الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصوم في الديانات القديمة:
« .. لذلك اشتملت جميع الأديان، والشرائع المعروفة في التاريخ على الصوم، وطالبت به جميع من كان يدين بها. فمن أقدم الديانات التي لا يزال عدد كبير من الناس يدين بها، الديانة الهندية البرهمية. ويحدث عنها الأستاذ T.M.P.Mahadevan رئيس قسم الفلسفة في جامعة مدارس الهند، وهو يشرح الصوم ومكانته في الشريعة الهندوكية، والمجتمع الهندي:
ومن الأعياد، والأيام المحتفل بها في السنة، ما خصصت للصوم الذي تقصد به تزكية النفس. إن كل طائفة من الطوائف الهندكية تخصص لنفسها أياما تقضيها في الدعاء والعبادة، ويصومها أكثر أفرادها كذلك. فيكفون عن الطعام، ويسهرون الليل كله، ويبيتون يتلون الكتب المقدسة، ويراقبون الله. ومن أعم هذا الصيام، وأكثرها انتشارا في الطوائف المختلفة (ويكنته إيكاوشى) الذي ينسب إلى (وشنو) فلا يصوم ذلك اليوم أتباع (وشنو) فحسب، بل يصومه أكثر الناس. فيصومون نهاره ويسهرون ليله.
ومن الأيام ما يصومها النساء فقط، ويدعون الإلهة (مظهر صفات الله النسوية) في مختلف مظاهرها. وتسمى هذه الأيام لأهميتها الخاصة ب (برت)، أو العهد. وقد خصصت لتزكية الروح. وغايتها تغذية الروح بالغذاء الروحاني.
ولا يزال البراهمة يصومون في اليوم الحادي عشر، من كل شهر هندي. وهكذا يبلغ عدد الأيام التي تصام عند البراهمة (24) يوما في كل سنة، إذا حافظوا عليها وتقيدوا بها. وقد قامت الديانة الجينية في الهند بالتشدد في شرائط الصوم وأحكامه.
فأتباعها يواصلون أربعين يوما بالصوم.
…
ويظهر الصوم عند المصريين القدماء بجوار أعيادهم الدينية. وكان صوم اليوم الثالث من شهر (تهسمو فيريا) اليوناني خاصا بالنساء عند اليونان. ولا تخلو الصحف المجوسية عن الأمر بالصوم، والحث عليه، ولو لطبقة خاصة. وتدل كلمة وردت في بعض كتبهم المقدسة على أن صوم خمسة أعوام كان فريضة على الرؤساء الدينيين.
الصوم عند اليهود:
أما اليهود، فقد كان الصوم يعتبر رمزا للحداد والحزن عندهم في العهد البابلي.
وكان يلجأ إليه، إذا هدد خطر، أو إذا كان كاهن أو (ملهم) يعد نفسه لإلهام، أو (نبوة)، وكان اليهود يصومون مؤقتا إذا اعتقدوا أن الله ساخط عليهم، غير راض عنهم. أو
إذا حلت بالبلاد نكبة عظيمة، أو خطب كبير أو إذا أصيبت البلاد بوباء فاتك، أو بجدب عام، وفي بعض الأحيان، عند ما يعزم الملوك على مشروع جديد.
أيام الصيام المحددة الدائمة، قديمة، ومحدودة في التقويم اليهودي، علاوة على يوم الكفارة: يوم الصوم المقرر الوحيد في الديانة الموسوية. وكانت هنالك أيام معينة للصوم الدائم، وهي ذكرى حوادث أليمة، وقعت لليهود في أيام الأسر في (بابل)، وهي تقع في الشهر العاشر (تبت، (tebet)(ويرى بعض ربيي (التلمود) أن صيام هذه الأيام إجباري، عند ما يعيش الشعب الإسرائيلي تحت قسوة الحكومات الأجنبية، وفي اضطهاد. ولا تلزم عند ما يتمتع الإسرائيليون بأمن ورخاء.
وزيدت إلى أيام الصيام هذه أيام أخرى، تصام تذكارا لكوارث ومآسي، نزلت باليهود وأضيفت إلى الأولى على مر الأيام. وهي لا تعتبر إلزامية، ولم تنل الحظوة الكافية عند الجمهور. ومع اختلاف يسير يبلغ عددها إلى خمسة وعشرين يوما.
وهنالك أيام صيام شعبية، محلية، تختلف باختلاف الأقاليم والمناطق التي يسكنها اليهود منذ زمن بعيد. وهي تذكار كذلك لكوارث وخطوب، أصيبت بها هذه الشعوب في أوقات مختلفة، واضطهاد، وقسوة تعرضوا لها من بعض الحكومات، وأيام صيام تصومها بعض الطبقات دون بعض في ذكرى وقائع ومحن في تاريخ اليهود، وفي ذكرى مآتم وأفراح في حياتهم الشخصية. وصوم أول يوم من السنة شائع في كثير من الطبقات. وهنالك أيام صيام تشرع، ويأمر بها الربيون، إذا تعرض الشعب لخطر، أو تأخر المطر، أو أصيبت البلاد بالمجاعة، أو صدرت مراسيم قاسية، أو قوانين غليظة. وأيام الصيام الشخصية المختارة، التي يفضلها بعض الأفراد دون بعض، شائعة في تاريخ اليهود منذ زمن مبكر. وهي أيام صوم تذكارية لبعض الحوادث الفردية، أو ككفارة عن بعض المعاصي والآثام، أو لجلب رحمة الله وعفوه عند خطر داهم، أو بلاء نازل. وصوم تلك الأيام لا يشجعها الربيون، ولا يوافقون عليها إذا كان الصائم رجلا علميا، أو أستاذا معلما، حتى لا يشوش ذلك خاطره، أو يضعف صحته. وهنالك صوم يصام على إثر رؤية مفزعة. ولما كانت الشريعة اليهودية لا تسمح بالصوم في أيام الأعياد، (فالتلمود) يبيح هذا الصوم في هذه الأيام، بشرط أن يكفر عنه بصوم آخر في أيام عادية ..