الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - فصل
ولا تصح إلا في معلوم يَمْلِكُ فعله، كإمام بخلافة، وكقضاء دين، وتفريق وصية، وردِّ أمانة وغصب، ونَظَرٍ في أمرِ غير مكلَّف، وحدِّ قذفه يستوفيه لنفسه، لا لموصَى له، لا باستيفاء دين مع رشد وارثه.
ومن وُصِّيَ في شيء لم يصِر وصيًّا في غيره، ومن وُصِّي بتفرقة ثلثه أو قضاء دين، فأبى الورثة أو جحدوا، وتعذَّر ثبوته -قَضَى الدين باطنًا. . . . . .
ــ
شيخنا (1)، [ثم رأى](2) في كلام ابن نصر اللَّه (3) ما يقوِّيه.
فصل
* وقوله: (قضى الدين باطنًا) قيده بعضهم (4) بما إذا لم يَخَفْ تَبعَةً.
(1) حاشية المنتهى (ق 196/ ب).
(2)
ما بين المعكوفتَين سقط من: "أ".
(3)
حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع (ق 98)، وعبارته على قول الفروع (4/ 712):"وللوصي قبولها حياة الموصي وبعد موته ويعتبر قبولها، وله عزل نفسه"، وفي المحرر:"إذ وجد حاكمًا"، قال ابن نصر اللَّه:"وينبغي أن يكون ذلك شرطًا فيما إذا عزل نفسه بعد موت الموصي لا في حياته، وظاهر عبارة المجرد والمحرر اشتراط ذلك فيهما، وليس بظاهر".
(4)
كالإقناع (3/ 177)، وهذا القيد رواية عن الإِمام أحمد رحمه الله قال في الإنصاف (17/ 490، 491): "وهذه الرواية عامة في الموصى إليه وغيره".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبخطه: روى هشام بن عمار (1)، عن صدقة بن خالد (2)، عن يزيد بن جابر (3)، عن عطاء الخراساني، قال: حدثتني ابنة ثابت بن قيس بن شماس (4)، أن ثابتًا قتل يوم اليمامة وعليه درع له نفيسة، فمرَّ رجل من المسلمين، فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه، فقال له: إني أوصيك وصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتُضَيِّعها، إني لما قتلت أمس مَرَّ بي رجل من المسلمين فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس وعند خِبائه فرس يستن (5) في طوله، وقد أكفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رَحْلٌ، فأت خالدًا فمره (6) أن يبعث إليَّ درعي فيأخذها، فإذا قدمت المدينة على خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ يعني: أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقل له: إن عليَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق (7)، فأتى الرجل خالدًا فأخبره،
(1) هو هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة السلمي، أبو الوليد، كان قاضيًا، ومن القراء المشهورين من أهل دمشق، وهو خطيبها، ومحدثها، وعالمها، من كتبه:"فضائل القرآن"، مات سنة (245 هـ). انظر: ميزان الاعتدال (3/ 255)، شذرات الذهب (3/ 210).
(2)
هو: صدقة بن خالد الأموي، أبو العباس الدمشقي، ثقة، من رجال البخاري مات سنة (171 هـ). انظر: تهذيب التهذيب (4/ 414).
(3)
كذا في النسخ الخطية، وأهوال القبور وصوابه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، كما في التاريخ الكبير (2/ 167)، والمستدرك للحاكم (3/ 235).
(4)
هو الصحابي الجليل ثابت بن قُيس بن شماس الأنصاري، الخزرجي، خطيب الأنصار، شهد أحدًا وما بعدها، وبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، قتل رضي الله عنه يوم اليمامة شهيدًا في خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنة (11 هـ). انظر: البداية والنهاية (6/ 728)، الإصابة (1/ 951).
(5)
في "أ" و"ب" و"ج" و"د": "متين"، وفي هامش "ج":"يسن".
(6)
في "ج" و"د": "فأمره".
(7)
في "أ" و"ب": "عتق".
وأخرج بقية الثلث مما في يده، وإن فرَّقه ثم ظهر دينٌ يستغرقه، أو جُهل موصى له، فتصدق هو أو حاكم به، ثم ثَبَتَ: لم يضمن، ويَبْرَأ مدين باطنًا بقضاء دين يعلمه على الميت.
ولمدين دفع دين -موصًى به لمعيَّن- إليه، وإلى الوصيِّ، وإن لم يوصِ به، ولا بقبضه عينًا فإلى وارث ووصيٍّ. . . . . .
ــ
فبعث إلى الدرع فأُتِي بها، وحَدَّث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته، قال: ولا نعلم أحدًا أُجيزت وصيته بعد موته غير ثابت رضي الله عنه (1).
قلت: ومثل هذه الرؤيا الصادقة تورث ظنًّا قويًّا، من إخبار رجل أو رجلَين، فيجوز للوصي وغيره الاعتماد عليها في الباطن، كما إذا علم الوصيُّ بدين على الموصِي غير ثابت في الظاهر، فإن له قضاءه، وإذا رأى الإِمام إنفاذ ذلك ظاهرًا كان فيه اقتداء بالصديق رضي الله عنه، قاله ابن رجب في كتابه المسمى بـ "أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور (2) ".
* قوله: (وأخرج بقية الثلث)؛ أيْ: ثلث المال كله، لا ثلث ما في يده فقط، إذ هذا القول الثاني جعله الشارح (3) مقابلًا لما في المتن، وحكاه بـ "قيل"(4).
* قوله: (وإلى الولي) الواو بمعنى "أو".
(1) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 167) وقال: "إسناده ليس بقوي" والحاكم في المستدرك، كتاب: الجهاد (3/ 235). وانظر: فتح الباري (6/ 52)، مجمع الزوائد (9/ 322).
(2)
أهوال القبور ص (155، 156).
(3)
شرح المصنف (6/ 364، 365).
(4)
انظر: المغني (8/ 562)، الفروع (4/ 714)، الإنصاف (17/ 488).
وإن صرف أجنبي الموصَى به لمعيَّن في جهته: لم يضمنه، وإن وصَّى بإعطاء مدَّع -عَيَّنه- دينًا بيمينه، نقَدَه من رأس ماله.
ومن أُوصي إليه بحفر بئر بطريق مكة، أو في السبيل، فقال:"لا أقْدِر" فقال الموصي: "افعل ما ترى"، لم تُحفر بدار قوم لا بئرَ لهم.
وإن وصَّى ببناء مسجد فلم يجد عَرَصة -لم يجُز ضراء عَرَصَة يزيدها في مسجد، و:"ضَع ثُلُثِي حيث شئت، أو أعطه أو تصدق به على من شئت" لم يجُز له أخذه، ولا دفعه إلى أقاربه الوارثين -ولو كانوا فقراء- ولا إلى ورثة الموصِي.
ــ
* قوله: (أجنبي)؛ أيْ: من ليس بوارث ولا وصي.
* قوله: (لم يضمنه) انظر هل مفهومه صحيح، وهو أنه لو صرف الأجنبي الموصى به لغير معيَّن كالفقراء في جهته أنه يضمنه، أو المراد الاحتراز عما إذا صرف الأجنبي الموصى به لمعين في غير جهته؟ والأظهر الثاني، وحمل المعيَّن في كلام المتن على الأعم من الشخص والجهة، بدليل قول المصنف:"في جهته"، إذ الفرد المعيَّن لا يسمى جهة، ولكن شيخنا قد (1) اممتظهر في شرحه (2) الأول، فليحرر!.
* قوله: (فلم يجد عَرْصَة)؛ أيْ: محلًّا قابلًا لجعله مسجدًا.
* قوله: (يزيدها في مسجد)؛ أيْ: صغير.
* قوله: (إلي أقاربه)؛ أيْ: الوصي.
(1) سقط من: "ب" و"ج" و"د".
(2)
شرح منصور (2/ 576).
وإن دعت حاجة لبيع بعض عقار لقضاء دين، أو حاجة صغار- وفي بيع بعضه ضرر، باع على كبار أبَوا أو غابوا، ولو اختُصُّوا بميراث.
ومن مات ببرِّية ونحوها -ولا حاكم، ولا وصيَّ- فلمسلم أخذ تركته، وبيع ما يَراه، ويُجهزه منها إن كانت، وإلا فمن عنده، ويَرْجِع عليها، أو على من تلزمه نفقتُه إن نواه أو استأذن حاكمًا.
ــ
* قوله: (على كبار)؛ أيْ: وعلى صغار بالأولى؛ لأن الحاجة لهم.
* قوله: (بميراث) المراد: ولو (1) لم يكن معهم صغار وارثون، بأن كان الورثة كلهم كبارًا وأوصى بقضاء دين أو وصية تخرج من ثلثه، واحتيج في ذلك لبيع بعض عقاره، وفي تشقيصه ضرر، والورثة كلهم كبار، وأبَوا بيعه أو غابوا، فللموصى إليه بيع العقار كله؛ لأنه يملك بيع التركة فملك بيع جميعها، كما لو كانوا صغارًا والدين مستغرقًا، وكالعين المرهونة، شرح (2).
* قوله: (ولا حاكم)؛ أيْ: أهلًا لذلك، وأما من لا أهلية فيه فوجوده وعدمه سواء.
* قوله: (إن كانت)؛ أيْ: حاضرة.
* قوله: (أو على من تلزمه نفقته) الأَوْلَى: كفنه -على ما في الإقناع (3) - إذ النفقة تلزم الزوج، ولا يُرْجَعُ عليه بذلك.
* * *
(1) سقط من: "ج" و"د".
(2)
شرح المصنف (6/ 370، 371).
(3)
الإقناع (3/ 179).