الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1) الالتقاء على الكراهية والحقد
يكاد الكره والحقد الموروثان في نفوس الأجنحة الثلاثة لجيش الغزو الظالم الآثم ضد الإسلام والمسلمين يكونان عنصر الالتقاء الرئيسي بينها. ولا نعلم سببا صحيحا ناتجا عن مبدأ إنساني كريم يبرر وجود هذا الكره والحقد في نفوسهم.
أ- أما الدعوة الإسلامية فلم يكن فيها ما يستدعي ذلك ، لأنها قامت على أساس تصحيح اعتقادي ، مستند إلى أدلة علمية ، ومناقشات منطقية ، ومبني على أساس تكميل ديني مرتكز على مبدأ وحدة الرسالات الربانية ، في أسسها وفي مصدرها ، وأن اللاحقة منها تكمل السابقة ، حسب الإرادة الربانية التي أنزلتها جميعا ، وأن الذين قبلوا التعاليم السابقة ملزمون أيضا بأن يقبلوا التعاليم اللاحقة ، بما فيها من تعديلات قررتها إدارة منزل التعاليم ، حسب مقتضيات علمه وحكمته.
ومثل ذلك في الأرضيات الإنسانية كمثل من يقبل قانون الدولة السابق ، ثم يرفض قانونها اللاحق المكمل والمعدل للأول ، دون أن يكون له حجة في رفضه إلا مجرد التعصب للسابق ، لأنه صار مأنوسا مألوفا له ، أو مطوعا بالتحريف لهواه.
والتصحيح الاعتقادي قضية علمية بحتة ، تعرض نفسها للمناقشة والبحث ، وينبغي أن لا يكون فيها مجال للتعصب النفسي ، ولا أثر من آثار الانفعال ، فالباحثون العلميون يطرحون باستمرار نظرياتهم العلمية
على مختلف المدارس الفكرية دون أن يجد أنصار إحداها غضاضة في هذا الطرح ، لأنهم جميعا وحينما تقوم الأدلة القاطعة على رأي من الآراء العلمية يترك أصحاب المذاهب والمدارس الفكرية المختلفة آراءهم السابقة ، ويقبلون الحقيقة الناصعة ، التي قامت عليها الأدلة القاطعة ، أما التعصب للخطأ الموروث والاستمساك بالباطل فليس من شأن الإنسان العاقل المنصف الباحث عن الحقيقة.
وأمام هذا المنطق الهادئ البعيد عن كل عنف وتعصب نجد الإسلام يعلم المسلمين أن يقولوا للآخرين عند الجدال في قضايا الدين ما جاء في سورة (سبأ / 34 مصحف/ 58 نزول) : {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} .
كما يأمرهم بأن يجادلوا أهل الكتاب بالتي هي أحسن ، فقال الله تعالى في سورة (العنكبوت /29 / 85 نزول) :
وقد أمر الله رسول الله محمد بأن يدعو أهل الكتاب دعوة مشبعة بالرفق واللين ، وذلك بأن يقول لهم كما جاء في سورة (آل عمران / 3 مصحف / 89 نزول) :{قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} .
ب- وأما المسلمون فلم يكن منهم في مواجهة أهل الكتاب إلا الرفق واللين والتسامح والدعوة الخيرة ، وهذا ما جعل النسبة العظمى من سكان البلاد التي دخلها الإسلام بما فيهم أهل الكتاب يسرعون إلى الدخول في الإسلام طواعية دون إكراه ، إدراكا منهم للحق ، وشعورا بسلامة أسس الدعوة الجديدة ، ومطابقتها للأسس الصحيحة التي يعلمونها من رسالة
موسى وعيسى وسائر النبيين عليهم الصلاة والسلام.
وهذا ما دعا بعض المنصفين منهم إلى أن يعترف بذلك اعترافا صريحا ، ومن أمثلة ذلك شهادة "غوستاف لوبون" المشهورة إذ يقول فيها:"ما عرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب" ومنها تحسر الأديب الفرنسي الكبير "أناتول فرانس" إذ يقول: "ليت شارل مارتل قطعت يده ولم ينتصر على القائد الإسلامي (عبد الرحمن الغافقي) ، إن انتصاره عليه أخر المدنية عدة قرون إلى الوراء".
إلا أن روح التعصب الذميم الذي لا يمكن أن يكون من صفات طلاب الحق ودعاته هو الذي أملى على جيش الغزو ذي الأجنحة الثالثة الكراهية والحقد ، ويشهد لروح التعصب هذه المشبعة بالكراهية للإسلام والمسلمين والحقد عليهما أقوال كثيرة صادرة عنهم ، مضافا إليها أعمالهم الجماعية المستمرة الدالة على مبلغ التعصب الذميم المسيطر على نفوسهم ، فمن أقوالهم ما يلي:
1-
لما دخل القائد الاستعماري الفرنسي "غورو""دمشق" في الربع الأول من القرن العشرين الميلادي منتصرا على الشعب العربي الأعزل في سورية ، ووصل إلى مثوى البطل الإسلامي صلاح الدين الأيوبي ، ضرب قبره بقدمه ، وقال كلمته المشهورة:"ها قد عدنا يا صلاح الدين " وقد هان عليه أن ينفس عن حقده أمام قبور الموتى ، لأنه لم يجد في الأحياء من يرد بأسه.
ولما دخل الجنرال: "اللنبي" قائد جيوش الحلفاء مدينة القدس قال: "الآن انتهت الحروب الصليبية"
2-
مقالة قالها زعماء المبشرين جاء فيها: "ألم نكن نحن ورثة الصليبيين؟ ألم نرجع تحت راية الصليب لنستأنف التسرب التبشيري والتمدين المسيحي"
3-
ما ذكره المستشرق الألماني "بيلر" في قوله: "إن هناك عداء من النصرانية