الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغربية يحتله يهود، يعملون لتحقيق أهداف يهودية، وهم يلبسون بين النصارى أقنعة مزوّرة، كما أن لليهود مندسين كثيرين في كل مجال من مجالات الاستشراق الأخرى بأسماء يهودية أو بأسماء مستعارة أخرى.
(2) موجز تاريخ الاستشراق
لا يعرف بالضبط من هو أوَّل غربي عني بالدراسات الشرقية،ولا في أي وقت كان ذلك، ولكن من المؤكد أن بعض الرهبان الغربيين قصدوا الأندلس في إبان عظمتها ومجدها، وتثقفوا في مدارسها، وترجموا القرآن والكتب العربية إلى لغاتهم، وتتلمذوا على علماء المسلمين في مختلف العلوم، وبخاصة في الفلسفة والطب والرياضيات....
ومن أوائل هؤلاء الرهبان الراهب الفرنسي "جربرت" الذي انتخت بابا لكنيسة روما عام (999م) ، بعد تعلمه في معاهد الأندلس وعودته إلى بلاده، ومنهم الراهب "بطرس المحترم 1092-1156"، ومنهم الراهب "جيراردي كريمون 1114-1187".
وبعد أن عاد هؤلاء الرهبان إلى بلادهم نشروا الثقافة المكتوبة باللسان العربي، ومؤلفات أشهر علمائهم، ثم أسست المعاهد للدراسات العربية أمثال مدرسة "بادوي" العربية، وأخذت الأديرة والمدارس الغربية تدرس مؤلفات العرب المترجمة إلى اللاتينية - وهي لغة العلم في جميع بلاد أوربا يومئذ-، واستمرت الجامعات الغربية تعتمد على الكتب العربية وتعتبرها المراجع الأصلية للدراسة قرابة ستة قرون.
ولم ينقطع منذ ذلك الوقت وجود أفراد درسوا الإسلام واللغة العربية وترجموا القرآن وبعض الكتب العربية العلمية والأدبية، حتى جاء القرن الثامن عشر - وهو العصر الذي بدأ فيه الغرب في استعمار العالم الإسلامي والاستيلاء على ممتلكاته - فإذا بعدد من علماء الغرب ينبغون في الاستشراق، ويصدرون
لذلك المجلات في جميع الممالك الغربية، ويغيرون على المخطوطات العربية في البلاد العربية والإسلامية، فيشترونها من أصحابها الجهلة، أو يسرقونها من المكتبات العامة التي كانت في نهاية الفوضى، وينقلونها إلى بلادهم ومكتباتهم، وإذ بأعداد هائلة من نوادر المخطوطات العربية تنتقل إلى مكتبات أوربا، وقد بلغت في أوائل القرن التاسع عشر مائتين وخمسين ألف مجلداً، وما زال هذا العدد يتزايد حتى اليوم.
وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر عقد أول مؤتمر للمستشرقين في باريس عام (1873م) ، وتتالى عقد المؤتمرات التي تلقى فيها الدراسات عن الشرق وأديانه وحضاراته، وما تزال تعقد حتى هذه الأيام.
فقد بدأ الاستشراق إذن منذ دقَّت جيوش الفتح الإسلامي أبواب أوربا العريضة، وكان المسلمون قد احتلوا عرش السيادة الدولية، وملأوا سمع الزمان وبصره وقلبه وسائر مشاعره.
وأخذت أوربا الغارقة في الجهل والتخلف الحضاري يومئذ تبحث عن أسباب نهضة المسلمين، وبلوغهم هذا المجد العظيم الذي بلغوه، وأخذ بعض رجال الكنيسة الأوربيين يدرسون علوم هؤلاء الفاتحين ولغاتهم، لعلهم يظفرون بما يوقفون به مد هذا الفتح الإسلامي، ولعلهم يكتبسون من علوم المسلمين ما ينفعهم في إنقاذهم من تخلفهم، ويفتح لهم أبواب الارتقاء، فكان الاستشراق طلباً لعلوم الشرقيين ولغاتهم وأوضاعهم، وبحثاً عنها.
وفي أعقاب الحروب الصليبية وضعت الخطة لغزو المسلمين بوسائل أخرى غير وسيلة الحرب المسلحة بالأسلحة المادية، واقتضت خطة الغزو الجديد التوسع في الدراسات الاستشراقية، لتكون تمهيداً لهذا الغزو، وإعداداً لشروطه الفكرية والنفسية.
ولما كان المحركون للحرب الصليبية من رجال الكهنوت الأوربيين والعلوم العليا تكاد تكون منحصرة في الكنيسة لديهم يومئذ، كان أوائل
المتوجهين للدراسات الشرقية من هؤلاء الرجال، ولا ريب أن أغراضهم في ذلك تواكب أغراض الحروب الصليبية التي أخذت أسلوباً جديداً في الغزو، غير أسلوب الغزو المادي المسلح بالأدوات الحديدية،وتتفق مع أهداف التبشير بالمسيحية.
وانطلق المتوجهون للدراسات الشرقية يعملون في هذا المضمار بجد، ويترجمون إلى لغاتهم كتباً كثيرة من كتب المسلمين.
ونبتت نابتة الفكر الاستعماري في دول أوربا بعد نهضتها، واحتاج الطامعون باستعمار بلاد المسلمين إلى زاد من الدراسات الشرقية، فوجهت الدوائر الاستعمارية أعداداً من المتعلمين في بلادها للتفرغ للدراسات الشرقية، من جوانب متعددة: لغوية ودينية واجتماعية وتاريخية وسياسية وغير ذلك. وكان كثير منهم من منسوبي الكنيسة الذين يحملون في نفوسهم أهداف التبشير.
فالتقت في الاستشراق أهداف جمعيات التبشير وأهداف الدوائر الاستعمارية، ومن طبيعة الأهداف التي تسبق الأعمال في التصور أن تكون موجهة للأعمال ومؤثرة فيها. إلا من نما في قلبه وجدان حب الحق، وسيطرت عليه الرغبة بنصرته ولو كان ضد هواه، وضد عصبياته الخاصة.
ثم أسست للاستشراق معاهد، وتألفت جمعيات من المستشرقين للتعاون في الأعمال المتعلقة بالدراسات والعلوم الشرقية، كنشر بعض المخطوطات العربية ووضع الفهارس الشاملة لبعض الكتب الإسلامية الأصول ، ووضع بعض المعاجم المفهرسة، وتفصيل آيات القرآن الكريم بحسب موضوعاتها، ونحو ذلك.
ودخلت هذه الدراسات الشرقية في الجامعات الكبرى، فكان لها فروع حتى مستوى تحصيل شهادة الدكتوراة، وأخذ فريق من المستشرقين يؤلف المؤلفات المتعلقة بالعلوم الإسلامية لخدمة أهداف الاستشراق الأساسية الرامية إلى
تشويه الإسلام وتشويه التاريخ ألإسلامي ووضع الشبهات وتصيد الأدلة لها، وتوجيه الانتقادات الملفقة إلى أحكام الإسلام وشرائعه، وتتبع الأخبار الساقطة والأقوال الضعيفة المردودة، وتفسير الظواهر تفسيراً مادياً بحسب ما يروق لهم، وشرح النصوص القرآنية على أساس أن القرآن ليس من كلام الله،وليس كتاباً منزلاً، وشرح الأحاديث النبوية على أساس أن محمداً عبقري من الناس وليس برسول كسائر الرسل، وتعليل الفتح الإسلامي بالرغبات الشخصية المماثلة للرغبات التي توجد عند الاستعماريين، وإبعاد كل دافع ديني إسلامي عن كل حدث تاريخي للمسلمين، ومحاولات التحريف في النصوص عند الاستشهاد بها، واللجوء إلى المغالطات الكثيرة لدى مناقشة الموضوعات الإسلامية، وتعمد إبراز سقطات الفساق من المسلمين في مدى تاريخهم الطويل والتشكيك بصحة الأحاديث الصحيحة المروية بتوجيه المطاعن إلى رواة الحديث ولو كانوا من أصحاب الرسول، والتشكيك بالقرآن الكريم، بتوجيه المطاعن المفتراة إلى نقله وتدوينه والقراءات الثابتة فيه وإلى مضامينه، وبتوجيه المطاعن إلى ظاهرة الوحي التي تلقى بها الرسول كتاب ربه، إلى غير ذلك من أمور لا تحصى، وأساسها جميعاً الرغبة بإبطال الحق تعصباً واتباعاً للهوى.
ورأى اليهود الاستشراق باباً خطيراً من أبواب التسلسل إلى البلاد التي يحلمون بالسيطرة عليها وفق طريقتهم، ويريدون أن يتخذوا لأنفسهم صنائع فيها من أبنائها، فتخصص فريق منهم بالدراسات الشرقية وتابعوا المسيرة ضمن الخطط اليهودية، حتى احتل اليهود عدداً وفيراً من كراسي الدراسات الشرقية في الجامعات الكبرى، وأخذوا يخدمون الأغراض اليهودية الصهيونية في هذا المجال تحت ستار خدمة أغراض المستشرقين المسيحيين وأغراض الدوائر الاستعمارية.
ودخل الأوربيون الشرقيون بعد نجاح الثورة الشيوعية في بلادهم ميادين الاستشراق تبعاً للغرب وبغية استخدام دراساتهم في هذا المجال لتقويض الإسلام واستدراج الشعوب الإسلامية إلى الشيوعية.