المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين - أجنحة المكر الثلاثة

[عبد الرحمن حبنكة الميداني]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف [ووالده]

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: أيمن بن أحمد ذو الغنى

- ‌الشيخ حسن حبنكة الميداني [والد المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌1ـ مولده ونسبه:

- ‌2ـ نشأته وطلبه للعلم:

- ‌3ـ مرحلة الدعوة والتعليم:

- ‌4ـ أسلوبه في التعليم:

- ‌5ـ مشاركاته العلمية:

- ‌6ـ اهتمامه بالمجتمع والأعمال الخيرية:

- ‌7ـ مواقفه الإسلامية الشجاعة:

- ‌8 ـ صفاته الشخصية ومشاركاته الأدبية ومختارات من شعره:

- ‌9 ـ صفاته التربوية:

- ‌10 ـ وفاته:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌مولده وتعليمه:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌من آرائه ومواقفه التاريخية:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: وصفي عاشور أبو زيد

- ‌دعاء

- ‌القِسمُ الأول الغَزوُ بالحِيَل وَوَسَائل المَكْرِ غَيْر المبَاشِرَة

- ‌الفصل الأوّل من القسم الأول مقَدِّمَات عَامَّة

- ‌(1) الحروب الصليبية وخيبتها وتحول اتجاهها

- ‌(2) الغزو الفكري وخطره

- ‌(3) تاريخ ظاهرة الغزو الفكري

- ‌(4) المهمات الرئيسية لأعداء الإسلام

- ‌(5) المنهج الرئيسي للغزو الفكري

- ‌(6) الوسائل الرئيسية للغزو الفكري

- ‌(7) تعريفات للأجنحة الثلاثة

- ‌(8) المؤازرون من الداخل لقوى المكر الخارجية

- ‌الفصْل الثاني المبشِّرون وأعمالهمْ

- ‌1- عرض موجز لتاريخ التبشير وأعمال المبشرين

- ‌(2) مؤتمرات المبشرين

- ‌(3) مجالات أنشطة المبشرين

- ‌(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين

- ‌الفصْل الثالث المستَشرقون وَأعمَالهمْ

- ‌(1) تعريف عام بالاستشراق والمستشرقين

- ‌(2) موجز تاريخ الاستشراق

- ‌(3) مدارس الاستشراق

- ‌(4) دوافع المستشرقين وأهدافهم

- ‌(5) مجالات أنشطة المستشرقين

- ‌(6) أخطر وسائل المستشرقين الفكرية

- ‌(7) موازين البحث عند المستشرقين

- ‌(8) الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين

- ‌(9) مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالها

- ‌(10) المستشرقون يدركون قدرة الإسلام الذاتية

- ‌الفصْل الرابع الاسْتِعْمَار وَالمُسْتَعْمِرُون

- ‌(1) فكرة عامة عن بدء الاستعمار

- ‌(2) الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية العربية

- ‌(3) الاستعمار البريطاني للهند وآثاره

- ‌(4) أبرز أعمال الكيد التي قام بها الاستعمار في بلاد المسلمين

- ‌(5) وثيقة من دولة استعمارية لنصارى وطنيين

- ‌الفصل الخامس عناصر التلاقي والأهداف والأعمال المشتركة

- ‌(1) الالتقاء على الكراهية والحقد

- ‌(2) الالتقاء على كسب المغانم

- ‌(3) الالتقاء على محاربة الإسلام وتطبيقاته

- ‌(4) محاولات الفصل الكلي بين الإسلام والمسلمين

- ‌(5) محاولات الفصل الجزئي بين الإسلام والمسلمين

- ‌الفصل السادس وسائل الغزاة وحيلهم

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) وسائل الغزو غير المسلح

- ‌(3) شرح الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: الوجوه المستعارة

- ‌الوسيلة الثانية الخداع السياسي

- ‌الوسيلة الثالثة: الضغط السياسي

- ‌الوسيلة الرابعة: الحصار الاقتصادي

- ‌الوسيلة الخامسة: الحصار العلمي والثقافي

- ‌الوسيلة السادسة: التمييز الطائفي

- ‌الوسيلة السابعة: التمييز العنصري والقومي

- ‌الوسيلة الثامنة: التضليل الفكري

- ‌الوسيلة التاسعة العبث النفسي

- ‌الوسيلة العاشرة: حيل السلب المالي

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: الإفساد الاجتماعي

- ‌الوسيلة الثانية عشرة الإفساد الخلقي والسلوكي

- ‌الفصْل السّابع منْ وَسَائل الغزو الفكري: التفريغ وَالملء

- ‌(1) مقدّمة

- ‌(2) عناصر الخطة

- ‌(3) وسائل التفريغ

- ‌(4) عمليات ملء الفراغ

- ‌(5) تسخير الجيش الجديد من أبناء الأمة

- ‌الفصْل الثامِن خطط العَدُوّ لغزو الإسْلام

- ‌(1) خطة وغرض

- ‌(2) التحريف في مفهوم التوكل على الله

- ‌(3) سوء فهم معنى الرضى بالقضاء والقدر

- ‌(4) محاولات الغزاة إلغاء ركن الجهاد في سبيل الله

- ‌الخطة الأولى: خطَّة استغلال ردود الأفعال الناتجة عن توجيه الاتهام

- ‌الخطة الثانية: خطَّة تفريغ الجهاد في سبيل

- ‌الخطة الثالثة: اتخاذ حيلة الربط الدوري بين ركن الجهاد في سبيل الله بالقتال وبين إقامة الحكم الإسلامي

- ‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة

- ‌الخطة الخامسة: خطَّة استغلال المنظمات الدولية المندسة في الشعوب المسلمة

- ‌الخطة السادسة: خطة التوريط والإحباط، لإقناع جماهير المسلمين بالعجز

- ‌(5) محاولات الغزاة تفريغ الإسلام من أحكام المعاملات وسائر شؤون الحياة

- ‌(6) محاولة إلغاء تطبيق أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية

- ‌(7) التلاعب بالأحكام الإسلامية بحيلة المرونة في الشريعة

- ‌(8) حيلة خلط معنى التمسك المحمود بالحق بمعنى التعصب الجاهلي المذموم

- ‌(9) التلاعب بعبارات التقدمية والرجعية والتمدن والتخلف ونحوها

- ‌(10) حيلة التحسر على افتقار الأمة العربية إلى فلسفة ترفع من شأنها

- ‌(11) حيلة التمجيد بعبقرية محمد لتفريغ دعوته من كونها رسالة ربانية

- ‌الفصْل التاسِع الغزاة وأعمالهم في هدم وحدة المسلمين

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) التجزئة باستغلال الخلافات السياسية

- ‌(3) تفتيت وحدة المسلمين هدف مشترك لدى أجنحة المكر

- ‌(4) دسائس وألاعيب استعمارية لتمزيق وحدة المسلمين

- ‌(5) التقسيم الطبقي

- ‌(6) هدم الخلافة الإسلامية

- ‌(7) مكيدة تحديد النسل

- ‌الفصْل العاشر الغزو بفكرة القوميّة

- ‌(1) خطة وأهداف

- ‌(2) مغالطة جدلية

- ‌(3) موقع الشعب العربي بين الشعوب الإسلامية الأخرى

- ‌(4) تقبّل المبادئ الأخرى بعد التفريغ بفكرة القومية

- ‌(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله

- ‌الفصْل الحَادي عشر أعمال الغزَاة ضِدّ اللغةِ العربيَّة

- ‌(1) مقدمة عامة حول أهمية اللّغة

- ‌(2) الاستعمار ومحاربته للعربية الفصحى

- ‌(3) الدعوة إلى نشر العاميات واللهجات الإقليمية

- ‌(4) نظرة تاريخية إلى حركة التحويل عن الفصحى

- ‌(5) ردود على مزاعم خصوم الفصحى

- ‌(6) دغدغة العواطف القومية القديمة للتحويل عن العربية الفصحى

- ‌(7) مزاعم إصلاح رسم الخط العربي

- ‌(8) غزو الفصحى عن طريق العبث بقواعدها

- ‌(9) غزو اللغة العربية بالمفردات الأجنبية الدخيلة

- ‌(10) طلائع المستجيبين لمكيدة إحلال العاميات محل الفصحى

- ‌(11) نحن والغزاة

- ‌الفصْل الثاني عشر الغزاة وتفصيل أعمالهم في الإفساد

- ‌(1) تكسير معاقد الترابط الاجتماعي وتقطيع أوصاله

- ‌(2) العبث بجذور الأخلاق

- ‌(3) طريقا التضليل الفكري والاستدراج إلى الانحراف السلوكي

- ‌(4) الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: استخدام عنصر المال

- ‌الوسيلة الثانية: استخدام عنصر النساء

- ‌الوسيلة الثالثة: الاهتمام بالمرأة في مجالات العلم والثقافة والفن

- ‌الوسيلة الرابعة: فتنة الاختلاط وسفور المرأة

- ‌الوسيلة الخامسة: استخدام الآداب والفنون

- ‌الوسيلة السادسة: استخدام عنصر الحكم

- ‌الوسيلة السابعة: استخدام المسكرات والمخدرات

- ‌الوسيلة الثامنة: استخدام وسائل اللهو واللعب

- ‌الوسيلة التاسعة: اهتمام الغزاة بإفساد الفتيان والفتيات

- ‌الوسيلة العاشرة: استخدام وسائل الترف والرفاهية

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: سياسة المستعمرين غير الأخلاقية

- ‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي

- ‌الفصْل الثالث عشر الغزو بالمذاهِبِ الاقتصَادية

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) بين اتجاهين متباينين

- ‌(3) وسائل إيقاف نشاط غزو المذاهب المخالفة للإسلام

- ‌(4) نظام الإسلام على قمة وعن يمينها ويسارها منحدران

- ‌(5) قدوم المذاهب الاقتصادية المخالفة لنظام الإسلام

- ‌(6) لا تكفي الكلمة وحدها

- ‌(7) الأسس العامة لنظام الإسلام الاقتصادي

- ‌(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإِسلام والنظم الأخرى

- ‌(9) فرية ربط التخلف الصناعي بنظام الإسلام

- ‌(10) اصطناع المناخات المناسبة لتقبل الأفكار والمذاهب الغازية

- ‌(11) التعلُّل بعدم وجود دولة تطبق نظم الإسلام وتحميها

- ‌الفصْل الرابع عشر مَا تُعانيه الحَركات وَالمؤسَّسّاتُ الإسْلَاميَّة

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) الكمين والإثارة

- ‌(3) الفقر الذي تعاني منه المؤسسات والحركات الإسلامية

- ‌القِسمُ الثَّاني الغَزْو بالهُجُوم المبَاشِر عَلى الإسْلَام

- ‌الفصْل الأوّل شُبهَاتٌ حَوْلَ المثَاليّةِ وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثاني شُبهَاتٌ حَوْلَ الرُّوحيَّة وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثالث شُبهَاتٌ حَوْلَ بَعْض العبَادات في الإسْلَام

- ‌الفصْل الرابع شُبهَاتٌ حَوْلَ الزَّكَاةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الخامس شُبهَاتٌ حَوْلَ العُقوبَات في الإسْلَام

- ‌الفصْل السادس شُبهَاتٌ حَوْلَ الرِّقِّ في الإسْلَام

- ‌الفصْل السّابع شُبهَاتٌ حَوْلَ حُقُوق المَرأةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثامِن أجوبَة أسئِلة تَشكيكيَّة

- ‌القِسمُ الثالِث نَظَراتٌ عَامَّة حَوْل دَوافِع الغزو في الناسِ

- ‌الفصْل الأوّل دَوافع الغزو

- ‌(1) ربانية أو عدوانية

- ‌(2) الجهاد المقدس

- ‌(3) أهداف محاولات التسلط المادي المرتبط بالدوافع العدوانية

- ‌(4) تآزر الغزاة لتحقيق الأهداف المشتركة

- ‌الفصْل الثاني خلَاصَة وتوجيه لِلمسْلمين

- ‌(1) مقدمة

- ‌(2) العناصر الغازية

- ‌(3) نتائج حققها الغزاة

- ‌(4) خطوات العمل الحميدة

الفصل: ‌(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين

19-

استخدام الأسواق المجمعة "السوبر ماركت"

يتم ذلك باستغلالها لترويج ما يخدم أفكار الغزاة، ويشجع على ممارسة أنواع سلوكهم وطرائق حياتهم.

20-

إنشاء معاهد لإعداد المنصّرين المتخصصين بتنصير المسلمين

مثل: "معهد صمويل زويمر" الذي أنشئ في شمال كاليفورنيا، وقرروا إنشاء معهد آخر ورصدوا له مليار دولار أمريكي.

وهناك مجالات كثير أخرى قائمة، أو يمكن أن تتفتق أذهان أعداء الإسلام لاستخدامها.1- تتابعت مخططات المبشرين الهادفة إلى محو الإسلام من الوجود، وتمزيق وحدة المسلمين، واتسعت دوائر أعمالهم وملاحقتهم للإسلام في كل بلد اتساعاً كبيراً، ولكنهم لم يظفروا بكل ما يريدون تحقيقه داخل المجتمعات الإسلامية، عن طريق أعمالهم ونشاطاتهم الخاصة المنفصلة عن الحكومات الاستعمارية، فلجأوا إلى هذه الحكومات يلتمسون منها العون والتأييد المالي والسياسي والعسكري.

(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين

1-

تتابعت مخططات المبشرين الهادفة إلى محو الإسلام من الوجود، وتمزيق وحدة المسلمين، واتسعت دوائر أعمالهم وملاحقتهم للإسلام في كل بلد اتساعاً كبيراً، ولكنهم لم يظفروا بكل ما يريدون تحقيقه داخل المجتمعات الإسلامية، عن طريق أعمالهم ونشاطاتهم الخاصة المنفصلة عن الحكومات الاستعمارية، فلجأوا إلى هذه الحكومات يلتمسون منها العون والتأييد المالي والسياسي والعسكري.

فرأت الدول الاستعمارية جيوش المبشرين كنزاً ثميناً لها، فقررت أن تدعمها في أهدافها التبشيرية، لتستخدمها في الأهداف الاستعمارية.

وقد كان المبشرون الذين يفدون إلى البلاد الإسلامية، يأتون أول الأمر متسترين بأسماء مختلفة، فإذا استقروا في البلاد أخذوا يقومون بالتبشير على مقدار وسعهم، فإذا وجدوا من الدول الإسلامية مراقبة لهم وتذمراً من أعمالهم وملاحقة لتصرفاتهم لجأوا إلى قناصلهم طالبين حمايتهم، وكان المسؤولون في القنصليات الأجنبية يدافعون عنهم ويحمونهم بوصفهم من

ص: 111

رعاياهم. وكلما ضعفت الدول الإسلامية أمام نفوذ الدول الأجنبية زادت هذه الدول في دعم المبشرين داخل البلاد الإسلامية، وفي حمايتهم وتأييدهم.

ومن أمثلة ذلك: لما أراد الخديوي إسماعيل باشا أن يغلق مدارس المبشرين البروتستانت في مصر، لأن هؤلاء كانوا يتدخلون في السياسة، ويثيرون الاضطرابات في البلاد، ويزيدون مشاكل الحكومة تدخلت في الأمر قنصليتان تابعتان لأكبر دولتين يومئذٍ، فأيدتا المبشرين، وحملتا الحكومة المصرية على أن تتقيد بالخط الهمايوني (أي: بالدستور) الذي ينص على احترام الحرية الدينية. علماً بأن احترام الحرية الدينية لا يتعارض مع الأمر بإغلاق مدارس تبشيرية أجنبية،تحاول أن تعبث بعقائد المسلمين وتخرجهم عن دينهم. ولكن سياسة دعم المبشرين هي التي حرضت الدول الأجنبية على أن تتدخل لصالح التبشير هذا التدخل السافر.

2-

ويكشف سياسة التآزر بين المبشرين والمستعمرين ما جاء في الكتاب المئوي للمبشرين اليسوعيين، بعد أن أمست سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، وهو قولهم:"أجل لقد كنا نعتمد على مساعدة فرنسا الظافرة والآن ها هي فرنسا هنا".

3-

وفي المؤتمر الذي أقامه المبشرون على ظهر الباخرة "غالف" في البحر الأحمر، صرح حاكم إفريقية الشرقية: بأنه يجب على الحكومة وعلى المبشرين أن يشتركوا في العمل ضد الإسلام.

4-

وفي سبيل مؤازرة المبشرين للدولة الاستعمارية المتربصة، أخذ المبشرون يفتعِلُون داخل البلاد الإسلامية الأسباب التي تقود إلى الحرب، لأن الحرب ستضعف الدولة الإسلامية. ومن خلال ذلك يجد المبشرون منافذ واسعة لهم كي يقوموا بمهمة التبشير بين المسلمين على ما يحبون. ويحاول المستعمرون من جهتهم تحقيق أهدافهم الاستعمارية، بينما يحاول المبشرون تحقيق أهدافهم التبشيرية.

ص: 112

وهذا ما أعطى الحروب التي كانت تُشن ضد العالم الإسلامي صفة دينية صليبية بما في ذلك الحروب التي شنتها الدول الأوربية على الحكومات الإسلامية في القرنين التاسع عشر والعشرين.

يقول المبشر لورانس براون: "وكذلك شنت الدول الأوربية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين حروباً عدوانية على الحكومات المسلمة، ثم انتزعت منها أراضيَ ضمتها إلى سلطانها هي. ولقد كانت النتائج في أحوال كثيرة غير سارة لبعض الشعوب التي استعبدت، وخصوصاً من المسلمين، ولكن هذه الشعوب لم تصل بعد إلى درجة تشعر فيها بأنها أصبحت أقليات مضطهدة".

ويقول "وليم كاش" في كتاب صغير له: "قبل هذه التطورات التي طرأت على العالم الإسلامي بعد الحرب العالمية الأولى، كان المبشرون قد اتخذوا مراكز استراتيجية في العالم الإسلامي، واستطاعوا في أثناء الثورات والحروب والاضطرابات أن يتابعوا عملهم بهدوء وثبات. ولقد كتب هذا الكتاب الصغير ليدل على هذه التطورات التي حدثت، وليبين للكنائس تلك الحاجة الملحة للتقدم بمشروعها في يوم الفرصة السانحة".

وقبل أن يحتل الاستعمار الإيطالي أرتيريا استخدم الطليان المبشر الطلياني الأب "سابيتو" ليتاع لهم "عَصَب" من الأريتريين، ففعل، وكان ذلك هو البداية للاحتلال الاستعماري.

وكذلك كانت للمبشرين أدوار كثيرة مماثلة في التمهيد للاستعمار، كما كان للدول الاستعمارية أدوار كثيرة في مساعدة المبشرين ومؤازرتهم وحمايتهم لهم، وخطط العمل من الفريقين يكمل بعضها بعضاً.

5-

ونجد الآن بعد استقلال البلاد الإسلامية من الاستعمار المباشر، نشاطاً كبيراً للمبشرين في بلاد كثيرة من بلاد المسلمين، وهذا النشاط تدعمه الدول الاستعمارية الكبرى. منه نشاط المبشرين في إفريقية ونشاط المبشرين الكبير في أندونيسيا، إذ تتزايد فيها الإرساليات التبشيرية تزايداً كبيراً.

ص: 113

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" في عددها الصادر في (7/9/1973م) تعليقاً بعنوان: "تعاظم التنصير في أندونيسيا" أشارت فيه إلى ازدياد عدد الكنائس في وسط أندونيسيا المسلمة.... وذكرت أن جاوه - وهي أكثر الجزر ازدحاماً بالسكان - إذ تبلغ نسبة عدد سكانها (65%) من مجموع سكان أندونيسيا، أصبحت تربة صالحة لنشاط الإرساليات التبشيرية، وقد تضاعف عدد كنائس البروتستانت والكاثوليك في جاوه الوسطى والشرقية إلى أربعة أضعاف ما كان عليه.... ويبلغ عدد أعضاء كنيسة جاوه الشرقية وحدها "210000" واحداً وعشرين ألف شخص.... ورغم ما يواجه رجال التبشير في بعض المناطق الإسلامية من مقاومة وإعراض، إلا أنهم بالإغراء المادي المسيحي استطاعوا أن يتغلبوا على هذه المصاعب.

وقالت الجريدة: إنه توجد في أندونيسيا الآن جريدتان إحداهما للبروتستانت،والأخرى للكاثوليك.

وقالت: إن المسيحيين الذين تبلغ نسبتهم (5%) من مجموع سكان البلاد يسيطرون على بعض المرافق.

وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن طلائع البعثات التبشيرية دخلت أندونيسيا في عام (1500م) مع البرتغاليين الذين استعمروا جزر البهارات.... وقد استمرت الحملات التبشيرية وبعثاتها تتوالى على البلاد في مختلف العهود التي مرت بها. انتهى.

ومع تزايد النشاط التبشيري في أندونيسيا أخذت الأموال تتدفق عليها من دول الغرب ومن أمريكا بالذات، ومعظم هذه الأموال لخدمة أهداف المبشرين الرامية إلى تنصير الشعب المسلم في أندونيسيا.

ص: 114

6-

ومما يدل على أن التبشير تمهيد للاستعمار ومقدمة له، ما جاء في خطاب القسيس "زويمر" الذي ألقاه في مؤتمر القدس التبشيري الذي سبق بيانه إذ قال فيه للمؤتمرين:"وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية".

ويقول المبشر "لورنس براون" - وهو أ؛ د أقطاب المبشرين في العالم: ".. ولكن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام، وفي قوته على التوسع والإخضاع وفي حيويته. إنه الجدال الوحيد في وجه الاستعمار الأوربي".

وتقول مجلة العالم الإسلامي الإنكليزية: "إن شيئاً من الخوف يجب أن يسيطر على العالم الغربي، ولهذا الخوف أسباب منها: أن الإسلام منذ أن ظهر في مكة لم يضعف عددياً، بل هو دائماً في ازدياد واتساع، ثم إن الإسلام ليس ديناً فحسب، بل إن من أركانه الجهاد، ولم يتفق قط أن شعباً دخل في الإسلام ثم عاد نصرانياً".

7-

ويكشف سياسة التآزر بين المبشرين والمستعمرين ما جرى في المؤتمر الاستعماري الألماني.

فقد نشرت "مجلة إرساليات التبشير البروتستانتية" التابعة لجمعية التبشير في مدينة بال بسويسرا مقالة ذات شأن عن موقف إرساليات التبشير في المؤتمر الاستعماري الألماني. ومما يزيد في أهمية هذه المقالة أنها مكتوبة بقلم المبشر "م. ك. اكسنفلد" صاحب التقرير عن الفرع المختص بالإسلام في المؤتمر الاستعماري المذكور. وهو أيضاً أمين سر جمعية التبشير في برلين. قال صاحب المقالة: إن المؤتمر الاستعماري امتاز بمزيتين:

الأولى: أنه بحث في الشؤون الصناعية والاقتصادية.

الثانية: إجماعه على وجوب ضم المقاصد السياسية والاقتصادية إلى الأعمال الأخلاقية والدينية في سياسة الاستعمار الألماني.

واستشهد بقول "شنكال" رئيس غرفة التجارة في همبرغ: "إن نمو ثروة

ص: 115

الاستعمار متوقف على أهمية الرجال الذين يذهبون إلى المستعمرات، وأهم وسيلة للحصول على هذه الأمنية إدخال الدين المسيحي في البلاد المستعمرة،لأن هذا هو الشرط الجوهري للحصول على الأمنية المنشودة، حتى من الوجهة "الاقتصادية".

ثم حضَّ "اكسنفلد" على تقدير عمل المبشرين، وإحلاله في محله اللائق به. وعندما أخذ المؤتمر الاستعماري يبحث في أعمال فرعه الرابع الخاص بالمسألة الإسلامية أفاض المبشرون المشتركون في المؤتمر، وتوسعوا في القول، حتى خُيّل للجميع أن المؤتمر الاستعماري تحول إلى مؤتمر تبشيري.

وجاء في قرارات المؤتمر الاستعماري المذكور ما يلي:

"إن ارتقاء الإسلام يتهدد نمو مستعمراتنا بخطر عظيم، ولذلك فإن المؤتمر الاستعماري ينصح الحكومة بزيادة الإشراف والمراقبة على أدوار هذه الحركة ز

والمؤتمر الاستعماري مع اعترافه بضرورة المحافظة على خطة الحياد تماماً في الشؤون الدينية يشير على الذين في أيديهم زمام المستعمرات أن يقاوموا كل عمل من شأنه توسيع نطاق الإسلام، وأن يزيلوا العراقيل من طريق انتشار المسيحية، وأن ينتفعوا من أعمال إرساليات التبشير التي تبث مبادئ المدنية، خصوصاً بخدماتهم التهذيبية والطبية.

ومن رأي المؤتمر " أن الخطر الإسلامي يدعو إلى ضرورة الانتباه لاتخاذ التدابير - من غير تسويف - في كل الأرجاء التي لم يصل إليها الإسلام بعد".

وجاء في خطاب ألقاه الأستاذ "باكر" أحد أعضاء المؤتمر الاستعماري الألماني: "إن السياسة التي ينبغي الجري عليها في معاملة المسلمين تحتم علينا وضع خطة جديدة في مجرى سياسة حكومتنا.. والمبشرون هم الذين اختصوا وحدهم بالاهتمام بأمر الإسلام، والبحث في شؤونه في كل مستعمراتنا الألمانية إلى هذه الأيام الأخيرة.... وأنا لا أرى أن تظل الحالة على ما هي عليه، بل من رأيي أن تنتقل أزمة السياسة الإسلامية منذ الآن

ص: 116

وبعد الآن إلى يد الحكومة في مستعمراتنا، ويجب على حكومتنا في هذه الخطة الجديدة التي أشير إليها أن تستعين بالوجهة الوطنية لا بالوجهة الدينية، كيما تتوصل إلى مقاصدها".

ثم قال: وأنا أقترح على حكومتنا أن تضع خطة موطدة الأركان في الأمور الآتية:

الأول: في الخطة العامة للنظام الإداري والديني.

الثاني: في علاقة الشرع الإسلامي بالقوانين الأوربية.

الثالث: في نظام التعليم.

ثم ختم خطابه بقوله: "يجب علينا بالرغم من العناية برعاية الإسلام أن نهتم بمقاومة انتشاره في مستعمراتنا على قدر الإمكان، وليس هنالك غير وساطة واحدة توصلنا إلى هذه الغاية، وهي إنشاء مراكز ثابتة الأركان، كما تفعل إرساليات التبشير".

8-

ويكشف سياسة التآزر بين المبشرين والمستعمرين ما قاله القس اليسوعي "مييز" في معرض حديثه عن سياسة فرنسا الدينية في الشرق:

"إن الحرب الصليبية الهادئة التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر، لا تزال مستمرة إلى أيامنا هذه، ولقد احتفظت فرنسا طويلاً بروح الحرب الصليبية، وبالحنين إلى تلك الحروب الحية نفسها، وكان من غايات الامتيازات الأجنبية دائماً أن تحتفظ فرنسا بالدور الذي يلعبه رهبانها، وقد اعْتُرِفَ لقناصلنا وسُفرائنا بالحماية للنصارى، وكثيراً ما اختارت فرنسا قناصِلَها وسفراءها من رجال الدين".

9-

ويكشف سياسة التآزر بين المبشرين والمستعمرين الكتاب الذي أصدرته

ص: 117

لجنة التبشير الأمريكي، والتي تهتم بالاستفادة من الحروب في أعمال التبشير في عام (1920م) وقد جاء في مقدمة هذا الكتاب:

"من أبرز الأمور المتعلقة بدخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى، أن الآراء والمبادئ التي كانت تهدف إليها الإرساليات التبشيرية، وقد تبنتها الآن الأمة الأمريكية، ثم أعلنت أنها هي أهدافها الأخلاقية، وغاياتها من خوض تلك الحرب، إن هذه المبادئ التبشيرية قد سمّيت الآن أسماء سياسية فقط".

(5)

الأموال التي تجمع للتنصير مع إعداد المنصرين ووسائل التنصير

(1)

إينا "نيويورك"

ذكرت مجلة أمريكية أن ما تم جمعه خلال العام الماضي من تبرعات لأغراض كنسية من غرب أوربا وشمال أمريكا بلغ (151) بليون دولار، وذلك لتمويل النشاط الكنسي في إفريقية، ولدى المؤسسات التنصيرية "1900" محطة إذاعة وتليفزيون، ولديهم أربعة ملايين وعشرين ألف منصر متفرغ، وأربعمائة مجلة دورية مسيحية.

(2)

وجاء في مقالة كتبه: "د. كامل الدقس":

"أن مجلس الكنائس العالمي رصد (130) بليون دولار أمريكي لتنصير قارة آسيا وأفريقية. وقد رصدوا لجزيرة جاوة وحدها بليون دولار، لكي تكون مسيحية بحلول سنة "2000م" وقد جمع "بيلي جراهام" زعيم البروتستانتيين في أمريكا بليوني دولار أمريكي لتمويل مشروعاته التنصيرية في أفريقية وآسيا. ولدى الفاتيكان ميزانية ضخمة للتنصير قدّرها بعضها الاقتصاديين بأنها تجعل من العالم الثالث أغنى دول العالم".

* * *

ص: 118