الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في هذه الفقرة وسياقها:
1 -
يلاحظ أن الفقرة الأولى من الفصل الأول انتهت بقوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا
…
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وأن الفقرة الأولى من الفصل الثاني
انتهت بقوله تعالى:
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ فهناك تشابه بين نهاية الفقرة الأولى في الفصل الأول، وبين نهاية الفقرة الأولى من الفصل الثاني. وكما أن الفقرة الثانية من الفصل الأول بدأت بقوله تعالى وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ فإن الفقرة الثانية من الفصل الثاني تبدأ بقوله تعالى وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ
…
2 -
يلاحظ أن هذه الفقرة ذكرت مضمونين لميثاقين أخذا على بني إسرائيل بينما مرت معنا من قبل كلمة الميثاق دون أن يذكر مضمون لها، فههنا يأتي بعض التفصيل في قضية الميثاق، وتأخير التفصيل إلى هذا الموضع يقدم لنا أكثر من درس مرتبط بمجموع ما مر من قبل، ولو أن هذه الفقرة جاءت قبل ذلك لكانت خدماتها للسياق أقل مما أعطته هاهنا كما سنرى.
3 -
جاءت هذه الفقرة بعد ذكر ادعاء اليهود أنهم لن يدخلوا النار إلا أياما معدودة، وبعد الرد عليهم من خلال قاعدة كلية، فكانت هذه الفقرة بمثابة تفصيل أو تمثيل لأنواع من الأعمال ارتكبوها يستأهلون فيها العذاب الشديد والخلود، ولذلك تختم هذه الفقرة بقوله تعالى وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ .. ، فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إنهم يستحقون ذلك بسبب من نقضهم الميثاق في شأن العبادة والمعاملة، وبسبب من نقضهم الميثاق في شأن التطبيق الشامل للتوراة.
وجاءت هذه الفقرة بعد الفقرة التي تبدأ بقوله تعالى أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ .. فهي تعمق عند المسلمين فهم النفسية اليهودية التي تعقدت فلم تعد تستجيب لدعوة الإيمان، كما جاءت مقدمة للفقرات التي تناقش اليهود في لب قضية دعاواهم الإيمانية مقيمة الحجة عليهم بأنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض:
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ.
4 -
قلنا: إن هذا الفصل يفصل ويعلل لما يقابله من الأوامر والنواهي التي وردت في مدخل المقطع وهي:
وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ* وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ* وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ وهذه الفقرة ختمت بقوله تعالى أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ
…
فالفقرة تبين أن اليهود اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، وخلطوا الحق بالباطل، وأنهم نقضوا الميثاق في قضية الصلاة والزكاة والتوحيد واتباع الهدى المنزل عليهم، وهذا كله يقتضي تجديد المطالبة بالأوامر والنواهي التي أهملوها، وكان ذلك من خلال رسالة جديدة ودعوة جديدة.
5 -
وقصة آدم انتهت كما رأينا بقاعدة فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وفي هذه الفقرة يرينا الله عز وجل موقف هؤلاء مما طالبهم الله عز وجل به من الهدى وخيانتهم في ذلك واستحقاقهم بذلك عذاب الله.
وفيما قبل قصة آدم:
ذكر من صفات المتقين في مقدمة سورة البقرة: الإيمان والصلاة والإنفاق واتباع الكتاب، ثم جاءت دعوة عامة للتوحيد والعبادة، وجاء تحذير من نقض العهد والإفساد في الأرض وقطع ما أمر الله به أن يوصل، ونلاحظ أن هذه الفقرة أعطتنا درسا في ذلك كله بينت لنا أن بني إسرائيل أمروا بعبادة الله وبالصلاة والزكاة فأعرضوا إلا قليلا، وأن بني إسرائيل طبقوا بعض الكتاب وأهملوا بعضه الآخر، وأنهم نقضوا العهد والميثاق مع الله، وكيف أنهم يقتلون أنفسهم وهو إفساد، وكيف أنهم لا يقومون بحق أخوة الإيمان وهو قطع لما أمر الله به أن يوصل، وهكذا نجد أن الفقرة مرتبطة بما قبلها مباشرة من الآيات، وتخدم في سياق فصلها وفي سياق مقطعها، وتخدم في تعميق معاني كل المقاطع السابقة عليها، وتخدم في تعميق معاني مقدمة السورة وهي تأتي حلقة في سلسلة، فهي بمثابة المكمل لما سبق والمقدمة لما لحق.
6 -
يلاحظ أنه بعد مدخل المقطع الأول جاء خطاب لبني إسرائيل وجاءت موعظة ثم بدأ التذكير بالنعم، والملاحظ أن الموعظة انتهت بقوله تعالى وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ وهنا تختم الفقرة بقوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ