الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألوهيته. لا شريك له فيها. ولا يصح أن يسمى غيره إلها. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ: هذا تقرير للوحدانية بنفي غيره أن يكون إلها. وإثبات إلهيته جل جلاله. الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ: أي المولي لجميع النعم أصولها وفروعها. ولا شئ سواه بهذه الصفة. فما سواه، إما نعمة، وإما منعم عليه. وكل ذلك من آثار رحمته العامة والخاصة.
كلمة في السياق:
جاءت هذه الآية في بداية فقرة، وبعد فقرة في سياق مقطع. فلنلاحظ محلها في السياق:
بدأ المقطع بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ .... وتأتي هذه الآية لتعلن أن الله وحده هو الإله. فإذا كان الأمر كذلك فكيف لا يصبر الإنسان على أمره؟ وإذا كان رحمانا رحيما. فكيف لا يسلم الإنسان له؟ وجاءت هذه الآية بعد ذكر الكتمان والتحذير من الكفر، فكانت تذكيرا بالله. وكما قلنا فإن هذا المقطع كله جاء بمثابة تفصيل لقضايا من الذكر والشكر بعد قوله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ فكانت هذه الآية بداية فقرة جديدة تستخرج الذكر والشكر. ففيها تذكير بوحدانية الله ورحمته بين يدي ما يكون بمثابة الدليل على الوحدانية والرحمة.
فوائد:
1 -
قال ابن كثير: وفي الحديث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد بن السكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ والم. اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» .
2 -
في التقديم للفقرة التي بين أيدينا. وللآية الأولى فيها يقول صاحب الظلال:
«إن وحدة الألوهية، هي القاعدة الكبيرة التي يقوم عليها التصور الإيماني. فلم يكن هناك جدل حول الاعتقاد بوجود إله- تختلف التصورات حول ذاته، وحول صفاته، وحول علاقاته بالخلق. ولكنها لا تنفي وجوده- ولم يقع أن نسيت الفطرة هذه الحقيقة. حقيقة وجود إله. إلا في هذه الأيام الأخيرة. حين نبتت نبتة منقطعة
عن أصل الحياة، منقطعة عن أصل الفطرة، تنكر وجود الله. وهي نبتة شاذة لا جذور لها في أصل الوجود. ومن ثم فمصيرها حتما إلى الفناء والاندثار من هذا الوجود. هذا الوجود الذي لا يطيق تكوينه، ولا تطيق فطرته بقاء هذا الصنف من الخلائق المقطوعة الجذور.
ومن وحدانية الألوهية التي يؤكدها هذا التأكيد، بشتى أساليب التوكيد، يتوحد المعبود الذي يتجه إليه الخلق بالعبودية والطاعة، وتتوحد الجهة التي يتلقى منها الخلق قواعد الأخلاق والسلوك، ويتوحد المصدر الذي يتلقى الخلق منه أصول الشرائع والقوانين، ويتوحد المنهج الذي يصرف حياة الخلق في كل طريق».
3 -
وفي الصلة بين آية وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وما قبلها، وما بعدها يقول القرطبي:«لما حذر تعالى من كتمان الحق، بين أن أول ما يجب إظهاره ولا يجوز كتمانه: أمر التوحيد. ووصل ذلك بذكر البرهان، وعلم طريق النظر، وهو الفكر في عجائب الصنع، ليعلم أنه لا بد له من فاعل لا يشبهه شئ» .
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
هذه الآية جسر بين ما قبلها وما بعدها. فما قبلها وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ وهذا دليل وحدانيته ورحمته. وما بعدها وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ. وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وهذه الآية دليل على أنه وحده الحري بالمحبة، إذ هو المنعم الوحيد. وإذ كانت هذه آياته فهو حري ألا يكفر، وألا يكتم هداه، وأن يطاع أمره في كل شئ، وأن يسلم له في قضائه وقدره، وأن يستعان به. فهذه الآية هنا بعد ما سبق من توجيهات، تفيدنا زيادة يقين وتمسك وطاعة والتزام. والآية كما أنها تقرير، فهي أمر بالتفكر في هذا الكون. فهي واحدة من توجيهات هذا المقطع: استعينوا
…
اسعوا
…
لا تكتموا
…
لا تكفروا
…
تفكروا
…
ثم في المجموعة القادمة: أحبوا الله. وقد ذكر النسفي بمناسبة هذه الآية حديثا هو: «ويل لمن قرأ هذه الآية فمج بها» أي: لم يتفكر فيها ولم يعتبر بها. في كتابنا «الله جل جلاله» تحدثنا عن تسع ظواهر في هذه الكون. كل منها يدل على الله