الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى كما جاء في الحديث «اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله» ، واستدلوا من الفاتحة على المعتزلة بقوله تعالى: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وبقوله تعالى اهْدِنَا فلولا أن الله هو الخالق فكيف يستعان؟ وكيف تطلب الهداية منه؟ وهذا موضوع سنرى حيثياته في أمكنة أخرى.
ملاحظة في قضايا اختلاف الأئمة:
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .... » ، إن كل مناقشات أئمة أهل السنة والجماعة مع بعضهم إنما تدور حول أمور مشتبهات، وكل منهم على بصيرة حاول أن يعطي حكم الله في هذه الأمور، ومن ثم فالأمر واسع؛ فمهما كان الواحد منا على مذهب إمام في مثل هذه الشؤون فإنه لا حرج عليه، ولكن الخلاف بين أهل السنة والجماعة، وبين الفرق المنشقة عن جسم الأمة الإسلامية، كالمعتزلة وأنواع من المرجئة، وطوائف من الشيعة والخوارج ليس فيما ذكرنا، وإنما هو خلاف حيث لا ينبغي أن يكون خلاف لكثرة النصوص ووضوحها، ولذلك في قسم التفسير قد لا نعتني بعرض أدلة الأئمة في اختلافاتهم ولكننا نعتني بعرض الأدلة في أي خلاف بين أهل السنة والجماعة ومن خالفهم.
7 - فوائد
أ- من أساليب العرب في الكلام: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، والعرب يستكثرون منه، ويرون أن الكلام إذا انتقل من أسلوب إلى أسلوب أدخل في القبول عند السامع، وأحسن تطرية لنشاطه، وأملأ لاستلذاذ إصغائه، وتختص مواقعه بفوائد ولطائف يراعيها القائل وتتضح للحذاق المهرة. والقرآن جاء على أساليب العرب في الخطاب ومن ثم تجد فيه هذا النوع من طرق البيان على أدقها وأرقاها وأعظمها فوائد ولطائف وقد رأينا ذلك في سورة الفاتحة. إذ عدل عن لفظ الغيبة إلى الخطاب في قوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ بعد قوله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ .. قال صاحب الكشاف: هذا يسمى الالتفات في علم البيان، قد يكون من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى التكلم كقوله تعالى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وقوله تعالى وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ. وقد التفت امرؤ القيس ثلاثة التفاتات في ثلاثة أبيات:
تطاول ليلك بالأثمد
…
ونام الخلي ولم ترقد
وبات وباتت له ليلة
…
كليلة ذي العائر الأرمد
وذلك من نبإ جاءني
…
وخبرته عن أبي الأسود
وذلك على عادة افتنانهم في الكلام وتصرفهم فيه .. وقد رأينا عند عرض المعاني العامة حكمة الالتفات في سورة الفاتحة.
ب- مما يدل على أن كلمة الدين تأتي بمعنى الحساب والجزاء الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: «الكيس من دان نفسه- أي حاسب نفسه- وعمل لما بعد الموت» واستطرادا ننقل كلمة عمر رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم» يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ.
ج- أكمل أحوال الداعي أن يبدأ بالحمد ثم يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين ومن ثم جاء قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بعد الثناء، فالسؤال بعد الثناء أنجح للحاجة وأنجع للإجابة، ولهذا أرشد الله إليه لأنه الأكمل، وقد يكون السؤال بالإخبار عن حال السائل واحتياجه كما قال موسى عليه السلام: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. وقد يتقدم مع ذلك وصف المسئول كقول ذي النون لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.
د- يتشدد كثير من الناس في أمر تحرير مخارج الحروف أثناء تلاوة القرآن وذلك شئ جيد، ولكن بعضهم يعتبر الإخلال بالتحرير مبطلا للصلاة، وذلك خطأ ولتصحيح مثل هذا ننقل كلام ابن كثير. يقول ابن كثير:«الصحيح من مذاهب العلماء أنه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما» ، وكلامنا كله عند ما لا يخرج الحرف صافيا، أما إذا استبدل حرف بحرف فلذلك أحكامه التي سنراها.
هـ- رأينا من خلال سورة الفاتحة: أن الأصل في المسلم أن يكون جزءا من كل هو الجماعة، وأن الأصل في التربية الإسلامية أنها تقوم على التربية الجماعية، وهذا يجعلنا نفكر كثيرا في الأسباب والأمراض التي تحول دون وجود هذه الروح عند الأكثرين من المسلمين ويجعلنا نتفطن لأهمية معالجة هذه الأسباب والأمراض التي تحول بين المسلم وبين مشاركته جماعة المسلمين فيما تفترض المشاركة فيه، ولا شك أن هذه