الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيصل وبعض آثارها في العالم الإسلامي والعالم العربي _ ولا سيما في حرب رمضان 1393هـ _ قد أقضت مضاجع أعداء الإسلام ، حتى رأوا أن يتخلصوا منه بأية وسيلة.
(2) التجزئة باستغلال الخلافات السياسية
وقد عرف أعداء الإسلام المقنَعون منذ العصور الإسلامية الأولى كيف يستفيدون من الخلافات السياسية بين المسلمين ، وقد بدأ ذلك في عصر الخلفاء الراشدين ، واتسعت دائرته فيما وراءه من العصور.
وعرف أعداء الإسلام أيضاً كيف يصطنعون هذه الخلافات ، ويثبتونها بين صفوف المسلمين.
وقد كان من الممكن أن تنحصر الخلافات السياسية في حدود صغيرة لا تتعداها في الزمان أو المكان أو الأشخاص ، ولكن أعداء الإسلام المقنعين نشطوا نشاطاً كبيراً في توسيع دائرة الخلافات السياسية ، واتخذوا دائماً خطة الانقسام إلى فريقين أو أكثر ، وانضمام كل فريق إلى جهة من جهات التنازع السياسي ، وإمعانه في تمكين الخلاف ، وتعميق جذور التنازع ، وشحن أفئدة الجهة التي اندس فيها بالحقد والضغينة على الجهة أو الجهات الأخرى المخالفة ، ومهما عمل العقلاء والمصلحون لتقريب وجهات النظر ، ومعالجة الجرح السياسي ليندمل ويعفي الزمن أثره ، فإن هؤلاء المقنعين من أعداء الإسلام لا يرضيهم ذلك ، بل يسرعون في الخفاء إلى إثارة الغبار في الوجوه ، لتنعدم الرؤية الصحيحة ، ويفتعلون الأحداث الجديدة بالتحريض ، أو يدعون وجودها بالكذب ، أو يبعثون من قبلهم من يندس لافتعالها ، ثم يعمدون إلى الجرح السياسي الذي كاد يندمل فينكأونه من جديد ، ويسوقون إليه موجة جديدة من موجات الحقد والضغينة ، ثم يتركون لهاتين الجرثومتين ما تثيرانه في النفوس من الرغبة بالانتقام ، ومع الانتقام تزداد شقة الخلاف ، وتتسع الهوة ما بين الفرقاء المتنازعين وما بين أنصار كل منهم ، وتمتد في الزمان والمكان والأشخاص.
ولم يقتصر أعداء الإسلام على أن يبقى الخلاف السياسي مهما اتسع ضمن حدوده السياسية ، بل عملوا على أن ينقلوه من دائرة خلاف سياسي يطويه الزمن ، إلى خلاف اعتقادي وديني تتوارثه الأجيال ، ويأخذ مع الزمن صبغة خلاف طائفي يستعصي دفعه ، ويتعذر رفعه ، وذلك إمعاناً منهم في متابعة مكرهم بالإسلام والمسلمين.
ومن آثار هذه الخطة الماكرة بدأ الخلاف بين مستحقي الخلافة من آل البيت ، وبين الظافرين بالحكم من الأمويين ، ولقد كان من الممكن أن تضيق دائرة هذا الخلاف ، ويتجه المسلمون كلهم إلى واجبات نشر الإسلام في الأرض ، ولكن أصابع الفتنة المندسة لم تدع الجرح السياسي يلتئم ، وإنما عملت على أن تغذيه باستمرار بجراثيم الإفساد، وتحشد مندسيها في كل من أنصار الفريقين المتنازعين ، كي يعمل هؤلاء المندسون على إغراء الجهة التي يظهرون الولاء لها بالإفراط في عداوة الجهة الأخرى ، وقتالها والانتقام منها ، وما زالوا يعمقون هذا الخلاف السياسي حتى جعلوه خلافاً في أصل العقيدة الدينية ، الأمر الذي تولد عنه خلاف آخر في المذاهب الفقهية ، ومع رغبتهم الشديدة بتعميق الخلاف ، وتوسيع الشقة ، عملوا على تغيير ما استطاعوا تغييره من أسس ليس من شأنها أن يكون فيها تنازع أو خلاف مطلقاً ، ولكن المكيدة المبيتة كانت ترمي إلى تمزيق وحدة المسلمين ، وطعن الإسلام في الصميم ، لذلك كان جنودها يعملون في الخفاء عملاً دائباً لتحقيق هذه الغاية.
ولما استطاعوا أن يصلوا إلى التلاعب بالأسس نشط زبانيتهم في استحداث الفرق الكثيرة ، ضمن الجهة التي ظفروا بأن تكون واثقة بهم ، وأخذوا يشققونها ، ومع كل تشقيق جديد توغل في الانحراف عن العقيدة الإسلامية ، حتى استطاعوا أن يصلوا في بعض أطراف التشقيق إلى مرتدين عن كل العقيدة الإسلامية ، كافرين بكل ما جاء فيها ، أكثر ولاء لغير المسلمين منهم للمسلمين الذين يزعمون أنهم فرقة منهم.
الطائفي لما كان عليه الآباء والأجداد.
ومهمة الإصلاح اليوم يتحملها القادة المصلحون الصادقون في جميع الفرق ، فيجب عليهم أن يبصروا أتباعهم بالحقيقة ، لينقذوا أنفسهم من الكيد المدبر لهم ولغيرهم على السواء ، وإنها لمسؤولية كبيرة ملقاة عليهم ، سيُسألون عنها بين يدي الله يوم القيامة ، وسيحاسبون على تقصيرهم فيما يجب عليهم تجاه ربهم ، وتجاه دينهم ، وتجاه الأمة الإسلامية التي مزقتها دسائس الأعداء.
ولو عرفت هذه الفرق المنشقة أنها وقعت في فخ أعداء الإسلام من حيث لا تشعر ، وانحرفت بتأثير ألاعيبهم الماكرة المقنعة ، لاهتدى كثيرون منها إلى