الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الأساس في التفسير) و (الأساس في السنة وفقهها) و (الأساس في قواعد المعرفة وضوابط الفهم للنصوص)
أولا: بالنسبة للقرآن:
أ- دندن علماؤنا حول الصلة بين آيات السورة الواحدة وحول الصلة بين سور القرآن وحول السياق القرآني؛ وجاءت نصوص تتحدث عن أقسام القرآن: قسم الطوال، وقسم المئين، وقسم المثاني، وقسم المفصل. ولم يستوعب أحد من المؤلفين الحديث عن هذه القضايا- في علمي- بما يغطيها تغطية مستوعبة. وفي عصرنا- الذي كثر فيه السؤال عن كل شئ- أخذ كثيرون من الناس يتساءلون عن الصلة بين آيات القرآن الكريم وسوره، وعن السر في تسلسل سور القرآن على هذه الشاكلة المعروفة. فأصبح الكلام في هذا الموضوع من فروض العصر الذي نحن فيه. ولقد من الله علي في أن أسد هذه الثغرة مصححا الكثير من الغلط في هذا الشأن، ومضيفا أشياء كثيرة لم يسبق أن طرقها أحد.
ب- في عصرنا وجدت علوم كثيرة، هذه العلوم قدمت فهوما جديدة للنصوص، أو أنها رجحت فهوما قديمة، وبسبب من هذه العلوم وبسبب من الوقائع التي انبثقت عنها،
طرحت تساؤلات حول كثير من معاني القرآن، وكأثر عن ذلك كله كان لا بد من عرض للقرآن الكريم يغطي ذلك كله .. ولقد حاولت في قسم التفسير أن أقدم جوابا لتساؤلات وتبيانا لنصوص، وإقامة حجة في شأنها بالنسبة لقضايا العلوم والدراسات الحديثة بحسب الإمكان.
ج- وفي عصرنا كثرت الشبه والاعتراضات على القرآن، وعلى إمكانية انبثاق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عنه، ووجدت مفاهيم واتجاهات مزخرفة ومعاكسة، محليا وعالميا، ضد بناء الحياة المعاصرة على أساس قرآني، والمسلمون الحقيقيون يتحركون حركتهم الصعبة في البيان والتبيين، لإقناع هذا العالم بأن القرآن هو الكتاب الرباني الوحيد، الذي تكلف به البشرية بحق، وهذا يقتضي عملا وجهدا يكافئان ذلك. ونرجو أن يكون قسم التفسير من هذه السلسلة قد أعطى هذا الموضوع حقه.
د- ولقد ابتعدت الشخصية المسلمة كثيرا عن التحقق بمعاني القرآن، وابتعدت الأمة الإسلامية كثيرا عن تمثل كتاب الله، ولا بد من بذل جهد لإعادة المطابقة بحيث تعود الشخصية الإسلامية إلى أن يكون القرآن خلقها، وبحيث يعود القرآن إلى الظهور في حياة الأمة المسلمة، فتكون تجسيدا لمعانيه. وذلك موضوع متشعب الجوانب ولعل هذا التفسير يؤدي دورا فيه فإنه من أهم ما ينبغي أن يشتغل به ذهن المسلم المعاصر.
هـ- والمسلم المعاصر يعجبه أن يأخذ خلاصة التحقيق بأدلته المباشرة في أمر ما، أما التحقيق نفسه فإنه يولع به طبقة من الناس. ومن ثم فحتى أمهات كتب التفسير كثيرا ما يضيق المسلم العادي ذرعا وهو يقرؤها، وكثيرا ما يضيع وهو يرى أقوالا متعددة، وروايات كثيرة ومناقشات لا حصر لها، وهذا كله ينبغي أن يختصر للمسلم غير المختص ليكون فهم كتاب الله متيسرا للجميع. ولقد راعيت في قسم التفسير هذه الضرورة بحيث لم أقدم فيه إلا ما له مساس مباشر في فهم القرآن دون مخالط كثير.
و- وفي عصرنا هناك قضايا إسلامية مطروحة، ومناقشات تدور بين المسلمين أنفسهم، بعض هذه القضايا استمرار لمناقشات قديمة، سببها الاختلاف المذهبي أو الخلاف الاعتقادي، وبعضها وليد عصرنا، وهذا موضوع لا بد من الاستقرار فيه على شئ، وقد حاولت في هذه السلسلة كلها أن أغطي هذا الموضوع في كل مناسبة ذات صلة بشيء من ذلك. هذه أبرز النقاط التي تعتبر احتياجات عصر، والتي استهدفتها في قسم التفسير وبعضها مستهدف في السلسلة كلها.
وهناك نقاط أخرى لم تكن هدفا في حد ذاتها بل جاءت بسبب ظروفي التي بدأت فيها العمل في التفسير:
إنه من الواضح أن كل من يرغب في أن يشتغل بالتفسير سيجد نفسه بين أمرين:- الأول: أن قسما من التفسير الذي يريده سيجده في أي تفسير معتمد، وهو بالتالي لا يحتاج إلا إلى نقله وأحيانا إلى تبسيطه.
- الثاني: أن الأغراض الخاصة التي يحب المفسر أن يحققها في تفسيره عليه أن يبذل جهدا خاصا من أجلها، حتى إنه ليحتاج أن يقرأ مئات الصفحات، من أجل أن يغطي نقطة صغيرة جدا. ولم يكن باختياري أنني لتحقيق النوع الأول اعتمدت في الابتداء على تفسيرين فقط هما: تفسير ابن كثير وتفسير النسفي، إذ لم يتوفر لي في سجني في المرحلة التي ابتدأت فيها العمل إلا هذان التفسيران، وهما تفسيران مشهوران يغلب على الأول التفسير بالمأثور، ويغلب على الثاني قضايا التحقيق المختصر لأمور اعتقادية أو مذهبية، مع محاولة كل من التفسيرين أن يغطي المعنى الحرفي لآيات القرآن الكريم، فأقبلت على هذين التفسيرين محاولا من خلالهما أن أغطي المعاني الحرفية لكتاب الله تعالى، وأحيانا المعاني الإجمالية، ومحققا خلال ذلك ما أستطيع تحقيقه من أغراض هذا التفسير، على أن أكمل فيما بعد- إذا تغيرت ظروفي- كل ما استهدفته من هذا التفسير. ولقد حاولت في المرحلة الأولى من العمل أن أضمن هذا التفسير خلاصة التفسيرين ومجمل الفوائد الموجودة فيهما تاركا ما لا يتفق وأهداف هذا التفسير، وكنت أرى حرص الكثيرين من المسلمين على استيعاب تفسير ابن كثير، ولم أزل أرى فشل الكثيرين في استيعاب هذا التفسير، بسبب هو ميزة في حق العالم، ومتعب في حق الرجل العادي، وهو ذكر ابن كثير للأسانيد والروايات المتعددة والأقوال الكثيرة في الموضوع الواحد، ومن ثم فقد حاولت أن أريح القارئ العادي من مثل هذا فأخذت خلاصة ما في هذا التفسير من معان إجمالية، أو معان حرفية، أو فوائد مذكورة فيه؛ حتى إنه ليستطيع قارئ تفسيري هذا أن يطمئن إلى أنه أخذ تفسير ابن كثير دون ما يمله الرجل العادي منه، مضافا إليه تحقيقات وفوائد كثيرة مبثوثة في تفسير النسفي، حتى ليكاد أن يكون هذا التفسير كذلك مستوعبا الكثير مما هو موجود في تفسير النسفي، تاركا نقل أمور كثيرة لا تتمشى مع أهداف هذا التفسير؛ فكانت هذه القضايا ميزة لهذا التفسير، ولكنها ميزة لم تكن مستهدفة في الأصل، ومن خلال هذين التفسيرين وضعت الأساس الذي بنيت عليه هذا التفسير، ثم بعد ذلك بدأ العمل الذي تم به هذا التفسير كما يراه القارئ.
وسيرى القارئ أنني كعادتي في كل ما أجمعه، لا أكلف نفسي عناء صياغة شئ يحتاجه كتابي، إذا كان غيري قد صاغه الصياغة التي أرضاها، أو التي تقصر عنها صياغتي أصلا. فليس الهدف إلا وجه الله عز وجل، وما سوى ذلك فإنني أرجو أن أتجاوزه. ولم يزل علماؤنا ينقلون في كتبهم الفصول الطويلة، وأحيانا لا ينسبونها إلى أصحابها، معتمدين فكرة أن أي تجديد في علم أو فن تعطي صاحبه حق النقل دون