الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) مغالطة جدلية
قامت مغالطة جدلية حول القومية والإسلام، وكانت محكمة التركيز من قبل العدو الغازي، وقد اعتمدت هذه المغالطة على مجموعة من الأسئلة أهمها الأسئلة التالية:
1-
هل القومية تتعارض مع الإسلام؟
2-
هل حارب الإسلام القوميات؟
3-
هل نستطيع أن نتعايش مع من لا يدينون بالإسلام من العرب؟ وأشباه هذه الأسئلة:
وقد انطوت هذه الأسئلة على مكر شديد، يعتمد على المغالطة في المفاهيم، وذلك لأن القومية كما يريدها أعداء الإسلام في قلوب المسلمين، ومثلهم بالنسبة إليها وبالنسبة إلى المفاهيم الأخرى المضادة للإسلام، كمثل من يأتي إلى كأس مملوءة لبناً خالصاً سائغاً للشاربين، فيطرح فيها حصاة فحصاة، وحفنة فحفنة من الرمل، ليخرج من اللبن بمقدار ما طرح فيها من رمل أو حصى، حتى يملأها بما يريد فتفرغ آلياً مما لا يريد وهذا ما يغذون به أتباعهم وحملة فكرتهم، ولكنهم عند الجدل مع المسلمين يغالطون في المفهوم الذي أرادوه للقومية، وينتحلون مفهوماً آخر يقره الإسلام، ولا يتعارض معه، ليظفروا بسكوت المسلمين عنهم وعدم مقاومتهم لفكرتهم.
أمام مفهوم القومية الذي يريدونه، ويوسوسون به إلى أتباعهم وحملة فكرتهم، فهو يعتمد على عناصر عصبية عرقية، تكتفي بأن تجمع الأفراد المنتسبين إليها على أساس العرق، وحينما صدمتهم حقيقة الكيان الإنساني، وأنه ليس مجرد كائن جسدي تحكم الصلة العرقية رباطه، أضافوا إلى مفهوم الصلة على أساس العرق مفهوم الاشتراك في لغة التخاطب، ومفهوم الاشتراك في التاريخ، ومفهوم الاشتراك في المشاعر من آلام وآمال.
وعند كلامهم على الاشتراك في التاريخ يحاولون أن يحبوا التاريخ القومي
قبل الإسلام، وأن يجعلوا له لوناً من ألوان المجد، وقد يستشهدون ببعض الأبطال من المسلمين، ولكن في أحوال نادرة وللتمويه بذكرهم، ومع ذلك فهم لا يستشهدون بهم على أساس كونهم حملة رسالة ربانية، وإنما يستشهدون بهم على أساس أنهم ينتسبون من الناحية العرقية للقومية الخاصة. ويحاولون أيضاً أن يميتوا كل مجد كان بسبب الإسلام، ويوسعون الدائرة في ضرب أمثلة من قوميين غير مسلمين، ويحاولون أن يلبسوهم تيجان مجد علمي أو أدبي أو بطولي لا يستحقونه في مقاييس المقارنات المادية.
وعند كلامهم على الاشتراك في المشاعر بين أتباعهم يذكرون لهم آلام التفرقة على أساس الدين، وآلاماً تاريخية أصابت القومية بسبب تسلط قومية أخرى عليها باسم الإسلام، وقد يدمجون فيها آلام تسلط المستعمرين على البلاد، ويدخلون في ضمن المستعمرين كل من حكم القوم من غيرهم مسلماً كان أو غير مسلم.
وكل هذه المفاهيم التي يبثونها بمكر بالغ تزاحم في نفوس ملتزميها الجاهلين أو الغافلين العقيدة الإسلامية، وتحل محلها، فيمسي ملتزمها فارغاً من الإسلام ممتلئاً بها، وحينما يكتشف بالتطبيقات المتتابعة أنها تعارض الإسلام من أساسه، ويجد نفسه فارغاً من كيان فكري أصيل، ومنغمساً في شهوات آسرة لا يرضاها الإسلام، يضطر أن يسلك مسلك الإلحاد بالله، واللجوء إلى مذاهب إنسانية أخرى منسجمة مع مسلك الإلحاد، لتملأ فراغه النفسي والفكري، أو يرده وجدانه إلى الحق، فيرفضها ويعود إلى حظيرة الإسلام.
أما مفهوم القومية الذي لا يتعارض مع الإسلام، ويغالط أعداء الإسلام به، فهو المفهوم الذي يدل عليه قول الله تعالى في سورة (الحجرات/49 مصحف/106) :
{
ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .
فالاختلاف بين الناس على أساس الذكورة والأنوثة شيء اقتضته سنة الله في التناسل وتوزيع الخصائص في الحياة، والاختلاف بين الناس على أساس