الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
فسر فقهاء الحنفية المعروف في قوله تعالى: إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ: أنه مهر المثل، والكفء. لأنه عند عدم كفاءة الرجل فللأولياء أن يعترضوا.
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما. وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
المعنى العام:
في هذه الآية إرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة وهي سنتان. ثم بين عز وجل على والد الطفل نفقة الوالدات، وكسوتهن بالمعروف. أي بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن من غير إسراف ولا إقتار، بحسب قدرته في يساره، أو توسطه، أو إقتاره. لأن القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية التكليف بقدر الوسع.
ثم بين الله عز وجل أنه لا يجوز للمرأة أن تدفع الولد عنها، لتضر أباه بتربيته. كما لا يحل له انتزاعه منها لمجرد الضرار بها. وكما أن عدم الضرار واجب على الوالد، فكذلك الوارث، يجب عليه عدم الضرار بزوجة المتوفى. ثم يبين الله عز وجل أنه إذا اتفق والدا الطفل على فطامه، قبل الحولين، ورأيا في ذلك مصلحة له، وتشاورا في ذلك، وأجمعا عليه، فلا جناح عليهما في ذلك. ثم بين الله عز وجل أنه إذا اتفقت الوالدة والوالد على أن يستلم منها الولد إما لعذر منها، أو لعذر له، فلا جناح عليها في بذله، ولا عليه في قبوله منها إذا سلمها أجرتها الماضية بالتي هي أحسن. واسترضع لولده غيرها ثم أمرنا الله عز وجل أن نتقيه في جميع أحوالنا، وأن نعلم أنه لا يخفى عليه شئ من أحوالنا وأقوالنا.
المعنى الحرفي:
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ: هذا خبر في معنى الأمر. أي وليرضع الوالدات أولادهن حولين كاملين. وهذا الأمر على وجه الندب، أو على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه. أو لم توجد له ظئر، أو كان الأب عاجزا عن
الاستئجار. ومعنى كاملين: تامين. ويمكن أن يراد بالوالدات هنا، الوالدات المطلقات. وإيجاب النفقة، والكسوة، لأجل الرضاع. لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ: هذا بيان لمن توجه إليه الحكم. أي هذا الحكم لمن أراد إتمام الرضاعة.
قال النسفي: والحاصل أن الأب يجب عليه إرضاع ولده دون الأم. وعليه أن يتخذ له ظئرا، إلا إذا تطوعت الأم بإرضاعه. وهي مندوبة إلى ذلك. ولا تجبر عليه. ولا يجوز استئجار الأم ما دامت زوجة، أو معتدة. وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ: أي وعلى الذي يولد له وهو الوالد، رزقهن وكسوتهن بلا إسراف ولا تقتير. وتفسيره ما يعقبه. وهو لا يكلف واحد منهما ما ليس في وسعه.
ولا يتضاران. وإنما قيل على المولود له، دون الوالد، ليعلم أن الوالدات إنما ولدن لهم إذ الأولاد للآباء والنسب إليهم لا إليهن. فكان عليهم أن يرزقوهن، ويكسوهن إذا أرضعن ولدهم كالأظآر. لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها التكليف: إلزام ما يؤثر فيه الكلفة. والوسع هو، الوجد، أو قدر الإمكان. أي لا يلزم الله نفسا إلا بقدر وجدها وإمكانها.
لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها
لا: هنا، ناهية. أي لا تضار والدة زوجها بسبب ولدها. وهو أن تعنف به، وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد، وأن تقول بعد ما ألفها الصبي: اطلب له ظئرا. وما أشبه ذلك. وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ: أي: ولا يضار مولود له، امرأته بسبب ولده. بأن يمنعها شيئا مما وجب عليه من رزقها وكسوتها، أو يأخذه منها، وهي تريد إرضاعه. ويمكن أن يفهم النص لا تُضَارَّ .. فهما آخر، إذا فهمنا لا تضار، بمعنى تضر. فيكون المعنى على هذا: لا تضر والدة ولدها. فلا تسئ غذاءه، وتعهده. ولا تدفعه إلى الأب بعد ما ألفها. ولا يضر الوالد به، بأن ينتزعه من يدها، أو يقصر في حقها، فتقصر هي في حق الولد. وإنما قيل: بولدها، وبولده: لأنه لما نهيت المرأة عن المضارة، أضيف إليها الولد استعطافا لها عليه، وكذلك الوالد.
وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ أي: وعلى وارث الصبي عند عدم وجود الأب، مثل الذي كان على أبيه في حياته، من الرزق والكسوة. ووارث الصبي في الأصل هو كل من يرثه لو مات. ولذلك كان مذهب ابن أبي ليلى أن نفقة الصبي على كل من يرثه.
وعند الحنفية الرحم المحرم أولى به، فعليه النفقة. وعند الشافعية: النفقة على من بينه وبين الصبي ولاد إذ لا نفقة إلا بهذا عنده. فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما: أي: فإن أراد الأبوان فطاما صادرا عن تراض بينهما