الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فكون الحكم سيكون بينهم يوم القيامة، فذلك يشعر أنه لا أمل في تزحزحهم عن مواقفهم. وهكذا يقص الله عز وجل علينا. في نهاية هذا الفصل، وفي الفقرة الأخيرة منه، وفي خاتمة مقطع بني إسرائيل.
المقولات الكبرى عند الناس لنحدد بذلك مواقفنا منهم ولنعرف دقائق تركيبهم النفسي واتجاهاتهم الخطيرة، ثم يأتي بعد المقولتين السابقتين موقف.
3 -
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ* وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ.
كلمة في السياق:
تأتي هذه الآيات بعد الآية التي تعرض دعاوى أهل الباطل واتهاماتهم لبعضهم، وكأنها تعطينا ميزانا نتعرف به على كذبهم جميعا. فأظلم الظالمين هو الذي يعطل المساجد فلا يذكر فيها اسم الله ويسعى في خرابها. وهذه المجموعات الثلاث تخرب مساجد الله ولا تتوجه له بخالص العبادة فإذن دعاواها باطلة. إلا أن السياق لم يأت بنقض دعاوى القوم بشكل مباشر بل يقرر حقائق مطلقة وجد من يدعي أو لم يوجد.
ولكن الصلة بين هذه الآيات والمقولة السابقة موجودة وهذا الواقع يؤيد ذلك، إن من يتذكر محاكم التفتيش وما ترتب عليها من تعطيل لذكر الله في المساجد، ومن يعلم أن أربعة عشر ألفا من المساجد في سمرقند عطل الشيوعيون فيها ذكر الله، ومن علم أن اليهود وراء كل تخريب أخلاقي وديني في هذا العالم، وأن المسلمين وحدهم هم الذين حموا للنصارى كنائسهم، ولليهود كنائسهم، وللمجوس معابدهم، على كفر هؤلاء جميعا يعلم أن المسلمين وحدهم هم أصحاب الحق في هذا العالم ولنا عودة على السياق فلنكتف الآن بهذا القدر.
التفسير:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ أي لا أحد أظلم من الذي يمنع المساجد من أن يذكر فيها اسم الله وَسَعى فِي خَرابِها بأن قطع من يعمرها بذكره أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ قال ابن كثير: «هذا خبر معناه الطلب أي لا تمكنوا هؤلاء إذا قدرتم عليهم من دخولها إلا تحت الهدنة والجزية» .
وهذا يفهم منه أن الله عز وجل أعطى الوصاية للمسلمين على هذا العالم وكلفهم أن
يفرضوا سلطانه ويعلوا كلمته بحيث يخاف غيرهم من سلطان الله بخوفهم منهم فإذا أراد أن يدخل مساجد الله لا يدخلها إلا وهو خاضع خائف. فكيف يصح أن يكون له السلطان عليها.
قال النسفي: «أي ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا مساجد الله إلا على حال التهيب وارتعاد الفرائص من المؤمنين أن يبطشوا بهم فضلا عن أن يستولوا عليها ويلوها ويمنعوا المؤمنين عنها» . لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ أي للمانعين قتل، وسبي للحربي، وذلة بضرب الجزية للذمي وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ أي النار هذا التفسير النسفي لهذه الآية وهو يؤكد أن المانعين لمساجد الله يدخل فيهم اليهود والنصارى والمشركون وغيرهم، أي من غير المسلمين. وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه ابتداء من الربط الكامل في المعنى ما بين هذه الآيات والآية قبلها. فآية وَمَنْ أَظْلَمُ
…
رد على اليهود والنصارى والذين لا يعلمون أنهم على شئ لأنهم جميعا ظالمون، وتأكيد أن المسلمين وحدهم على شئ لأنهم لا يمنعون أحدا أن يذكر اسم الله في مسجد أو معبد. وهذه الآية آية وَمَنْ أَظْلَمُ .. من غوامض الآيات وخاصة في خاتمتها ولذلك فللمفسرين كلام كثير فيها واختلاف كثير:
اختلفوا في المراد بالمانعين فقال قوم اليهود، وقال قوم النصارى، وقال قوم المشركون وكل استدل بشيء. والذي أراه- ويظهر ذلك من خلال التاريخ والواقع- أن الجميع كذلك إذا كان لهم السلطان ولذلك فعلى المسلمين أن يكون لهم السلطان السياسي في هذا العالم، لأنه ليس غير المسلمين مؤتمنين على حفظ حرمة أماكن العبادة لله في العالم.
واختلفوا في قوله تعالى أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ هل هو إخبار عن حال، أو هو خبر بمعنى النهي، أو هو وصف لما ينبغي أن يكون، أو هو بشارة للمسلمين أن الحال سيكون كذلك، وقد بسط ابن كثير هذه الأقوال وقدم القول بأنه خبر بمعنى النهي. وقدم النسفي القول بأنه وصف لما ينبغي أن يكون، وجمعنا نحن بين القولين كما مر. ولمجرد توضيح القول الرابع ننقل عبارة ابن كثير فيه «وقيل إن هذا بشارة من الله للمسلمين أنه سيظهرهم على المسجد الحرام وعلى سائر المساجد وأنه يذل المشركين لهم حتى لا يدخل المسجد الحرام أحد إلا خائفا يخاف أن يؤخذ فيعاقب أو يقتل إن لم يسلم وقد أنجز الله هذا الوعد كما تقدم من منع المشركين من دخول المسجد الحرام» .