الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب الموصى به
يُعتبر إمكانه، فلا تصح بمُدبَّر، واختصاصه: فلا تصح بمال غيره، ولو ملكه بعد، وتصح بإناء ذهب و (1) فضة، وبما يعجز عن تسليمه، كآبق، وشارد، وطير بهواء، وحمل ببطن، ولبن بضرع. . . . . .
ــ
باب الموصى به
* قوله: (فلا تصح بمدبَّر) لعله ما لم يقتل سيده، فإن قتله بطل تدبيره وصحَّت الوصية به، -بدليل ما سبق (2) -.
* قوله: (واختصاصه)؛ أيْ: لا يشترط فيه أن يكون مما تجري فيه حقيقة الملك، بل يكفي مجرد الاختصاص، فتصح بجلد الميتة المدبوغ ونحوه، وحينئذٍ فـ "يعتبر" مستعمل في حقيقته ومجازه.
* قوله: (فلا تصح بمال غيره) انظر هل يقال محله ما لم يعلقه على ملكه له؟ والظاهر نعم؛ لأن الوصية من العقود الجائزة التي يصح تعليقها، ويرشح صحة ذلك قوله:"وبمئة لا يملكها"؛ لأنه في معنى إن حصلت في ملكي.
* قوله: (ولبن بضرع) ناقش فيه الحارثي (3): بأن هذا من صور المجهول،
(1) في "م": "أو".
(2)
ص (564) في قوله: "وكذا فعل مدبَّر بسيده".
(3)
نقله في كشاف القناع (4/ 367) وعبارته: "قال الحارثي: على التمثيل هاهنا باللبن في =
وبمعدوم، كبما تحمل (1) أمتُه أو شجرته أبدًا أو مدة معيَّنة، وبمئة لا يملكها، فإن حصل شيء، أو قدر على المئة أو شيء منه عند موت، فله، إلا حَمْل الأمة، فقيمته، وإلا بطُلت.
وبغير مال، ككلب مباح النفع، وهو كلب صيدٍ وماشية وزرع وجِرْوٍ لما يباح اقتناؤه له، غيرُ أسودَ بهيم، فإن لم يكن له كلب تصح، وزيت متنجس لغير مسجد -وله ثلثهما - ولو كثر المال- إن لم تُجزْ الورثة، لا بما لا نفع فيه، كخمر وميتة ونحوهما.
ــ
لا من صور ما يعجز عن تسليمه، فتدبر!.
* قوله: (فقيمته)؛ أيْ: وقت ولادته إن سبقها القبول، وإلا فالمعتبر قيمته وقت القبول، هذا قياس ما سبق (2)، قال شيخنا (3):"ولم يصرحوا به هنا فيما رأيت".
* قوله: (وله ثلثهما)؛ أيْ: ثلث الكلاب المباحة والزيت المتنجِّس.
* قوله: (ولو كثر المال) بحيث يحتملها ثلثه.
* قوله: (لا بما لا نفع فيه) كخمر ولو لخلَّال، ولذمي ولو مستترة.
وبخطه: يشهد لجعل الخمر لا نفع فيه قوله صلى الله عليه وسلم ما لفظه أو معناه: "إن اللَّه إذا
= الضرع مناقشة، فإنه يمكن التسليم بالحليب، لكنه من نوع المجهول أو المعدوم، لتجدده شيئًا فشيئًا".
(1)
في "م": "به".
(2)
ص (534).
(3)
انظر: شرح منصور (2/ 556).
وتصح بمُبهم، كثوب، ويُعطى ما يقع عليه الاسم، فإن اختلف بالعُرف والحقيقة غُلِّبت فـ: شاة وبعير وثور -لذكر وأنثى مطلقًا-. . . . . .
ــ
حرم شيئًا سلب نفعه" (1)، ويبقى النظر في الجمع بينه، وقوله -تعالى-:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219](2)، فتدبر!.
* قوله: (غلبت)؛ أيْ: الحقيقة.
* قوله: (وبعير) بفتح الباء وكسرها (3).
* قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء أثبت التاء في العدد كوصيت بثلاثة أو حذفها كثلاث، ثم بين المعدود بقوله من إبلي أو بقري أو غنمي ونحو ذلك؛ لأن اسم الجنس يُذكَّر ويؤنث، وقد يلحظ في التذكير معنى الجمع، وفي التأنيث معنى
(1) من حديث ابن عباس، ولفظه:"إن اللَّه إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه". أخرجه أحمد (1/ 247).
وأبو داود في كتاب: البيوع، باب: في ثمن الخمر والميتة (3/ 280) رقم (3488) واللفظ له.
وابن حبان في كتاب: البيوع، باب: البيع المنهي عنه (11/ 312) رقم (4938).
والبيهقي في كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع ما يكون نجسًا لا يحل أكله (6/ 13).
وصححه ابن القيم في زاد المعاد (5/ 746).
(2)
والجمع أن ما في الخمر من الإثم والمضار، وما يصدر منه ذهاب العقل والمال، والصد عن ذكر اللَّه وعن الصلاة، والعداوة والبغضاء، أكبر مما يظنونه من النفع، من كسب المال بالتجارة بالخمر، وتحصيله بالقمار، والطرب للنفوس عند تعاطيهما، وهذا البيان في الآية زاجر للنفوس؛ لأن العاقل يرجح ما ترجحت مصلحته، ويجتنب ما ترجحت مضرَّته.
انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 317)، تيسير الكريم الرحمن ص (98).
(3)
انظر: القاموس المحيط ص (449) مادة (بعر).
وحصان وجمل وحمار وبغل وعبد -لذكر-، وحِجر وأتان وناقة وبقرة -لأنثى-. . . . . .
ــ
الجماعة (1)، شرح (2).
* قوله: (وحصان) بكسر الحاء (3).
* قوله: (وعبد لذكر) الذي في الصحاح (4) أن العبد خلاف الحرِّ، وهذا يقتضي شموله للذكر والأنثى، فانظر ما هنا هو قول ثانٍ في اللغة، أو هو اصطلاح للفقهاء، مع أنه مخالف لقوله فيما سيأتي في كتاب العتق (5) حيث قال:"فصل: وكل مملوك أو عبد لي، أو مماليكي أو رقيقي حرٌّ يعتق مُدَبَّروه، ومكاتبوه، وأمهات أولاده. . . إلخ"، فكيف يحكم عليه هنا بأنه خاص بالذكر، وهناك بأنه شامل لأمهات الأولاد (6)، فليحرر؟!.
ثم رأيت المص في شرحه (7) هنا صرح بأن فيه قولًا آخر، وهو شموله للذكر والأنثى (8)، وحينئذٍ فيكون ما هنا على قول، وما في العتق على مقابله.
* قوله: (وبقرة لأنثى) قد صرحوا في غير هذا المحل. . . . . .
(1) انظر: شرح التصريح على التوضيح (2/ 286، 287)، شرح الأشموني مع حاشية الصبان (3/ 68، 69).
(2)
شرح المصنف (6/ 250).
(3)
انظر: المصباح المنير (1/ 139) مادة (حصن).
(4)
الصحاح (2/ 502) مادة (عبد).
(5)
منتهى الإرادات (2/ 131).
(6)
في"ج" و"د": "أولاده".
(7)
شرح المصنف (6/ 250).
(8)
انظر: الفروع (4/ 621)، الإنصاف (17/ 349).
وفرس ورقيق -لهما-، والدابة: اسم لذكر وأنثى من خيل وبغال وحمير.
وبغير معيَّن كعبد من عبيده، ويعطيه الورثة ما شاؤوا منهم، فإن ماتوا إلا واحدًا تعينت فيه، وإن قُتلوا فله قيمة أحدهم على قاتل، وإن لم يكن له عبد، ولم يملكه قبل موته، لم تصح. . . . . .
ــ
كالزكاة (1) بأن التاء في بقرة للوحدة، لا للتأنيث فتطلق على الذكر والأنثى، فليحرر (2)!.
* قوله: (والدابة. . . إلخ) عبارة الزركشي (3) عند قول الخرقي في باب جزاء الصيد: (وإن كان المقتول دابة): "يحترز به عما إذا كان طائرًا -كما سيأتي-" فأطلق الدابة على ما في البرِّ من الحيوان وهو (4) غريب، إذ الدابة في الأصل لكل ما دَبَّ، ثم في العرف للخيل والبغال والحمير، وكأنه رحمه الله نظر إلى قوله -سبحانه-:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] الآية، انتهى.
* قوله: (فله قيمة أحدهم) والخيرة في ذلك للورثة، شرح (5).
(1) انظر: شرح المصنف (2/ 599)، المطلع ص (125).
(2)
وصرح في القاموس، والمصباح المنير وغيرهما بأن البقرة تطلق على الذكر والأنثى، لكن لعل ما هنا فيه تغليب للحقيقة العرفية على اللغوية. انظر: القاموس المحيط ص (450)، المصباح المنير (1/ 57) مادة (بقر).
(3)
شرح الزركشي (3/ 345).
(4)
سقط من: "أ".
(5)
شرح المصنف (6/ 253).
وإن ملك واحدًا أو كان له تعين.
وإن قال: "أعطوه عبدًا من مالي، أو مئة من أحد كِيْسَيَّ"، ولا عبد له، أو لم يوجد فيهما شيء -اشتُري له ذلك. . . . . .
ــ
* قوله: (تعيَّن) ويلغو قوله: "من عبيدي".
* قوله: (اشتري له ذلك) كان الظاهر أن يزيد في العبارة: وأعطى المئة، بقي أنه يطلب الفرق بين ما إذا أوصى له بعبد من عبيده، ولم يكن له عبيد بالمرة، وما إذا أوصى بمئة من أحد كيسَيه، ولم يوجد في الكيسَين شيء، حيث أبطلوا الوصية في الأولى، وصححوها في الثانية (1)؟.
ثم رأيت في كلام الحارثي (2) ما نصه: "وقد يفرق بينهما: بأن القدر (3) الفائت في صورة المئة صفة محل الوصية، لا أصل المحل، فإن كيسًا يؤخذ منه مئة موجود ملكًا، فأمكن تعلق الوصية به، والفائت في سورة العبد أصل المحل، لانعدام العبيد بالكلية، فالتعلق متعذر"، انتهى.
وفي حاشية شيخنا (4) فرق غير هذا عن ابن نصر اللَّه (5)، لكن كلام الحارثي هذا أدق من كلام ابن نصر اللَّه.
(1) انظر: شرح منصور (2/ 557).
(2)
نقله في كشاف القناع (4/ 371).
(3)
سقط من: "أ".
(4)
حاشية المنتهى (ق 195/ أ).
(5)
حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع (ق 97) وعبارته: "لا يلزم من قوله: أعطوه من أحد كيسَي أن يكون الموصى به في أحد الكيسَين، وإنما يقتضي ذلك أن الإعطاء من أحدهما، وهذا يصدق بأن يوضع المال في أحدهما، ثم يُعطى منه، هذا مقتضى اللفظ، وإن كان الظاهر أن ذلك غير مراد، إلا أن ذلك يصلح أن يتمسك به في الفرق بين المسألتَين في الجملة".
وبقوس -وله أقواس لرمي وبُندق وندف- فله قوس النُّشَّاب؛ لأنها أظهرها، إلا مع صرف قرينة إلى غيرها، ولا يدخل وتَرُها، وبكلب أو طبل -وثم مباح- انصرف إليه، وإلا لم تصح.
ولو وصَّى بدفن كتب العلم، لم تُدفن، ولا يدخل فيها -إن وصَّى بها لشخص- كتبُ الكلام، ومن وصَّى بإحراق ثلث ماله صحَّ، وصُرف في تَجْمِيرِ الكعبة، وتنوير المساجد، وفي التراب: يُصرف في تكفين الموتى، وفي الماء: يُصرف في عمل سُفن للجهاد، وتصح بمصحف ليُقرأ فيه، ويُوضع بمسجد أو موضع حريز، وتنفُذ وصيته فيما عَلِم من ماله وما لم يعلم.
ــ
* قوله: (وندف)؛ أيْ: ندف قطن.
* قوله: (أو طبل) الطبل المباح طبل الحرب، قال الحارثي (1):"وطبل الصيد وطبل الحجيج لنزول أو ارتحال"، شرح (2).
* قوله: (كُتب الكلام)؛ لأنه ليس من العلم، شرح (3).
وبخطه: يعني: إذا كانت مشحونة بالتدقيقات (4) الفلسفية.
* قوله: (يصرف في عمل سفن للجهاد)، قال ابن نصر اللَّه (5): "وفي الهواء
(1) نقله الشيخ منصور في شرحه (2/ 558).
(2)
شرح منصور (2/ 558).
(3)
شرح منصور (2/ 558).
(4)
في "أ": "من التدقيقات".
(5)
حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع (ق 97).
فإن وصَّى بثلثه فاستحدث مالًا ولو بنصيب أُحبُولةٍ قبل موته، فيقع فيها صيد بعده -دخل تحت ثلثه في الوصية، ويُقضى منه دينه، وإن قُتل فأُخِذَت ديته فميراث يُدخل في وصية، ويُقضى منها دينه، وتُحسب على الورثة- إن (1) وصَّى بمعيَّن بقدر نصفها.
* * *
ــ
يتوجه أن يقال يعمل به باذهنج (2) لمسجد ينتفع بهوائه المصلون"، حاشية (3)، وقال بعضهم (4): "ويعمل به سهام يرمي بها في سبيل اللَّه".
* قوله: (فيقع) يجوز الرفع على الاستئناف، وهو قليل من جهتَين، والنصب وهو الأكثر؛ لأنه عطف على اسم خالص من التأويل بـ "أن" والفعل (5).
* قوله: (إن وصَّى بمعيَّن بقدر نصفها) بأن كان قد وصَّى لزيد بعبد قيمته خمسمئة دينار، وكان لا يملك غيره، فلما قتل وأخذت ديته وهي ألف دينار خرج ذلك العبد من الثلث؛ لأن الاعتبار بثلثه حالة الموت، وقد صار العبدُ ثلُثًا حالته
(1) في "م" زيادة: "كان".
(2)
الباذهنج: نافذة يجلب بواسطتها الهواء من السطوح إلى السراديب وغيرها، وتستعمل كثيرًا في العراق، وتسمى الآن: بادكير، انظر: هامش غاية المنتهى (2/ 353).
(3)
حاشية المنتهى (ق 19/ أ).
(4)
هو الشيخ منصور كما في كشاف القناع (4/ 367) وعبارته بعد نقل كلام ابن نصر اللَّه: "قال تلميذه صاحب المبدع: وفيه شيء، انتهى، ولو قيل: يعمل به نبل ونشاب للجهاد لم يَبْعُد".
(5)
انظر: شرح التصريح (2/ 245)، شرح الأشموني مع حاشية الصبان (4/ 118).