المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي - أجنحة المكر الثلاثة

[عبد الرحمن حبنكة الميداني]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف [ووالده]

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: أيمن بن أحمد ذو الغنى

- ‌الشيخ حسن حبنكة الميداني [والد المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌1ـ مولده ونسبه:

- ‌2ـ نشأته وطلبه للعلم:

- ‌3ـ مرحلة الدعوة والتعليم:

- ‌4ـ أسلوبه في التعليم:

- ‌5ـ مشاركاته العلمية:

- ‌6ـ اهتمامه بالمجتمع والأعمال الخيرية:

- ‌7ـ مواقفه الإسلامية الشجاعة:

- ‌8 ـ صفاته الشخصية ومشاركاته الأدبية ومختارات من شعره:

- ‌9 ـ صفاته التربوية:

- ‌10 ـ وفاته:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌مولده وتعليمه:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌من آرائه ومواقفه التاريخية:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: وصفي عاشور أبو زيد

- ‌دعاء

- ‌القِسمُ الأول الغَزوُ بالحِيَل وَوَسَائل المَكْرِ غَيْر المبَاشِرَة

- ‌الفصل الأوّل من القسم الأول مقَدِّمَات عَامَّة

- ‌(1) الحروب الصليبية وخيبتها وتحول اتجاهها

- ‌(2) الغزو الفكري وخطره

- ‌(3) تاريخ ظاهرة الغزو الفكري

- ‌(4) المهمات الرئيسية لأعداء الإسلام

- ‌(5) المنهج الرئيسي للغزو الفكري

- ‌(6) الوسائل الرئيسية للغزو الفكري

- ‌(7) تعريفات للأجنحة الثلاثة

- ‌(8) المؤازرون من الداخل لقوى المكر الخارجية

- ‌الفصْل الثاني المبشِّرون وأعمالهمْ

- ‌1- عرض موجز لتاريخ التبشير وأعمال المبشرين

- ‌(2) مؤتمرات المبشرين

- ‌(3) مجالات أنشطة المبشرين

- ‌(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين

- ‌الفصْل الثالث المستَشرقون وَأعمَالهمْ

- ‌(1) تعريف عام بالاستشراق والمستشرقين

- ‌(2) موجز تاريخ الاستشراق

- ‌(3) مدارس الاستشراق

- ‌(4) دوافع المستشرقين وأهدافهم

- ‌(5) مجالات أنشطة المستشرقين

- ‌(6) أخطر وسائل المستشرقين الفكرية

- ‌(7) موازين البحث عند المستشرقين

- ‌(8) الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين

- ‌(9) مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالها

- ‌(10) المستشرقون يدركون قدرة الإسلام الذاتية

- ‌الفصْل الرابع الاسْتِعْمَار وَالمُسْتَعْمِرُون

- ‌(1) فكرة عامة عن بدء الاستعمار

- ‌(2) الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية العربية

- ‌(3) الاستعمار البريطاني للهند وآثاره

- ‌(4) أبرز أعمال الكيد التي قام بها الاستعمار في بلاد المسلمين

- ‌(5) وثيقة من دولة استعمارية لنصارى وطنيين

- ‌الفصل الخامس عناصر التلاقي والأهداف والأعمال المشتركة

- ‌(1) الالتقاء على الكراهية والحقد

- ‌(2) الالتقاء على كسب المغانم

- ‌(3) الالتقاء على محاربة الإسلام وتطبيقاته

- ‌(4) محاولات الفصل الكلي بين الإسلام والمسلمين

- ‌(5) محاولات الفصل الجزئي بين الإسلام والمسلمين

- ‌الفصل السادس وسائل الغزاة وحيلهم

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) وسائل الغزو غير المسلح

- ‌(3) شرح الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: الوجوه المستعارة

- ‌الوسيلة الثانية الخداع السياسي

- ‌الوسيلة الثالثة: الضغط السياسي

- ‌الوسيلة الرابعة: الحصار الاقتصادي

- ‌الوسيلة الخامسة: الحصار العلمي والثقافي

- ‌الوسيلة السادسة: التمييز الطائفي

- ‌الوسيلة السابعة: التمييز العنصري والقومي

- ‌الوسيلة الثامنة: التضليل الفكري

- ‌الوسيلة التاسعة العبث النفسي

- ‌الوسيلة العاشرة: حيل السلب المالي

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: الإفساد الاجتماعي

- ‌الوسيلة الثانية عشرة الإفساد الخلقي والسلوكي

- ‌الفصْل السّابع منْ وَسَائل الغزو الفكري: التفريغ وَالملء

- ‌(1) مقدّمة

- ‌(2) عناصر الخطة

- ‌(3) وسائل التفريغ

- ‌(4) عمليات ملء الفراغ

- ‌(5) تسخير الجيش الجديد من أبناء الأمة

- ‌الفصْل الثامِن خطط العَدُوّ لغزو الإسْلام

- ‌(1) خطة وغرض

- ‌(2) التحريف في مفهوم التوكل على الله

- ‌(3) سوء فهم معنى الرضى بالقضاء والقدر

- ‌(4) محاولات الغزاة إلغاء ركن الجهاد في سبيل الله

- ‌الخطة الأولى: خطَّة استغلال ردود الأفعال الناتجة عن توجيه الاتهام

- ‌الخطة الثانية: خطَّة تفريغ الجهاد في سبيل

- ‌الخطة الثالثة: اتخاذ حيلة الربط الدوري بين ركن الجهاد في سبيل الله بالقتال وبين إقامة الحكم الإسلامي

- ‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة

- ‌الخطة الخامسة: خطَّة استغلال المنظمات الدولية المندسة في الشعوب المسلمة

- ‌الخطة السادسة: خطة التوريط والإحباط، لإقناع جماهير المسلمين بالعجز

- ‌(5) محاولات الغزاة تفريغ الإسلام من أحكام المعاملات وسائر شؤون الحياة

- ‌(6) محاولة إلغاء تطبيق أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية

- ‌(7) التلاعب بالأحكام الإسلامية بحيلة المرونة في الشريعة

- ‌(8) حيلة خلط معنى التمسك المحمود بالحق بمعنى التعصب الجاهلي المذموم

- ‌(9) التلاعب بعبارات التقدمية والرجعية والتمدن والتخلف ونحوها

- ‌(10) حيلة التحسر على افتقار الأمة العربية إلى فلسفة ترفع من شأنها

- ‌(11) حيلة التمجيد بعبقرية محمد لتفريغ دعوته من كونها رسالة ربانية

- ‌الفصْل التاسِع الغزاة وأعمالهم في هدم وحدة المسلمين

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) التجزئة باستغلال الخلافات السياسية

- ‌(3) تفتيت وحدة المسلمين هدف مشترك لدى أجنحة المكر

- ‌(4) دسائس وألاعيب استعمارية لتمزيق وحدة المسلمين

- ‌(5) التقسيم الطبقي

- ‌(6) هدم الخلافة الإسلامية

- ‌(7) مكيدة تحديد النسل

- ‌الفصْل العاشر الغزو بفكرة القوميّة

- ‌(1) خطة وأهداف

- ‌(2) مغالطة جدلية

- ‌(3) موقع الشعب العربي بين الشعوب الإسلامية الأخرى

- ‌(4) تقبّل المبادئ الأخرى بعد التفريغ بفكرة القومية

- ‌(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله

- ‌الفصْل الحَادي عشر أعمال الغزَاة ضِدّ اللغةِ العربيَّة

- ‌(1) مقدمة عامة حول أهمية اللّغة

- ‌(2) الاستعمار ومحاربته للعربية الفصحى

- ‌(3) الدعوة إلى نشر العاميات واللهجات الإقليمية

- ‌(4) نظرة تاريخية إلى حركة التحويل عن الفصحى

- ‌(5) ردود على مزاعم خصوم الفصحى

- ‌(6) دغدغة العواطف القومية القديمة للتحويل عن العربية الفصحى

- ‌(7) مزاعم إصلاح رسم الخط العربي

- ‌(8) غزو الفصحى عن طريق العبث بقواعدها

- ‌(9) غزو اللغة العربية بالمفردات الأجنبية الدخيلة

- ‌(10) طلائع المستجيبين لمكيدة إحلال العاميات محل الفصحى

- ‌(11) نحن والغزاة

- ‌الفصْل الثاني عشر الغزاة وتفصيل أعمالهم في الإفساد

- ‌(1) تكسير معاقد الترابط الاجتماعي وتقطيع أوصاله

- ‌(2) العبث بجذور الأخلاق

- ‌(3) طريقا التضليل الفكري والاستدراج إلى الانحراف السلوكي

- ‌(4) الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: استخدام عنصر المال

- ‌الوسيلة الثانية: استخدام عنصر النساء

- ‌الوسيلة الثالثة: الاهتمام بالمرأة في مجالات العلم والثقافة والفن

- ‌الوسيلة الرابعة: فتنة الاختلاط وسفور المرأة

- ‌الوسيلة الخامسة: استخدام الآداب والفنون

- ‌الوسيلة السادسة: استخدام عنصر الحكم

- ‌الوسيلة السابعة: استخدام المسكرات والمخدرات

- ‌الوسيلة الثامنة: استخدام وسائل اللهو واللعب

- ‌الوسيلة التاسعة: اهتمام الغزاة بإفساد الفتيان والفتيات

- ‌الوسيلة العاشرة: استخدام وسائل الترف والرفاهية

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: سياسة المستعمرين غير الأخلاقية

- ‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي

- ‌الفصْل الثالث عشر الغزو بالمذاهِبِ الاقتصَادية

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) بين اتجاهين متباينين

- ‌(3) وسائل إيقاف نشاط غزو المذاهب المخالفة للإسلام

- ‌(4) نظام الإسلام على قمة وعن يمينها ويسارها منحدران

- ‌(5) قدوم المذاهب الاقتصادية المخالفة لنظام الإسلام

- ‌(6) لا تكفي الكلمة وحدها

- ‌(7) الأسس العامة لنظام الإسلام الاقتصادي

- ‌(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإِسلام والنظم الأخرى

- ‌(9) فرية ربط التخلف الصناعي بنظام الإسلام

- ‌(10) اصطناع المناخات المناسبة لتقبل الأفكار والمذاهب الغازية

- ‌(11) التعلُّل بعدم وجود دولة تطبق نظم الإسلام وتحميها

- ‌الفصْل الرابع عشر مَا تُعانيه الحَركات وَالمؤسَّسّاتُ الإسْلَاميَّة

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) الكمين والإثارة

- ‌(3) الفقر الذي تعاني منه المؤسسات والحركات الإسلامية

- ‌القِسمُ الثَّاني الغَزْو بالهُجُوم المبَاشِر عَلى الإسْلَام

- ‌الفصْل الأوّل شُبهَاتٌ حَوْلَ المثَاليّةِ وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثاني شُبهَاتٌ حَوْلَ الرُّوحيَّة وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثالث شُبهَاتٌ حَوْلَ بَعْض العبَادات في الإسْلَام

- ‌الفصْل الرابع شُبهَاتٌ حَوْلَ الزَّكَاةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الخامس شُبهَاتٌ حَوْلَ العُقوبَات في الإسْلَام

- ‌الفصْل السادس شُبهَاتٌ حَوْلَ الرِّقِّ في الإسْلَام

- ‌الفصْل السّابع شُبهَاتٌ حَوْلَ حُقُوق المَرأةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثامِن أجوبَة أسئِلة تَشكيكيَّة

- ‌القِسمُ الثالِث نَظَراتٌ عَامَّة حَوْل دَوافِع الغزو في الناسِ

- ‌الفصْل الأوّل دَوافع الغزو

- ‌(1) ربانية أو عدوانية

- ‌(2) الجهاد المقدس

- ‌(3) أهداف محاولات التسلط المادي المرتبط بالدوافع العدوانية

- ‌(4) تآزر الغزاة لتحقيق الأهداف المشتركة

- ‌الفصْل الثاني خلَاصَة وتوجيه لِلمسْلمين

- ‌(1) مقدمة

- ‌(2) العناصر الغازية

- ‌(3) نتائج حققها الغزاة

- ‌(4) خطوات العمل الحميدة

الفصل: ‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي

بالوعد والرشوة ونحو ذلك من رذائل.

وكان لهذه الرذائل من الغالبين ردود أفعال مماثلة من المغلوبين، وكانت ردود الأفعال هذه في أول الأمر أسلحة مضادة، قاومت بها الشعوب سياسة المستعمرين، ومع طول العهد وكثرة الممارسة صارت ردود الأفعال عادات مكتسبة، وسرى داء الانحرافات الخلقية فتمكن من النفوس، وسيطر على كثير من ظواهر السلوك.

وحل أسلوب الكذب محل خلق الصدق، وأسلوب الخيانة محل خلق الوفاء بالعهد، وأسلوب الإخلاف بالوعد محل الصدق فيه، وأسلوب الرشوة لشراء الضمائر محلّ التعامل بالحق والعدل، إلى غير ذلك من أمور كثيرة من هذا القبيل.

وفشا الداء من الدوائر الحكومية إلى المشتغلين بالسياسة، ثم إلى الأسواق التجارية، ثم إلى داخل الأسر، وإلى العلاقات المادية والأدبية بين الأفراد، حتى غدت التربية التي ينشأ عليها الأطفال تعتمد على كثير من هذه الأساليب غير الأخلاقية، وبدأت الأجيال تكتسب من بيئتها هذه الانحرافات، وتمارسها في حياتها، وفقدت هذه الشعوب كنوزاً عظيمة من كنوز الأخلاق الكريمة التي توارثتها كابراً عن كابر، وعمل الإسلام على تأصيلها في نفوسهم وفي أعمالهم.

إن الهدم سهل ونتائجه سريعة، ولكن الصعوبة كل الصعوبة في البناء.

* * *

‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي

على الرغم من أن أجنحة المكر الثلاثة تسير على خط معارض لخط الفكر الإلحادي، فإنها لم تجد بأساً بنشر الفكر الإلحادي الذي تحمل لواءه المادية الشيوعية، لإفساد الشعوب الإسلامية في عقائدها وأخلاقها وآدابها وسائر أنواع سلوكها في الحياة.

ص: 439

قد يبدوا هذا عجيباً في أساليب من ينتسبون إلى دين سماوي، ويبشرون به بين الناس، ولكن الواقع قد أثبته، ومبرِّره لديهم أن المسلمين لا يمكن أن يرتدوا عن دين الإسلام الحق، ليدخلوا في أديان محرفة جاء الإسلام فكشف زيف تحريفاتها، وإنما يمكن أن يرتدوا عن الإسلام إلى الإلحاد المطلق، والكفر بكل دين، وهذه مرحلة ترضي أجنحة المكر الثلاثة، لأنها تزيح من طريقهم منافسين خطيرين يحملون ديناً حقاً تقبله العقول والنفوس.

ومكنت أجنحة المكر الثلاثة لدعاة الإلحاد أن ينتشروا بين المسلمين، وكان ذلك في بعض الأحايين عن اتفاق معهم، وكان في أحايين أخرى بتدبير منهم واستئجار عناصر لبث الإلحاد، يضاف إلى ذلك إغضاؤهم عن تحركات الشيوعيين، وهم خصومهم لتحقيق هذه الغاية، وفي المراحل الأخيرة ظهر اتفاق ضمني بين المعسكرين المتناقضين في العالم، على نشر الإلحاد بين الشعوب الإسلامية، والعمل على تحويل هذه الشعوب عن أخلاقها وآدابها وفضائل أعمالها.

من الواضح أنه متى قطعت الصلة بين الإنسان وبين الغاية المثلى من وجوده في هذه الحياة أمسى مادياً أنانياً دنياوياً صرفاً، وهذه المادية التي لا تخشى الله يرافقها باستمرار بواعث الجريمة، لتلبية مطالب النفس وأهوائها وشهواتها.

وحين وجد قادة المذاهب السياسية المادية في الأرض الذين يحاولون فرض سلطانهم المباشر أو غير المباشر على كثير من الشعوب أن طريقهم إلى غايتهم هذه مملوءة بالعقبات الأخلاقية، السائدة في معظم المجتمعات الإنسانية، عمدوا إلى إلغاء فكرة المبادئ الأخلاقية، واعتبارها خرافة من الخرافات السائدة، واستحدثوا نظرية الأخلاق المتطورة التي لا ثبات لها في مفاهيم الناس وأعرافهم، وبعد هذا وجدوا أن المبادئ الأخلاقية متمكنة في نفوس الناس نظراً إلى ارتباطها بعقيدة الجزاء الرباني، التي أملتها تعاليم الأديان الإلهية، فعمدوا إلى إنكار عقيدة الجزاء، ثم إلى إنكار الخالق جل وعلا، لأن الإيمان بالله وفق العقائد السليمة لا بد أن يستدعي في نفس المؤمن الاتجاه نحو الحق والخير والفضيلة، والإيمان بحكمة الله وعدله وجزائه.

ص: 440

إنهم لم يجدوا وسيلة يدفعون بها الحشود البشرية إلى القيام بأعمال الظلم والقتل وسائر الجرائم التي تخدم غايتهم ما دامت هذه الحشود تؤمن بمبادئ الأخلاق الفاضلة، والحق الثابت، والجزاء الرباني، وما دام الخوف من الإثم يحجزهم عن ذلك، وما دامت عقيدة الإيمان بالله جاثمة على قلوبهم.

من أجل ذلك نادوا بأن الدين أفيون الشعوب، وذلك ليسقوا أتباعهم بهذه العبارة أفيون الجريمة والظلم واستباحة القتل، واستباحة كل قبيحة تعارفت عليها الأمم والشعوب، وليجرعوا بها كؤوس الحقد والحسد والكيد لكل خير وفضيلة.

وجاءت إعلاناتهم الكثيرة توضح مذهبهم المستند إلى إلغاء الأخلاق والأديان والقوانين واعتبارها أوهاماً موضوعة لمصالح طبقية، وفيما يلي طائفة من أقوال قادتهم:

1-

جاء في البيان الشيوعي الذي أصدره معلم الشيوعية الأول اليهودي "كارل ماركس" ورفيقه "إنجلز" ما يلي: "إن القوانين والقواعد الأخلاقية والأديان أوهام بورجوازية تتستر خلقها مصالح بورجوازية".

2-

وقال "إنجلز": "إننا نرفض شتى المحاولات التي تحاول أن تفرض علينا أخلاقاً تستند إلى المثاليات، ذلك لأننا نؤمن أن الأخلاق هي نتاج الأوضاع الاجتماعية، ولما كانت الأوضاع الاجتماعية متغيرة، فإن مفاهيم الأخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدي إلى تحقيق انتصار مبدئنا مهما كان هذا العمل منافياً للأخلاق".

3-

وقال "لينين": "يجب على المناضل الشيوعي الحق أن يتمرس بشتى ضروب الخداع والغش والتضليل، فالكفاح من أجل الشيوعية يبارك كل وسيلة تحقق الشيوعية".

وقال أيضاً: "إذا لم يكن المناضل الشيوعي قادراً على أن يغير أخلاقه وسلوكه وفقاً للظروف مهما تطلب ذلك من كذب وتضليل وخداع؛ فإنه لن يكون مناضلاً ثورياً حقيقياً".

وقال أيضاً: "إن المناضل الشيوعي الثوري الحق هو ذلك الذي يبذل كل

ص: 441

تضحية يفرضها عليه تحقيق الهدف الشيوعي ولو تطلب الأمر التضحية بالأخلاق والكرامة والضمير، فالهدف المثالي الحق هو تحقيق المجتمع الشيوعي وتدعيمه".

وقال أيضاً: "ويجب علينا أن نتوسل بكل أنواع الحيل والمناورات والوسائل غير القانونية لتحقيق أهدافنا الشيوعية".

4-

وقال "ستالين": "الأخلاق الصالحة في نظرنا هي تلك التي تيسر لنا القضاء على النظام القديم، وهي تلك التي تدعم النظام الشيوعي، ولا شيء غير هذا يمكن أن يسمى أخلاقاً فاضلة".

5-

وقال "مالينكوف": "إن الأخلاق الفاضلة في نظرنا هي كل الوسائل التي تؤدي إلى القضاء على النظام القديم، بينما تؤدي في الوقت ذاته إلى تدعيم النظام السوفياتي".

وقد أصبحت هذه الأقوال مشهورة شهرة تغني عن نسبتها إلى مصادرها، وقد ألح القادة اليساريون في العالم على محاربة الأخلاق والدين بهذا الشكل العنيف لينزعوا من نفوس أتباعهم كل ما تبقى فيها من وجدان، وكل ما خلفته الموروثات الفاضلة فيها، حتى لا تبطئهم عن ارتكاب أية جريمة في الشعوب، متى كانت الجريمة سبباً لتحقيق أهداف القادة اليساريين في استعباد الشعوب.

وبعد هذه الأقوال التعليمية وأشباهها التي واجهها القادة الماركسيون إلى جميع الأحزاب الشيوعية في العالم قامت التطبيقات لها على نطاق واسع.

ففي سنة (1923م) أعلن المؤتمر الشيوعي الذي عقد للبدء بالحرب ضد الأديان ما يلي: "يوجد داخل اتحاد الجمهوريات السوفياتية ثلاثون مليوناً من المسلمين كانوا يعيشون إلى الآن دون أن يمسهم شيء، كما أنهم يحافظون على عقائد باطلة، وخرافات من العصور الوسطى لها صلة بالدين، وغايتها الإضرار بالثورة، وبعد أن نظرنا في هذا كله ودرسنا خصائص كل أمة على حدة، قررنا القيام بالخطط والتدابير الواجب عملها لإزالة هذه العقائد الباطلة من أوساط هذه الأمم".

ص: 442

وكان من ثمرة هذا القرار الشيوعي منع التعليم الإسلامي داخل الاتحاد السوفياتي وإغلاق المساجد، حتى تم إغلاق خمسة وعشرين ألف مسجد وتحويلها إلى مراكز لكثير من الأمور الحقيرة.

وهكذا نجد في أقوالهم وأعمالهم التي لا تحصى عداءً شديداً لعقيدة الإيمان بالله ، والتمسك بجميع المبادئ والتعاليم والأخلاق الدينية والإنسانية، والعمل على إطلاق الوحش البشري ليفتك في العالم، محققاً مصالح القادة الشيوعيين في العالم، وممهداً للصهيونية العالمية أن تحقق حلمها في إخضاع كل شعوب العالم لدولتها الخفية أو الظاهرة.

* * *

ص: 443