الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتمين هو «إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» .
4 -
يلاحظ أن الكلام في آية الكتمان الأولى قد انصب على كتمان البينات والهدى في الكتاب. وفي آية الكتمان الثانية انصب على كتمان كتاب كله. نفهم من ذلك أن نشر المعجزات الموجودة في الكتاب مقصد من مقاصد الشارع. كما أن نشر الهدى الموجود في الكتاب وهو أحكام الله في كل شأن مقصد آخر من مقاصد الشارع. وكما أن كتمان حكم الله حرام، فكتمان المعجزات والدلائل حرام. ويدخل في ذلك الكثير.
ففي هذا القرآن معجزات يعرفها علماء الفلك، أو علماء الحياة. فمن كتم حيث ينبغي أن يوضح فذلك يدخله في هذا الوعيد.
وفي هذا القرآن هدى لكل جوانب الحياة الإنسانية. في السياسة بفروعها جميعا من الولاء، إلى التجمع، إلى مواضيع الأمة والقوم والإنسانية، إلى قضايا الشورى، إلى قضايا الرئاسة المتمثلة بالخلافة إلى غير ذلك وفى الاقتصاد من التملك إلى غيره. وفي السلم والحرب. من الجهاد إلى الإعداد. وفي الاجتماع من قضايا الأسرة إلى غيرها. وفي الأخلاق والتعليم وغير ذلك. وقد دأب الكثير على المخاتلة وعدم البيان مراعاة للسلطان وغيره، رغبة في الجاه أو رهبة من موقف الحق. وكل ذلك داخل في الوعيد، إلا إذا كان للإنسان رخصة شرعية فذلك مستثنى. وللخروج من الكتمان لا بد من إشاعة حلقات العلم والفقه والتلاوة والتفسير وغيرها.
2 - آية البر:
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ: لما أمر الله المؤمنين أولا بالتوجه إلى بيت المقدس ثم حولهم إلى الكعبة. كثر خوض المسلمين وأهل الكتاب في هذا الأمر. فأنزل الله تعالى بيان حكمته في ذلك، وهو: أن المراد إنما هو طاعة الله عز وجل وامتثال أوامره والتوجه حيثما وجه، واتباع ما شرع. فهذا هو البر والتقوى والإيمان الكامل، وليس في لزوم التوجه إلى جهة من المشرق أو المغرب بر ولا طاعة إن لم يكن عن أمر الله وشرعه. وَلكِنَّ الْبِرَّ هو ما سيأتي في الآية. «قال الثوري بعد ما تلا الآية: هذه أنواع البر كلها» قال ابن كثير- وصدق رحمه الله: فإن من اتصف بهذه الآية فقد دخل في عرى الإسلام كلها، وأخذ بمجامع الخير كله. وذلك أن البر اسم لكل فعل مرضي، ولا بر إلا بما ذكر الله عز وجل في هذه الآية مَنْ آمَنَ
بِاللَّهِ بوجوده، وصفاته، وأسمائه، وتوحيده، وربوبيته، وألوهيته وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أي يوم البعث. وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ أي: جنس الملائكة، وجنس كتب الله أو القرآن، وَالنَّبِيِّينَ جميعا بلا استثناء.
فهذا أول البر وأساسه. وبدونه لا يكون بر. إذ من لم يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فإن البر لا يصدر منه وإذا صدر فإنه لا يكون دائما. ويكون
معلولا بعلة ينتهي البر بانتهائها.
وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ أي: أخرجه وهو محب له راغب فيه. ذَوِي الْقُرْبى أي: الأقرباء. وَالْيَتامى: هم الذين لا كاسب لهم، وقد مات آباؤهم وهم ضعفاء صغار دون البلوغ والقدرة على التكسب.
وَالْمَساكِينَ: هم الذين لا يجدون ما يكفيهم في قوتهم وكسوتهم وسكناهم، فيعطون ما تسد به حاجاتهم وخلتهم. وإنما سمي مسكينا لأنه دائم السكون إلى الناس، لأنه لا شئ له. وَابْنَ السَّبِيلِ. وهو المسافر المجتاز الذي قد فرغت نفقته. قال ابن كثير: (وكذا الذي يريد سفرا في طاعة. فيعطى ما يكفيه في ذهابه وإيابه.
ويدخل في ذلك الضيف) ثم روي عن ابن عباس أنه قال: (ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين). وَالسَّائِلِينَ: هم الذين يتعرضون للطلب، فيعطون من الزكوات والصدقات. أو هم المستطعمون. وَفِي الرِّقابِ هم المكاتبون. يعانون حتى يفكوا رقابهم. أو هم الأسارى. يعانون لفك رقابهم أو الرقيق مطلقا يعتق ويحرر وَأَقامَ الصَّلاةَ المكتوبة فأتم أفعالها في أوقاتها بركوعها وسجودها وطمأنينتها وخشوعها على الوجه الشرعي المرضي. وَآتَى الزَّكاةَ المفروضة. وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا الله أو الناس فهم لا ينكثون مع الله أو مع الناس.
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ: في حال الفقر والشدة وَالضَّرَّاءِ أي: في حال المرض والأسقام والزمانة. وَحِينَ الْبَأْسِ: أي في حال القتال والتقاء الأعداء.
أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا أي: هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم. لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال والأفعال. فهؤلاء هم الذين صدقوا.
وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لأنهم حققوا التقوى حالا وعملا وسلوكا، فاتقوا المحارم، وفعلوا الطاعات. إن هذا هو البر، لا ما يتمسك به أهل الأديان من عصبيات نسخها الله، أو لم ينزل بها سلطانا في الأصل.