الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في هذا المقطع وسياقه:
1 -
بدأ المقطع بالأمر بأكل الحلال وعدم اتباع خطوات الشيطان، ثم علل للنهي عن اتباع خطوات الشيطان، ثم عاب على من يتبع خطوات الآباء على ضلالهم وكفرهم، ثم مثل للكافرين فضرب لهم مثلا يعرف على حقيقة حالهم بما لا يصح معه اتباعهم. فاستقر بذلك أن الكتاب ينبغي أن يتبع، وأن الحلال الذي أحله الله هو الذي ينبغي أن يؤكل.
وعندئذ يتوجه الخطاب إلى أهل الإيمان بأكل الطيبات والشكر، وبتبيان المحرمات من الأطعمة، وفي هذا السياق يذكر الله لنا نموذجين:
نموذجا من الناس يكتم ما أنزل الله. ونموذجا استكمل صفات المتقين وخصائص التقوى. فكان مجئ ذكر هذين النموذجين هنا ارتقاء بالنفس إلى التسليم المطلق للحق وإعلانه والتحقق به.
2 -
جاء هذا المقطع بداية للقسم الثاني. وسبق بخاتمة القسم الأول. وقد قلنا عن خاتمة القسم الأول إنها كالمقدمة للقسم الثاني فنلاحظ الآن ما يلي:
سبق هذا المقطع بشكل مباشر بالآيات:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ. وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ
…
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ....
لاحظ قوله تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا إنه في هذا السياق يأتي المقطع وفي آيته الأولى نهي عن اتباع خطوات الشيطان، وفي آيته الثالثة: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا. فالصلة إذن على أشدها بين الآيات الأولى من المقطع وما سبقها مباشرة.
وفي المقطع السابق على هذا المقطع ترد آية في موضوع كتمان الكتاب. وفي هذا المقطع ترد آيات في هذا الموضوع تفصل فيه.
وفي المقطع السابق آيات الصبر. وتأتي في هذا المقطع آية البر التي فيها حديث عن الصبر: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ فالصلة بين المقطع الأول من القسم الثاني والمقطع الأخير من القسم الأول واضحة جدا.
3 -
وفي نظرة متأملة لسورة البقرة، نجد كأن هذا المقطع يبني على المقاطع الثلاثة الأولى في القسم الأول، وعلى مقدمة سورة البقرة. وكأن ما جاء قبله بعد ذلك في السورة اقتضاه السياق، ثم عاد السياق مرة ثانية إلى مجرى معين. ولإدراك هذا المعنى نقول:
أ- بدأت سورة البقرة بوصف المتقين والكافرين والمنافقين. وجاء مقطعهما الأول ليعمق الإدراك للطريق: طريق التقوى، وطريق الكفر والنفاق. وسار القسم الأول في السورة في هذا المجرى. ومن خلال ذلك كله عرفنا خصائص التقوى وصفات تفصيلية أكثر للمتقين. ومن ثم تأتي آية البر في نهاية هذا المقطع لتعرف لنا المتقين تعريفا يلخص كل ما قدمه لنا السياق من تفصيلات توضح التعريف الذي مر معنا في أول السورة.
ب- في المقطع الأول من القسم الأول ورد قوله تعالى:
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً
…
ثم جاء مقطع آدم عليه السلام.
وفيه عرفنا على عداء إبليس ومظاهر خطواته. وعرفنا كيف أن آدم عليه السلام حرم عليه شئ فخالف، فعوقب. ويأتي هذا المقطع وكأنه يبني على ذلك كله:
يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً.
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ ....
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ .. إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ....
وأوضح ما يظهر فيه البناء على المقطع الأول من القسم الأول: أن المقطع الأول من القسم الأول بدايته: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
…
والآية التي سبقت آية التحريم هنا ختمت بقوله تعالى: وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ.
وبعد قصة آدم في القسم الأول يأتي مدخل مقطع بني إسرائيل وفيه:
وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ* وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ* وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ* أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ وقد جاءت الفقرة الثانية في هذا المقطع وفيها:
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ....