الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدة أيضاً، إلا أنها قد بالغت في ستر نفسها حتى لا تنكشف للباحثين المتتبعين، وحتى تظفر بالقدرة التامة على متابعة خطتها الذكية الماكرة. وهي في مأمن من الرقباء الذين قد يدلون المعرضين للصيد على مرابض الصيادين، وينبهون الضحايا إلى منطلق طوابير جيش الغزو ذي الأجنحة الثلاثة.
(4) تآزر الغزاة لتحقيق الأهداف المشتركة
تتضح أهداف تنفيذية مشتركة بين الأجنحة الثلاثة في خطط العمل التطبيقية التي من شأنها أن تحقق لهم غايات بواعثهم النفسية.
من البدهي أن قوى الدفاع السليمة عند أية جماعة بشرية لا بد أن تتألف من مجموعة عناصر، منها العناصر التالية:
العنصر الأول: القوى المادية وتتمثل هذه القوى:
أ- بالمقدار العددي للطاقة الحية لكتلة الدفاع البشري.
ب- بمدى القدرة الحية البشرية المدربة على الدفاع أفراداً وجماعات ، ويمثل ذلك القادة والجنود من المستويات المختلفة.
جـ- بمقار القدرات الأخرى التي تستخدمها أو تنتفع منها كتلة الدفاع البشري، وتمثلها الأسلحة الخفية والحصون والمنشآت الدفاعية والعقبات والمواقع المساعدة في طبيعة الأرض والمناخ.
د- بالكفاية التموينية لكتلة الدفاع البشري وللقدرات الأخرى.
العنصر الثاني: القوى الفكرية وتمثلها المفاهيم الفكرية والأسس الاعتقادية التي تنظم الأفراد في سلك كتلتهم البشرية الواحدة والتي ينجم عنها وحدة عاطفية تؤكد روابط الكتلة وتدعم تماسكها.
العنصر الثالث: القوى النفسية والإرادية وتمثلها في الأفراد وفي الجماعة الواحدة ما لديهم من القواعد الأخلاقية المشتركة، وما لديهم من شجاعة وروح معنوية، وما لديهم من تصميم إرادي على الدفاع.
وقد أدرك جيش غزو الإسلام والمسلمين ذو الأجنحة الثلاثة هذه الحقيقة، فأعد لكل عنصر من عناصر قوى المسلمين المختلفة خطط تفتيت وهدم وتوهين. وتآزرت الأجنحة على محاربة هذه العناصر، واعتبرت محاربتها أهدافاً مشتركة تعمل على تحقيقها، وانطلق كل جناح يستعمل الأسلحة التي يقدر على استعمالها، ضمن خطوط السير التي ترسمها وتملي تعليماتها غرفة العمليات العليا لقيادة هذا الجيش الظالم الآثم.
فبينما تكون أسلحة الجناح السياسي والعسكري دائرة بين مصاولات ومداورت الخداع السياسي والحربي، تكون أسلحة الجناح الذي يضطلع بمهماته المستشرقون دائرة بين محاورات فكرية ودسائس علمية وبحوث ومؤلفات دينية واجمتاعية ونفسية وتاريخية مملوءة بالدس والتحوير والتلاعب بالحقائق ومملوءة بالانتقادات والتهجمات المزورة الملفقة على المفاهيم والأفكار والأحكام والشرائع الإسلامية، ومشتملة على أكاذيب موضوعة على التاريخ الإسلامي، وعلى ما يستطيعون من تعاليم الإسلام، وفي الوقت ذاته تكون أسلحة الجناح التبشيري دائرة في ميادين التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية بمختلف المستويات.
ولذلك نجد السلطات الاستعمارية سياسية كانت أو عسكرية تدعم كلاً من الجناحين الاستشراقي والتبشيري دعماً كبيراً جداً بالمال والحماية وتذليل المهمات والإنقاذ عند اشتداد الأزمات والتزويد بالمعلومات السياسية والعسكرية عند الحاجة وبكل ما لديها من خبرات سياسية وإدارية، ولكنها تحاول بقدر الإمكان أن لا تتظاهر بذلك. وفي هذا الدعم تتلقى المؤسسات التبشيرية المساعدات الجمة من مختلف الدول الكبرى على شكل مخصصات ذات أرقام عالية جداً تستطيع أن تدعم بها ميزانياتها الضخمة وأن تنشئ بها المؤسسات التعليمية والثقافية الصحية والاجتماعية في معظم البلاد، وأن تعد البعوث وما تسميه بالإرساليات إعداداً عالياً، حتى تستطيع القيام بمهماتها على أكمل وجه ممكن لها، ويضاف إلى هذه المخصصات الدولية سيل عظيم من المساعدات المالية التي يقدمها أثرياء العالم من الذين يؤمنون بالرسالة التي يقوم
بها المبشرون، وكذلك سيل أرباح هذه المؤسسات من الأسر الإسلامية التي تدفع أبناءها إليها. والأنكى من ذلك ما يدفعه بعض أغنياء المسلمين لهم من تبرعات تتجمع لدى مؤسسات التبشير ميزانيات قد تفوق ميزانيات دول ذات وزن.
ويتلقى المبشرون أيضاً دعماً مماثلاً من كل السلطات الاستعمارية والمؤسسات التبشيرية إذ تغدق عليهم المرتبات الضخمة منها، وتعطى لهم كل إمكانات التفرغ للبحث والمتابعة. ثم تتلقى ما ينتجونه من أعمال تلقي الصادي المتلفه. فتكافئهم عليه وتعمل على نشره وتوزيعه توزيعاً واسعاً، وإحاطته بكل دعايات التمجيد والإكبار، وتدفع بالمنتجين إلى مراكز الصدارة العلمية بين العلماء الباحثين، وقد يكونون من القماءة والضآلة بحال لا يستحقون معها إلا أن يكونوا خاملي الذكر قابعين في زوايا الإهمال، إلا أن القوى المساندة المساعدة هي التي رفعتهم وأشادت بهم.
وفي مقابل ذلك تجد السلطات الاستعمارية لها سنداً مقنَّعاً عند كل من جناحي المستشرقين والمبششرين، ففي المراكز التبشيرية مكاتب استخبارات تزود السلطات الاستعمارية بالمعلومات المطلوبة. وفيها أيضاً مكاتب دس لتصدير الإشاعات وتصيد الأجراء، وشراء الضمائر والذمم، وقد يكون فيها مرابض قوى مادية تستعمل عند اشتداد الأزمات على السلطات الاستعمارية، وأجهزة خاصة لتقديم التقارير والتوصيات. كما أن المستشرقين يقومون بإعداد ما يلزم من تقارير ونصائح تستفيد منها السلطات الاستعمارية فوائد جمة، وتعمل بوحيها وإشاراتها.
* * *