الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في الفقرة والسياق:
1 -
بهذه الفقرة المعدودة الآيات عرض علينا القرآن موضوع المناسك وقد مر معنا من قبل كيف أن إبراهيم وإسماعيل دعوا الله عز وجل: وَأَرِنا مَناسِكَنا. وهذا ربنا يتفضل على ذرية إبراهيم وإسماعيل وعلى العالم كله فيريهم مناسك الحج والعمرة.
ويدلهم مع ذلك على أحكام، ويهديهم إلى آداب، ويبين لهم حكما كثيرة ويذكرهم.
وكل ذلك في آيات معدودات تسع ما لا يخطر على بال بشر. وبشكل معجز لا يتطاول إليه أحد من البشر- إلا إذا كان مجنونا أو كالمجنون.
2 -
في الآيات أمر بإتمام الحج والعمرة. وإذن فهناك أمور واضحة، متى ذكر الحج والعمرة فهي معروفة. ومن ثم فالآية تأمر بالإتمام. وهذا يوحي بأن المعاني الآتية، لها صلة بهذا الإتمام، ومن الإتمام إيقاع الحج في أشهر الحج. ومن الإتمام الوقوف بالمزدلفة بعد الإفاضة من عرفات، ومن الإتمام أن تكون الإفاضة من عرفات بعد الوقوف بها. لا كما كانت قريش تفعل، ومن الإتمام ألا يرافق الحج رفث، أو جدال، أو فسوق، ومن الإتمام الاستغفار والدعاء فى أمر الدنيا والآخرة، وكثرة الذكر، ومن الإتمام إقامة أيام منى بأداء حق الله فيهن وفي منى.
3 -
ومن الآيات عرفنا أشياء كثيرة. كجواز التمتع، وماذا يفعل المحصر، وماذا يفعل المتمتع، ولمن يجوز التمتع. وعرفنا جواز التجارة في الحج. وبعض عادات الجاهلية، وجواز التعجل فى النفر من منى. وعرفنا كثيرا من الآداب والأخلاق. وكل ذلك بعض ما في هذه الفقرة التى تشرح بعض معالم الرحلة إلى كعبة إبراهيم، وتبين كثيرا من معالم الحكمة في شريعة الحج، حيث يتجمع المسلمون في عرفات، لينطلقوا منها في أعظم مظاهرة لتعظيم بيت الله. معلنين الحرب قبل ذلك على الشر في رجمهم المكان الذي وسوس فيه الشيطان لأبينا إبراهيم عليه السلام.
4 -
وإذا كنا ذكرنا من قبل أن مقاطع القسم الأول مهدت لمعاني القسم الثاني.
فإن باستطاعتنا هنا أن نذكر أن مقطع إبراهيم عليه السلام، ومقطع القبلة، والمقطع الذي جاء فيه ذكر الصفا والمروة. كل ذلك قد وطأ لهذه الفقرة التى كانت بدايتها:
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. وإن البداية لتشعرنا وكأنها استمرار لحديث سابق.
5 -
والمناسبة بين هذه الفقرة وما قبلها واضحة كوضوح المناسبة بين الحج والقتال. فالقتال يحتاج إلى بذل جهد ومال. والحج بذل جهد ومال. وتجد الصلة بين الحج والجهاد في كثير من النصوص من مثل: «ولكن أفضل الجهاد حج مبرور» .
أما محل هذه الفقرة في السياق الكبير فدقيقة جدا.
من المعلوم أن الإسلام أركان وبناء.
فالأركان: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. والبناء أحكام الإسلام. وتفصيل ذلك في أول كتابنا (الإسلام).
وقد بدأت سورة البقرة بذكر أركان ثلاثة. الإيمان بالغيب، والصلاة، والإنفاق.
وذكرت أن القرآن هو الهدى للمتقين. فذكرت من الأركان، وذكرت الأصل في البناء.
وسارت السورة لتعمق هذا وهذا. وذكرت الصوم في بداية هذا المقطع كطريق للتقوى.
فزادت ركنا رابعا. وبنت عليه بعد ذلك قضايا في الأموال، والتصورات، والسلوك، والجهاد. ليأتي الركن الخامس في نفس القسم الذي ذكر فيه الصوم. ففي