين بالذكر دون بقية النماء، ومن هنا تعلم أن معنى قول المص:"لا إن ولدت"؛ أيْ: من حمل سابق على البيع، لا متجدد، بدليل قوله فيما يأتي (5):"ولا زيادة منفصلة".
أو أن الضمير في "ولدت" عائد على البهيمة، لا على الأمة، بدليل أن كلامه فيما يكون الحمل فيه زيادة، وأما الحمل في الإماء فهو نقص -كما سبق (6) -، وحكم الأمة سيأتي (7) في كلامه، أو المعنى لا يكون الحمل مانعًا إن ولدت، وهذا هو الذي
(1) في "ب": "ذمة".
(2)
هو حنبل بن إسحاق بن حنبل، أبو علي الشيباني، ابن عم الإمام أحمد، سمع من الإمام أحمد وآخرين، وكان صدوقًا، ثقة، ثبتًا، مات بواسط سنة (273 هـ). انظر: طبقات الحنابلة (1/ 143)، المقصد الأرشد (1/ 365)، المنهج الأحمد (1/ 264).
(3)
المغني (6/ 551).
(4)
المغني (6/ 551).
(5)
ص (170).
(6)
(2/ 623) في خيار العيب.
(7)
ص (170) في قوله: "ولا زيادة منفصلة".
ويصح رجوعه بقول -ولو متراخيًا- بلا حكم، وهو فسخ، لا يحتاج إلى معرفة، ولا قدرة على تسليم.
فلو رجع فيمن أبق صحَّ وصار له، فإن قدر أخذه وإن تلف فمن ماله، وإن بان تلفه حين رجع بطُل استرجاعه، وإن رجع في شيء اشتبه بغيره قُدم تعيين مفيس.
ومن رجع فيما ثمنه مؤجَّل، أو في صيد وهو محرِم، لم يأخذه قبل حلوله، ولا حال إحرامه.
ــ
سلكه شيخنا في شرحه (1).
وبخطه: قال شيخنا في شرحه (2): "لا يمنع الحمل الرجوع إن ولدت البهيمة"، انتهى؛ أيْ: لأنه زال الماح، وهو الحمل المتجدد، وأعقبه نماء منفصل، وهو غير مانع من الرجوع.
* قوله: (ويصح رجوعه بقول) المراد: أنه لا يصح إلا به.
* قوله: (بطُل)؛ أيْ: تبين أنه لم يصادف محلًّا، لا أنه كان صحيحًا ثم بطُل.
وبخطه: ويضرب له (3) بالثمن مع الغرماء، شرح (4)(5).
* قوله: (ومن رجع)؛ أيْ: أراد الرجوع، أو بالقول فقط.
(1) شرح منصور (2/ 281).
(2)
شرح منصور (2/ 281).
(3)
سقط من: "أ".
(4)
سقط من: "أ".
(5)
شرح منصور (2/ 281).
ولا يمنعه نقص كهُزال، ونسيان صنعة، ولا صبغُ ثوب أو قصره، ما لم ينقص بهما، ولا زيادة منفصلة -وهي لبائع، وظَهَّرَ في التنقيح (1) رواية كونها لمفلِس- ولا غرس أرض، أو بناء فيها.
فإن رجع قبل قلع. . . . . .
ــ
* قوله: (ولا يمنعه)؛ أيْ: الرجوع.
* قوله: (ولا صبغ)؛ أيْ: ولو كان الصبغ لصاحب الثوب على ما في الحاشية (2).
* قوله: (ما لم ينقص بهما) بل ولو نقص على ما في المغني (3)، [قال:"لأن هذا نقص صفة، فلا تمنع الرجوع، كنسيان صنعة، وهزال العبد".
* قوله: (وظهَّر في التنقيح رواية كونها لمفلِس)، قال في المغني (4)] (5):"وهو الصحيح"، وقال في الشرح الكبير (6):"إنه الأصح إن شاء اللَّه"، وهذا مبني على حمل المغني (7) لرواية الإمام التي نقلها حنبل على ما سلف (8) من كون الولد والنتاج من حمل سابق.
(1) يعني جامع الزيتونة الذي نهل من معارفه وكان كثير الحنين إليه.
(2)
حاشية المنتهى (ق 149/ أ).
(3)
المغني (6/ 548).
(4)
المغني (6/ 550).
(5)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "ب".
(6)
الشرح الكبير (13/ 278).
(7)
المغني (6/ 551).
(8)
ص (168).
واختاره كريم ضمن نقصًا حصل به ويسوِّي حفرًا.
ولمفلس مع الفرماء القلع، ومشاركة آخذ بالنقص، فإن أبَوه فلآخذ القلع وضمان نقصه، أو أخذ كرس، أو بناء بقيمته، فإن أباهما أيضًا سقط.
وإن مات بائع مدينًا فمشترٍ أحق بمبيعه ولو قبل قبضه.
الثالث: أن يلزم الحاكمَ قسم ماله الذي من جنس الدين، وبيع ما ليس من جنسه. . . . . .
ــ
* قوله: (ضمن نقصًا)؛ أيْ: الغريم.
* قوله: (ويشاركهم آخذ)؛ أيْ: طالب لأرضه.
* قوله: (بالنقص)؛ أيْ: نقص الأرض.
* قوله: (وضمان نقصه)؛ أيْ: وعليه ضمان. . . إلخ.
* قوله: (الثالث أن يلزم الحاكم. . . إلخ) إلى هنا قد انتهت قراءة شيخنا وأستاذنا، علَّامة زمانه، وفريد عصره وأوانه، خاتمة المحققين، وعمدة المدققين، من طنت حصاته في سائر الأقطار، واتفقت الكلمة على أنه لما يكتحل ولا يكتحل عين الزمان ثانية فيما مضى وما يأتي من الأعصار، وهو أستاذي، وخالي، الراجي عفو ربه العلي، منصور بن يونس البهوتي الحنبلي، وكانت قراءته تلك (1) لشرحه على هذا الكتاب، واتفق وقوفه على ذلك يوم السبت رابع شهر ربيع الثاني من شهور سنة إحدى وخمسين بعد الألف، ثم انقطع يوم الأحد التالي له، ومات يوم الجمعة
(1) في "أ" و"ج" و"د": "ذلك"، وفي "ب":"لذلك".
-في سوقه أو غيره- بثمن مثله المستقر في وقته أو أكثر وقسمه فورًا.
وسُن إحضاره مع غرمائه، وبيع كل شيء في سوقه، وأن يُبدأ بأقله بقاء، وأكثره كُلفة.
ــ
العاشر من الشهر والسنة المذكورَين، وكان وقوفه من الدرس الثاني (1) على باب القذف، وكان مولده فيما أخبرني به سنة ألف، فكان عمره إحدى وخمسين، كسنة وفاته، تجاوز اللَّه عن سيئاته، ورفعه من الفردوس أعلى درجاته، آمين.
* قوله: (في وقته)؛ أيْ: في وقت البيع.
* قوله: (أو أكثر) أما إن باعه بانقص فقال شيخنا (2): "مقتضى القواعد صحة البيع وضمان النقص"، فليراجع (3)!.
* قوله: (فورًا) متعلق بالمسألتَين.
* قوله: (مع غرمائه)؛ أيْ: يجمع بينهما في مطلق الإحضار، لا من مبدأ الإحضار، إذ ليس ذلك شرطًا.
* قوله: (وأن يبدأ بأقله بقاءً وأكثره كلفة) إن أمكن الجمع بين بيعهما في آن واحد، فواضح، وإن لم يكن فيهما (4) فأيهما يقدم؟، والظاهر أن الأول هو المقدم، ولعل تعبير المص -وإن لم يكن (5) يدل على ترتيب- ناظر إلى ذلك،
(1) في "ب": "التالي".
(2)
كشاف القناع (3/ 433).
(3)
قال في الإنصاف (13/ 309): "بشرط أن يبيعه بثمن مثله المستقر في وقته أو أكثر، ذكره الشيخ تقي الدين وغيره، واقتصر عليه في الفروع"، وقال الشيخ مرعي في الغاية (2/ 132):"ويتجه ودونه؛ أيْ دون ثمن المثل، لا يصح".
(4)
سقط من: "أ" و"ب".
(5)
سقط من: "أ" و"ج" و"د".
ويجب ترك ما يحتاجه من مسكن وخادم لمثله، ما لم يكونا عينَ مال غريم، ويُشترى أو يُترك له بدلهما، ويُبدل أعلى بصالح، وما يتَّجر به، أو آلة مُحترف، ويجب له ولعياله أدنى نفقة مثلهم، من مأكل ومشرب وكُسوة، وتجهيز ميت من ماله حتى يُقسم. وأجرة منادٍ ونحوه -لم يتبرع- من المال.
وإن عيّنا مناديًا غيرَ ثقة، ردَّه حاكم، بخلاف بيع مرهون. . . . . .
ــ
حيث قدم ذكره وهو ظاهر؛ لأن ما يسرع فساده لو أخر لَفات الانتفاع به، بخلاف الأكثر كلفة، فإنه لا يلزم على تأخيره فساد.
* قوله: (لمثله)؛ أيْ: صالحَين لمثله.
* قوله: (ما لم يكونا عين مال غريم) وتقدم حكمه (1).
* قوله: (من المال) ويؤخذ من هذا أن الدلالة على البائع، ولعله ما لم يكن شرط -كما ذكروا ذلك في محله (2) -.
* قوله: (بخلاف بيع مرهون) فإن الحاكم لا يرد من عيَّناه لبيع الرهن.
قال شيخنا في الحاشية (3): "والفرق: أن للحاكم النظر والاجتهاد في مال المفلس؛ لأنه ربما ظهر غريم (4) غير من حضر، بخلاف مسألة الراهن فإن الحق منحصر في الحاضر".
(1) ص (165).
(2)
انظر: شرح منصور (2/ 192)، مطالب أولي النهى (3/ 153).
(3)
حاشية المنتهى (ق 149/ أ).
(4)
سقط من: "ب".
فإن اختلف تعيينُهما، ضمنها إن تبرعا، وإلا قَدَّم من شاء، وبَدأ بمن جنى عليه قنُّ المفلِس، فيُعطى الأقل من ثمنه أو الأرش، ثم بمن عنده رهن فيُخص بثمنه، فإن بقي دين حاصَصَ الغرماء، وإن فضُل عنه رُدَّ على المال، ثم بمن له عين مال، استأجر عينًا من مفلِس فيأخذها، وإن بطُلت في أثناء المدة. . . . . .
ــ
* قوله: (فإن اختلف تعيينهما)؛ أيْ: الثقتَين.
* قوله: (وإلا قدِّم من شاء) قال في شرحه (1): "أيْ: وإن لم يتبرعا، والمراد: ولا واحد منهما قَدَّم الحاكم من شاء منهما، وظاهر ما تقدم أنه لو تطوع أحدهما دون الآخر قُدِّم؛ لأنه أوفر، وصرح به في المغني"(2)، انتهى كلامه رحمه الله.
* قوله: (ويبدأ بمن جنى عليه. . . إلخ)؛ أيْ: أو على قنِّه، فإن اجتمعا وزع المال عليهما إذا اختار المال، فإن كانت إحداهما بإذن السيد أو أمره قدمت التي ليست بإذنه ولا أمره؛ لأنها متعلقة برقبة القنِّ، وتلك بذمة السيد، فتدبر!.
* قوله: (فيعطي. . . إلخ)؛ أيْ: المجني عليه أو وليه، فيشمل ما إذا كانت الجناية من القنِّ على القنِّ، فلا حاجة إلى التعقب على المص به.
* وقوله: (الأقل)؛ أيْ: ما لم تكن الجناية بإذن السيد أو أمره، فإنه يعطى الأرش كله، ولا يحاصُّه أحد؛ لأنها متعلقة بذمة السيد، لا برقبة العبد الجاني.
* قوله: (وإن بطُلت)؛ أيْ: لسبب (3)، كتلف العين المؤجرة.
(1) شرح المصنف (4/ 453).
(2)
المغني (6/ 577).
(3)
في "ب" و"ج" و"د": "ليست".
ضُرب له بما بقي، ثم يَقْسِم الباقي على قدر ديون من بقي، ولا يلزمهم بيان أن لا غريم سواهم، ثم إن ظهر رب حالٍّ. . . . . .
ــ
* قوله: (ضرب له)؛ أيْ: للمستأجر.
* قوله: (بما بقي)؛ أيْ: من الأجرة المعجلة.
* قوله: (ولا يلزمهم بيان أن لا غريم سواهم)؛ يعني: بخلاف من أثبت أنه وارث، لأن ما ياخذه الواحد من الغرماء لا يحتمل أن يكون زائدًا عن (1) حقه، بخلاف الوارث الخاص، قاله في شرحه (2)، ونقله شيخنا في حاشيته (3)، وفيه توقف، فإن الغرماء عند المحاصَّة صار ما يأخذونه هو حقهم، ويُقْطَع النظر عن البقية، ويحرم عليهم أخذ زيادة على ما يستحقونه حال المحاصَّة (4)، ولو فاتت المزاحمة انتفت هذه الحرمة، وحل له أخذ كمال حقه الأصلي، كالوارث، فإن الابن إذا كان معه مثله استحق نصف المال، وإن عدم نظيره استحق الكل، فالأولى الاقتصار على أحد توجيهَي التلخيص (5)، وهو أن الوارث يستفيض أمره ولا يخفى غالبًا، فلا يعسر بيانه، ولا إنكار وجوده، بخلاف الدين فإن أمره يخفى غالبًا، وفرق ظاهر بين ما يظهر غالبًا، وما يخفى غالبًا، تدبر!.
* قوله: (ثم إن ظهر رب حالٍّ) أما لو تجدد بأن كان قد حفر المفلِس بئرًا تعديًا، ثم وقع فيها إنسان فمات بعد القسمة، فإنه لا يرجع بسببه في تلك الحالة؛
(1) في "ج" و"د": "على".
(2)
شرح المصنف (4/ 545).
(3)
حاشية المنتهى (ق 149/ ب).
(4)
في "ب" و"ج" و"د": "المحاص".
(5)
انظر: الفروع (4/ 306)، القواعد لابن رجب ص (321)، الإنصاف (13/ 328).
رجع على كل غريم بقسطه، ولم تُنقض.
ومن دينه مؤجَّل لا يحل ولا يوقف له، ولا يرجع على الغرماء إذا حلَّ.
ويُشارك من حلَّ دينُه قبل قسمة في الكل. . . . . .
ــ
لأنه ليس أولى من رب الدين المؤجل إذا حل بعد القسمة، حيث صرحوا فيه بعدم الر جوع (1).
* قوله: (رجع على كل غريم بقسطة) ظاهره ولو كانوا قد تصرفوا فيه، وهو خلاف ما قالوه فيمن قبض الدين المشترك، من أنه يرجع (2) عليه بالقسط ما دام بيده، فإن تصرف فيه تعين الرجوع على المدين (3)، ويطلب الفرق بين المسألتَين؟ وقد يفرق: بأن القبض هنا باطل، فما (4) قبضه مضمون عليه، تصرف فيه أو لا، وهناك القبض صحيح فلا ضمان لو تلف بيده، فراجع شرح شيخنا للإقناع (5)!.
وأيضًا: المفلِس لم يبق بيده شيء يمكن الأخذ منه، [فلا فائدة في الرجوع عليه](6) بخلاف المدين، فالرجوع عليه له فائدة، فتدبر!.
* قوله: (في الكل)؛ أيْ: في كل مال المفلِس.
(1) انظر: كشاف القناع (3/ 438)، شرح منصور (2/ 285).
(2)
في "ب" و"ج" و"د": "مرجع".
(3)
انظر: الإقناع (2/ 450، 451).
(4)
في "أ": "في".
(5)
كشاف القناع (3/ 438) وعبارته: "ولعل الفرق: أن بالحجر تعلق حق جميع الغرماء بماله، فتخصيص بعضهم باطل -كما سبق-. بخلاف مسألة القبض من المشترك، إذ المدين فيها غير محجور عليه".
(6)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "أ" و"ب".
وفي أثنائها فيما بقي، ويُضرب له بكل دينه ولغيره ببقيته، ويُشارك مجني عليه قبل حجْره وبعده.
ولا يحل مؤجَّل بجنون ولا موت إن وَثَّقَ ورثته أو أجنبي الأقل من الدين أو التركة، ويختص بها رب حالٍّ. . . . . .
ــ
* قوله: (فيما بقي)؛ أيْ: من مال المفلِس، دون ما قسم.
* قوله: (ولغيره)؛ أيْ: ويضرب لغيره، وهو مطف على قوله:"له".
وبخطه: وهو من أخذ شيئا قبل حلول الأجل.
* قوله: (ويشارك مجني عليه. . . إلخ) هذه المسألة تقدمت في آخر الحكم الأول (1)، فانظر ما الحكمة في إعادتها؟ ويمكن أن تكون الحكمة ما فيها من بيان أنه لا فرق بين كون الجناية قبل الحجر أو بعده، وما تقدم ظاهر فيما إذا كانت الجناية بعده.
* قوله: (ولا يحل مؤجَّل. . . إلخ) عبارة بعض الأصحاب (2): "ولا يحل مؤجَّل بحجر ولا موت"، انتهى، وإنما عبر المص بالجنون دون الحجر، لئلا يلزم عليه التكرار في كلامه حيث قال فيما تقدم (3):"ومن دينه مؤجَّل لا يحل"، فإن هذا الكلام في المفلِس، وبقي الحكم في المجنون فنص عليه هنا، فساوى كلامه كلام غيره.
* قوله: (ويختص بها)؛ أيْ: بالتركة.
(1) ص (163).
(2)
كالمحرر (1/ 346)، الفروع (4/ 307)، والوجيز (2/ 537)، ومختصر المقنع ص (43).
(3)
ص (176).
فإن تعذر تَوَثُّقٌ أو لم يكن وارث حلَّ.
وليس لضامن مطالبة رب حق بقبضه من تركة مضمون عنه، أو يبرئه، ولا يمنع دين انتقالها إلى ورثة.
ويلزم إجبار مفلِس محترف على إيجار نفسه فيما يليق به لبقية دينه، كوقف وأم ولد يستغني عنهما، مع الحجْر عليه لقضائها، لا امرأة على نكاح، ولا من لزمه حج أو كفارة.
ــ
* قوله: (فإن تعذر توثق) المراد فإن لم يوثق، وليس الحكم منوطًا بالتعذر، بل بعدم التوثق، سواء كان للتعذر أم لا.
* قوله: (أو يبرئه) بالنصب عطف على الفعل المنسبك مع "أن" بالمصدر في قوله: "بقبضه"؛ أيْ: بأن يقبضه أو يبرئه، وأشار شيخنا في شرحه (1) إلى ذلك بتقدير "أن".
* قوله: (على إيجار نفسه) عبارة الإقناع (2): "على الكسب وإيجار نفسه"، ولعل الواو بمعنى "أو"؛ أيْ: أو على إيجار نفسه، أو العطف تفسيري، تفسير مراد، فلا يُجبر على إيجار نفسه عينًا، بل المدار على الكسب، فكان الأظهر الاقتصار على الكسب.
* قوله: (كوقف وأم ولد)؛ أيْ: كما يلزم إيجار وقف وأم ولد.
* قوله: (ولا من لزمه حج أو كفارة) عبارة الشارح (3): "ولا يُجبر من لزمه
(1) شرح منصور (2/ 286).
(2)
الإقناع (2/ 403).
(3)
شرح المصنف (4/ 552).
ويحرم على قبول هبة وصدقة ووصية، وتزويج أم ولد، وخلع، وردِّ مبيع وإمضائه، وأخذ دية عن قوة ونحوه.
وينفك حجْره بوفاء، ولصح الحكم بفكه مع بقاء بعض، فلو طلبوا إعادته لما بقي لم يُجبهم، وإن ادَّان فحُجر عليه تَشَارَك غرماء الحجر الأولَ والثاني. . . . . .
ــ
حج أو كفارة؛ يعني: أن من وجب عليه حج أو كفارة وهو غير مفلس، وله حرفة يمكنه (1) أن يحصل منها ما يحج به حجة الفرض وما يخرجه عن كفارته لم يجبر على إيجار نفسه ليحج حجة الفرض، أو يخرج ما لزمه من كفارة؛ لأن ماله لا يباع في ذلك، ولا تجري فيه المنافع مجرى الأعيان"، انتهى.
قال شيخنا: والظاهر أن المراد لا يلزمه لو أجر نفسه؛ يعني: أن من كان يعرف من نفسه أنه لو احترف لاستطاع حجة الفرض؛ أيْ: حجة الإسلام لا يلزمه أن يحترف، ولا يلزمه أيضًا الاحتراف ليتمكن من التكفير بالعتق، وليس المراد أنه كان استطاع أولًا ثم تهاون حتى أعسر؛ لأنه يجب عليه حينئذٍ أن يفعل ما يتمكن به من أداء ما استقر في ذمته ويباع ماله في ذلك، وتجرى هنا المنافع مجرى الأعيان.
* قوله: (ويحرم)؛ أيْ: الإجبار.
* قوله: (وتزويج أم ولد) قال في شرحه (2): "وظاهره ولو لم يكن يطؤها، لما فيه من تحريمها عليه بالنكاح وتعلق حق الزوج بها".
* قوله: (بوفاء)؛ أيْ: لكل الدين.
(1) في "أ": "يمكن".
(2)
شرح المصنف (4/ 553).