المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإسلام والنظم الأخرى - أجنحة المكر الثلاثة

[عبد الرحمن حبنكة الميداني]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المؤلف [ووالده]

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: أيمن بن أحمد ذو الغنى

- ‌الشيخ حسن حبنكة الميداني [والد المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌1ـ مولده ونسبه:

- ‌2ـ نشأته وطلبه للعلم:

- ‌3ـ مرحلة الدعوة والتعليم:

- ‌4ـ أسلوبه في التعليم:

- ‌5ـ مشاركاته العلمية:

- ‌6ـ اهتمامه بالمجتمع والأعمال الخيرية:

- ‌7ـ مواقفه الإسلامية الشجاعة:

- ‌8 ـ صفاته الشخصية ومشاركاته الأدبية ومختارات من شعره:

- ‌9 ـ صفاته التربوية:

- ‌10 ـ وفاته:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم د: يحيى الغوثاني

- ‌مولده وتعليمه:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌من آرائه ومواقفه التاريخية:

- ‌الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني [المؤلف]بقلم: وصفي عاشور أبو زيد

- ‌دعاء

- ‌القِسمُ الأول الغَزوُ بالحِيَل وَوَسَائل المَكْرِ غَيْر المبَاشِرَة

- ‌الفصل الأوّل من القسم الأول مقَدِّمَات عَامَّة

- ‌(1) الحروب الصليبية وخيبتها وتحول اتجاهها

- ‌(2) الغزو الفكري وخطره

- ‌(3) تاريخ ظاهرة الغزو الفكري

- ‌(4) المهمات الرئيسية لأعداء الإسلام

- ‌(5) المنهج الرئيسي للغزو الفكري

- ‌(6) الوسائل الرئيسية للغزو الفكري

- ‌(7) تعريفات للأجنحة الثلاثة

- ‌(8) المؤازرون من الداخل لقوى المكر الخارجية

- ‌الفصْل الثاني المبشِّرون وأعمالهمْ

- ‌1- عرض موجز لتاريخ التبشير وأعمال المبشرين

- ‌(2) مؤتمرات المبشرين

- ‌(3) مجالات أنشطة المبشرين

- ‌(4) التآزر بين المبشرين والمستعمرين

- ‌الفصْل الثالث المستَشرقون وَأعمَالهمْ

- ‌(1) تعريف عام بالاستشراق والمستشرقين

- ‌(2) موجز تاريخ الاستشراق

- ‌(3) مدارس الاستشراق

- ‌(4) دوافع المستشرقين وأهدافهم

- ‌(5) مجالات أنشطة المستشرقين

- ‌(6) أخطر وسائل المستشرقين الفكرية

- ‌(7) موازين البحث عند المستشرقين

- ‌(8) الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين

- ‌(9) مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالها

- ‌(10) المستشرقون يدركون قدرة الإسلام الذاتية

- ‌الفصْل الرابع الاسْتِعْمَار وَالمُسْتَعْمِرُون

- ‌(1) فكرة عامة عن بدء الاستعمار

- ‌(2) الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية العربية

- ‌(3) الاستعمار البريطاني للهند وآثاره

- ‌(4) أبرز أعمال الكيد التي قام بها الاستعمار في بلاد المسلمين

- ‌(5) وثيقة من دولة استعمارية لنصارى وطنيين

- ‌الفصل الخامس عناصر التلاقي والأهداف والأعمال المشتركة

- ‌(1) الالتقاء على الكراهية والحقد

- ‌(2) الالتقاء على كسب المغانم

- ‌(3) الالتقاء على محاربة الإسلام وتطبيقاته

- ‌(4) محاولات الفصل الكلي بين الإسلام والمسلمين

- ‌(5) محاولات الفصل الجزئي بين الإسلام والمسلمين

- ‌الفصل السادس وسائل الغزاة وحيلهم

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) وسائل الغزو غير المسلح

- ‌(3) شرح الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: الوجوه المستعارة

- ‌الوسيلة الثانية الخداع السياسي

- ‌الوسيلة الثالثة: الضغط السياسي

- ‌الوسيلة الرابعة: الحصار الاقتصادي

- ‌الوسيلة الخامسة: الحصار العلمي والثقافي

- ‌الوسيلة السادسة: التمييز الطائفي

- ‌الوسيلة السابعة: التمييز العنصري والقومي

- ‌الوسيلة الثامنة: التضليل الفكري

- ‌الوسيلة التاسعة العبث النفسي

- ‌الوسيلة العاشرة: حيل السلب المالي

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: الإفساد الاجتماعي

- ‌الوسيلة الثانية عشرة الإفساد الخلقي والسلوكي

- ‌الفصْل السّابع منْ وَسَائل الغزو الفكري: التفريغ وَالملء

- ‌(1) مقدّمة

- ‌(2) عناصر الخطة

- ‌(3) وسائل التفريغ

- ‌(4) عمليات ملء الفراغ

- ‌(5) تسخير الجيش الجديد من أبناء الأمة

- ‌الفصْل الثامِن خطط العَدُوّ لغزو الإسْلام

- ‌(1) خطة وغرض

- ‌(2) التحريف في مفهوم التوكل على الله

- ‌(3) سوء فهم معنى الرضى بالقضاء والقدر

- ‌(4) محاولات الغزاة إلغاء ركن الجهاد في سبيل الله

- ‌الخطة الأولى: خطَّة استغلال ردود الأفعال الناتجة عن توجيه الاتهام

- ‌الخطة الثانية: خطَّة تفريغ الجهاد في سبيل

- ‌الخطة الثالثة: اتخاذ حيلة الربط الدوري بين ركن الجهاد في سبيل الله بالقتال وبين إقامة الحكم الإسلامي

- ‌الخطة الرابعة: اصطناع الفرق العميلة الأجيرة

- ‌الخطة الخامسة: خطَّة استغلال المنظمات الدولية المندسة في الشعوب المسلمة

- ‌الخطة السادسة: خطة التوريط والإحباط، لإقناع جماهير المسلمين بالعجز

- ‌(5) محاولات الغزاة تفريغ الإسلام من أحكام المعاملات وسائر شؤون الحياة

- ‌(6) محاولة إلغاء تطبيق أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية

- ‌(7) التلاعب بالأحكام الإسلامية بحيلة المرونة في الشريعة

- ‌(8) حيلة خلط معنى التمسك المحمود بالحق بمعنى التعصب الجاهلي المذموم

- ‌(9) التلاعب بعبارات التقدمية والرجعية والتمدن والتخلف ونحوها

- ‌(10) حيلة التحسر على افتقار الأمة العربية إلى فلسفة ترفع من شأنها

- ‌(11) حيلة التمجيد بعبقرية محمد لتفريغ دعوته من كونها رسالة ربانية

- ‌الفصْل التاسِع الغزاة وأعمالهم في هدم وحدة المسلمين

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) التجزئة باستغلال الخلافات السياسية

- ‌(3) تفتيت وحدة المسلمين هدف مشترك لدى أجنحة المكر

- ‌(4) دسائس وألاعيب استعمارية لتمزيق وحدة المسلمين

- ‌(5) التقسيم الطبقي

- ‌(6) هدم الخلافة الإسلامية

- ‌(7) مكيدة تحديد النسل

- ‌الفصْل العاشر الغزو بفكرة القوميّة

- ‌(1) خطة وأهداف

- ‌(2) مغالطة جدلية

- ‌(3) موقع الشعب العربي بين الشعوب الإسلامية الأخرى

- ‌(4) تقبّل المبادئ الأخرى بعد التفريغ بفكرة القومية

- ‌(5) الأمة العربية بعد الإسلام وقبله

- ‌الفصْل الحَادي عشر أعمال الغزَاة ضِدّ اللغةِ العربيَّة

- ‌(1) مقدمة عامة حول أهمية اللّغة

- ‌(2) الاستعمار ومحاربته للعربية الفصحى

- ‌(3) الدعوة إلى نشر العاميات واللهجات الإقليمية

- ‌(4) نظرة تاريخية إلى حركة التحويل عن الفصحى

- ‌(5) ردود على مزاعم خصوم الفصحى

- ‌(6) دغدغة العواطف القومية القديمة للتحويل عن العربية الفصحى

- ‌(7) مزاعم إصلاح رسم الخط العربي

- ‌(8) غزو الفصحى عن طريق العبث بقواعدها

- ‌(9) غزو اللغة العربية بالمفردات الأجنبية الدخيلة

- ‌(10) طلائع المستجيبين لمكيدة إحلال العاميات محل الفصحى

- ‌(11) نحن والغزاة

- ‌الفصْل الثاني عشر الغزاة وتفصيل أعمالهم في الإفساد

- ‌(1) تكسير معاقد الترابط الاجتماعي وتقطيع أوصاله

- ‌(2) العبث بجذور الأخلاق

- ‌(3) طريقا التضليل الفكري والاستدراج إلى الانحراف السلوكي

- ‌(4) الوسائل

- ‌الوسيلة الأولى: استخدام عنصر المال

- ‌الوسيلة الثانية: استخدام عنصر النساء

- ‌الوسيلة الثالثة: الاهتمام بالمرأة في مجالات العلم والثقافة والفن

- ‌الوسيلة الرابعة: فتنة الاختلاط وسفور المرأة

- ‌الوسيلة الخامسة: استخدام الآداب والفنون

- ‌الوسيلة السادسة: استخدام عنصر الحكم

- ‌الوسيلة السابعة: استخدام المسكرات والمخدرات

- ‌الوسيلة الثامنة: استخدام وسائل اللهو واللعب

- ‌الوسيلة التاسعة: اهتمام الغزاة بإفساد الفتيان والفتيات

- ‌الوسيلة العاشرة: استخدام وسائل الترف والرفاهية

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: سياسة المستعمرين غير الأخلاقية

- ‌الوسيلة الثانية عشرة: استخدام الفكر الإلحادي

- ‌الفصْل الثالث عشر الغزو بالمذاهِبِ الاقتصَادية

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) بين اتجاهين متباينين

- ‌(3) وسائل إيقاف نشاط غزو المذاهب المخالفة للإسلام

- ‌(4) نظام الإسلام على قمة وعن يمينها ويسارها منحدران

- ‌(5) قدوم المذاهب الاقتصادية المخالفة لنظام الإسلام

- ‌(6) لا تكفي الكلمة وحدها

- ‌(7) الأسس العامة لنظام الإسلام الاقتصادي

- ‌(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإِسلام والنظم الأخرى

- ‌(9) فرية ربط التخلف الصناعي بنظام الإسلام

- ‌(10) اصطناع المناخات المناسبة لتقبل الأفكار والمذاهب الغازية

- ‌(11) التعلُّل بعدم وجود دولة تطبق نظم الإسلام وتحميها

- ‌الفصْل الرابع عشر مَا تُعانيه الحَركات وَالمؤسَّسّاتُ الإسْلَاميَّة

- ‌(1) مقدمة عامة

- ‌(2) الكمين والإثارة

- ‌(3) الفقر الذي تعاني منه المؤسسات والحركات الإسلامية

- ‌القِسمُ الثَّاني الغَزْو بالهُجُوم المبَاشِر عَلى الإسْلَام

- ‌الفصْل الأوّل شُبهَاتٌ حَوْلَ المثَاليّةِ وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثاني شُبهَاتٌ حَوْلَ الرُّوحيَّة وَالمادّيَّةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثالث شُبهَاتٌ حَوْلَ بَعْض العبَادات في الإسْلَام

- ‌الفصْل الرابع شُبهَاتٌ حَوْلَ الزَّكَاةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الخامس شُبهَاتٌ حَوْلَ العُقوبَات في الإسْلَام

- ‌الفصْل السادس شُبهَاتٌ حَوْلَ الرِّقِّ في الإسْلَام

- ‌الفصْل السّابع شُبهَاتٌ حَوْلَ حُقُوق المَرأةِ في الإسْلَام

- ‌الفصْل الثامِن أجوبَة أسئِلة تَشكيكيَّة

- ‌القِسمُ الثالِث نَظَراتٌ عَامَّة حَوْل دَوافِع الغزو في الناسِ

- ‌الفصْل الأوّل دَوافع الغزو

- ‌(1) ربانية أو عدوانية

- ‌(2) الجهاد المقدس

- ‌(3) أهداف محاولات التسلط المادي المرتبط بالدوافع العدوانية

- ‌(4) تآزر الغزاة لتحقيق الأهداف المشتركة

- ‌الفصْل الثاني خلَاصَة وتوجيه لِلمسْلمين

- ‌(1) مقدمة

- ‌(2) العناصر الغازية

- ‌(3) نتائج حققها الغزاة

- ‌(4) خطوات العمل الحميدة

الفصل: ‌(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإسلام والنظم الأخرى

التي أقيمت عليها الحدود الإسلامية التي تحجز حريات العمل داخل أسوارها، وتحرم عليها تجاوزها، في القواعد التالية:

القاعدة الأولى: منع حرية العمل عن كل ما فيه إضرار بالفرد أو عدوان على حق من حقوقه ، والإضرار المحظور هنا يشمل أنواع الإضرار بالنفس أو الجسم أو العقل أو المال أو العرض.

القاعدة الثانية: منع حرية العمل عن كل ما فيه إضرار بالمجتمع أو عدوان على حق من حقوقه العامة ، والإضرار المحظور هنا يشمل أنواع الإضرار الذي يمس كيان وحدة المسلمين ، أو يمس مصالحهم ، أو حقوقهم العامة.

القاعدة الثالثة: منع حرية العمل عن كل ما فيه إضرار بالدولة الإِسلامية ، أو عدوان على حق من حقوقها ، والإضرار هنا يشمل أنواع الإِضرار السياسي أو الإداري أو المالي أو العسكري ، أو غير ذلك.

القاعدة الرابعة: منع حرية العمل عن كل ما فيه إضرار أو إخلال بمبدأ من مبادئ الإِسلام المتعلقة بالعقائد أو بالشرائع ، أو عدوان على شيء منها بأية وسيلة ظاهرة أو خفية ، كالأعمال التي من شأنها أن تفسد عقائد المسلمين ، أو أخلاقهم ، أو تميل بسلوكهم عن صراط الإسلام وأحكام الشريعة الربانية.

(8) مقارنة بين الأسس العامة للنظام الاقتصادي في الإِسلام والنظم الأخرى

يروج أنصار المنظمة الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية لأنظمتهم بذكر ميزاتها ، ويعترف الباحثون الحياديون والناقدون الاقتصاديون لهم ببعض هذه الميزات ، ويوجهون ضد كل من هذه الأنظمة الانتقاد بما فيها من المساوئ.

ولدى التحقيق نجد كل ما يذكرونه لها جميعاً من مميزات حقيقية موجوداً في نظام الإسلام الاقتصادي ، وكل ما يوجهون ضدها من انتقادات حقيقية غير موجودة في نظام الإِسلام الاقتصادي ، فنظام الإِسلام بريء من كل مساوئها جامع لكل فضائلها.

ص: 468

ما يذكرونه من مزايا الأنظمة الرأسمالية:

يذكر الباحثون الاقتصاديون عدداً من مزايا الأنظمة الرأسمالية أهمها المزايا التالية:

الأولى: إطلاق الحافز الفردي ، وبإطلاق الحافز الفردي تتقدم الصناعة ويزدهر الاقتصاد.

والمقدار الخير من هذه المزية متوافر في نظام الإسلام ، فهو يطلق في الأفراد الحوافز لبذل قصارى جهدهم في العمل والتحرك المستمر ، رغبة في تلبية الفطرة الإِنسانية التي تحب الحيازة والتملك ، كما قال الله تعالى في سورة (آل عمران / 3 مصحف / 89نزول) :

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} .

ولكن الإسلام هذّب هذا الحافز الفردي ، فخفف من غلوائه ، وحد من طمع الإِنسان وجشعه بما شرع من نظم ، وبما كلف الإِنسان من واجبات.

الثانية: إتاحة المنافسة بين الأفراد ، وبذلك تتقدم الصناعة ويزدهر الاقتصاد.

والمقدار الخير من هذه المزية متوافر أيضاً في نظام الإِسلام ، فبينما تتيح النظم الرأسمالية المنافسة من أبواب عريضة ، نجد الإِسلام يتيحها بشكل معتدل ، لا يُسمح فيه بإطلاق حرية الفرد إطلاقاً يؤدي إلى استغلال الآخرين ، والعدوان على حقوقهم ، وتقييد حرياتهم ، وإيذائهم بالمضاربة وألوان الاحتكار ، وأشباه ذلك مما لا خير فيه.

الثالثة: إتاحة الحرية الاقتصادية ، فبهذه الحرية تنطلق طاقات الأفراد في مختلف المجالات ، ويشمل النشاط الاقتصادي كل جوانب التقدم والازدهار.

والمقدار الخير من هذه المزية متوافر في نظام الإسلام ، فبينما تتيح النظم الرأسمالية الحرية الاقتصادية بشكل قد يؤدي إلى الظلم والعدوان ، نجد

ص: 469

الإِسلام يتيحها ضمن الحدود التي وفق فيها بين المصلحة الفردية ، ومصلحة الجماعة ، ومصلحة الدولة الإسلامية ، وأهداف أسس الإسلام الاعتقادية والتشريعية.

والحرية الاقتصادية ضمن الحدود الإسلامية تحقق جوانب المصلحة المقصودة منها ، وتحجزها عن الطغيان المؤدي إلى العدوان أو إهدار حريات الآخرين أو الإفساد في الحياة.

ما يذكرونه من مزايا الأنظمة الاشتراكية:

ويذكر الباحثون الاقتصاديون عدداً من مزايا الأنظمة الاشتراكية أهمها ما يلي:

الأولى: حيازتها المقومات التي تمكن رعاياها من استخدام الموارد والعوامل الإنتاجية المتاحة لهم أفضل استخدام هامش.

وهذه الميزة المقدرة للأنظمة الاشتراكية التي ينعدم فيها الحافز الفردي والحرية والمنافسة ، هي متوافرة في نظام الإِسلام بصورتها المثالية ، لأن المجتمع المسلم حينما يعمل على استخدام الموارد والعوامل الإِنتاجية يكون مدفوعاً بمحركين عظيمين:

المحرك الأول: الواجب الإِلهي الذي يأمر بإعداد المستطاع من القوة والمساهمة في التقدم والارتقاء العمراني والحضاري.

المحرك الثاني: الحافز الفردي المتماسك مع الجماعة بقوة الإِخاء والحب والتفاني في الإتقان والتحسين ، والمتطلع إلى أكبر قدر من الربح المأذون به في شريعة الله.

الثانية: تهيئة العمل لجميع أفراد المجتمع.

ص: 470

وهذه المزية متحققة في الإِسلام بشكل أرقى مما هي عليه في الأنظمة الاشتراكية ، وذلك لأن كل قادر على العمل مكلف به ، ويطالب المجتمع المتمثل بالدولة الإِسلامية بتهيئته له ، إلا النساء ، فلهن حق التفرغ للقيام بواجبات الخدمات المنزلية مع كفالتهن ، ولهنّ أن يعملن إن أردن ضمن شروط المحافظة على عفافهن ، وعدم اختلاطهن بالرجال الأجانب ، ومع موافقة الزوج إذا كان العمل يؤثر على حقوقه ، أو يقتضي الخروج من دار سكنها.

وأما العاجزون عن العمل فهم مكرمون مصونون مكفيون بالكفالة الإِسلامية عن طريق الأسرة ، أو عن طريق الصندوق العام المعد لهذه الغاية ، الذي تصب فيه موارد الزكاة والصدقات وغيرها مما هو مقرر في نظام الإِسلام لتحقيق الكفالة الاجتماعية.

وبهذا نلاحظ أن نظام الإِسلام قد اشتمل على المقدار الخير من المزايا التي يذكرها الباحثون الاقتصاديون لكلٍّ من الأنظمة الرأسمالية والأنظمة الاشتراكية ، مع براءته من جوانب الشطط التي تؤدي إلى الظلم والعدوان والإِفساد في الأرض.

ما يذكرونه من مساوئ الأنظمة الرأسمالية وعيوبها:

يكشف الناقدون الاقتصاديون عن مجموعة من مساوئ الأنظمة الرأسمالية وعيوبها ، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1-

إطلاقها الحرية الفردية بشكل يشجع الأفراد على اتخاذ كل وسيلة للاستغلال ، ولو أدى ذلك إلى سلب الآخرين حرياتهم سلباً لا يكشفه القانون أو لا يحرمه ، ولو أدى ذلك أيضاً إلى الإِضرار بالجماعة.

2-

تشجيعها على سيادة الغرائز المادية البحتة ، التي لا تعترف بالقيم الإِنسانية الروحية ، الفردية والجماعية ، ولذلك نرى كبار أصحاب رؤوس الأموال في العالم لا يهتمون بسعادة البشرية إلا من خلال حصولهم على أكبر مقدار من الربح ، وتنمية ثرواتهم.

3-

إتاحتها الفرصة لكبار أصحاب رؤوس الأموال أن يوجهوا السلطة السياسية

ص: 471

إلى ما يحقق أغراضهم ، أو يتحكموا بها عن طريق المال ، ليتمكنوا بذلك من احتكار ما يريدون من تجارة ، أو صناعة ، أو علم.

4-

ما يتولد عنها من الرغبة باستعمار الشعوب واستغلالها وامتصاص خيراتها.

5-

إتاحتها الفرصة لأن يكون المال دُولة بين طبقة الأغنياء فقط ، مع حرمان السواد الأعظم منه.

إن هذه المساوئ الموجودة في النظم الرأسمالية غير موجودة في نظام الإِسلام ، ووجودها في النظم الرأسمالية ناشئ عن البواعث النفسية التي اعتمدت عليها هذه النظم ، وهي الأنانية الفردية وعدم الشعور بواجب الجماعة ، ويجعلها تستشري عدم وجود الضوابط التي تحد من تصرفات الناس وحرياتهم ، بخلاف نظام الإِسلام في كل ذلك ، فالبواعث فيه مصلحة الأفراد والجماعة وتحقيق أهداف الدين ، وهو محصن بالضوابط التي تحد من تصرفات الناس وحرياتهم وتجعلها منحصرة في حدود الخير بعيدة عن الشر وكل أسبابه.

ما يذكرونه من مساوئ الأنظمة الاشتراكية وعيوبها:

ويكشف الناقدون الاقتصاديون عن مجموعة من مساوئ الأنظمة الاشتراكية وعيوبها ، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1-

محاربتها للفردية بجميع خصائصها ، وكبتها لحريتها.

2-

تبنِّيها لفكرة "الصراع بين الطبقات" القائم على أسس الحقد والحسد والكراهية ، وإعلانها نفي الأخوة بين جميع الناس ، لذلك كان شعارها:"يا عمال العالم اتحدوا" ولم يكن شعارها "يا أيها الناس".

3-

تبنِّيها لفكرة العمل على تغيير العامل كله بجميع أنظمته ومبادئه الدينية والخلقية والقانونية ، لا على إصلاح الفاسد ، وإتمام مكارم الأخلاق ، وإكمال جوانب الصلاح فيه.

4-

حضها على الاستهانة بكل القيم الدينية والإِنسانية والأخلاقية ، في سبيل تحقيق الغايات التي تسعى إليها هذه الأنظمة ، وتشجيعها على استخدام كل وسيلة غير أخلاقية وغير إنسانية ، في سبيل تحقيق غايات حملة هذه الأنظمة ودعاتها.

ص: 472

5-

إتاحتها الفرصة لقيام ألوان الحكم الطبقي الحاقد المستبد، الذي لا مجال فيه لظهور الحريات السياسية والاجتماعية.

6-

تبينِّيها لوسيلة التدمير لكل ما هو قائم في المجتمعات، عن طريق الأعمال الثورية، وإحلال روح "الثورة والصراع والكراهية" محل روح "الحب والإخاء والتواد والتراحم".

7-

ما يتولد عنها من عقد إنسانية، تحرم الأفراد من شروط سعادتهم في الحياة، إذ تحجزهم عن تلبية رغباتهم الإنسانية، وإطلاق خصائصهم البشرية.

8-

إجهازها على الحافز الفردي للإنتاج والعمل، الأمر الذي ينشأ عنه تخفيض الإنتاج العام، وزيادة المشكلات الاقتصادية العالمية تعقيداً.

يضاف إلى كل ذلك أنها قائمة بالأساس على معاداة الأديان، ومحاربة تعاليمها ونظمها، والأخلاق الكريمة التي تحض عليها، حرباً لا هوادة فيها، إلا في حدود المهادنات المرحلية، التي تقتضيها الظروف السياسية، أو ظروف العمل لنشر مبادئها.

وهكذا تبينت لنا مساوئ النظم الرأسمالية وعيوبها، ومساوئ النظم الاشتراكية وعيوبها.

أما نظام الإسلام فهو بريء من مساوئ وعيوب كل هذه النظم، خالٍ من ويلاتها وآثارها الظالمة الآثمة.

كان أنه مشتمل على مزايا ومحاسن كل هذه النظم، مضافاً إليها فضائل خاصة به، إذ يعتمد على الإيمان بالله واليوم الآخر، ويهدف إلى خير الإنسانية وسعادتها، إذ يعتمد على الإيمان بالله واليوم الآخر، ويهدف إلى خير الإنسانية وسعادتها، ويأمر بالتعاون والتآخي والتواد والتراحم، واعتبار المجتمع الإسلامي كله بمثابة جسد واحد، إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

إنه ليس في نظام الإسلام طغيان الرأسماليات، التي تفسح المجال للأفراد والعصابات القليلة المستغلة بالتآمر، والمحمية بسلطان القانون، أن تعتدي على حقوق الجماعة، وتفترس بوسائلها الذكية الماكرة حريات الآخرين،

ص: 473