الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكثيرة والقليلة، بالوابل والطل. وكما أن كل واحد من المطرين، يضعف أكل الجنة، فكذلك نفقتهم، كانت كثيرة، أو قليلة، بعد أن يطلب بها رضى الله تعالى، زاكية عند الله، زائدة في زلفاهم، وحسن حالهم عنده. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ أى: يرى أعمالكم على إكثار وإقلال، ويعلم نياتكم وما فيها من رياء وإخلاص.
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ أي: أيريد أحدكم أن تكون له بستان من نخيل وأعناب. تجري من تحت هذه البستان الأنهار، ولصاحب الجنة، في هذه الجنة من كل الثمرات، وخص النخيل والأعناب بالذكر، لأنهما أكرم الشجر، وأكثر منافع، وإن كانت محتوية على سائر الأشجار تغليبا لهما على غيرهما. ثم أردفهما بذكر كل الثمرات. وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ أي: أيريد أن تكون له جنة. والحال أنه قد أصابه الكبر، وأولاده صغار. فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ الإعصار في اللغة: ريح تستدير في الأرض، ثم تسطع نحو السماء كالعمود. والمراد هنا وضع مركب يجتمع فيه الإعصار مع النار. أي: فأصاب هذه البستان إعصار ناري فأحرقها. الجواب: إنه لا أحد يريد ذلك. فإذا كنا لا نريد ذلك. فلا نحبط أعمالنا الصالحة، برياء، أو من، أو أذى، حتى لا نتحسر مثل هذه الحسرة يوم القيامة. إذ نكون أحوج ما نكون إلى الحسنات، ولا حسنات. كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ أي:
كهذا البيان الذي مر فيما تقدم، يبين الله الآيات في التوحيد والدين، لعلكم تتفكرون فتنتبهون، قبل أن لا ينفع الانتباه ..
فوائد:
1 -
في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى.
والمسبل إزاره. والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». وروى ابن مردويه عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا مدمن خمر، ولا مكذب بقدر» . وروى النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا عاق لوالديه ولا منان» .
2 -
روى البخاري عن عبيد الله بن عمير قال: قال عمر بن الخطاب يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «فيمن ترون هذه الآية نزلت أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ
مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ؟. قالوا: الله أعلم. فغضب عمر. فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها شئ يا أمير المؤمنين فقال عمر: يا ابن أخي. قل ولا تحقر نفسك. فقال ابن عباس: لرجل غني يعمل بطاعة الله. ثم بعث الله له الشيطان، فعمل بالمعاصي، حتى أغرق أعماله».
وبعد أن حررنا الله في المجموعة السابقة من أن يكون في صدقاتنا دخل، أو يرافقها دخل يفسدها .. تأتي مجموعة جديدة، تحدثنا عن نوعية ما ينبغي إنفاقه، وعن صدقة السر، وصدقة العلانية، وعن الذين تنبغي الصدقة لهم. ثم تختم آيات الإنفاق بقاعدة فيها بشارة. ويأتي خلال ذلك كلام عن نواح أخرى، مرتبطة بالموضوع. وهذه هي المجموعة.
[سورة البقرة (2): الآيات 267 الى 274]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَاّ أُولُوا الْأَلْبابِ (269) وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (270) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)
لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَاّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)