الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مظاهر الشرك.
2 -
ابتدأت الفقرة بدعوة الناس جميعا إلى الحلال وترك اتباع خطوات الشيطان. وإذ كانت هناك أفكار متراكمة خلال العصور حول موضوع الحلال، فقد ناقشت الفقرة اتباع الآباء على عمى. ثم بينت حال الكافرين أصلا، الذين يتابعون على الباطل:
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وإذ كان المستجيبون لدعوة القرآن هم الذين يستفيدون من الخطاب، توجه الخطاب إلى أهل الإيمان للأكل من الطيبات، ثم طولبوا بالشكر على ذلك، ثم بينت لهم المحرمات ليجتنبوها فلا يتابعون خطوات الشيطان إذ أمر فرفض الأمر.
3 -
يأتي بعد هذه الفقرة مباشرة قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ .... وتباشر هذه الآية آية المحرمات من الأطعمة. والحالات الاستثنائية في ذلك.
وفيه ما يشعرنا بأهمية البيان في هذه الشئون فلننتقل إلى الفقرة الثانية في المقطع:
تفسير الفقرة الثانية:
مقدمة:
تتألف هذه الفقرة من آيات الكتمان وآية البر. فلتكن هذه المقدمة حديثا عن كل من هذه وهذه، لنعرض بعد ذلك تفسير الفقرة عرضا واحدا.
1 -
قبل ثلاث عشرة آية من آيات الكتمان هنا جاءت آيتان في الموضوع نفسه؛ هناك تذكر الآيتان أن في هذا الكتاب معجزات وهدى، ومن كتم هذه المعجزات والهدى استحق اللعنة، إلا إذا تاب وأصلح وبين. أما هذه الآيات فإنها تذكر أن من كتم الكتاب واشترى به ثمنا قليلا فجزاؤه النار، والبعد والإبعاد والذم. ومن عقوبتهم الدنيوية الشقاق والاختلاف، فالآيات هنا فيها زيادات وتوكيد وتلك من حكمة التكرار، ويمكن أن نفهم من خلال أسلوب القرآن أن ما بين آيتي الكتمان هناك وآيات الكتمان هنا معان يمكن أن يقع فيها الكتمان. ومجمل هذه المعاني التي وقعت بين النصين: الكفر والتوحيد، والعلم الكوني الذي يخدم العقيدة، وقضايا الشرك، والاتباع على باطل وبباطل، وموضوع الحلال والحرام. وتتبع الآن مواضع الفتنة في الفتوى والتأليف. فإنك تجد أن هذه أمهاتها خذ مثلا قضية الاتباع على الباطل. كم من العلماء يجرؤ أن يضع النقاط على الحروف
فيها؟ وما أضر بقلب الإنسان المعاصر شئ كالتأليف المجرد عن الإيمان في العلوم الكونية .. !! (وقد ذهب بعض المفسرين أن آيات الكتمان الأولى فيها خطاب لأمتنا، وأن هذه الآيات خطاب لبني إسرائيل أخذا من أن الخطاب في أول آية البر متوجه لبني إسرائيل، والخطاب عام في كلتا الآيتين. ويدخل فيه الجميع. ولعل الكاتمين من هذه الأمة أكثر إثما، لأن حجة قرآننا علينا، وعلى الناس أظهر.) وقد جاءت آية الكتمان في هذا المقطع بعد الفقرة الأولى التي تحدثت عن أكل الحلال، وعدم اتباع خطوات الشيطان، ووجوب اتباع ما أنزل الله؛ والتحذير عن متابعة الآباء؛ فضلا عن غيرهم، ثم تبيان حقيقة الكفر، والأمر بأكل الطيبات والشكر، وبيان المحرمات؛ وهذه كلها يجتمع فيها شيئان: أن لها تفصيلات دقيقة. وأنه يقع فيها تهيب. ومهمة العلماء أن يفصلوا، وألا يتهيبوا بأن يبينوا.
وعلماء بني إسرائيل هم الشهود الكاتمون. فناسب أن يذكر هنا خطر الكتمان، خاصة والسياق قارب أن يغلق الحوار معهم في هذه السورة فاستوعبت آيات الكتمان الحديث عن كتمان أهل الكتاب، وكتمان أهل القرآن. وبعد آيات الكتمان جاءت آية البر.
2 -
فكانت تلخيصا لكل ما مر مما له علاقة في قضية التقوى ليكون ذلك كالمقدمة لكلام جديد تذكر فيه طرائق جديدة لتحقيق التقوى في نفس الإنسان أو في المجتمع الإنساني.
إن آية البر تلخيص لما مر معنا في شأن التقوى، وهي في الوقت نفسه تفصيل لبعض ما مر، لقد تحددت معنا فيما مضى قضية التقوى، والطريق إليها، وما يتنافى معها، وما يساعد عليها. فالتقوى إيمان بغيب وصلاة وإنفاق واتباع كتاب. والطريق إليها العبادة.
ومما ينافيها نقض العهود: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ .... ومما يساعد عليها الصبر والصلاة. وجماع ذلك طاعة الله دون قيد أو شرط في أي شئ؛ في القبلة وغيرها. وإنك لترى مجموع هذه المعاني في هذه الآية. فمن أخذها وفهمها وعمل بها فكأنه أخذ بالأمر كله. وهذا معنى قولنا إنها تلخيص لما مر. وأما أنها توضيح لبعض ما مر فذلك لأنه مر معنا الإيمان مجملا: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ومر معنا الإنفاق مجملا: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. ومر معنا الصبر مجملا: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ* فجاءت هذه الآية لتوضح المجمل فتذكر في تفصيل الإيمان: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ