الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعنى العام:
في الآية الأولى يأمر الله عباده المؤمنين بالإنفاق من أطيب المال، وأجوده وأنفسه.
ونهاهم عن التصدق برذالة المال، ودنيئه، وخبيثه. فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وذلك أن الإنسان نفسه لو أعطي دنئ المال لم يأخذه، إلا إذا تغاضى فيه، وتساهل. فالله أغنى عنه منكم فلا تجعلوا لله ما تكرهون. ثم أمرهم الله عز وجل بأن يعلموا بأن
الله غني عن جميع خلقه. وجميع خلقه فقراء إليه. وهو واسع الفضل، لا ينفد ما لديه. فمن تصدق بصدقة من كسب طيب، فليعلم أن الله غني، واسع العطاء، كريم، جواد. وسيجزيه بها، ويضاعفها له أضعافا كثيرة. وأن يعلموا أنه الحميد. أي: المحمود في جميع أفعاله، وأقواله، وشرعه، وقدره، لا إله إلا هو، ولا رب سواه.
وفي الآية الثانية يبين الله عز وجل أن الشيطان يخوفنا الفقر لنمسك ما بأيدينا فلا ننفقه في مرضاة الله. ومع نهيه إيانا عن الإنفاق خشية الإملاق، يأمرنا بالمعاصي، والمآثم، والمحارم، ومخالفة الخلاق. وفي مقابلة ما يأمرنا به الشيطان من الفحشاء. الله يعدنا مغفرة منه. وفي مقابلة ما يخوفنا الشيطان من الفقر، الله يعدنا فضله. ثم بين الله عز وجل أنه الواسع الذي يوسع على من يشاء، العليم بالأفعال، والنيات. ومن سعة فضله، ما ذكره في الآية الثالثة من أنه يؤتي من يشاء الحكمة. وذلك أثر عن علمه المحيط إذ لا يوفق الإنسان إلى فعل الأحكم في كل شئ؛ إلا المحيط علما بكل شئ. ومن ثم بينت الآية الثالثة أنه هو الذي يعطي الحكمة من شاء من عباده، فما هي الحكمة؟.
وما هي قيمتها؟. الحكمة: وضع الأمور في مواضعها، وهذا لا يكون إلا بفقه في دين
الله، وتوفيق من الله بألا يقول الإنسان كلمة إلا في محلها، ولا يعمل عملا إلا في محله، فيلهم الحكيم وضع الأمور في مواضعها في إطار تعامله مع زوجته، وأولاده، وأهله، وأرحامه، وجيرانه، وعمله، ومسئولياته، سواء كانت على مستوى ضيق، أو واسع. وإن الإنسان ليتصرف التصرف الأخرق في إطار الأسرة، فتخرب بيوت.
ويتصرف تصرفا على مستوى دولة إن كان مسئولا، فتخرب أوطان. ومن ثم كانت قيمة الحكمة عظيمة جدا، ولذلك قال تعالى في هذه الآية: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً.
ثم ذيل الله تعالى هذه الآية بتبيان أنه لا ينتفع بالموعظة والتذكار إلا من له لب، وعقل يعي به الخطاب ومعنى الكلام.
وفي الآية الرابعة يخبر تعالى أنه عالم بجميع ما يفعله العاملون من الخيرات من النفقات، والمنذورات. وفي ذلك إشعار بمجازاته على ذلك أوفر الجزاء للعاملين، ابتغاء وجهه، ورجاء موعوده. وفيها وعيد لمن لا يعمل بطاعته، بأن خالف أمره، وكذب خبره، وعبد معه غيره بقوله: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ أي: يوم القيامة ينقذونهم من عذاب الله ونقمته. وفي الآية الخامسة، ثناء على صدقة السر، وصدقة الجهر.
وأشعر أن صدقة السر أفضل. لأنها أبعد عن الرياء، وأبعد عن كسر القلوب. وبين أن من موجبات تكفير السيئات، بذل الصدقات. وختم الآية بتذكيرنا أنه لا يخفي عليه سرنا، وجهرنا. وأنه سيجزينا عليه.
وفي الآية السادسة بيان لعدم ربط الصدقات بموضوع الهداية. فلنتصدق ولو لم يترتب على ذلك هداية من نتصدق عليهم، ولو لم يكونوا مهتدين. وهذا في غير الزكاة، وصدقة الفطر؛ إذ لا تجوزان إلا للمسلمين. أو أن مقدمة الآية تشير إلى أن الرسول عليه البلاغ. ومن اهتدى فلنفسه والذي يخلق الهداية، ويوفق إليها، هو الله.
ثم حصر الله عز وجل، فجعل الذي ينتفع بالإنفاق صاحبه. ثم بين أن المسلم ينفق في سبيل الله، وليس عليه بعد ذلك ما يكون من عمل المتصدق عليه، سواء كان برا، أو فاجرا. مستحقا، أو غيره. فهو مثاب على قصده. فإن الله عز وجل وعد من أنفق خيرا أن يوفيه له كاملا، وبذلك ختمت الآية.
وفي الآية السابعة بين الله عز وجل أن أحق الخلق بالصدقات هم المهاجرون الذين انقطعوا إلى الله، وإلى رسوله. وليس لهم سبب يردون به على أنفسهم ما يغنيهم. ولا