الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا رأى معسرا، قال لفتيانه، تجاوزوا عنه، لعل الله يتجاوز عنا. فتجاوز الله عنه».
3 -
روى الإمام أحمد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن تستجاب دعوته، وأن تكشف كربته، فليفرج عن معسر» .
4 -
روي الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من انظر معسرا إلى ميسرته، أنظره الله بذنبه إلى توبته» . ومن حديث رواه ابن عباس، وأخرجه الإمام أحمد قوله صلى الله عليه وسلم:«من انظر معسرا، أو وضع عنه، وقاه الله من فيح جهنم» .
5 -
روى الإمام أحمد عن بريدة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من انظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة» . قال: ثم سمعته يقول: «من انظر معسرا فله بكل يوم مثلاه صدقة» . قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: من انظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة. ثم سمعتك تقول: من انظر معسرا فله بكل يوم مثلاه صدقة، قال له بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين. فإذا حل الدين فأنظره، فله بكل يوم مثلاه صدقة»
وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ. أي: توفى جزاء ما عملت. وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ. أي: بنقصان الحسنات، وزيادة السيئات.
فائدة:
القول الراجح عند العلماء، أن هذه الآية آخر آية نزلت من كتاب الله. قال ابن جريج: يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعدها تسع ليال، وبدئ يوم السبت، ومات يوم الاثنين. وروي مثله عن سعيد بن جبير وفي رواية عن ابن عباس بعد أن ذكر أنها آخر ما نزل أن بين نزولها، وموت النبي صلى الله عليه وسلم واحدا وثلاثين يوما.
فوائد من الظلال حول فقرة الربا:
- 1 -
إن الربا الذي كان معروفا في الجاهلية والذي نزلت هذه الآيات وغيرها لإبطاله ابتداء كانت له صورتان رئيسيتان: ربا النسيئة، وربا الفضل.
فأما ربا النسيئة فقد قال عنه قتادة: «إن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه» .
وقال مجاهد: «كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين، فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني. فيؤخر عنه» .
وقال أبو بكر الجصاص: «إنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة. فكانت الزيادة بدلا من الأجل. فأبطله الله تعالى» .
وقال الإمام الرازي في تفسيره: «إن ربا النسيئة هو الذي كان مشهورا في الجاهلية لأن الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجل، على أن يأخذ منه كل شهر قدرا معينا، ورأس المال باق بحاله. فإذا حل طالبه برأس ماله. فإن تعذر عليه الأداء زاده في الحق والأجل» .
وقد ورد في حديث أسامة بن زيد- رضي الله عنهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم قال:
«لا ربا إلا في النسيئة» (رواه البخاري ومسلم).
أما ربا الفضل فهو أن يبيع الرجل الشئ بالشئ من نوعه مع زيادة. كبيع الذهب بالذهب. والدراهم بالدراهم. والقمح بالقمح. والشعير بالشعير .. وهكذا .. وقد ألحق هذا النوع بالربا لما فيه من شبه به؛ ولما يصاحبه من مشاعر مشابهة للمشاعر المصاحبة لعملية الربا .. وهذه النقطة شديدة الأهمية لنا في الكلام عن العمليات الحاضرة ..
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح .. مثلا بمثل .. يدا بيد .. فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء»
…
(رواه الشيخان) وعن أبي سعيد الخدري أيضا قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «من أين هذا؟» قال: كان عندنا تمر ردئ فبعت منه صاعين بصاع. فقال:
«أوه! عين الربا. عين الربا. لا تفعل. ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتر به» . (متفق عليه) فأما النوع الأول فالربا ظاهر فيه لا يحتاج إلى بيان، إذ تتوافر فيه العناصر الأساسية لكل عملية ربوية. وهي: الزيادة على أصل المال. والأجل الذي من أجله تؤدى هذه الزيادة. وكون هذه الفائدة شرطا مضمونا
في التعاقد. أي ولادة المال للمال بسبب المدة ليس إلا ..
وأما النوع الثاني، فمما لا شك فيه أن هناك فروقا أساسية في الشيئين المتماثلين هي التي تقتضي الزيادة. وذلك واضح في حادثة بلال حين أعطى صاعين من تمره الردئ وأخذ صاعا من التمر الجيد .. ولكن لأن تماثل النوعين في الجنس يخلق شبهة أن هناك عملية ربوية إذ يلد التمر التمر، فقد وصفه صلى الله عليه وسلم بالربا، ونهى عنه. وأمر ببيع الصنف المراد استبداله بالنقد. ثم شراء الصنف المطلوب بالنقد أيضا. إبعادا لشبح الربا من العملية تماما! ..
وكذلك شرط القبض: «يدا بيد» .. كيلا يكون التأجيل في بيع المثل بالمثل، ولو من غير زيادة، فيه شبح من الربا، وعنصر من عناصره!
إلى هذا بلغت حساسية الرسول صلى الله عليه وسلم بشبح الربا في أية عملية. وبلغت حكمته في علاج عقلية الربا التي كانت سائدة في الجاهلية. فأما اليوم فيريد بعض المهزومين أمام التصورات الرأسمالية الغربية والنظم الرأسمالية الغربية أن يقصروا التحريم على صورة واحدة من صور الربا- ربا النسيئة- بالاستناد إلى حديث أسامة رضي الله عنه، وإلى وصف السلف للعمليات الربوية في الجاهلية وأن يحلوا- دينيا- وباسم الإسلام! - الصور الأخرى المستحدثة التي لا تنطبق في حرفية منها على ربا الجاهلية!
ولكن هذه المحاولة لا تزيد على أن تكون ظاهرة من ظواهر الهزيمة الروحية والعقلية ..
فالإسلام ليس نظام شكليات. إنما هو نظام يقوم على تصور أصيل. فهو حين حرم الربا لم يكن يحرم صورة منه دون صورة. إنما كان يناهض تصورا يخالف تصوره، ويحارب عقلية لا تتمشى مع (أحكامه). وكان شديد الحساسية في هذا إلى حد تحريم ربا الفضل إبعادا لشبح العقلية الربوية والمشاعر الربوية من بعيد جدا.
ومن ثم فإن كل عملية ربوية حرام. سواء جاءت في الصور التي عرفتها الجاهلية أم استحدثت لها أشكال جديدة. ما دامت تتضمن العناصر الأساسية للعملية الربوية، أو تتسم بسمة العقلية الربوية .. وهي عقلية الأثرة والجشع والفردية والمقامرة. وما دام يتلبس بها ذلك الشعور الخبيث. شعور الحصول على الربح بأية وسيلة!
(2)
وبمناسبة قوله تعالى فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يقول
صاحب الظلال: «فهذه الحرب معلنة- كما قال أصدق القائلين- على كل مجتمع يجعل الربا قاعدة نظامه الاقتصادي والاجتماعي. هذه الحرب معلنة في صورتها الشاملة الداهمة الغامرة.
وهي حرب على الأعصاب والقلوب. وحرب على البركة والرخاء. وحرب على السعادة والطمأنينة .. حرب يسلط الله فيها بعض العصاة لنظامه ومنهجه على بعض.
حرب المطاردة والمشاكسة. حرب الغبن والظلم. حرب القلق والخوف .. وأخيرا حرب السلاح بين الأمم والجيوش والدول. الحرب الساحقة الماحقة التي تنشأ من جرائم النظام الربوي المقيت.
فالمرابون أصحاب رءوس الأموال العالمية هم الذين يوقدون هذه الحروب مباشرة أو عن طريق غير مباشر. وهم يلقون شباكهم فتقع فيها الشركات والصناعات. ثم تقع فيها الشعوب والحكومات. ثم يتزاحمون على الفرائس فتقوم الحرب! أو يزحفون وراء أموالهم بقوة حكوماتهم وجيوشها فتقوم الحرب، أو يثقل عبء الضرائب والتكاليف لسداد فوائد ديونهم، فيعم الفقر والسخط بين الكادحين والمنتجين، فيفتحون قلوبهم للدعوات الهدامة فتقوم الحرب! وأيسر ما يقع- إن لم يقع هذا كله- هو خراب النفوس، وانهيار الأخلاق، وانطلاق سعار الشهوات، وتحطيم الكيان البشري من أساسه، وتدميره بما لا تبلغه أفظع الحروب الذرية الرهيبة.
إنها الحرب المشبوبة دائما. وقد أعلنها الله على المتعاملين بالربا .. وهي مسعرة الآن؛ تأكل الأخضر واليابس في حياة البشرية الضالة؛ وهي غافلة تحسب أنها تكسب وتتقدم كلما رأت الإنتاج المادي الذي تخرجه المصانع .. وكانت هذه التلال حرية بأن تسعد البشر لو أنها نشأت من منبت زكي طاهر؛ ولكنها- وهي تخرج من منبت الربا الملوث- لا تمثل سوى ركام يخنق أنفاس البشرية، ويسحقها سحقا، في حين تجلس فوقه شرذمة المرابين العالميين، لا تحس آلام البشرية المسحوقة تحت هذا الركام الملعون! ..
- 3 -
فأما تنمية المال فلها وسائلها الأخرى البريئة النظيفة. لها وسيلة الجهد الفردي، ووسيلة المشاركة على طريقة المضاربة وهي إعطاء المال لمن يعمل فيه، ومقاسمته الربح والخسارة، ووسيلة الشركات التى تطرح أسهمها مباشرة في السوق- بدون سندات
تأسيس تستأثر بمعظم الربح- وتناول الأرباح الحلال من هذا الوجه، ووسيلة إيداعها في المصارف بدون فائدة- على أن تساهم بها المصارف في الشركات والصناعات والأعمال التجارية مباشرة أو غير مباشرة- ولا تعطيها بالفائدة الثابتة- ثم مقاسمة المودعين الربح على نظام معين أو الخسارة إذا فرض ووقعت .. وللمصارف أن تتناول قدرا من الأجر في نظير إدارتها لهذه الأموال .. ووسائل أخرى كثيرة ليس هنا مجال تفصيلها .. وهي ممكنة وميسرة حين تؤمن القلوب، وتصح النيات على ورود المورد النظيف الطاهر، وتجنب المورد العفن النتن الآسن.