الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يغمض مؤلفه عينيه عن هذه المعارك كلها، وإذا كان هذا كله يقتضي تربية مكافئة لهذه الأمور كلها على ضوء القرآن فقد راعيت أن يكون هذا بارزا في هذا التفسير.
ومن مميزات هذا التفسير أنه حاول أن يبين من هي جماعة المسلمين، وما هي مدارسها الاعتقادية والفقهية والروحية والسلوكية والأصولية، ومن يقرب من ذلك ومن يبعد عنه، وما خالط ذلك من دخن في العصور المتأخرة، وأصول الخلاف وأمهات مسائل الخلاف، وما هو الخلاف المرفوض والاختلاف المقبول؟ وما هو إطار ذلك؟ وما ينبغي أن يترتب عليه سلبا أو إيجابا؟
ومن مميزاته أنه حاول أن يبين كيف أن القرآن أعطى الجواب على كل شئ إما بشكل مباشر أو بما أحال عليه من سنة أو بما أحال القرآن والسنة على طرائق ووسائل يعرف بها حكم الله.
ومن مميزاته أنه كتاب علم ودعوة وتربية وجهاد بآن واحد، فهو كتاب تبصير للمسلم في هذه الدوائر كلها، وكيف ينبغي أن يتصرف في كل دائرة منها على بصيرة بما لا يطغى فيه حق العلم على حق المعركة، أو حق المعركة على حق العلم، أو حق العلم والمعركة على حقوق الدعوة وطرائق التربية.
على أنني وإن حاولت أن ألاحظ في هذا التفسير مجموعة من القضايا التي لا بد منها في تفسير معاصر، إلا أنني أحب أن أذكر بأن القصور عن المستوى المطلوب كثير، والعلة في أولا، ولكن قد يكون من العذر أنني كتبت مسودة هذا التفسير في سجن كان يصعب علي فيه- في بعض المراحل- أن أصل إلى كتاب أصلا. ثم إنني كتبت مبيضته في غربة وعزلة، وكل ذلك يحول دون الكمال المطلوب. ورحم الله امرأ دلني على خطأ أو كمال. وأسأل الله أن يتقبل، وأن يرزقني العفو والعافية وحسن الختام.
ملاحظة حول اصطلاحات في هذا التفسير:
اعتمادا على حديث حسن سنراه اعتبرنا أن القرآن يتألف من أربعة أقسام: قسم الطوال، وقسم المئين، وقسم المثاني، وقسم المفصل، وبناء على معان سنراها اعتبرنا أن السبع الطوال تنتهي بانتهاء سورة براءة، وأن قسم المئين ينتهي بانتهاء سورة (القصص)، وأن قسم المثاني ينتهي بانتهاء سورة (ق)، وأن قسم المفصل ينتهي بانتهاء
القرآن، وبناء على تتبع المعاني رأينا أن كلا من القسم الثاني والثالث والرابع يتألف من مجموعات متعددة من السور، كل مجموعة تشكل وحدة في قسمها، هذا بالنسبة لسور القرآن، فإننا نستعمل كلمة قسم وكلمة مجموعة، أما بالنسبة للآيات في السورة الواحدة فإننا نستعمل كلمة قسم وكلمة مقطع وكلمة فقرة وكلمة مجموعة. فكلمة
قسم أوسع مما بعدها ولا نستعملها إلا في السور الطويلة حيث يكون عندنا عدة مقاطع يجمعها جامع، وكلمة مقطع أوسع من كلمة فقرة ونستعلمها حيث تكون الآيات ذات الموضوع الواحد كثيرة، وكلمة فقرة أوسع من كلمة مجموعة ونستعملها عند ما يكون عندنا مقطع ذو موضوع واحد ولكنه يتألف من مجموعة معان رئيسية فنستعمل لكل معنى رئيسي في المقطع كلمة فقرة، وكلمة مجموعة أضيق من كلمة فقرة، ونستعملها إذا كان في الفقرة داخل المقطع أكثر من معنى يحسن أن نشرحه منفصلا عما قبله وعما بعده. وإذا كانت السورة طويلة فقد يرد لفظ القسم والمقطع والفقرة والمجموعة، ولكن إذا لم تكن كذلك فقد يرد في تقسيماتها لفظ المقطع والفقرة والمجموعة، أو لفظ الفقرة والمجموعة، أو لفظ الفقرة فقط، وسيكون دليلنا في هذا كله المعاني والمعالم، وسنحاول بإذن الله ألا نتكلف في شئ لا توصلنا إليه المعاني والمعالم معا. وأحيانا نجد سورا تضمها خاصية واحدة مع أنها تنتسب لأكثر من مجموعة داخل القسم فنستعمل لها تعبير الزمرة، وكل ذلك سنرى دواعية أثناء العرض فلينتبه القارئ لذلك، ثم لينتبه القارئ إلى أن هذا التفسير مبناه على قراءة (حفص) في الأصل وقد نتعرض أحيانا لبعض القراءات الأخرى ولكن الأصل هو ما ذكرناه حتى لا نشتت القارئ. ثم إننا قد نذكر أثناء العرض المعنى العام ثم المعنى الحرفي ثم نعقب بفوائد ثم نعقد فصولا ويتكامل العرض بذلك كله. فعلى القارئ أن ينتبه لمثل هذا إذا كان يبحث عن شئ بعينه.
ولقد جرت عادة الكثيرين من المفسرين أن يقدموا مقدمات كثيرة لها صلة بالتفسير وعلومه وقواعده، أو لها صلة بالقرآن وقراءاته وعلومه. غير أنني أحببت أن أبدأ بالتفسير مباشرة لأنه هو المقصود المباشر للقارئ، على أنني سأحاول أن أذكر في آخر القسم الثالث ما يغطي كل ما يلزم في هذه الشئون.
ولنبدأ التفسير على بركة الله.