المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله - أجنحة المكر الثلاثة

[عبد الرحمن حبنكة الميداني]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف [ووالده]

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: أيمن بن أحمد ذو الغنى

- ‌الشيخ حسن حبنكة الميداني [والد المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌1ـ مولده ونسبه:

- ‌2ـ نشأته وطلبه للعلم:

- ‌3ـ مرحلة الدعوة والتعليم:

- ‌4ـ أسلوبه في التعليم:

- ‌5ـ مشاركاته العلمية:

- ‌6ـ اهتمامه بالمجتمع والأعمال الخيرية:

- ‌7ـ مواقفه الإسلامية الشجاعة:

- ‌8 ـ صفاته الشخصية ومشاركاته الأدبية ومختارات من شعره:

- ‌9 ـ صفاته التربوية:

- ‌10 ـ وفاته:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌مولده وتعليمه:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌من آرائه ومواقفه التاريخية:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: وصفي عاشور أبو زيد

- ‌دعاء

- ‌القِسمُ الأول الغَزوُ بالحِيَل وَوَسَائل المَكْرِ غَيْر المبَاشِرَة

- ‌الفصل الأوّل من القسم الأول مقَدِّمَات عَامَّة

- ‌(1) الحروب الصليبية وخيبتها وتحول اتجاهها

- ‌(2) الغزو الفكري وخطره

- ‌(3) تاريخ ظاهرة الغزو الفكري

- ‌(4) المهمات الرئيسية لأعداء الإسلام

- ‌(5) المنهج الرئيسي للغزو الفكري

- ‌(6) الوسائل الرئيسية للغزو الفكري

- ‌(7) تعريفات للأجنحة الثلاثة

- ‌(8) المؤازرون من الداخل لقوى المكر الخارجية

- ‌الفصْل الثاني المبشِّرون وأعمالهمْ

- ‌1- عرض موجز لتاريخ التبشير وأعمال المبشرين

- ‌(2) مؤتمرات المبشرين

- ‌(3) مجالات أنشطة المبشرين

- ‌(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين

- ‌الفصْل الثالث المستَشرقون وَأعمَالهمْ

- ‌(1) تعريف عام بالاستشراق والمستشرقين

- ‌(2) موجز تاريخ الاستشراق

- ‌(3) مدارس الاستشراق

- ‌(4) دوافع المستشرقين وأهدافهم

- ‌(5) مجالات أنشطة المستشرقين

- ‌(6) أخطر وسائل المستشرقين الفكرية

- ‌(7) موازين البحث عند المستشرقين

- ‌(8) الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين

- ‌(9) مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالها

- ‌(10) المستشرقون يدركون قدرة الإسلام الذاتية

- ‌الفصْل الرابع الاسْتِعْمَار وَالمُسْتَعْمِرُون

- ‌(1) فكرة عامة عن بدء الاستعمار

- ‌(2) الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية العربية

- ‌(3) الاستعمار البريطاني للهند وآثاره

- ‌(4) أبرز أعمال الكيد التي قام بها الاستعمار في بلاد المسلمين

- ‌(5) وثيقة من دولة استعمارية لنصارى وطنيين

- ‌الفصل الخامس عناصر التلاقي والأهداف والأعمال المشتركة

- ‌(1) الالتقاء على الكراهية والحقد

- ‌(2) الالتقاء على كسب المغانم

- ‌(3) الالتقاء على محاربة الإسلام وتطبيقاته

- ‌(4) محاولات الفصل الكلي بين الإسلام والمسلمين

- ‌(5) محاولات الفصل الجزئي بين الإسلام والمسلمين

- ‌الفصل السادس وسائل الغزاة وحيلهم

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) وسائل الغزو غير المسلح

- ‌(3) شرح الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: الوجوه المستعارة

- ‌الوسيلة الثانية الخداع السياسي

- ‌الوسيلة الثالثة: الضغط السياسي

- ‌الوسيلة الرابعة: الحصار الاقتصادي

- ‌الوسيلة الخامسة: الحصار العلمي والثقافي

- ‌الوسيلة السادسة: التمييز الطائفي

- ‌الوسيلة السابعة: التمييز العنصري والقومي

- ‌الوسيلة الثامنة: التضليل الفكري

- ‌الوسيلة التاسعة العبث النفسي

- ‌الوسيلة العاشرة: حيل السلب المالي

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: الإفساد الاجتماعي

- ‌الوسيلة الثانية عشرة الإفساد الخلقي والسلوكي

- ‌الفصْل السّابع منْ وَسَائل الغزو الفكري: التفريغ وَالملء

- ‌(1) مقدّمة

- ‌(2) عناصر الخطة

- ‌(3) وسائل التفريغ

- ‌(4) عمليات ملء الفراغ

- ‌(5) تسخير الجيش الجديد من أبناء الأمة

- ‌الفصْل الثامِن خطط العَدُوّ لغزو الإسْلام

- ‌(1) خطة وغرض

- ‌(2) التحريف في مفهوم التوكل على الله

- ‌(3) سوء فهم معنى الرضى بالقضاء والقدر

- ‌(4) محاولات الغزاة إلغاء ركن الجهاد في سبيل الله

- ‌الخطة الأولى: خطَّة استغلال ردود الأفعال الناتجة عن توجيه الاتهام

- ‌الخطة الثانية: خطَّة تفريغ الجهاد في سبيل

- ‌الخطة الثالثة: اتخاذ حيلة الربط الدوري بين ركن الجهاد في سبيل الله بالقتال وبين إقامة الحكم الإسلامي

- ‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة

- ‌الخطة الخامسة: خطَّة استغلال المنظمات الدولية المندسة في الشعوب المسلمة

- ‌الخطة السادسة: خطة التوريط والإحباط، لإقناع جماهير المسلمين بالعجز

- ‌(5) محاولات الغزاة تفريغ الإسلام من أحكام المعاملات وسائر شؤون الحياة

- ‌(6) محاولة إلغاء تطبيق أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية

- ‌(7) التلاعب بالأحكام الإسلامية بحيلة المرونة في الشريعة

- ‌(8) حيلة خلط معنى التمسك المحمود بالحق بمعنى التعصب الجاهلي المذموم

- ‌(9) التلاعب بعبارات التقدمية والرجعية والتمدن والتخلف ونحوها

- ‌(10) حيلة التحسر على افتقار الأمة العربية إلى فلسفة ترفع من شأنها

- ‌(11) حيلة التمجيد بعبقرية محمد لتفريغ دعوته من كونها رسالة ربانية

- ‌الفصْل التاسِع الغزاة وأعمالهم في هدم وحدة المسلمين

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) التجزئة باستغلال الخلافات السياسية

- ‌(3) تفتيت وحدة المسلمين هدف مشترك لدى أجنحة المكر

- ‌(4) دسائس وألاعيب استعمارية لتمزيق وحدة المسلمين

- ‌(5) التقسيم الطبقي

- ‌(6) هدم الخلافة الإسلامية

- ‌(7) مكيدة تحديد النسل

- ‌الفصْل العاشر الغزو بفكرة القوميّة

- ‌(1) خطة وأهداف

- ‌(2) مغالطة جدلية

- ‌(3) موقع الشعب العربي بين الشعوب الإسلامية الأخرى

- ‌(4) تقبّل المبادئ الأخرى بعد التفريغ بفكرة القومية

- ‌(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله

- ‌الفصْل الحَادي عشر أعمال الغزَاة ضِدّ اللغةِ العربيَّة

- ‌(1) مقدمة عامة حول أهمية اللّغة

- ‌(2) الاستعمار ومحاربته للعربية الفصحى

- ‌(3) الدعوة إلى نشر العاميات واللهجات الإقليمية

- ‌(4) نظرة تاريخية إلى حركة التحويل عن الفصحى

- ‌(5) ردود على مزاعم خصوم الفصحى

- ‌(6) دغدغة العواطف القومية القديمة للتحويل عن العربية الفصحى

- ‌(7) مزاعم إصلاح رسم الخط العربي

- ‌(8) غزو الفصحى عن طريق العبث بقواعدها

- ‌(9) غزو اللغة العربية بالمفردات الأجنبية الدخيلة

- ‌(10) طلائع المستجيبين لمكيدة إحلال العاميات محل الفصحى

- ‌(11) نحن والغزاة

- ‌الفصْل الثاني عشر الغزاة وتفصيل أعمالهم في الإفساد

- ‌(1) تكسير معاقد الترابط الاجتماعي وتقطيع أوصاله

- ‌(2) العبث بجذور الأخلاق

- ‌(3) طريقا التضليل الفكري والاستدراج إلى الانحراف السلوكي

- ‌(4) الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: استخدام عنصر المال

- ‌الوسيلة الثانية: استخدام عنصر النساء

- ‌الوسيلة الثالثة: الاهتمام بالمرأة في مجالات العلم والثقافة والفن

- ‌الوسيلة الرابعة: فتنة الاختلاط وسفور المرأة

- ‌الوسيلة الخامسة: استخدام الآداب والفنون

- ‌الوسيلة السادسة: استخدام عنصر الحكم

- ‌الوسيلة السابعة: استخدام المسكرات والمخدرات

- ‌الوسيلة الثامنة: استخدام وسائل اللهو واللعب

- ‌الوسيلة التاسعة: اهتمام الغزاة بإفساد الفتيان والفتيات

- ‌الوسيلة العاشرة: استخدام وسائل الترف والرفاهية

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: سياسة المستعمرين غير الأخلاقية

- ‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي

- ‌الفصْل الثالث عشر الغزو بالمذاهِبِ الاقتصَادية

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) بين اتجاهين متباينين

- ‌(3) وسائل إيقاف نشاط غزو المذاهب المخالفة للإسلام

- ‌(4) نظام الإسلام على قمة وعن يمينها ويسارها منحدران

- ‌(5) قدوم المذاهب الاقتصادية المخالفة لنظام الإسلام

- ‌(6) لا تكفي الكلمة وحدها

- ‌(7) الأسس العامة لنظام الإسلام الاقتصادي

- ‌(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإِسلام والنظم الأخرى

- ‌(9) فرية ربط التخلف الصناعي بنظام الإسلام

- ‌(10) اصطناع المناخات المناسبة لتقبل الأفكار والمذاهب الغازية

- ‌(11) التعلُّل بعدم وجود دولة تطبق نظم الإسلام وتحميها

- ‌الفصْل الرابع عشر مَا تُعانيه الحَركات وَالمؤسَّسّاتُ الإسْلَاميَّة

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) الكمين والإثارة

- ‌(3) الفقر الذي تعاني منه المؤسسات والحركات الإسلامية

- ‌القِسمُ الثَّاني الغَزْو بالهُجُوم المبَاشِر عَلى الإسْلَام

- ‌الفصْل الأوّل شُبهَاتٌ حَوْلَ المثَاليّةِ وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثاني شُبهَاتٌ حَوْلَ الرُّوحيَّة وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثالث شُبهَاتٌ حَوْلَ بَعْض العبَادات في الإسْلَام

- ‌الفصْل الرابع شُبهَاتٌ حَوْلَ الزَّكَاةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الخامس شُبهَاتٌ حَوْلَ العُقوبَات في الإسْلَام

- ‌الفصْل السادس شُبهَاتٌ حَوْلَ الرِّقِّ في الإسْلَام

- ‌الفصْل السّابع شُبهَاتٌ حَوْلَ حُقُوق المَرأةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثامِن أجوبَة أسئِلة تَشكيكيَّة

- ‌القِسمُ الثالِث نَظَراتٌ عَامَّة حَوْل دَوافِع الغزو في الناسِ

- ‌الفصْل الأوّل دَوافع الغزو

- ‌(1) ربانية أو عدوانية

- ‌(2) الجهاد المقدس

- ‌(3) أهداف محاولات التسلط المادي المرتبط بالدوافع العدوانية

- ‌(4) تآزر الغزاة لتحقيق الأهداف المشتركة

- ‌الفصْل الثاني خلَاصَة وتوجيه لِلمسْلمين

- ‌(1) مقدمة

- ‌(2) العناصر الغازية

- ‌(3) نتائج حققها الغزاة

- ‌(4) خطوات العمل الحميدة

الفصل: ‌(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله

هذا: وعلى دعاة الإسلام، وعلى كل مسلم عرف الحقيقة، أن يكشفوا للمسلمين هذه الحقائق التي أصبحت سافرة أكثر من أي وقت مضى، بعد أن كشف الأعداء الغزاة كثيراً من الأقنعة التي كانت على وجوههم، وباشروا بتطبيق المخططات السافرة لهدم الإسلام من أساسه، والسير في ركاب النظم والمبادئ التي أعدوها شرقيين أو غربيين للتطبيق على المسلمين.

وأي تهاون في إصلاح ما فسد من فكر أو عمل سيعرض المسلمين في مختلف البلاد الإسلامية إلى الأسر الذليل الدائم في أيدي أعدائهم ويعرض دينهم ودين ذراريهم وأجيالهم القادمة إلى الزوال.

ومتى صدق المسلمون مع الله، وعملوا بما فرض عليهم من جهاد بالقول والمال والعمل أيدهم الله بنصره على أعدائهم، وما النصر إلا من عند الله.

(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله

لست أنكر أني عربي، فالعربية تجري في دمي ولحمي وعظمي، ولا أعرف من عرقي إلا أني عربي، إن جسدي يتصل بها نسباً وعرقاً، ولساني يتصل بها لغةً ونطقاً، أما أفكاري وعقائدي وما استقام من سلوكي فلا تمت إلى العربية الجاهلية بصلة، إنها هبة إسلامية، لم تعمل الأمة العربية فيها غير حسن التلقي، وحسن الاتباع، ودقة التبليغ، وحماسة النشر والتعليم على شعوب الأرض.

ويريد أعداء الإسلام أن ينفثوا في نفسي وفي نفوس الشعب العربي المسلم قناعة بأن الإسلام بمبادئه وعقائده وشرائعه وأخلاقه وكمال دعوته قد كان صناعة عربية.

وهل يصح في مقاييس العقول السليمة إنكار الحقائق التاريخية، التي تؤكدها كل الدلائل، وتثبتها جميع البراهين الفكرية والواقعية؟.

أي مجد كان للعرب قبل أن يصنع الإسلام منهم أمة قائدة رائدة؟ نظرتُ في التاريخ فوجدت أن عروبة عمر بن الخطاب أثبت ألف مرة من عروبة دعاة

ص: 343

القومية العربية الأدعياء في هذا العصر، ومع ذلك فإن عمر بن الخطاب يقول:"نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العز بغير ما أعزنا الله أذلنا الله" وقد أقر عمر بن الخطاب على مقالته هذه سائرُ العرب الأقحاح، في عصره وبعد عصره، وهم الذين أسسوا للأمة العربية مجداً تاريخياً لم تحلم أمة من الأمم بمثله. لقد أقروه على ذلك، وما كانوا ليقرُّوه على خطأ، في حين أن امرأة استطاعت أن تراجعه في قضية المهور وهو على منبر الإسلام، وهو خليفة المسلمين، فأعلن في الحال كلمته المشهورة:"أصابت امرأة وأخطأ عمر، لولا امرأة لهلك عمر".

وأدعياء العروبة اليوم، الذين لا يعرف لهم نسب متصل بالأمة العربية يريدون أن ينقضوا هذه الحقيقة التاريخية، التي أعلنها جيل الأمة العربية الذي عاصر الجاهلية والإسلام، وأعلنتها بقية الأجيال العربية التي توالدت من بعده.

أما الأجيال العربية الجاهلية التي كانت قبل الإسلام فلم يتهيأ لها مجد أصيل يصح أن يفتخر به حتى تعلنه، غير بعض تقاليد وعادات حسنة متناثرة في مجتمعاتهم ورثوها عن الدين الرباني الذي جاءهم به من قبل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.

إن الأمة العربية قد كانت وصارت كما وصف الله في كتابه بقوله تعالى في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) :

{وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} .

وكما وصف الله في كتابه بقوله في سورة (الأنفال/8 مصحف/88 نزول) :

{وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}

لقد كان واقع الأمة العربية في الجاهلية قبل الإسلام يتلخص بالعناصر التالية:

ص: 344

1-

العداء بين القبائل والبطون العربية، وقد كان هذا العنصر عاملاً أساسياً من عوامل استمرار الحروب بين القبائل، والتي كانت تثيرها أحداث تافهة صغيرة.

2-

تخلف سكان الجزيرة العربية اقتصاديا في مختلف المجالات الزراعية والصناعية، الأمر الذي جعلهم يركزون جل اعتمادهم على الثروة الحيوانية، وهذه مرتبطة ارتباطاً تاماً بعوامل الجدب والخصب، وقد أدى التخلف الاقتصادي إلى الفقر الذي ورَّثهم دوافع الغزو لتحصيل وسائل العيش.

3-

تخلفهم الحضاري، الذي جعلهم مستضعفين في الأرض ومطمعا للإمبراطوريات المجاورة للجزيرة العربية، ونهباً مقسَّماً بينها، وتمثلها في تلك العصور الإمبراطوريات الثلاث، الفارسية والرومانية والحبشية.

4-

انتشار العقائد الوثنية، والخرافات التي ليس لها أصل فكري يدعمها، وانتشار الفوضى الأخلاقية والاجتماعية، التي تعيش على النظم البدائية القبلية، وتأبى أن تخضع لنظام مدني حضاري عام، إلا بعض الأخلاق والعادات الكريمة النبيلة، وبعض أثارة دينية موروثة من ديانة إسماعيل عليه السلام، ومكتسبات قليلة آتية من الديانتين النصرانية واليهودية، اللتين كان لهما وجود غير واسع في الجزيرة العربية.

وهذا الواقع هو الذي وصفه الله بقوله: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا} .

ولما جاء الإسلام، وجمع هذه الأمة على مبادئه السامية، وألف بين قلوبها استطاعت أن تتحول من واقعها المتخلف، وترتقي بسرعة تاريخية مذهلة إلى قمة المجد الرفيع.

وفي حال الأمة العربية قبل الإسلام وبعده قلت:

بماذا تفخر العربية الجاهلية؟؟!!..

مَنْ كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

ص: 345

علماً نفاخر فيه عند ذوي المفاخر في النسب

الشامخين بعرقهم ممن تحضر أو غلب؟؟

أفبالملوكِ يتوجون بقصر قيصر ذي المكان؟

أم بالملوك يتوجون بقصر كسرى ذي الإوان

أم بالمؤدين الضريبة للنجاشي في هوان؟

وجميعهم مستأجرون

مستخدمون مذللون

وفق الأوامر يحكمون

ومراسم التمليك تصنع خارجاً وهناك بالإذلال تمهر.

أبذاك نفخر؟

* * *

من كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

علماً نفاخر فيه عند ذوي المفاخر في النسب

الشامخين بعرقهم ممّن تحضّر أو غلب؟؟!!

أبأنّ أبرهة الأمير على الجنوب المستبدّ

القائد الحبشي عاث بأرض قومي لم يُردّ

وأراد هدم أجلّ بيت عند قومي واستعدّ؟

أبضعفهم عن ردّه

وبعجزهم عن صدّه

حتى دنا من قصده؟؟

لولا تدارُك ربّ هذا البيت يحفظ بيته لرمى ودمّر

أبذاك نفخر؟

* * *

من كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

علماً نفاخر فيه عند ذوي المفاخر في النسب

الشامخين بعرقهم ممّن تحضّر أو غلب؟؟!!

ص: 346

أبعنترٍ وهو الذي ما قاد نحو الفتح جيشاً؟

أم بالقبائل في الخيا وكلها لم تعلُ عرشاً؟

أم بالحروب استقطبت أسبابها جملاً وكبشا؟

وعموم قومي جاهلون

لا يقرأون ويكتبون

مستضعفون مشتتون

إن تُذكر الدور الكبار أو الصغار فإن قومي ليس تذكر

أبذاك نفخر؟

* * *

من كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

علماً نفاخر فيه عند ذوي المفاخر في النسب

الشامخين بعرقهم ممّن تحضّر أو غلب؟؟!!

أفبالعلوم ولم يكن منها لهم وفْرُ النصيب؟

أم بالصناعة وهي عنهم كالشروق مع المغيب؟

أم بالبناء وما لهم أثرٌ تسجله الشعوب؟

أبأنهم لا يحسبون؟

ويهود فيهم يرتعون

كم يسلبون وينهبون!!

متعلّلين بأنهم إن يسلبوا قومي فما في الأمر منكر

أبذاك نفخر؟

* * *

من كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

علماً نفاخر فيه عند ذوي المفاخر في النسب

الشامخين بعرقهم ممّن تحضّر أو غلب؟؟!!

أبوأد بنتٍ طفلة لم تقترف ذنب الكبار؟

ص: 347

وتعصّب مستسخف لا عقل فيه ولا ادّكار؟

وبهضم حقّ للنساء وهضم حقّ للصغار؟

أم بالعبيد المحقرين

في غير حرب يؤسرون

هم بالعذاب يُسَخّرون؟

من يدعُ منهم للهدى والعدل بين الناس يزجر

أبذاك نفخر؟

* * *

من كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

علماً نفاخر فيه عند ذوي المفاخر في النسب

الشامخين بعرقهم ممّن تحضّر أو غلب؟؟!!

أبأنهم كانت لهم عزّى وكان لهم هبل؟

أبأنهم قد أشركوا بالله أحجار الجبل؟

أم أنّ من أربابهم تمراً إذا جاعوا أكل؟

وبذاك كانوا يفخرون

وإلى الضلالة يهرعون

ومع الجهالة يسخرون

من نفحة قدسية للناس تدعوهم إلى: الله أكبر

أبذاك نفخر؟

* * *

من كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

علماً نفاخر فيه عند ذوي المفاخر في النسب

الشامخين بعرقهم ممّن تحضّر أو غلب؟؟!!

أبقوم لوط؟ أم بمدين؟ أم بعادٍ؟ أم ثمود

وجميعهم بادوا بما اقترفوا وما اجترحوا الفساد

ص: 348

فانظر بلاداً دمّرت أو نكّست بين البلاد

واستنطق الآثار

واسأل رسوم الدار

وابحث عن الدِّيار

واستقرئ التاريخ عنهم تلقهم عبّاد معصية ومنكر

أبذاك نفخر؟

* * *

لا. لا والكتاب ومن أتمّه *** وأتى به للناس رحمة

وأظلّ دنيانا بنعمةٍ *** ما فوقها في الكون نعمة

بنبينا أحمد

القائد المفرد

المرسل الأمجد

الطيّب المحتد....صلّى عليه الله

* * *

ما كان قبل محمد في قومنا نحن العرب

مجدٌ نفاخر فيه إلا أن نلفّق بالكذب

حاشا سليل المجد إسماعيل صهرهمو الأحب

وأثارة من حكمة عنه استقرّت في العرب

نحن بني العرب على طول المدا

ما جاءنا يوم ونلنا سؤددا

إلا بإسلام حمانا وهدى

تاريخنا ومجدنا لقد بدا

مذ أرسل الله لنا محمداً.... صلّى عليه الله.

* * *

ص: 349