الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة:
روى النسائي والترمذي، وابن حبان، وابن أبي حاتم، وابن مردويه- وهو حديث حسن- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة. فأما لمة الشيطان، فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق. وأما لمة الملك، فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق. فمن وجد ذلك، فليعلم أنه من الله. ومن وجد الأخرى، فليتعوذ من الشيطان.
ثم قرأ: الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ. وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ الحكمة: علم الكتاب والسنة، والعمل بهما. ووضع الأمور في مواضعها.
وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً أي:
ومن يعطه الله الحكمة، فقد أعطاه من الخير أعظمه. وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ أي: وما يتعظ بمواعظ الله، إلا ذوو العقول السليمة.
فوائد:
1 -
الصلة بين هذه الآية وما قبلها أنها ندب إلى أن نضع الإنفاق في محله.
2 -
للمفسرين عبارات كثيرة في شرح الحكمة. ومرجعها إلى ما ذكرناه. قال ابن عباس: (الحكمة: القرآن). يعني تفسيره- أما مجرد القراءة والحفظ- فإنه قد قرأه البر، والفاجر. وقال مجاهد في تفسيرها:(العلم، والفقه، والقرآن). وقال أبو مالك: (الحكمة: السنة).
ويشهد لهذا كله الحديث الصحيح الذي رواه ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا حسد إلا في اثنتين. رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق. ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها» . رواه البخاري ومسلم، وغيرهما. فهذا الحديث يشهد على أن الحكمة يدخل فيها الفقه في الكتاب والسنة، والدين عامة، ويشهد على أن الحكمة: العلم بكتاب الله، وصف الله عز وجل كتابه بأنه حكيم:
وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (سورة يس) ويشهد على أن المراد بالحكمة السنة قوله تعالى:
وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ (سورة الأحزاب) وما كن يسمعن في بيوتهن مع القرآن، إلا السنة.
وقال إبراهيم النخعي: الحكمة: الفهم. وقال زيد بن أسلم: الحكمة: العقل وقال مالك: وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هي الفقه في دين الله. وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله. ومما يبين ذلك تجد الرجل عاقلا في أمر الدنيا. إذا نظر فيها.
وتجد آخر ضعيفا في أمر دنياه، عالما بأمر دينه، بصيرا به، يؤتيه الله إياه، ويحرمه هذا.
فالحكمة: الفقه في دين الله.
وقال مجاهد: الحكمة: الإصابة في القول. وقال أبو العالية: الحكمة: خشية الله. فإن خشية الله رأس كل حكمة. والأمر الجامع لهذا كله، هو ما فسرنا به الحكمة، أنها العلم بالكتاب والسنة والعمل بهما، ووضع الأمور في مواضعها.
فمن اجتمع له هذا فقد اجتمعت له الحكمة.
3 -
قال السدي: (الحكمة: النبوة). ولا شك أن أحكم الحكماء هم الأنبياء، ولكن كما قال ابن كثير: والصحيح أن الحكمة كما قاله الجمهور، لا تختص بالنبوة. بل هي أعم منها، وأعلاها النبوة. والرسالة أخص. ولكن لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع، كما جاء في بعض الأحاديث:«من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين كتفيه، غير أنه لا يوحى إليه» .
ونختم هذه الفائدة بتفسير ابن عباس للحكمة في الآية. قال: المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله.
وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ: في سبيل الله، أو في سبيل الشيطان. أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ: في طاعة الله، أو في معصيته. فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ أي: لا يخفى عليه.
وهو مجازيكم عليه. وَما لِلظَّالِمِينَ: الذين يمنعون الصدقات، أو ينفقون أموالهم في المعاصي، أو ينذرون في المعاصي، أو لا يفون في النذور. مِنْ أَنْصارٍ أي:
ليس لهم من ينصرهم من الله، ويمنعهم من عقابه.