الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علم الله على شئ إلا بمشيئة الله، وتعليمه. فما عرفه الإنسان من عالم الغيب، وما عرفه الإنسان من عالم الشهادة، وقوانين هذا الكون، وكيفية تسخيره، إلا بمشيئة الله، وتعليمه. فهو الذي علم الإنسان ما لم يعلم. وهو الذي علم كل شئ ما علم.
وهناك وجه آخر. قال ابن كثير: ويحتمل أن يكون المراد: لا يطلعون على شئ من علم ذاته وصفاته، إلا بما أطلعهم الله عليه. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ: للعلماء في تفسير الكرسي هنا أقوال. منهم من فسره بالعلم، ومنهم من فسره بالعرش، ومنهم من فسره بمخلوق عظيم محيط دون العرش، ومنهم من فسره بالقدرة، ومنهم من فسره بالملك. وقد قدم ابن كثير ذكر تفسير الكرسي هنا بالعلم، نقلا عن ابن عباس. ومن عادته في هذه الحالة، أن يقدم الأرجح عنده. ثم نقل قول ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن المسيب مثله. ونستطيع أن نقول: إن أجود ما يفسر به الكرسي، إن أخرجناه عن لفظه هذا التفسير. وإما إذا لم نخرجه عن لفظه، فأجود ما يقال فيه، ما قاله ابن كثير، والصحيح، أن الكرسي غير العرش.
والعرش أكبر منه، كما دلت على ذلك الآثار والأخبار، وإذن صار معنى النص على القول الأول: أحاط علمه السموات والأرض. وعلى القول الثاني: إن كرسيه الذي هو دون العرش، محيط بالسماوات، والأرض. ومن كان مثل هذا خلقه، ما أعظمه.
وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما أي: لا يثقله، ولا يشق عليه حفظ السموات والأرض، ومن فيهما، وما بينهما. بل ذلك سهل عليه، يسير لديه. وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، فلا يعزب عنه شئ، ولا يغيب عنه شئ.
والأشياء كلها متواضعة، ذليلة بين يديه، صغيرة بالنسبة إليه، محتاجة، فقيرة.
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ العلي في ملكه وسلطانه، العظيم في عزه وجلاله. أو العلي المتعالي عن الصفات التي لا تليق به. العظيم المتصف بالصفات التي تليق به. فهما جامعان لكمال التوحيد. قال ابن كثير: (فقوله: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ كقوله:
الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح، الأجود فيها طريقة السلف الصالح. أمروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه).
فوائد:
1 -
روى الحافظ أبو يعلى وغيره عن عبد الله بن خليفة، عن عمر رضي الله عنه قال: أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة. قال: فعظم
الرب تبارك وتعالى، وقال:«إن كرسيه وسع السموات والأرض. وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد من ثقله» وقال ابن كثير: عبد الله بن خليفة ليس بذاك المشهور. وفي سماعه عن عمر نظر. وقال كذلك عن هذا الحديث: (وعندي في صحته نظر).
نقلنا هذا الحديث، وتعليقات ابن كثير عليه، لئلا يظن ظان، أن هذا الحديث صحيح لاعتماده من قبل بعض المفسرين.
2 -
أخرج ابن مردويه، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده. ما السموات السبع، والأرضون السبع عند الكرسي. إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة. وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» .
3 -
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة، آية الكرسي، لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت» . رواه النسائي وابن حبان، قال ابن كثير عن إسناد ابن حبان: فهو إسناد على شرط البخاري. وخطأ من زعم أن الحديث موضوع.
4 -
روى الإمام أحمد، والترمذي- وقال حسن صحيح-، وأبو داود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: في هاتين الآيتين: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ والم. اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ «إن فيهما اسم الله الأعظم» .
5 -
نقل ابن كثير، بمناسبة آية الكرسي، ثلاث وقائع متشابهة. وقعت لأبي أيوب، ولأبي بن كعب، ولأبي هريرة. نكتفي بنقل واقعة أبي هريرة التي ذكرها البخاري، تعليقا بصيغة الجزم. ورواها النسائي: قال أبو هريرة: (وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان. فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت:
لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: دعني فإني محتاج، وعلي عيال، ولي حاجة شديدة. قال: فخليت عنه، فأصبحت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا أبا هريرة: ما فعل أسيرك البارحة؟» . قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته وخليت سبيله. قال:«أما إنه كذبك، وسيعود» . فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. «أنه سيعود» فرصدته، فجاء يحثو من الطعام. فأخذته، فقلت:
لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني، فإني محتاج، وعلي عيال، فرحمته، وخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا
هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟» قلت يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته وخليت سبيله فقال: «أما إنه كذبك وسيعود» فرصدته الثالثة فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا آخر ثلاث مرات، تزعم أنك لا تعود، ثم تعود. فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: وما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ حتى تختم الآية. فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. وكانوا أحرص شئ على الخير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أما إنه صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاثة يا أبا هريرة؟.» قلت: لا. «قال ذاك شيطان» ).
6 -
روى الإمام أحمد عن أنس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلا من صحابته، فقال: «أي فلان: هل تزوجت؟
قال: لا. وليس عندي ما أتزوج به. قال: «أوليس معك قل هو الله أحد؟» . قال بلى. قال: «ربع القرآن. قال: أليس معك إذا زلزلت؟ قال: بلى. قال: «ربع القرآن. قال أليس معك إذا جاء نصر الله؟» قال: بلي. قال: «ربع القرآن» .
7 -
روى الإمام أحمد عن أبي ذر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فجلست، فقال:«يا أبا ذر: هل صليت؟. قلت: لا. قال: «قم فصل» . قال: فقمت، فصليت، ثم جلست. فقال:«يا أبا ذر: تعوذ بالله من شر شياطين الإنس، والجن» . قال: قلت يا رسول الله: أو للإنس شياطين؟. قال: «نعم» . قال:
قلت يا رسول الله: الصلاة؟. قال: «خير موضوع. من شاء أقل، ومن شاء أكثر» . قال: قلت يا رسول الله! فالصوم؟. قال: «فرض مجزي وعند الله مزيد» .
قلت: يا رسول الله! فالصدقة؟. قال: «أضعاف مضاعفة» قلت: يا رسول الله! فأيها أفضل؟. قال: «جهد من مقل. أو سر إلى فقير» . قلت: يا رسول الله: أي الأنبياء كان أول؟. قال: «آدم» . قلت: يا رسول الله: ونبي كان؟. قال: «نعم نبي مكلم» . قلت: يا رسول الله: كم المرسلون؟ قال: «ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا- وقال مرة: وخمسة عشر-» . قلت: يا رسول الله: أي ما أنزل عليك أعظم؟. قال: آية الكرسي اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ورواه النسائي.